تربية فاطمة ( عليها السلام ) لأولادها
إنّ الأُمومة من الوظائف الحسّاسة والمهام الثقيلة التي أُلقيت على عاتق الزهراء ( عليها السلام ) حيث أنجبت خمسة أطفال هم : الحسن والحسين وزينب وأُمّ كلثوم في حين إسقط جنينها المحسن قبل ولادته .
وقد قدّر الله تعالى أن يكون نسل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وذرّيته من فاطمة ( عليها السلام ) ، كما أخبر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بقوله : ( إنّ الله جعل ذرّية كلّ نبيّ في صلبه ، وجعل ذرّيتي في صلب علي بن أبي طالب ) .
إنّ الزهراء ( عليها السلام ) ـ وهي ربيبة الوحي والنبوّة ـ تَعرِف جيّداً مناهج التربية الإسلامية ، والتي تجلّت في تربيتها لمثل الحسن ( عليه السلام ) الذي أعدّته ليتحمّل مسؤولية قيادة المسلمين ، ويتجرّع الغصص في أحرج اللحظات من تأريخ الرسالة ، ويصالح معاوية على مضض حفاظاً على سلامة الدين الإسلامي والفئة المؤمنة ، ويعلن للعالم أنّ الإسلام وهو دين السلام لا يسمح لأعدائه باستغلال مشاكله الداخلية لضربه وإضعافه ، فيُسقط ما في يد معاوية ويُفشل خططه ومؤامراته لإحياء الجاهلية ، ويكشف تضليله لعامّة الناس ولو بعد برهة ، ويقضي على اللعبة التي أراد معاوية أن يمرّرها على المسلمين .
والزهراء ( عليها السلام ) قد ربّت مثل الحسين ( عليه السلام ) الذي إختار التضحية بنفسه وجميع أهله وأعزّ أصحابه في سبيل الله ، ومن أجل مقارعة الظلم والظالمين ، ليُروّي بدمه شجرة الإسلام الباسقة .
وربَّت الزهراء ( عليها السلام ) مثل زينب وأُمّ كلثوم ، وعلّمتهنّ دروس التضحية والفداء والصمود أمام الظالمين ، حتى لا يذعنّ ولا يخضعن للظالم وقوّته ، ويقلن الحقّ أمام جبروت بني أُميّة بكلّ جرأة وصراحة ، لتتّضح خطورة المؤامرة على الدين وعلى أُمّة سيّد المرسلين .