أن الأرواح الطاهرة لأهل البيت^ ووجوداتهم النورانية أشرقت من أفق الرحمة الإلهية،وذلك قبل خلق الكائنات، فهي محدقة بعرش الله سبحانه وتسبح في بحر تسبيح الله وتقديسه وتنزيهه، حتى شاء الله أن يمن بهم على الناس للهداية، فكل روح من تلك الأرواح الطاهرة إذا ما حلّ وقت ظهورها وجاء زمانها ارتدت حلّة الجسم والبدن وظهرت للناس عياناً.
«خلقكم الله أنواراً فجعلكم بعرشه محدقين، حتى منّ علينا بكم فجعلكم في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها أسمه»([1]).
فكانوا^ وهم محدقون بعرش الرحمن كسفينة نوح تنقذ الناس من الغرق وكانوا وسيلة النجاة من الطوفان والسقوط في مستنقع البلاء.
>فبلغ الله بكم أشرف محلّ المكرمين وأعلى منازل المقرّبين وأرفع درجات المرسلين<([2]).
أجل بلغ الله عز وجل بأهل البيت أشرف مقامات المكرمين وأعلى درجات المقربين ومنازل الأنبياء والمرسلين.
ولقد جاء في الروايات المعتبرة وفي تفسير الأمام الحسن العسكري× أن آدم لما هبط من مقامه وكان قبل ذلك جليساً للملائكة فحرم من هذه الحالة وفقد مكانه في الجنة، ووقع عنه رداء الكرامة والحياء ألهمه الله عز وجل أن يقول: «اللهم بجاه محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين، والطيبين من آلهم لما تفضلت عليّ بقبول توبتي وغفران زلّتي، وإعادتي من كراماتك إلى مرتبتي».
فقال الله عز وجل له: قد قبلت توبتك برضواني عليك وصَرَفت آلائي ونعمائي إليك وأعدتك إلى مرتبتك من كراماتي ووفرت نصيبك من رحمائي، فذلك قوله عز وجل: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}([3]).