قد يقال بوجهة نظر معينة للتاريخ تفسره على أساس أن الإنسان عامل ثانوي فيه ، والقوى الموضوعية المحيطة به هي العامل الأساسي ، وفي إطار ذلك لن يكون الفرد في أفضل الأحوال إلا التعبير الذكي عن اتجاه هذا العامل الأساسي .
والحقيقه أن التاريخ يحتوي على قطبين : أحدهما الإنسان ، والآخر القوى المادية المحيطة به .
وكما تؤثر القوى المادية وظروف الإنتاج والطبيعة في الإنسان ، يؤثر الإنسان أيضاً فيما حوله من قوىً وظروف .
ولا يوجد مبرِّر لافتراض أن الحركة تبتدئ من المادة وتنتهي بالإنسان ، إلاَّ بقدر ما يوجد مبرر لافتراض العكس ، فالإنسان والمادة يتفاعلان على مرِّ الزمن .
وفي هذا الإطار بإمكان الفرد أن يكون أكبر من ببغاء في تيار التاريخ ، وبخاصة حين نُدخل في الحساب عامل الصلة بين هذا الفرد والسماء ، فإن هذه الصلة تدخل حينئذ كقوة موجهة لحركة التاريخ .
وهذا ما تحقَّق في تاريخ النبوَّات ، وفي تاريخ النبوة الخاتمة بوجه خاص ، فإن النبي محمد ( صلى الله عليه وآله ) بحكم صلته الرسالية بالسماء تسلم بنفسه زمام الحركة التاريخية ، وأنشأ مدّاً حضارياً لم يكن بإمكان الظروف الموضوعية التي كانت تحيط به أن تتمخَّض عنه بحال من الأحوال .
وما أمكن أن يقع على يد
الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله ) يمكن أن يقع على يد القائد المنتظر من أهل بيته الذي بشَّر به ونوَّه عن دوره العظيم .
source : تبیان