عربي
Monday 22nd of July 2024
0
نفر 0

بعد عهد المتوكل

بعد أن قتل المتوكل بدعاء الإمام الهادي وبسبب مؤامرات قواته التركية ، انقشعت عن آل أبي طالب والموالين لأهل بيت الرسول سحابة الإرهاب إذ كان المنتصر بن المتوكل يخالف أباه في كل شيء ويظهــر الحب والإحترام لآل الرسول وشيعتهم ، حتى أنه عزل والي المدينة الذي نصبه أبوه واسمه صالح بن علي ونصّب مكانه علي بن الحسين ، فدخل عليه يردعه فقال : يا علي إني أوجهك إلى لحمي ودمي ، ومد جلد ساعده وقال : إلى هذا وجهتك فانظر : كيف تكون للقوم ، وكيف تعاملهم - يعني آل ابي طالب (1).
أما الخلفاء العباسيون الذين تعاقبوا بعد المتوكل وابنه المنتصر لم يكونوا في قوة المتوكل ولا في لين المنتصر ، ولم نجد في التاريخ حوادث مهمة تتصل بحياة الإمام الهادي (ع) ، الذي يبدو أنه تفرغ لتربية وقيادة الربانيين من العلماء وإدارة الشؤون العامة لمواليه وشيعته ، كذلك في ملاحقة بعض الغلاة والمشعوذين الذي أرادوا التسلل إلى صفوف الخط الرسالي مثل الذي اغتاله بعض الموالين وربما بعد صدور الفتوى الشرعية بإعدامه !!
والكتاب التالي نموذج لمنهجية إدارة الإمام (ع) للشيعة ، قال : (نسخة الكتاب مع ابن راشد إلى جماعة الموالي الذين هم ببغداد المقيمين بها والمدائن والسواد وما يليها : أحمــد اللـه إليكم ما أنــا عليه من عافية وحسن عائدته ، وأصلي على نبيه وآله أفضل صلواته وأكمــــل رحمتـــه ورأفته ، وإني أقمت أبا علي بن راشد مقام الحسين بن عبد ربه ومن كان قبله من وكلائي وصار في منزلته عندي ، ووليته ما كان يتولاه غيره من وكلائي قبلكم ، ليقبض حقي وأرتضيته لكم ، وقدمته في ذلك وهو أهله وموضعه .
فصيروا رحمكم اللـه إلى الدفع إليه ذلك وإليَّ ، وأن لا تجعلوا له على أنفسكم علة ، فعليكم بالخروج عن ذلك ، والتسرع إلى طاعة اللـه وتحليل أموالكم والحقن لدمائكم { وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ } { وَاتَّقُوا اللـه لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } { وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُم مُسْلِمُــونَ وَاعْتَصِمُوا حَبْلِ اللـه جَمِيعاً } فقد أوجبت في طاعته طاعتي ، والخروج إلى عصيانه الخروج إلى عصياني ، فالزموا الطريق يأجركم اللـه ويزيدكم من فضله ، فأن اللـه بما عنده واسع كريـم ، متطـول على عبـاده رحيم ، نحن وأنتـم في وديعة اللـه وحفظته وكتبته بخطي والحمد لله كثيراً “ .
وفي كتاب آخر : (وأنا آمرك يا أيوب بن نوح أن تقطع الإكثار بينك وبين أبي علي وأن يلزم كل واحد منكما ما وكل به وأمر القيام فيه بامر ناحيته ، فإنكم إن انتهيتم إلى كل ما أمرتم به استغنيتم بذلك عن معاودتي وآمرك يا أبا علي بمثل ما آمرك به أيوب أن لا تقبل من أحد من أهل بغداد والمدائن شيئاً يحملونه ولا تلي لهم استئذاناً عليّ ، ومر من أتاك بشيء من غير أهل ناحيتك أن يصيره إلى الموكل بناحيته ، وآمرك يا أبا علي بمثل ما أمرت به أيوب وليقبل كل واحد منكما ما أمرته به )(2).
وبالتالـي وبعد ثلاثة وثلاثين عاماً من الإمامة ، وقيادة طليعة الأمة أحضر الإمام الهادي (ع) نجله الإمام الحسن العسكري وأوصى إليه وأشهد خيرة الطائفة بذلك واستعد للرحيل .
وفي الثالث من رجب وفي ملك المعتمد باللـه فارقت روحه النقية الدنيا ونقل عن العالم الكبير ابن بابويه أن المعتمد قد دس إليه السم فمضى شهيداً !
وقال المسعودي : ولما توفي اجتمع في داره جملة بني هاشم من الطالبيين والعباسيين ، واجتمع خلق كثير من الشيعة ، ثم فتح من صدر الدار باب وخرج خادم أسود ، ثم خرج بعده أبو محمد الحسن العسكري حاسراً مكشوف الرأس ، مشقوق الثياب ، وكان وجهه وجه أبيه لا يخطى منه شيئاً، أضاف : وكانت الــدار كالسوق بالأحاديث ، فلما خرج وجلس أمسك الناس وكنا لا نسمع إلاّ العطسة والسعلة وقــــال : وصاحت سر من رأى يوم موته صيحة واحدة (3).
ويظهر من المسعودي أن وفاة الإمام كانت في عهد المعتمد الذي استهل بعام 256 هـ ، وحيث كان أخوه الموفق الغالب على السلطة وهو الذي حضر جنازة الإمام ، ويقول المسعودي في ذلك : ووثب إليه
(الإمام الحسن العسكري ) أبو أحمد الموفق فعانقه ثم قال له : (مرحباً يابن العم )(4).
وهكذا يظهر من الشيخ ابن بابويه الذي يرى أن المعتمد قد سم الإمام ، وعلى هذا فلا بدَّ أن تكون وفاته بعد عام 256 وليس كما قالوا عام (254 ) ، ويظهر ذلك أيضاً من كشف الغمة إذ قال : وفي آخر ملك المعتمد استشهد مسموماً (5).
ولعل هناك اشتباهاً عند النسّاخ بين المهتدي والمعتمد ، إذ أن آخر ملك المعتمد يصادف عام 279 ، ولعل الذي استشهد في أيام المعتمد هو الإمام الحسن العسكري الذي استشهد عام 260 واللـه العالم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ابن الأثير : (ص 210 ) .
(2) ابن الأثير : (ص 223) .
(3) في رحاب أئمة أهل البيت : (ج 4 ، ص 183 ) .
(4) المصدر .
(5) بحار الأنوار : (ج 50 ، ص 114 ) .


source : اهل بیت
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

هل صحّ حديث (لعن الله من تخلّف عن جيش أسامة) من طرق ...
انتشار التشيّع في الريّ(2)
إخبار النبي ( صلي الله عليه وآله وسلّم) بقتل ...
نقش الخواتيم لدى الأئمة (عليهم السلام)
حياة الإمام علي بن موسى الرضا غريب طوس (عليه ...
وصول سبايا الإمام الحسين(عليه السلام) إلى الكوفة
أنَّ الذي تصدى لدفن الحسين (ع) ومن كان معه من ...
أحوال مؤمن آل فرعون و امرأة فرعون
وسيلة الفوز والأمان في مدح صاحب الزمان عليه ...
أصحاب الإمام الهادي (عليه السلام) ورواة حديثه

 
user comment