فجرَّت فضيحة الاعتداء الجنسي لمجموعة من القساوسة بحق أطفال أبرياء في ايرلندا، ردود أفعال غاضبة على الصعيدين الدولي والانساني، وطالبت أوساط متعددة بضرورة تناول هذه القضية الاخلاقية المؤسفة.
ولاشك ان هذه الحادثة ليست الاولى من نوعها، وانما سبقتها الكثير من الحالات المشابهة وكان ضحاياها من الأطفال أو الفتيات، وخاصة الراهبات المسيحيات.
فمثلا بعد اشهر قضتها الفتاة الأميركية (ريتا ميلا) في الفلبين بعيداً عن أهلها ومحيطها، عادت وهي تحمل مخلّفات فضيحتها، لقد اغتصبوها وداسوا على كرامتها وابتذلوا جسدها، تشعر بأنها سلعة مبتذلة حتى إذا حملت من أحدهم رجوها بالسفر مع اعطاء المصروفات لها حتى تضع الخطيئة اوزارها. عادت بعد سبعة أشهر لتقدم دعوى قضائية ضد سبعة قساوسة نالوا منها تباعاً، كانت تأمل وهي في سن السادسة عشر العزف في فرقة الترتيل بالكنيسة وأن تصبح راهبة، ولكن القسيس الأول اغراها بالمتعة الحرام فانقادت لهوى النفس، ثم جاء الثاني والثالث حتى السابع، الكل داسوها بعجلة حيوانيتهم، حتى في هجرتها غدروا بها ،فحينما علموا بحملها اقنعوها بالسفر إلى الفلبين والبقاء هناك على نفقتهم، لكنها لم تستلم منهم شيئا وقالت إنهم وحوش وليسوا قساوسة .هكذا تقول المعتدى عليها في عنفوان شبابها حيث اقنعوها بالسفر ثم تركوها تواجه الحياة بمفردها، تركوها لكي تنتقل بين احضان الرجال بحثاً عن لقمة العيش لها ولوليدها السفاح.
هذه القصة الدرامية فجّرت في اميركا اكثر من حقيقة متعلقة بحياة رجال الكنائس الاميركيين. كم هو الشذوذ الجنسي عند القساوسة والرهبان والراهبات الاميركيات؟ كم هو حجم الجنس الثالث من (القساوسة والراهبات)؟.
القس الاميركي وعالم النفس (ريتشارد سايب) تمكن خلال سنوات من اجراء تحقيق موسع حول هذه الأزمة المستفحلة في مجتمع رجال الدين الأميركان، خمسة وعشرون عاماً قضاها هذا العالم الذي كان في وقت ما قسيساً وشهد حالات عديدة من شذوذ أترابه، قضاها في البحث عن علل الأزمة وإفرازاتها مع (1500) من القساوسة ما بين 1980- 2005 فخلص الى أن 15 ألف كاهن كاثوليكي في اميركا مصابون بالشذوذ الجنسي أي 20% من رجال الدين. وفي فصل من دراسته يستدرك القسيس سايب، ويؤكد ان النسبة قد تصل إلى 40% من مجموع ال (75) ألف كاهن اميركي وأن البعض من هؤلاء مصاب بمرض الأيدز لكنهم درءاً للفضيحة والطرد من عمل الكهانة يبقي على سره حتى موته، الا القليل الذي يرى أن الابقاء على سر الفضيحة أبشع من الافصاح عنها واراحة البال. ولكن هل معقول أن يكون 40% من الكهنة مصابون بالشذوذ؟ بعض الدراسات الأخرى عن النظام الكهنوتي تؤكد ان النسبة في بعض المدن الاميركية تصل الى 50% كما في مدن سان فرانسيسكو ونيويورك.
ثم نعود إلى الفضائح المتفجرة في اميركا، في سان فرانسيسكو أعلن القسان الشاذان (ريك) و(برنارد) بوضوح أنهما يتفرّغان للعمل الكهنوتي، وهم يجمعون الآن 300 شاذ يعملون في سلك الكهانة. وهل تتوقف فضائح القسسة الأميركان عند حد معقول؟
القس (جون) من احدى المدن الجنوبية في اميركا اللاتينية كان شاباً في المستشفى عندما زارته امرأة راهبة ، وتكررت الزيارة ثم توقفت العلاقات حتى بلغت ذروتها في ممارسة الفاحشة . وبعد أن شاخ الأب جون شعر أن تلك العلاقات بمثابة ذنب فاعترف أنه نفض يده عن تلك العلاقة وأنه يتبرأ منها. فك ارتباطه مع الراهبة بعد 39 سنة من الخدمة الكهنوتية . يقول في هذا الصدد :(لقد شعرت بعدة أحاسيس تتباين بين كوني قسيساً وبين علاقتي الغرامية، وكان عليّ الاختيار فوراً ولكني لم استطع) هكذا يؤكد الأب جون. ثم تأتي فضيحة اكبر، انها قضية الاعتداء على طفل في العام الماضي بطلها قسيس اميركي في مدينة لأفييت التابعة لولاية لويزيان شاركه ستة آخرون. هل تم الاعتداء بالتناوب على الطفل؟ المحكمة تؤكد ذلك فيما يرفض القساوسة الاقرار، انهم اتموا العمل الى نهايته، كانوا يريدون تسجيل قضيتهم تحت عنوان (التحرش) وليس (الاعتداء). لكن المحكمة كان لها رأيها فحكمت على أحدهم بالسجن وألزمت الكنيسة التي يعمل بها هؤلاء الشواذ بدفع غرامة 6 ملايين دولار كتعويض عن العمل الشائن.
وماذا في اوروبا:
إذا كان بعض القساوسة الاميركيون يخجل عن الافصاح بممارستهم الشاذة، فإن الأوروبيين أكثر صراحة وأكثر شهرة. أحد القساوسة يؤكد أن الشذوذ ذنب في عرفنا ولما كان الافصاح عن الذنب يرفع عنا كاهلاً كبيراً، فإن مجرد الاعتراف يوفر لنا فرصتين، اولاً فرصة متابعة الممارسة الشاذة بعيداً عن الرقابة الخارجية والثانية التخلص من عقدة الذنب.
في فرنسا كان القس الكاثوليكي جاك بيررني (اكثر جرأة) حيث قال : لقد تركت الكنيسة عندما وجدت أن من غيرالممكن التوفيق بين شذوذي وبين ما ادعو اليه في قداساتهم ، وما هي النتيجة؟
النتيجة أن هذا القس أسس اتحاداً باسم (دافيد وجوناثان) يبحث في العلاقات بين الشذوذ ويضم الآن هذا الاتحاد 1500 عضو. وفي فرنسا فإن الكاهن (جوزيف روسيه) الذي جمع أكثر من 1700 في تنظيم يهتم بأمور الشاذين، لا يماري فهو يعترف أنه قام ويقوم بترتيب زيجات بين الشاذين وأنه يهتم بالمصابين بمرض الايدز. وفي بريطانيا أثار النائب البرلماني (جيفري ديكنز) ضجة واسعة في البرلمان البريطاني، فهو يطالب بتطهير الكنيسة من الشاذين جنسياً الذي تعدى شذوذهم الى الأطفال.
جيفري ديكنز المسؤول عن (جمعية حماية الصبيان) أكد ان اللواط شاع بين القساوسة وأن حركة اللواط المسيحية تسعى لمطابقة الشذوذ الجنسي مع المبادئ المسيحية. أما صحيفة (الايند بيندت) اللندنية فقد خرجت بصيحة جديدة، حيث أكدت نقلاً عن أحد القساوسة أن 40% من رجال الكنيسة البريطانية مصابون بالشذوذ الجنسي أو هم على علاقات غيرشرعية. ولم يقتصر الشذوذ على القساوسة فللراهبات حياتهن الخاصة، انهن ولكي لايظهرن بمظهر الشاذات أمام الآباء القساوسة فإنهن يمارسن مع جنسهن عمليات السحاق.
أين يكمن الحل!
هذا هو السؤال العريض الذي يتردد على افواه القساوسة الذين يخشون أن ينفجر بالون الفضيحة في وجوههم؟
الأب (تيموني) كان قد وضع إصبعه على موضع الألم، العلاقات الجنسية الشرعية (الزواج) هو الطريق الاسلم. هذا رأي مسيحي، وهو جانب من الصواب وتبقى الجوانب الأخرى التي قال عنها القرآن الكريم :(ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم الا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم وكثير منهم فاسقون).