تبليغ الإمام علي ( عليه السلام ) سورة براءة
تاريخ التبليغ :
10 ذو الحجّة 9 هـ .
تاريخ نزول السورة :
1 ذو الحجّة 9 هـ .
سورة براءة :
لمَّا نزلت الآيات الأُول من سورة التوبة على النبي محمّد ( صلى الله عليه وآله ) ، دفع بها مع أبي بكر ليؤدِّيها إلى المشركين من أهل مكّة يوم النحر .
فلمّا خرج أبو بكر ، نزل جبرائيل ( عليه السلام ) على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فقال : ( يا مُحمَّد ، لا يؤدِّي عنكَ إلاَّ أنت أو رَجلٌ مِنك ) .
فبعث رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) الإمام علي ( عليه السلام ) في طلب أبي بكر ، على ناقته الروحاء - وقيل : العضباء - ، وقال ( صلى الله عليه وآله ) له : ( اِلحَقْ أبا بكر ، فَخُذ براءةَ مِن يده ، وامض بها إلى مكّة ، فانبذ عهد المشركين إليهم ، وخَيِّر أبَا بكرٍ بين أن يسيرَ مع رِكَابك أو يرجع إليَّ ) .
فركب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ناقة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وسار حتّى لحق بأبي بكر ، فلمّا رآه فزع من لحوقه به ، واستقبله ، فقال : فيم جئت يا أبا الحسن ؟ أسائِرٌ معي أنت أم لغير ذلك ؟
فقال ( عليه السلام ) : ( إنَّ رسولَ الله أمَرَني أن ألحقَك ، فأقبض منك الآيات من براءة ، وأنبذ بها عهد المشركين إليهم ، وأمرني أنْ أخيِّرَك بين أن تسير معي أو ترجع إليه ) ، فقال : بل أرجع إليه .
وكان ذلك في ذي حليفة - على الأكثر - وذي الحليفة : ميقات أهل المدينة ، بينه وبينها ستة أميال ، فرجع أبو بكر إلى المدينة ، وسار الإمام علي ( عليه السلام ) بالآيات إلى مكّة .
فلمّا دخل أبو بكر على النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال : يا رسول الله ، إنَّك أهَّلتَني لأمرٍ طالت الأعناق إليَّ فيه ، فلمّا توجَّهت إليه ردَدتَني عنه ، مالي ؟! ، أنزلَ فِيَّ قرآن ؟! .
فقال ( صلى الله عليه وآله ) : ( لا ، ولكنَّ الأمين جبرائيل هبط إليَّ عن الله عزَّ وجلَّ ، بأنْ لا يؤدِّي عنك إلاّ أنت أو رجل منك ، وعلي منّي ، ولا يؤدِّي عنّي إلاّ علي ) .
بلّغها الإمام علي ( عليه السلام ) :
وصل الإمام علي ( عليه السلام ) مكّة يوم النحر ـ يوم الحجّ الأكبر ـ فقام ( عليه السلام ) على الملأ - بعد الظهر – وقال : ( إنِّي رسولُ رسولِ اللهِ إليكم ) .
فقرأها عليهم : ( بَرَاءةٌ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِين * فَسِيحُواْ فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ) التوبة 1 - 2 .
أي : من عشرين من ذي الحجَّة ومحرَّم وصفر وربيع الأول وإلى عشرٍ من شهر ربيع الآخر .
ثم قال الإمام ( عليه السلام ) : ( لا يطوفُ بالبيتِ عريَانٌ ولا عريَانة ولا مشرِكٌ بعد هذا العام ) ، وقال ( عليه السلام ) أيضاً : ( ومن كان له عهد عند رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فمُدَّتُه إلى هذه الأربعة أشهر ) .
والمراد من الأشهر الأربعة للعهود التي لا مدَّة لها ، أمّا العهود المحدَّدة بِمُدَّة فأجلها إلى انتهاء مُدَّتها .
قال الإمام الباقر ( عليه السلام ) : ( خَطَبَ علي ( عليه السلام ) بالناسِ وخَرَط سيفَه ، وقال : لا يطوفُنَّ بالبيتِ عريَان ، ولا يَحجُّنَّ بالبيت مشرِكٌ ، ومَنْ كانت له مدَّة فهو إلى مُدَّتِه ، ومن لم يكن له مُدَّة فمُدَّته أربعة أشهر ، وكان خطب يوم النحر ) .
وبلَّغ الإمام علي ( عليه السلام ) حكم آخر وهو : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ ) التوبة : 28 ، فلا يطوف بالبيت ولا يحج البيت مشرك بعد هذا العام .
أقوال الشعراء حول المناسبة : نذكر منهم ما يلي :
1ـ قال الشاعر شمس الدين محمّد المالكي الأندلسي :
وأرسله عنه الرسول مبلّغاً ** وخصّ بهذا الأمر تخصيص مفرد
وقال هل التبليغ عنّي ينبغي ** لمن ليس من بيتي من القوم فاقتدي
2ـ قال الشاعر الصاحب بن عباد :
اذكروا أمر براءه ** وأخبروني من تلاها
اذكروا من زوجه ** زهراء قد طاب ثراها
3ـ قال السيّد الحميري :
براءة حين رد بها زريقا ** وكان بان يبلغها ضنينا
وقال له رسول الله أنّى ** يؤدّي الوحي إلاّ الأقربونا
وإنّك آمن من كل خوف ** إذا كان الخلائق خائفينا
4ـ قال الشيخ محمّد بن محمّد الحلّي :
أبو حسن كشّاف كلّ ملمة ** أخو المصطفى ردء له ووزير
رسول رسول الله قارئ وحيه ** ينادي به والمشركون حضور
فأبلغهم جهراً رسالة ربّه ** قوي أمين ما اعتراه فتور
وصي رسول الله وارث علمه ** سفير له في أمره وظهير
فقام ينادي لا يحجن مشرك ** وسيف الهدى في راحتيه شهير