عربي
Wednesday 16th of October 2024
0
نفر 0

حقوق الانسان فی نظر اهل البیت ( علیهم السلام )

حقوق الانسان فی نظر اهل البیت ( علیهم السلام )

هناک مجموعه من الحقوق العامه تتعلق بحق الفرد کانسان یوکد الاسلام على مراعاتها ، ما لم تتصادم بحق او حقوق اخرى ، و هی على انواع ، نذکر اهمها :
 

 

 اولاً : حق الحیاه :
و هو من اکثر الحقوق طبیعیه و اولویه ، قال تعالى : ( وَ لاَ تَقْتُلُواْ اَنفُسَکُمْ اِنَّ اللهَ کَانَ بِکُمْ رَحِیمًا ) النساء : 29 .
و قال تعالى : ( مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَیْرِ نَفْسٍ اَوْ فَسَادٍ فِی الاَرْضِ فَکَاَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِیعًا ) المائده : 32 .
والاسلام یراعی حق الحیاه منذ بدء ظهور النطفه و هی ماده الخلقه ، فلا یبیح الشرع المقدس قتلها ، و من فعل ذلک ترتب علیه جزاء مادی ، فعن اسحاق بن عمار ، قال : قلت لابی الحسن ( علیه السلام ) :

المراه تخاف الحبل ، فتشرب الدواء فتلقی ما فی بطنها ؟
قال ( علیه السلام ) : ( لا ) ، فقلت : انَّما هو نطفه !! فقال ( علیه السلام ) : ( ان اوَّل ما یُخلق نطفه ) .
و علیه ، فقد احتل هذا الحق مکانهً مهمه فی مدرسه اهل البیت ( علیهم السلام ) ، و یبدو ذلک جلیاً لمن یطَّلع على الروایات الوارده فی باب ( القصاص ) فی المجامیع الحدیثیه .
و سوف یجد نظره ارحب و اعمق لهذا الحق ، معتبرهً ان کل تسبیب او مباشره فی قتل نطفه ، او ازهاق نفس محترمه ، او اراقه الدماء ، یُعد انتهاکاً لحق الانسان فی الحیاه ، و یستلزم ذلک عقوبه فی الدنیا ،

و عاقبه وخیمه یوم الجزاء .
ثانیاً : حق الکرامه :
اهتم الاسلام بحق آخر لا یقِلّ اهمیه عن حق الحیاه ، الا و هو حق الکرامه ، و یراد بالکرامه : امتلاک الانسان بما هو انسان للشرف والعِزَّه والتوقیر ، فلا یجوز انتهاک حرمته وامتهان کرامته .
فالانسان مخلوق مُکرَّم ، و قد فضله الله تعالى على کثیر من خلقه ، فقد قال تعالى : ( وَ لَقَدْ کَرَّمْنَا بَنِی آدَمَ وَ حَمَلْنَاهُمْ فِی الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَ رَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّیِّبَاتِ وَ فَضَّلْنَاهُمْ عَلَى کَثِیرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِیلاً ) الاسراء : 70 ،

و هی کرامه طبیعیه متَّع الله تعالى کل افراد الانسان بها .
و هناک کرامه الهیه تختص بمن اتَّقى الله تعالى حق تُقَاتِه ، فقال تعالى : ( یَا اَیُّهَا النَّاسُ اِنَّا خَلَقْنَاکُم مِّن ذَکَرٍ وَ اُنثَى وَ جَعَلْنَاکُمْ شُعُوبًا وَ قَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا اِنَّ اَکْرَمَکُمْ عِندَ اللَّهِ اَتْقَاکُمْ اِنَّ اللهَ عَلِیمٌ خَبِیرٌ ) الحجرات : 13 .
و کان ائمه اهل البیت ( علیهم السلام ) یراعون کرامه الناس من ان تُمَس ، حتى انهم ( علیهم السلام ) طلبوا من ارباب الحوائج ان یکتبوا حوائجهم ، حرصاً على صَون ماء وجوههم .
ثالثاً : حق التعلیم :
انَّ العلم حیاه للنفس الانسانیه ، و حرمانها منه یعنی انتقاص وامتهان کرامتها ، و مما یوکد حقَّ التعلم والتعلیم فی الاسلام ما فعله النبی ( صلى الله علیه و آله ) باَسرَى بدر ، اذ جعل فدیه الاسیر تعلیم عشره من ابناء المسلمین .
و قد اشار الامام علی ( علیه السلام ) الى حق التعلُّم والتعلیم ، فی معرض تفسیره لقوله تعالى : ( وَ اِذَ اَخَذَ اللهُ مِیثَاقَ الَّذِینَ اُوتُواْ الْکِتَابَ لَتُبَیِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَ لاَ تَکْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِیلاً

 فَبِئْسَ مَا یَشْتَرُونَ ) آل عمران : 187 .
فقال ( علیه السلام ) : ( ما اخذَ اللهُ میثاقاً من اهل الجهل بطلب تِبیان العلم ، حتَّى اخذ میثاقاً من اهل العلم ببیان العلم لِلجُهَّال ) .
و یمکن القول ان الائمه ( علیهم السلام ) یرفضون مبدئیاً احتکار العلم ، و یوکدون ضروره بذله لطالبیه .
اما فی وقتنا الحاضر ، فتقوم مجموعه تدَّعی التحضر باحتکار العلم ، و حَجبِه عن الآخرین ، او المتاجره ببیعه باغلى الاثمان ، او استخدامه کسلاح لتحقیق مآرب خاصه ، والحال ان العلم هِبَه الهیه ،

و نعمه شرَّف الله تعالى بها الانسان على باقی المخلوقات .
و قد اوجب اللهُ تعالى على العلم زکاهً ، و زکاته نشره .
و قد بیّن الامام السجاد ( علیه السلام ) فی رساله الحقوق ، حقَّ المتعلِّم على المعلِّم بقوله : ( امَّا حق رعیَّتِک بالعلم ، فانْ تَعلَمَ انَّ الله عزَّ و جلَّ انَّما جعلک قَیِّماً لهم فیما آتاک الله من العلم ،

و فَتَح لک من خزائنه ، فان احسنتَ فی تعلیم الناس ، و لم تخرق بهم ، و لم تضجر علیهم ، زادک الله من فضله .
و ان انت منعت الناس عِلمَک ، و خرقت بهم عند طلبهم العلم ، کان حقاً على الله عزَّ و جلَّ ان یسلبک العلم و بهاءه ، و یسقط من القلوب محلَّک ) .
وبالمقابل حدَّد ( علیه السلام ) حق المعلِّم على المتعلِّم بقوله : ( حَقُّ سائِسِک بالعلم التَّعظیمُ له ، والتوقیرُ لِمَجلسه ، و حُسنِ الاستماع الیه ، والاقبال علیه .
و ان لا ترفع علیه صوتک ، و لا تجیب احداً یساله عن شیء حتى یکون هو الذی یُجیب ، و لا تُحدِّث فی مجلسه احداً ، و لا تغتاب عنده احداً ، و ان تدفع عنه اذا ذُکر بسوء ، و ان تستر عیوبه ،

و تظهر مناقبه ، و لا تجالس له عدوّاً ، و لا تعادی له ولیّاً ، فاذا فعلت ذلک شهد لک ملائکه الله بانّک قصدته ، و تعلَّمت علمه لله جلّ اسمه ، لا للناس ) .
رابعاً : حق التفکیر والتعبیر :
لا یخفى بان الاسلام جعل التفکیر فریضه اسلامیه ، و من یتدبر القرآن الکریم یجد عشرات الآیات تامر بالتفکر ، والتعقل فی الانفُس والآفاق ، فلم یضع الاسلام القیود امام حرکه الفکر السلیم

الذی ینشد الحقیقه ، و یُثیر الشک کمقدمه للوصول الى الیقین .
و قد اطلق النبی الاکرم ( صلى الله علیه و آله ) الفکر من عُقَّال الجاهلیه ، و جعله یتجاوز المحسوس بانطلاقه الى عوالم الغیب ، الى مَا لا عَین رَاَتْ ، و لا خَطَر على قلبِ بَشَر .
و لقد آمنت مدرسه اهل البیت ( علیهم السلام ) بحریه التفکیر والتعبیر ، لغرض الوصول الى الحق والحقیقه ، حیث عقدوا ( علیهم السلام ) المناظرات مع الخصوم ، و شکَّلوا الحلقات التی ابرزت آراءهم فی شَتَّى المجالات .
فعلى سبیل المثال قام الامامان الباقر و الصادق ( علیهما السلام ) بدور فکری بارز ، فی النصف الاول من القرن الثانی الهجری ، و کانت فتره استقرار نسبی وانفتاح ثقافی ، فعقدوا ( علیهما السلام )

المناظرات مع العلمانیِّین من مَلاحده ، و زنادقه ، و کذلک مع علماء المذاهب الاسلامیه .
خامساً : حق التمتع بالامن :
لکلِّ انسان سوی حق طبیعی فی التمتع بالامن ، فلا یجوز لای کان تعکیر صفو حیاته ، و جعله اسیر الحزن والاسى من خلال التهدید والوعید بالاعتداء على حیاته او عرضه او ماله .
و یتاکد حق الامان اذا امَّن الانسان انساناً آخر بموجب میثاق او عهد ، و قد اوجب القرآن الکریم على المسلمین احترام مواثیق الامان حتى مع الکافرین کما فی قوله تعالى : ( ... فَاِنْ تَوَلَّوْاْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ

حَیْثُ وَجَدتَّمُوهُمْ وَ لاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ وَلِیًّا وَ لاَ نَصِیرًا * اِلاَّ الَّذِینَ یَصِلُونَ اِلَىَ قَوْمٍ بَیْنَکُمْ وَ بَیْنَهُم مِّیثَاقٌ ... ) النساء : 89 ـ 90 .
والنبی الاکرم ( صلى الله علیه و آله ) دعا الى رعایه هذا الحق الانسانی العام ، و قال فی هذا السیاق : ( مَن قَتلَ معاهداً لم یَرَ رائحه الجنَّه ، و انَّ ریحها لیوجد من مسیره اربعین عاماً ) .
و فی حدیث آخر قال ( صلى الله علیه وآله ) : ( المسلمون اُخوه ، تَتَکافَاُ دماوهم ، یسعى بِذمَّتهم ادناهم ، و هم ید على سواهم ) .
و قد اکد الامام علی ( علیه السلام ) هذا التوجه النبوی ، و ضمنه عهده المعروف لمالک الاشتر ، الذی جاء فیه : ( وان عقدتَ بینَک و بین عدوِّک عقده ، او البسته منک ذِمَّه ، فَحُط عَهدَکَ بالوفاءِ ، وارعَ ذِمَّتکَ بالامانهِ ) .
سادساً : حق الاعتقاد :
و نقصد من ذلک انَّ الاسلام لا یجبر احداً على اعتناقه ، فلا توجد فی القرآن الکریم آیه ، و لا فی السُنَّه النبویه روایهً ، تدل على جواز حمل اصحاب الادیان الاخرى على ترکها ، والدخول فی

 دین الاسلام بالجبر والقهر ، و فرض العقیده الحَقَّه بالقوه .
بل انَّ قوله تعالى : ( لاَ اِکْرَاهَ فِی الدِّینِ قَد تَّبَیَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَیِّ فَمَنْ یَکْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَ یُوْمِن بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَکَ بِالْعُرْوَهِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللهُ سَمِیعٌ عَلِیمٌ ) البقره : 256 ، دلیل واضح على المنع من ذلک .
و من هنا یظهر وَهن الشبهه الغربیه القائله : ان الاسلام دین انتشر بالسیف .
کیف ، و لم یجبر المسلمون احداً من اهل الکتاب على اعتناق عقیدتهم ؟! کما ان القرآن یدعو المسلمین الى محاورتهم بالتی هی احسن .
و قد سلک الائمه الاطهار ( علیهم السلام ) هذا المسلک ، و فتحوا حواراً مع الزنادقه ، والمُلحِدین ، و اهل الکتاب ، و دافعوا ( علیهم السلام ) عن العقیده ، و اصول الاسلام بالحجه الدامغه ، والمنطق الرصین .
سابعاً : حق المساواه و حق التمتع بالعدل :
لقد اعلن القرآن الکریم ان الناس متساوون جمیعاً فی اصل الخلقه ، فقد قال تعالى : ( یَا اَیُّهَا النَّاسُ اِنَّا خَلَقْنَاکُم مِّن ذَکَرٍ وَ اُنثَى وَ جَعَلْنَاکُمْ شُعُوبًا وَ قَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا اِنَّ اَکْرَمَکُمْ عِندَ اللهِ اَتْقَاکُمْ اِنَّ اللهَ عَلِیمٌ خَبِیرٌ ) الحجرات : 13

.فقضى الاسلام بذلک على عبودیه البشر للبشر ، واعتبرهم جمیعاً مخلوقات لله تعالى ، و بذلک وضع صمَّام الامان على کل نزعهٍ نحو الطغیان ، على اساس العِرق ، او اللَّون ، او اللِّسان .
و اوجد شعوراً بالمساواه بین الحاکم والمحکوم ، والغنی والفقیر ، و بین القوی والضعیف ، و اصبح المقیاس فی الکرامه والفضل ، هو التقوى ، والعمل الصالح .
ان الاعتقاد بمساواه البشر شرط لا بُدَّ منه لقیام العدل الذی جعله القرآن الکریم غایه النبوات ، فقال تعالى : ( لَقَدْ اَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَیِّنَاتِ وَ اَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْکِتَابَ وَالْمِیزَانَ لِیَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ) الحدید : 25 .
فکیف یقام العدل بین الجماعات اذا کانوا یعتقدون انهم طبقات متمایزه ، او اُسَر متفاضله ؟ و قد سار الامام علی ( علیه السلام ) عندما استلم دَفَّه الخلافه على خُطَى المنهج النبوی ، فساوى بین الناس

فی التعامل و فی العطاء ، وکان ( علیهم السلام ) یَاخذ کاحدهم .
و قصته ( علیه السلام ) مع اخیه عقیل ( رضوان الله علیه ) مشهوره ، حین طلب منه زیاده فی عطائه ، فقال ( علیه السلام ) له : ( اِصبر حَتَّى یخرج عطائی ) ، فلم یقبل ، فابى ( علیه السلام ) ان یعطیه

 اکثر من عطائه .
و بلغ من تمسکه ( علیه السلام ) بهذا الحق حَدّاً ، بحیث انه وجد فی مالٍ جاءه من ( اصفهان ) رغیفاً ، فقسمه سبعه اجزاء ، کما قسم بیت المال، و جعل على کل جزء جزءاً .
 

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

تاريخ وفاة السيدة زينب عليها السلام
قيمة الزمن في قصة اصحاب الكهف
حياة الإمام الكاظم عليه السلام نبراس وضاء
مفهوم‌ (الوارث‌) من‌ ابرز المفاهيم‌ الواردة‌ ...
سعي الإمام العسكري في إثبات ولادة الإمام المهدي
قوله ( ص ) شعية علي ( ع ) هم الفائزون يوم القيامة
ماهية الصلاة البتراء والأحاديث الناهية عنها عند ...
الاجتهاد في تفسير القرآن الكريم
من هو الحجّاج الثقفي
الوصول الی الحلم

 
user comment