نظراً لما لمسته من حاجة في المجتمع فقد باشرت في العام 1363 وخلال مجالس شهري محرم وصفر وكذلك شهر رمضان المبارك بالقاء محاضرات حول نظام الاُسرة في الاسلام في ضوء الآيات القرآنية والروايات والأخبار الواردة في الكتب المعتبرة .
وكان اقبال الناس على تلك المجالس ـ وحسب شهاداتهم ـ منقطع النظير لا سيّما من قبل الشباب ، ولم يكن ذلك الاقبال الاّ تجلياً لفضل الله ورحمته إذ انّه قد تكفل بحفظ هذا الدين وأحكام الشريعة الاسلامية .
فانتشرت اشرطة هذه المحاضرات التي بلغت ما يناهز الثلاثين بسرعة في جميع انحاء البلاد ، كما نُشرت مواضيعها في احدى صحف طهران المسائية وبنفس الاسلوب الذي القيت به وأصبحت في متناول أيدي القرّاء ، فكان لها ابلغ الأثر لدى العوائل ، وهذا ما كنا نتوقعه لأن مضامينها كانت نابعة من القرآن الكريم وعلوم أهل البيت ((عليهم السلام)) ، الذين يتسقان مع فطرة الانسان ويلبيان حاجاته على كافة الاصعدة المادية والمعنوية .
وقد اقترح عليَّ الاخوة الأعزاء ان اطبع هذه المحاضرات في كتاب كي ينتفع به أبناء الشعب الايراني المقدام أكثر فأكثر ، الاّ ان تصنيف كتاب العرفان في الاسلام باثني عشر جزءً الذي استغرق سبع سنوات ، وشرح الصحيفة السجادية الذي جاء تحت عنوان ديار العاشقين واستغرق خمساً من السنين ، وتأليف بعض الكراسات ، وكتابة المقالات للصحف ، كل ذلك لم يمهلني كي أنجز هذا العمل ، بالاضافة إلى ان الاسفار المتعددة من أجل التبليغ في جميع مناطق البلاد قد أخذت جانباً من وقتي ، الاّ ان اصرار الاصدقاء بقي على حاله .
وخلال أيام شهادة السيدة فاطمة الزهراء ((عليها السلام)) ـ وهي أسمى مثل للزوجة والأمام على امتداد التاريخ البشري وسيرتها العائلية تعد المثل الأعلى لنظام الاُسرة في الاسلام ـ حضر إلى طهران الأخ الفاضل رضا كلهر صاحب مؤسسة للطباعة والنشر وهو شاب مؤمن مهذب يتصف بالحيوية ويعمل في الحوزة العلمية بقم المقدسة ـ وأنا أحد طلبتها ـ فطلب مني الاذن لتحرير هذه الاشرطة وطبعها ، فوجدت في اقتراحه ما يحق طموحي القديم وطموح اصدقائي ، فطلبت منه تولي هذه المهمة حيث لا زلت حينها اعاني من ضيق الوقت ، فجرى تحرير ثلاثين شريطاً بجهود خاصة من الأخ كلهر ، وقام بتحقيق مصادر الروايات الواردة في المحاضرات بشكل دقيق وراجع كافة المصادر الواردة في الهوامش .
ثم سلّمني ما حُرر من الاشرطة ، وأثناء مطالعتي لها رأيت من الضروري القيام بعملية حذف واضافة وتبديل لبعض العبارات ، واستغرقت عملية مراجعة النصوص المحررة ما يربو على الشهرين حتى خرج هذا الكتاب الذي بين أيديكم ، فتبين ان تصنيف كتاب أهون بكثير من تحرير المحاضرات من الاشرطة .
ان ما في هذا الكتاب من جمال انما يكمن في آيات القرآن الكريم والروايات والقصص التي تتناول حياة الأولياء ، وما فيه من نقص فهو يعود إلى تعبيري وما سطره قلمي ، فتقبلوا جماله باحسن القبول ، واصفحوا عن قبيحه بلطفكم ، آملا منكم تنبيهي على كل زلل صدر مني وذلك من خلال الاتصال بمؤسسة اُم أبيها للنشر وعنوانها :
قم ـ ص . ب 913/37185
على أمل أن يكون هذا الكتاب نافعاً ومفيداً لجميع العوائل لا سيّما الشباب من كلا الجنسين الذين دخلوا عش الزوجيّة حديثاً ، أو في نيتهم ذلك ويتمكنوا من تسيير حياتهم العائلية وفقاً لما يريده الباري تعالى كي ينالوا السعادة في الدنيا والآخرة .
وقد القيت المحاضرات وفق نسق يتضمن الحياة منذ انطلاقتها وحتى نهايتها على أساس النظام الخاص بها ، واختير ثلاثون عنواناً لنصوص المحاضرات ستقرؤوها في فهرست الكتاب .
وبوسعكم تقديم الكتاب هدية لمن دخلوا القفص الذهبي تواً بدلاً عن باقة الورد التي تذبل بعد سويعات وتذهب هدراً ، كي تتجلى آثار رحمة الباري عزوجل في حياتهم ، ويكون سبباً في حصولكم على الأجر العظيم .
حسين انصاريان
( وَمِن كُلِّ شَيْء خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الذاريات / 49