عربي
Friday 4th of October 2024
0
نفر 0

البهرجة والاسراف

ان البهرجة والاسراف ـ في نظر الباري تعالى ـ من الاعمال الشيطانية والاُمور المرفوضة ، ومن الممارسات التي تتماشى مع الاهواء النسيّة والشهوات الحيوانية .
ما المانع في ان يلتزم المرء بالحدود الالهية لا سيما القناعة في جميع مرافق الحياة ؟ فالقناعة مصدر الراحة ، والدافع نحو الانعتاق ، والعلاج الناجع للاضطراب والقلق النفسي .
ان حاجة البدن تُسدُ ببيت مناسب لشأن الفرد مركب بسيط وملبس ومأكل على قدر الحاجة .
ينبغي تجنب تقليد الآخرين في بناء الحياة ، والاكتفاء بما هو متيسر من المصروفات ، والابتعاد عن الاسراف واقتناء ما يُعدّ بهرجة واسرافاً .
عينا ان لا نقتدي بالغرب في الزي ونمط الحياة فانهم قد وقعوا بالكثير من الاخطاء ، ولا يؤدي التطور الصناعي والفني الذي بلغوه إلى ان نتصور صواب وصحة كل ما يقولونه ويكتبونه وان ما هم عليه من اناقة ، واسلوب في المعيشة مطابق للواقع .
ما يحظى بالاهتمام في الاسلام هو سلامة الروح والبدن والمدينة والمحلّة ، والذي تُعنى به الثقافة الاسلامية من الاُمور المادية والمعنوية ، والاخلاقية ، والايمانية للفرد والمجتمع هو ما يصب في مصلحة الانسان في الدنيا والآخرة ، والاسراف والبهرجة والانهماك بالمصاريف المرهقة وتجميل ظواهر الحياة بعيداً عن القناعة والاقتصاد ـ حتى في بناء المساجد التي هي مراكز العبادة بالنسبة للمسلمين ـ من الاُمور التي يذمها هذا الدين وهذه المدرسة التي تبني الانسان .
يجب ان تكون المساجد والبيوت زاخرة من الداخل بالروح المعنوية وباعلى درجاتها ، وفي ظاهرها يجب ان تتصف بالبساطة والوداعة كي لا تبتلي القلوب بالوسوسة والتجبر ولا تبتعد النفوس عن ساحة الحق تعالى .
البسوا ما بسط من الملابس ولكم التزموا آداب اللباس ، وكلوا ما يسدُّ رمقكم من الطعام وتمثلوا آداب الطعام ، واقتنوا ما يناسبكم من السيارات ولكن عليكم عدم الغفلة عن آداب السياقة ، واستحصلوا الدار الضرورية لحياتكم على ان لا تصبحوا اسرى لهذه الدار ، كل ذلك من ثمار التقوى والزهد والتوجه إلى الله تعالى .
ان حياة اليهود والنصارى هي التي يطغى عليها الاسراف ، في اقتنائهم الدار والاثاث وواسطة النقل والملابس والطعام ، فكنائسهم ومعابدهم تغص بالذهب والزخارف والتماثيل والجواهر الاثرية واللوحات النفسية التي تبلغ قيمتها ملايين الدولارات .
وحياة الحاخامات والقساوسة بل وحتى البابا تضج بالاسراف والتبذير إلى حد يبعث الدهشة والتعجب ، فلو بيع التاج الخاص بالبابا وملابسه لا مكن انقاذ الملايين من الجياع .
ان اكتناز الثروة وأكل الربا وممارسة السرقة في وضح النهار وغيرها من الفضائح هي اعمال اعداء الله ، أما احباء الله فيتعين عليهم الالتزام بما اراده هو وصيانة انفسهم من الوقوع بين فكي الاسراف والتبذير .
والتقوى هي السبب في الحصول كل المحاسن وهي التي تحفظها ، فالبيت العامر بالتقوى ، والازواج الذين يتحلّون بالتقوى انما يتوفرون على كنز الهي وثروة ملكوتية ، وبذلك تغدو حياتهم ترفرف عليهم السعادة والصفاء والمحبة وراحة البال والأمن والسلامة والانصاف والكرامة والشرف .
ينبغي ان يتمتّع المسجد والبيت بوضع بحيث يشعر فيهما الانسان بالأمن والاطمئنان ويتخذ منهما منطلقاً للعروج نحو محبوبه .
وباختصار ، يمكن تشييد بناء الزوجيّة عن طريق التزام التقوى والقناعة والتوجه نحو الله تعالى والاستعداد ليوم الدين ، بنحو يكون البناء وسيلة لبلوغ السعادة الاخروية ونيل رضى الحق تعالى .
وفي عصرنا الراهن أيضاً يمكن العيش بالقليل من الدخل بشرط التزام التقوى والقناعة ، وإذا ما عرضت مشكلة اثناء ذلك وعجز المؤمن عن مقاومتها ، بما توفر لديه من دخل يتحتم على المؤمنين ان يهبّوا لا عانته قبل فوات الاوان وانقاذه مما يلم به ضيق ومحن .

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

العلاقة بين التفسير و التجدد في الفكر الإسلامي
نظرية الاسلام في بناء الاسرة الصالحة
خضوع الزوجة وأسرار ديمقراطية الحياة الزوجية
هل الشكل الخارجي للشاب أو الفتاة مهم؟
رأي الشيعة في المرجعية
ارتباط البدن بالروح المجردة
تکوين محافل إقليمية
عالي تودع ضحية تعذيب جديدة .. الشاب "حسين محمد ...
عشر وصفات لزوج ناجح واخرى لزوجة ناجحة
العبودية المحضة لله تعالى

 
user comment