لفقه مدرسة أهل البيت عليهم السلام سمات بارزة متميزة عن سائر الفقه السائدفي مدرسة الرأي ، وخلاصة تلك السمات أنه يستمد مقوماته من القرآن الكريم أولاً ، ثم السُنّة الثابتة ثانياً ، ولهذا أصبح فقه مدرسة أهل البيت عليهم السلام هو الامتداد الطبيعي لفقه القرآن الكريم والسُنّة المطهرة ، وليس فيه شيء من عمل الرأي أو استعمال القياس والاستحسان وما شابه ذلك ، وهناك عشرات بل مئات الروايات المصرّحة بأنّ كل ما لدى أهل البيت عليهم السلام إنّما هو عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم توارثوه واحداً بعد واحد وصولاً إلى الاِمام المهدي عليه السلام (1) .
ويتميّز أيضاً بالشمولية فانه لم يدع ملحظاً كلياً أو جزئياً إلاّ وقد بيّنه بمنتهى الدقة والتفصيل ، أما من حيث الامتداد الزماني فهو فقه الاَمس واليوم وغداً ، لصلاحيته لكلِّ زمان وامتداده إلى حلّ كلّ مشكلات الحياة .
ومما تقدم يتبين أن فقه أهل البيت فقه واحد لا يقبل التفكيك والفصل ، فلا يمكننا أن نقول : إنّ هذا هو فقه الاِمام علي عليه السلام وهذا فقه الاِمام الصادق عليه السلام وهكذا بالنسبة إلى جميع أئمة أهل البيت المعصومين عليهم السلام .
فحديثنا إذن عن دور الاِمام الجواد الفقهي هو عين الحديث عن فقه أهل البيت عليهم السلام الذين أُمرنا بطاعتهم والاقتداء بهديهم والتمسك بحبلهم ، وذلك أمان من الضلالة بنصّ حديث الثقلين المتواتر عند جميع فرق المسلمين .
أما عن الموارد الفقهية الكثيرة المروية عن الاِمام الجواد عليه السلام والتي لا تتسع لها هذه الدراسة الموجزة؛ فهي دالة بلا شكّ على أنه عليه السلام ملأ الفراغ الفقهي في عصره وأنه قد أغنى الساحة الاِسلامية ، وشيعته على وجهالخصوص عن غيره ، فلم يلتمسوا حلول مشكلاتهم واجابات اسئلتهم من أحد غيره ، وهم الطائفة الواسعة الانتشار في شرق بلاد المسلمين وغربها .
ومن خلال قراءة واستعراض لبعض تلك الموارد نستخلص أن الاِمام الجواد عليه السلام كان مبرّزاً على جمهور الفقهاء ، وكبار العلماء والقضاة المعاصرين له . .
فمن حيث مجلسه عليه السلام في ديوان الخلافة ، ما كان ليجلس إلاّ بموازاة مجلس الخليفة ، والعلماء والقضاة في مجلسهم جميعاً كانوا دون مجلسه ، ويمثلون بين يديه ـ هيبة ـ عند محادثته . .
وأما آراؤه في ( العقيدة ، والتفسير ، والفقه ) فهي المقدّمة على بقية الآراء؛ لاَنّها تعكس واقعاً وحقيقة روح الاِسلام ، وذلك إذ يتجلّى من خلال ما مرّ من مناظرات أو من خلال ما أثبته لنا التأريخ في قصة الزواج في عهد المأمون . . أو قصة السارق الذي اعترف على نفسه بالسرقة في عهد المعتصم ، وقد طلب السارق من الخليفة تطهيره بإقامة الحدّ عليه فأُرجئ الحكم عليه إلى وقت معلوم . واستدعى المعتصم لذلك جمعاً من العلماء والقضاة إلى مجلسه للحكم في القضية ، واستدعى من جملة من استدعى الاِمام الجواد عليه السلام إلى ذلك المجلس الضخم الذي عقده لهذا الغرض ، وكان الاِمام عليه السلام يومذاك الشاب ابن الخامسة والعشرين سنة أو نحوها .
ورغم أن الرواية التي بين أيدينا لم تُسمّ الفقهاء الذين حضروا مجلس الحكم ، ولا عددهم؛ لكن بداهة يمكن الجزم ـ ويشاركنا هذا الرأي كلّ أحد ـ بأن الخليفة ما يستدعي إلى مجلسه إلاّ الطبقة الاُولى من فقهاء بغداد ، ومحدثيها المرموقين ، وقضاتها المتمكنين ، لا ضعافها ومغموريها أوأذناب الناس وشذاذهم . وعليه نستطيع أن نشخّص مجموعة من فقهاء تلك المرحلة ، ورؤوس مذاهبها ، وأكابر قضاتها من الذين يمكن أن يُستدعون إلى ديوان الخلافة؛ لاِبداء رأي فقهي ، أمثال : إبراهيم بن سيّار بن النظّام ( ت / 231 هـ ) ، إبراهيم بن المهدي المصيصي ( ت / 225 هـ ) ، أبو ثور إبراهيم ابن خالد الكلبي البغدادي ( ت / 240 هـ ) ، أبو حسّان الزِّيادي الحسن بن عثمان ( ت / 242 هـ ) وقيل : أبو حيّان ، أبو خيثمة زهير بن حرب النسائي ( ت / 234 هـ ) ، أبو معمر الهذلي ( ت / 236 هـ ) ، أبو نصر التمّار ، أبو الهذيل محمد بن الهذيل العلاّف العبدي ( ت / 235 هـ ) كان نسيج وحده وعالم دهره ، لم يتقدمه أحد من الموافقين له ولا من المخالفين ، أحمد بن إبراهيم الدورقي العبدي ( ت / 246 هـ ) ، أحمد بن أبي دؤاد ( ت / 240 هـ ) قاضي قضاة الدولة العباسية ، أحمد بن حنبل ( ت/ 241 هـ ) ولو أنه لم يكن يحضر مجالس الخلفاء إلاّ أنه لا يمنع أن يجيب إذا استدعي ، أحمد بن الفرات ( ت / 258 هـ ) ، أحمد بن منيع البغوي ( ت / 244 هـ ) ، إسحاق بن أبي إسرائيل ، إسماعيل بن إسحاق السرّاج ، إسماعيل بن أبي أويس ( ت / 226 هـ ) وهو ابن أخت مالك بن أنس ، إسماعيل بن حمّاد بن أبي حنيفة ولي القضاء للمعتصم بعد ابن سماعة ، بشر بن المعتمر الهلالي رئيس معتزلة بغداد في زمانه ، بشر ابن الوليد الكندي الحنفي ( ت / 238 هـ ) ، ثمامة بن الاَشرس وكان واحد دهره في العلم والاَدب ، جعفر بن حرب الهمداني ( ت / 236 هـ ) ، جعفر ابن عيسى الحسني أحد القضاة ، جعفر بن مبشر الثقفي ( ت / 234 هـ ) ، الحسن ابن عرفة العبدي ( ت / 257 هـ ) ، حفص بن عمر بن عبدالعزيز الدوري البغدادي ( ت / 246 هـ ) إمام القرّاء وشيخ زمانه ، حيّان بن بشر تسلّم قضاء الكرخ سنة ( 237 هـ ) ، خلف بن هشام البزار ( ت / 229 هـ ) ، سجّادة أبو علي الحسن بن حمّاد الحضرمي البغدادي ( ت / 241 هـ ) من أجلّة العلماء في زمانه ، سعدويه الواسطي سعيد بن سليمان ( ت / 225هـ ) ، سليمان بن داود العتكي ( ت / 234 هـ ) ، سوار بن عبدالله العبري التميمي ( ت / 245 هـ ) تسلّم قضاء الرصافة سنة ( 237 هـ ) ، شجاع بن مخلد الفلاّس البغوي ( ت / 235 هـ ) ، شعيب بن سهل الرازي الملقّب شعبويه ( ت / 246 هـ ) قاضي الرصافة للمعتصم العباسي ، عبدالرحمن بن إسحاق الشافعي القاضي ، عبدالرحمن ابن كيسان الاَصم ، عبيدالله بن محمد بن الحسن ، علي بن الجعد الجوهري البغدادي ( ت / 230هـ ) الحافظ الحجة مُسند بغداد ، علي بن الجنيد الاِسكافي ، عيسى ابن صُبيح أبو موسى من علماء المعتزلة والمقدمين فيهم ، قتيبة بن سعد ، القواريري عبيدالله بن عمر ، كامل بن طلحة الجحدري ( ت / 231 هـ ) ، المحاسبي الحارث بن أسد ( ت / 243 هـ ) ، محمد ابن بكار بن الريّان البغدادي ( ت / 238 هـ ) ، محمد بن حاتم بن ميمون السمين ( ت / 235هـ ) الحافظ المجوِّد المفسِّر ، محمد بن الحسين البرجلاني الحنبلي ( ت / 238هـ ) ، محمد بن حمّاد وكان مقرباً من المأمون العباسي ، محمد بن سعد ( ت / 230هـ ) صاحب الطبقات الكبرى ، محمد بن سماعة ( ت / 233 هـ ) تولى القضاء للرشيد وبقي فيه إلى أن ضعف بصره في عهد المعتصم فصرفه عنه باسماعيل بن حمّاد وتوفي وله مئة وثلاث سنين ، محمد بن عبدالله بن المبارك المخرّمي ( ت / 254 هـ ) ، محمد بن هارون الورّاق ( ت / 247 هـ ) ، النضر بن شميل ، هارون بن عبدالله الحمّال البغدادي ( ت / 243 هـ ) ، هارون بن عبدالله الزهري ( ت / 232 هـ ) ، يحيى ابن أكثم التميمي المروزي البغدادي ( ت / 242 هـ ) قاضي القضاة الفقيه العلاّمة من أئمة الاجتهاد ، يحيى بن معين أبو زكريا المرِّي البغدادي ( ت / 233 هـ )الحافظ شيخ المحدثين وإمامهم ، يعقوب بن إبراهيم الدورقي ( ت / 252 هـ ) محدّث العراق (2) .وأضراب هؤلاء كثير مما يطول به المقام من الذين كانوا ببغداد يومذاك ويشار إليهم بالمشيخة والتفرّد بالفضل والعلم .
فالرواية التي ينقلها العياشي عن زرقان وهو محمد بن شداد أبو يعلى المسمعي ( ت / 278 أو 279 هـ ) وقد عمّر طويلاً ، وهو أيضاً من الفقهاء والمتكلمين . قال العياشي : عن زرقان صاحب ابن أبي دؤاد وصديقه بشدّة ، قال : رجع ابن أبي دؤاد ذات يوم من عند المعتصم وهو مغتم ، فقلت له في ذلك ، فقال : وددت اليوم أني قد متُّ منذ عشرين سنة ، قال : قلت له : ولِمَ ذاك ؟ قال : لما كان من هذا الاَسود أبا جعفر محمد بن علي ابن موسى اليوم بين يدي أمير المؤمنين المعتصم ، قال : قلت له : وكيف كان ذلك ؟ قال : إنّ سارقاً أقرّ على نفسه بالسرقة ، وسأل الخليفة تطهيره بإقامة الحدّ عليه ، فجمع لذلك الفقهاء في مجلسه ، وقد أحضر محمد بن علي عليه السلام ، فسألنا عن القطع في أيّ موضع يجب أن يقطع ؟ قال : فقلت : من الكرسوع ، قال : وما الحجة في ذلك ؟ قال : قلت : لاَنّ اليد هي الاَصابع والكف إلى الكرسوع؛ لقول الله في التيمم : ( فامسحوا بوجوهكم وأيديكم ) (3) واتّفق معي على ذلك قوم .وقال آخرون : بل يجب القطع من المرفق ، قال : وما الدليل على ذلك ؟ قالوا : لاَنّ الله لما قال : ( وأيديكم إلى المرافق ) (4) في الغسل دلّ ذلك على أن حدّ اليد هو المرفق ، قال : فالتفت إلى محمد بن علي عليه السلام ، فقال : ما تقول في هذا يا أبا جعفر ؟ فقال : قد تكلّم القوم فيه يا أمير المؤمنين ، قال : دعني مما تكلّموا به ، أيّ شيء عندك ؟ قال : اعفني عن هذا يا أمير المؤمنين . قال : أقسمت عليك بالله لمّا أخبرت بما عندك فيه ، فقال : أما إذا أقسمت عليَّ بالله إنّي أقول إنّهم أخطأوا فيه السنة ، فإنّ القطع يجب أن يكون من مفصل أصول الاَصابع ، فيترك الكف . قال : وما الحجة في ذلك ؟ قال : قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : السجود على سبعة أعضاء : الوجه واليدين والركبتين والرجلين (5) . فإذا قطعت يده من الكرسوع أو المرفق لم يبق له يد يسجد عليها ، وقال الله تبارك وتعالى : ( وأن المساجد لله ) (6) يعني به هذه الاَعضاء السبعة التي يسجد عليها ( فلا تدعوا مع الله أحداً ) وما كان لله لم يقطع ، قال : فأعجب المعتصم ذلك وأمر بقطع يد السارق من مفصل الاَصابع دون الكفّ ، قال ابن أبي دؤاد : قامت قيامتي وتمنيّت أني لم أك حيّاً (7) .
فلسان الرواية يبيّن أن الخليفة أعدّ مسبقاً لذلك المجلس جمعاً غفيراً من الفقهاء للحكم في هذه المسألة ، ويبدو أيضاً أنه اختارهم على مختلف المشارب والاتجاهات الفقهية والفكرية؛ لاَنّ الوقت آنذاك كان وقت كلام ومساجلات وتعدد في الآراء الفقهية .
دوره في تفسير القرآن:
من نافلة القول إن الاَئمة من أهل البيت النبوي الطاهر عليهم السلام ، هم الراسخون في العلم ، المفسرون للقرآن الكريم كما أنزله الله وأراده حقيقة ، وهم وحدهم العالمون بتأويله ، والدليل على ظاهره وباطنه . وليس بدعاً من القول إذا سلّمنا بأنهم عدل القرآن؛ للنبوي الصحيح المروي في المدوّنات الحديثية لدى الفريقين سواء بسواء ، ذلك هو حديث : « إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً » (8) .
إذا علمت هذا ، فينبغي بمن هو عدل الكتاب وقرينه ، أن يكون عالماً بكل آياته ، ومحيطاً بجميع أسراره ومحكمه ومتشابهه ، ناسخه ومنسوخه ، وهكذا كان أهل البيت عليهم السلام قرآناً ناطقاً يهدي للتي هي أقوم ، ويبشّرالحديث وطرقه ودلالاته ومصادره .
وعلى الرغم من أن ما وصل إلينا عن الاَئمة الميامين عليهم السلام بشأن القرآن الكريم وتفسيره لا يشكل إلاّ نزراً يسيراً لما يمتلكون من حصيلة علمية ، وثراء فكري ليس لهما حدود ، إلاّ أن المتصدي لتفسير القرآن الكريم لا يمكنه الاستغناء عن تفسيرهم عليهم السلام لما فيه من سمات أصيلة لفهم كتاب الله ، أبرزها تفسير القرآن بالقرآن ، والقول بسلامة القرآن من التحريف وغيرها من المبادىَ الاَساسية لادراك معاني الكتاب الكريم .وإمامنا الجواد عليه السلام هو واحد من تلك الكوكبة ، لا يمكن الاستغناء عما وصلنا عنه في التفسير بحال ، وهو كثير جداً لو استُخرج من مظانه ، وجُمع شتاته .ومن أمثلة تفسيره عليه السلام ، ما نقله الكليني في الكافي بسنده عن داود بن القاسم أبي هاشم الجعفري الذي قال : قلت لاَبي جعفر عليه السلام سائلاً عن معنى : ( لا تُدرِكُهُ الاَبصَارُ وهو يُدرِكُ الاَبصارَ ) (9) .
فقال عليه السلام : « يا أبا هاشم ، أوهام القلوب أدق من أبصار العيون ، أنت قد تدرك بوهمك السند والهند ، والبلدان التي لم تدخلها ، ولا تدركها ببصرك ، وأوهام القلوب لا تدركه ، فكيف أبصار العيون ؟ ! » (10) .
ونقل شيخ الطائفة في تهذيبه ، بسنده عن السيد ( عبدالعظيم بن عبدالله الحسني ، عن أبي جعفر محمد بن علي الرضا عليه السلام أنّه قال : سألته عمّا أُهلّ لغير الله . قال : « ما ذُبح لصنم أو وثن أو شجر ، حرّم الله ذلك كما حرّم الميتة والدم ولحم الخنزير ( فَمن اضطُرَّ غيرَ باغٍ ولا عادٍ فلا إثمَ عليه ) (11) أن يأكل الميتة » . قال : فقلت له : يابن رسول الله ، متى تحلّ للمضطر الميتة ؟ فقال : « حدّثني أبي عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سُئل فقيل له : يا رسول الله إنا نكون بأرض فتصيبنا المخمصة ، فمتى تحلُّ لنا الميتة ؟ قال : ما لم تصطبحوا أو تغتبقوا أو تحتفوا بقلاً ، فشأنكم بهذا » .
قال عبدالعظيم : فقلت له : يابن رسول الله فما معنى قوله عزَّ وجلَّ : ( فَمنِ اضطُرَّ غيرَ باغٍ ولا عادٍ ) ؟ قال : « العادي : السارق ، والباغي : الذي يبغي الصيد بطراً ولهواً؛ ليعود به على عياله ، ليس لهما أن يأكلا الميتة إذا اضطرّا ، هي حرام عليهما في حال الاضطرار كما هي حرام عليهما في حال الاختيار ، وليس لهما أن يقصّرا في صوم ولا صلاة في سفر » .
قال : قلت له : فقول الله تعالى : ( والمنخَنِقَةُ والموقُوذَةُ والمتردِّيةُ والنَّطيحَةُ وما أكلَ السَّبُعُ إلاَّ ما ذكَّيتُم ) (12) . قال : « المنخنقة : التي انخنقت بأخناقها حتى تموت . والموقوذة : التي مرضت ووقذها المرض حتى لم تكن بها حركة . والمتردّية : التي تتردّى من مكان مرتفع إلى أسفل أو تتردّى من جبل أو في بئر فتموت . والنطيحة : التي تنطحها بهيمة اُخرى فتموت . وما أكل السبع منه فمات . وما ذُبح على حجر أو على صنم ، إلاّ ما أُدركت ذكاته فذُكيّ » .
قلت : ( وأن تستقسمُوا بالاَزلامِ ) ؟ قال : « كانوا في الجاهلية يشترون بعيراً فيما بين عشرة أنفس ، ويستقسمون عليه بالقداح ، وكانت عشرة ، سبعة لهم أنصباء وثلاثة لا أنصباء لها . أما التي لها أنصباء : فالفذّ ، والتوأم ، والنافس ، والحِلس ، والمسبل ، والمعلّى ، والرقيب (وقيل في ترتيبها غير ذلك) . وأما التي لا أنصباء لها : فالسفح ، والمنيح ، والوغد . وكانوا يجيلون السهام بين عشرة ، فمن خرج باسمه سهم من التي لا أنصباء لها أُلزم ثلث ثمن البعير ، فلا يزالون كذلك حتى تقع السهام التي لا أنصباء لها إلى ثلاثة ، فيُلزم ثمن البعير ، ثم ينحرونه ويأكل السبعة الذين لم ينقدوا في ثمنه شيئاً ، ولم يطعموا منه الثلاثة شيئاً . فلما جاء الاِسلام حرّم الله تعالى ذكره ذلك فيما حرّم ، وقال : ( وأن تستَقسِمُوا بالاَزلامِ ذلِكُم فسقٌ) يعني حراماً » (13) .
دوره في ترسيخ العقائد الاِسلامية :
في هذا المقطع التاريخي الذي عاصره الاِمام الجواد عليه السلام كانت حمّى ظهور المذاهب الكلامية والعقائدية تأخذ بالانتشار هنا وهناك ، يساعد على ذلك توجه الحاكم نفسه إلى اللعب بالورقة المذهبية من جهة وظهور طبقة من وعّاظ السلاطين نظّمت نفسها وكيّفتها على نمط خاص للدخول في اكمام السلطان والعيش تحت آباطه ، قانعين بما ينالهم من نتانة الموقع ، والاِذلال والصغار ، مقابل أن لا يُحرموا من بذخ القصور ، ودعة العيش ، وفاخر الثياب ، وبدر الدراهم .
وتموج الاُمّة في ضلال تيارات عقيدية وفكرية عديدة فمن مشبّهة إلى معطّلة إلى مجبرة إلى غير ذلك من العقائد الباطلة والدعاوى المنحرفة ، التي أثيرت في عصره عليه السلام ، مما لا تتسع له صفحاتنا هذه ، وكان للاِمام الجواد عليه السلام دور بارز في ترسيخ العقائد الاِسلامية والدفاع عنها ، وتصحيح معتقدات الناس مما قد يخطر في أذهانهم من تصورات خاطئة حول اُصول الاعتقاد .
التوحيد والصفات:
فعندما يُسئل من قبل عبدالرحمن بن أبي نجران عن التوحيد حين قال له : أتوهّم شيئاً ؟
أجابه الاِمام عليه السلام من فوره : « نعم ، غير معقول ولا محدود ، فما وقع وهمك عليه من شيء فهو خلافه ، لا يشبهه شيء ، ولا تدركه الاَوهام .كيف تُدركه الاَوهام وهو خلاف ما يُعقل ، وخلاف ما يُتصوّر في الاَوهام ؟ إنّما يتوهّم شيء غير معقول ولا محدود » (14) .ويُسأل الاِمام عليه السلام أيضاً عن الباري تبارك وتعالى أنه يجوز أن يقال له : إنّه شيء ؟
(قال : « نعم ، يُخرجه من الحدين : حدّ التعطيل ، وحدّ التشبيه » ) (15) .
وفي الكافي أيضاً أن عبدالرحمن بن أبي نجران كتب إلى أبي جعفر عليه السلام أو سأله قائلاً : (جعلني الله فداك ، نعبد الرحمن الرحيم الواحد الاَحد الصمد ؟
فقال : « إنّ من عبد الاِسم دون المسمّى بالاَسماء أشرك وكفر وجحد ، ولم يعبد شيئاً ، بل اعبُد الله الواحد الاَحد الصمد المسمّى بهذه الاَسماء ، دون الاَسماء . إنّ الاَسماء صفات وصف بها نفسه » ) (16) .
وفي إطار الاَسماء والصفات لله تبارك وتعالى ، يسأله داود بن القاسم أبو هاشم الجعفري عن معنى الواحد . فيجيبه الاِمام عليه السلام قائلاً : « إجماع الاَلسن عليه بالوحدانية ، كقوله تعالى : ( ولئن سألتَهُم من خَلَقَهُم ليقولُنَّ الله ) » (17) .
وروى داود بن القاسم أبو هاشم الجعفري أنّ رجلاً ناظر الاِمام الجواد عليه السلام في أسماء الله تعالى وصفاته ، فقال : ( كنت عند أبي جعفر الثاني عليه السلام فسأله رجل فقال : أخبرني عن الربِّ تبارك وتعالى ، له أسماء وصفات في كتابه ؟ وأسماؤه وصفاته هي هو ؟
فقال أبو جعفر عليه السلام : « إنّ لهذا الكلام وجهين :إن كنت تقول : هي هو ، أي أنه ذو عدد وكثرة فتعالى الله عن ذلك .
وإن كنت تقول : هذه الصفات والاَسماء لم تزل فإنّ ( لم تزل ) محتمل معنيين : فإن قلت : لم تزل عنده في علمه وهو مستحقها ، فنعم .
وإن كنت تقول : لم يزل تصويرها وهجاؤها وتقطيع حروفها ، فمعاذ الله أن يكون معه شيء غيره ، بل كان الله ولا خلق ، ثم خلقها ـ أي الاَسماء ـ وسيلة بينه وبين خلقه يتضرّعون بها إليه ، ويعبدونه وهي ذكره .
وكان الله ولا ذكر ، والمذكور بالذكر هو الله القديم الذي لم يزل ، والاَسماء والصفات مخلوقات . والمعاني والمعنيُّ بها هو الله الذي لا يليق به الاختلاف ولا الائتلاف وإنّما يختلف ويأتلف المتجزّئ ، فلا يقال : الله مؤتلف ، ولا : الله قليل ، ولا كثير ، ولكنه القديم في ذاته؛ لاَنّ ما سوى الواحد متجزّئ ، والله واحد لا متجزئ ، ولا متوهّم بالقلة والكثرة ، وكلّ متجزئ أو متوهَّم بالقلّة والكثرة فهو مخلوق دالٌّ على خالقٍ له .
فقولك : ( إنّ الله قدير ) ، خبّرت أنه لا يعجزه شيء فنفيت بالكلمة العجز ، وجعلت العجز سواه . وكذلك قولك : ( عالم ) ، إنّما نفيت بالكلمة الجهل ، وجعلت الجهل سواه . وإذا أفنى الله الاَشياء أفنى الصورة والهجاء والتقطيع ، ولا يزال من لم يزل عالماً » .
فقال الرجل : فكيف سمّينا ربّنا سميعاً ؟
فقال الاِمام : « لاَنّه لا يخفى عليه ما يُدرك بالاَسماع ، ولم نصفه بالسمع المعقول في الرأس ، وكذلك سميناه بصيراً؛ لاَنّه لا يخفى عليه ما يُدرك بالاَبصار . من لون أو شخص أو غير ذلك ، ولم نصفه ببصر لحظة العين .
وكذلك سمّيناه لطيفاً لعلمه بالشيء اللطيف مثل البعوضة وأخفى من ذلك ، وموضع النشوء منها ، والعقل والشهوة للسفاد والحدب على نسلها ، وإقام بعضها على بعض ، ونقلها الطعام والشراب إلى أولادها في الجبال والمفاوز والاَودية والقفار . فعلمنا أنّ خالقها لطيف بلا كيف ، وإنّما الكيفية للمخلوق المكيّف .
وكذلك سمّينا ربّنا قوياً لا بقوة البطش المعروف من المخلوق ، ولو كانت قوته قوة البطش المعروف من المخلوق لوقع التشبيه ولاحتمل الزيادة ، وما احتمل الزيادة احتمل النقصان ، وما كان ناقصاً كان غير قديم ، وما كان غير قديم كان عاجزاً .
فربّنا تبارك وتعالى لا شبه له ولا ضدّ ، ولا ندّ ، ولا كيف ، ولا نهاية ، ولا تبصار بصر . ومحرّم على القلوب أن تُمثّله ، وعلى الاَوهام أن تحدّه ، وعلى الضمائر أن تكوّنه جلّ وعزّ عن أداة خلقه ، وسمات بريّته ، وتعالى عن ذلك علوّاً كبيراً » ) (18) .
الفرق المنحرفة:
في رجال الكشي عن علي بن مهزيار قال : ( سمعتُ أبا جعفر عليه السلام يقول ـ وقد ذُكر عنده أبو الخطّاب (أبو الخطّاب : هو محمد بن أبي زينب مقلاص الاَسدي الكوفي الاَجدع . كان في بادئ أمره من أصحاب الاِمام الصادق عليه السلام ، ثم انحرف عن خط أهل البيت عليهم السلام ، بل وعن الدين ، فأخذ ينسب أباطيله وعقائده الفاسدة إلى الاِمام الصادق عليه السلام كذباً وزوراً ، وتبعه عدد من المضلّلين والنفعيين حتى شكّلوا فرقة سمّيت فيما بعد بالخطّابية . من عقائدهم زعموا أن الصلاة والصيام والتكاليف الاُخرى ، والخمر والزنا والسرقة وغيرها هي أسماء رجال ، والآيات القرآنية الآمرة بأداء تلك الاَعمال والناهية عنها ، إنّما هي آمرة بمحبة أولئك الرجال أو النهي عن محبتهم فقط . كما أظهروا كثيراً من البدع والضلالات والاِباحات ، حتى وصل بهم الاَمر إلى الدعوة إلى نبوّة أبي الخطاب . بعث إليهم والي المدينة جيشاً ـ بعد أن استفحل أمرهم ـ فقاتلوهم حتى أبادوهم عن آخرهم إلاّ رجلاً واحداً منهم نجا من القتل .) ـ : « لعن الله أبا الخطّاب ، ولعن أصحابه ، ولعن الشاكّين في لعنه ، ولعن من وقف فيه ، وشك فيه . . . » (19) .
وبالاِضافة إلى لعن الاِمام عليه السلام لاَبي الخطّاب وأصحابه ، فإنّه عليه السلام وقف موقفاً حاسماً من الفرقة الواقفية وغيرها . فقد أورد الكشي بسنده عن محمد بن رجاء الحنّاط ، عن محمد بن علي الرضا عليه السلام أنّه قال : « الواقفة حمير الشيعة » .
ثم تلا قوله تعالى : ( إنْ هُم إلاّ كالاَنعام بل هُم أضَلُّ سبيلاً ) (20) .
كما تجلّى موقفه الحاسم هذا في نهيه عن التعامل مع الفطحية والواقفة ولم يجوّز الصلاة خلف أحدهم (21) .
الردّ على الاَحاديث الموضوعة:
وفي إطار البحوث العقائدية ردّ الاِمام الجواد عليه السلام على جملة وافية من الاَحاديث الموضوعة في فضائل بعض الصحابة ، التي روّج لها بنو أُمية منذ زمان معاوية بن أبي سفيان ، وصرفوا الاَموال الطائلة في سبيل وضعها ونشرها ، وذلك لبلوغ أهدافهم السياسية والمحافظة على أركان ملكهم واستمرار تسلطهم غير المشروع على الخلافة الاسلامية .
فقد روي أن ابن أكثم ناظر الاِمام أبا جعفر عليه السلام بمحضر المأمون وجماعة كبيرة من أركان دولته وخاصته ، فقال يحيى للاِمام عليه السلام : ما تقول يابن رسول الله في الخبر الذي روي أن جبرائيل نزل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال : يا محمد إنّ الله يقرؤك السلام ، ويقول لك : سل أبا بكر هل هو راضٍ عني ، فإنّي راضٍ عنه ؟
فقال عليه السلام : « لست بمنكر فضل أبي بكر ، ولكن يجب على صاحب هذا الخبر أن يأخذ مثال الخبر الذي قاله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حجة الوداع : قد كثُرت عليَّ الكذابة وستكثر ، فمن كذب عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار ، فإذا أتاكم الحديث فاعرضوه على كتاب الله وسنتي فما وافق كتاب الله وسنتي فخذوا به ، وما خالف كتاب الله وسنتي فلا تأخذوا به . وليس يوافق هذا الخبر
كتاب الله ، قال الله تعالى : ( وَلَقَد خَلَقنا الاِنسانَ ونَعلمُ ما توسوِسُ بِهِ نفسُهُ ونحنُ أقربُ إليهِ من حَبلِ الوريدِ ) (22) فالله عزَّ وجلَّ خفي عليه رضا أبي بكر من سخطه حتى سأل عن مكنون سرّه ؟ ! هذا مستحيل في العقول » .
ثم قال يحيى بن أكثم : وقد روي أنّ مثل أبي بكر وعمر في الاَرض كمثل جبرئيل وميكائيل في السماء .
فقال الاِمام عليه السلام : « وهذا أيضاً يجب أن يُنظر فيه؛ لاَن جبرئيل وميكائيل ملكان لله مقرّبان ، لم يعصيا الله قط ، ولم يفارقا طاعته لحظة واحدة . وهما ـ أي أبو بكر وعمر ـ قد أشركا بالله عزَّ وجلّ ، وإن أسلما بعد الشرك ، وكان أكثر أيامهما في الشرك بالله ، فمحال أن يُشبِّههما بهما . . » .
قال يحيى : وقد روي أنهما سيدا كهول أهل الجنة ، فما تقول فيه ؟
فقال عليه السلام : « وهذا محال أيضاً؛ لاَنّ أهل الجنة كلّهم يكونون شباباً ، ولا يكون فيهم كهل ، وهذا الخبر وضعه بنو أُمية لمضادة الخبر الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الحسن والحسين بأنّهما سيدا شباب أهل الجنة » .
فقال يحيى بن أكثم : وروي أن عمر بن الخطّاب سراج أهل الجنة .
فقال عليه السلام : « وهذا أيضاً محال؛ لاَنّ في الجنة ملائكة الله المقربين ، وآدم ، ومحمداً وجميع الاَنبياء والمرسلين ، لا تضيء بأنوارهم حتى تضيء بنور عمر ؟ ! » .
قال يحيى : وروي أنّ السكينة تنطق على لسان عمر .
فقال عليه السلام : « لست بمنكر فضائل عمر ، لكنّ أبا بكر ـ وأنه أفضل من عمر ـ قال على رأس المنبر : إنّ لي شيطاناً يعتريني ، فإذا ملتُ فسدّدوني » .
فقال يحيى : قد روي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : لو لم أُبعث لبُعث عمر .
فقال عليه السلام : « كتاب الله أصدق من هذا الحديث ، يقول الله في كتابه : (وإذ أخَذنا من النبيِّينَ ميثاقَهُم ومنكَ ومن نوحٍ ) (23) فقد أخذ الله ميثاق النبيين ، فكيف يمكن أن يستبدل ميثاقه ؟ وكان الاَنبياء لم يشركوا طرفة عين ، فكيف يبعث بالنبوة من أشرك ، وكان أكثر أيامه مع الشرك بالله ؟ ! وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : نُبِّئتُ وآدم بين الروح والجسد » .
قال يحيى : وقد روي أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قال : ما احتبس الوحي عني قط إلاّ ظننته قد نزل على آل الخطّاب .
فقال عليه السلام : « وهذا محال أيضاً؛ لاَنّه لا يجوز أن يشكّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم في نبوّته ، قال الله تعالى : ( الله يصطفي من الملائكة رسلاً ومن الناس ) (24) . فكيف يمكن أن تنتقل النبوّة ممن اصطفاه الله إلى من أشرك به ؟ » .
قال يحيى : روي أن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قال : لو نزل العذاب لما نجى منه إلاّ عمر .
فقال عليه السلام : « وهذا محال أيضاً ، إنّ الله تعالى يقول : ( وَمَا كان الله لِيُعذِّبَهُم وأنتَ فيهم وما كان اللهُ مُعذِّبهُم وهم يستغفرون ) (25) فأخبر سبحانه أنه لايعذّب أحداً مادام فيهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وما داموا يستغفرون الله تعالى » .
فأُفحم يحيى بن أكثم وسكت ، بعد أن أعيته أجوبة الاِمام عليه السلام عن إيجاد مخرج لما تورط فيه (26) .
توظيف المعجزة والكرامة في الهداية والارشاد :
الحدث المعجز إنّما يجريه الله سبحانه وتعالى على يد أنبيائه ورسله أو أوصيائهم؛ للتدليل على أن النبي المرسل أو الوصي المختار مرتبط بالسماء بشكل أو بآخر ، وأن المعجزة ـ وهي أمر خارق للعادة الطبيعية ـ هي تأييد لدعوى النبي بأنّه ينطق عن السماء ، وأن ما يأتي به من تعاليم إنّما تصدر عن الله تبارك وتعالى؛ وتأييد لدعوى الوصي أو الاِمام المعصوم أيضاً بأنّه يتصل بالنبوة التي هي بدورها من مختصات السماء .
ولقد وظّف أئمة أهل البيت عليهم السلام المعاجز والكرامات التي كانت تجري على أيديهم في استقطاب أفراد الاُمّة حول محور الاِمامة ، ثم إرشادهم وهدايتهم نحو المسار الصحيح .
ومن ذلك ، الخبر الذي يبيّن بجلاء توظيف الاِمام عليه السلام للمعجزة في هداية الناس إلى طريق الحق ، وإلفات نظرهم إلى عظيم منزلة أئمة أهل البيت عليهم السلام عند الله سبحانه . فقد جاء عن علي بن خالد ، قال : كنت بالعسكر ، فبلغني أنّ هناك رجلاً محبوساً أُتي به من ناحية الشام مكبولاً ، وقالوا : إنّه تنبأ (تنبأ أي ادّعى النبوة) .
قال : فأتيت الباب وداريت البوّابين حتى وصلت إليه ، فإذا رجل له فهم وعقل ، فقلت له : يا هذا ما قصتك ؟
فقال : إنّي كنت رجلاً بالشام أعبد الله في الموضع الذي يقال إنّه نُصب فيه رأس الحسين عليه السلام فبينا أنا ذات ليلة في موضعي مقبلٌ على المحراب أذكر الله تعالى إذ رأيت شخصاً بين يديّ ، فنظرت إليه . فقال لي : قم ، فقمت معه فمشى بي قليلاً فإذا أنا في مسجد الكوفة ، قال : فصلّى فصلّيت معه ثم انصرف وانصرفت معه ، فمشى قليلاً فإذا نحن بمسجد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فسلّم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وصلّى وصلّيت معه ، ثم خرج وخرجت معه فمشى قليلاً فإذا أنا بمكّة ، فطاف بالبيت وطفت معه ، ثم خرج فمشى قليلاً فإذا أنا بموضعي الذي كنت أعبد الله تعالى فيه بالشام ، وغاب الشخص عن عيني ، فبقيت متعجِّباً حولاً مما رأيت .
فلما كان في العام المقبل رأيت ذلك الشخص فاستبشرت به ، ودعاني فأجبته ، ففعل كما فعل في العام الماضي ، فلمّا أراد مفارقتي بالشام قلت له : سألتك بحقّ الذي أقدرك على ما رأيت منك إلاّ أخبرتني من أنت ؟
فقال : « أنا محمد بن علي بن موسى بن جعفر » .
فحدّثتُ من كان يصير إليّ بخبره ، فرقي ذلك إلى محمد بن عبدالملك الزيّات ، فبعث إليّ فأخذني وكبلني في الحديد وحملني إلى العراق وحبست كما ترى ، وادُّعي عليَّ المحال .
فقلت له : فأرفع عنك قصة إلى محمد بن عبدالملك الزيّات .
فقال : إفعل .
فكتبت عنه قصة شرحت أمره فيها ورفعتها إلى محمد بن عبدالملك الزيّات ، فوقّع في ظهرها : قل للذي أخرجك من الشام في ليلة إلى الكوفة ومن الكوفة إلى المدينة ومن المدينة إلى مكة وردَّك من مكة إلى الشام ، أن يخرجك من حبسك هذا .
قال علي بن خالد : فغمني ذلك من أمره ورققت له وانصرفت محزوناً عليه ، فلما كان من الغد باكرت الحبس لاَعلمه بالحال وآمره بالصبر والعزاء ، فوجدت الجند وأصحاب الحرس وأصحاب السجن وخلقاً عظيماً من الناس يهرعون ، فسألت عن حالهم فقيل لي : المحمول من الشام المتنبىَ افتقد البارحة من الحبس ، فلا يُدرى أخُسِفت به الاَرض أو اختطفته الطير !
وكان هذا الرجل ـ أعني علي بن خالد ـ زيدياً ، فقال بالاِمامة لمّا رأى ذلك وحسُنَ اعتقاده (27) .
وروي عن القاسم بن المحسن (الظاهر أنّه : القاسم بن الحسن البزنطي ، إذ لا وجود للقاسم بن المحسن في كتب الرجال) ، قال : كنت فيما بين مكّة والمدينة فمرَّ بي أعرابي ضعيف الحال ، فسألني شيئاً فرحمته وأخرجت له رغيفاً فناولته إياه ، فلما مضى عني هبّت ريح شديدة ـ زوبعة ـ فذهبت بعمامتي من رأسي ، فلم أرها كيف ذهبت ؟ وأين مرّت ؟ فلما دخلت على أبي جعفر بن الرضا عليه السلام ، فقال لي : « يا قاسم ! ذهبت عمامتك في الطريق ؟ » .
قلت : نعم .
قال : « يا غلام أخرج إليه عمامته » ، فأخرج إليَّ عمامتي بعينها ، قلت:يابن رسول الله ! كيف صارت إليك ؟
قال : « تصدقت على الاَعرابي ، فشكر الله لك ، وردّ عمامتك ، وان الله لا يضيع أجر المحسنين » (28) .
ونقل الإربلي عن القاسم بن عبدالرحمن ـ وكان زيدياً ـ قال : خرجت إلى بغداد فبينا أنا بها إذ رأيت الناس يتعاودون ويتشرّفون ويقفون قلت : ما هذا ؟ فقالوا : ابن الرضا ، ابن الرضا .
فقلت : والله لأنظرنّ إليه ، فطلع على بغل ـ أو بغلة ـ فقلت : لعن الله أصحاب الاِمامة حيث يقولون إنّ الله افترض طاعة هذا .
فعدل إليَّ وقال : « يا قاسم بن عبدالرحمن ( أبَشَراً منّا واحداً نتّبِعُهُ إنّا إذاً لفي ضلالٍ وسُعرٍ ) (29) » .
فقلت في نفسي : ساحر والله .
فعدل إليَّ فقال : « ( أأُلقي الذكرُ عَلَيهِ من بَينِنا بل هو كذّابٌ أشرٌ ) » (30) .
قال : فانصرفت وقلت بالاِمامة ، وشهدت أنه حجة الله على خلقه واعتقدت (31) .
دوره في التربية الاَخلاقية والاجتماعية :
إنّ دور الاِمام عليه السلام في المجتمع هو نفس دور الاَنبياء والرسل عليهم السلام ، يتمثل في بناء وصياغة الاِنسان النموذج؛ لاَنّ النبي أو الاِمام هو شاهد منتخب من قبل عالم الغيب ، ويتحمل في عالم الشهادة مسؤولية تأسيس أُمّة صالحة من الداخل ، بعد أن يغرس في أعماقها كل المعاني والمُثُل والقيم الفاضلة ، ثم قيادتها وفق الاَوامر الاِلهية ، للوصول إلى المجتمع التوحيدي المتكامل .
ومن خلال استقراء منهج الاَنبياء والرسل في قيادة البشرية وهدايتها عبر سلسلتهم الطويلة الممتدة منذ بدء الخليقة المتمثلة بالاِنسان الاَول ، والذي كان نبياً أيضاً ، وحتى الرسالة الخاتمة المتمثلة بأشرف الاَنبياء والرسل صلى الله عليه وآله وسلم ، وهو خاتمهم ، نجد أنّ هذا المنهج يعتبر الاِنسان محور حركته . . .
الاِنسان لا كعقل مجرد ، بل الاِنسان صاحب العقل والروح والاَحاسيس والمشاعر . . الاِنسان صاحب القلب والعواطف . .
وعليه فمشروع الاَنبياء عليهم السلام وأوصيائهم ـ وخاتمتهم الاَئمة الاثني عشر عليهم السلام ـ في صياغة الاِنسان وتربيته وصنعه ، يتم من خلال التعامل مع تلك المقومات الاِنسانية التي ذكرنا بشكل عاطفي وعملي ، وليس كالفلاسفة الذين يتعاملون ويتجاذبون مع العقول المجردة .بعد هذه المقدمة الموجزة نستعرض بعض المرويات عن إمامنا جواد الاَئمة عليه السلام والتي تكشف لنا كيفية توعيته لاَصحابه وشيعته وعموم الاُمّة وارشادهم إلى السلوك الاِيماني القويم ومن ذلك؛ الخبر الذي أورده ابن شعبة في تحف العقول حيث نقل أن أبا هاشم الجعفري قال للاِمام أبي جعفر عليه السلام في يوم تزوج أُم الفضل ابنة المأمون : ( يا مولاي لقد عظمت علينا بركة هذا اليوم .فقال عليه السلام : « يا أبا هاشم ! عظمت بركات الله علينا فيه » .
قلت : نعم يا مولاي ، فما أقول في اليوم .
فقال عليه السلام : « تقول فيه خيراً فإنّه يصيبك » .
قلت : يا مولاي أفعل هذا ولا أخالفه .
قال عليه السلام : « إذاً ترشد ولا ترى إلاّ خيراً » ) (32) .
ومن ذلك أيضاً الخبر المروي في تهذيب شيخ الطائفة قدس سره بسنده عن أبي ثمامة قال : قلت لاَبي جعفر الثاني عليه السلام : إنّي أُريد أن ألزم مكة أو المدينة ، وعليّ دين ، فما تقول ؟
فقال عليه السلام : « إرجع إلى مؤدي دينك واُنظر أن تلقى الله عزَّ وجلَّ وليس عليك دين ، إن المؤمن لا يخون » (33) .
وفي الكافي أورد عن ابن مهران ، قال : كتب أبو جعفر الثاني عليه السلام إلى رجل : « ذكرت مصيبتك بعلي ابنك ، وذكرتَ أنه كان أحبّ ولدك إليك ، وكذلك الله عزَّ وجلَّ إنّما يأخذ من الولد وغيره أزكى ما عند أهله؛ ليعظم به أجر المصاب بالمصيبة . فأعظم الله أجرك ، وأحسن عزاك ، وربط على قلبك ، إنّه قدير ، وعجّل الله عليك بالخلف ، وأرجو أن يكون الله قد فعل إن شاء الله تعالى » (34) .
ونقل المجلسي في بحاره بسند رفعه إلى بكر بن صالح قال : ( كتب صهر لي إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام أن أبي ناصب خبيث الرأي ، وقد لقيت منه شدّة وجهداً ، فرأيك ـ جعلت فداك ـ في الدعاء لي ، وما ترى جُعلت فداك ؟ أفترى أن أكاشفه أم أُداريه ؟
فكتب : « قد فهمت كتابك وما ذكرت من أمر أبيك ، ولست أدع الدّعاء لك إن شاء الله ، والمداراة خير لك من المكاشفة ، ومع العسر يسر ، فاصبر إن العاقبة للمتقين ثبتك الله على ولاية من تولّيت ، نحن وأنتم في وديعة الله الذي لا يضيع ودائعه » .
قال بكر : فعطف الله بقلب أبيه حتى صار لا يخالفه في شيء ) (35) .
وحدّث الشيخ الصدوق عن أبيه قوله : ( حدثني سعد بن عبدالله ، عن الهيثم بن أبي مسروق النهدي ، عن اسماعيل بن سهل ، قال : كتبت إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام علّمني شيئاً إذا أنا قلته كنت معكم في الدنيا والآخرة .
قال : فكتب بخطّه أعرفه : « أكثر من تلاوة ( إنّا أنزلناه ) ورطّب شفتيك بالاستغفار » (36) .
روائع من نور كلمه
أئمة أهل البيت عليهم السلام هم أزِمّة الحقّ ، وأعلام الدين ، وألسنة الصدق ! إن نطقوا صدقوا ، وإن صمتوا لم يُسبقوا . فهم عيش العلم ، وموت الجهل .يُخبركم حلمهم عن علمهم ، وظاهرهم عن باطنهم ، وصمتهم عن حِكَم منطقهم ، لا يخالفون الحقّ ولا يختلفون فيه . إن سكتوا كان سكوتهم ذكراً ، وإن نظروا كان نظرهم عبرة ، وإن نطقوا كان منطقهم الحكمة . فكلامهم : لا يُملُّ ، وحديثهم لا تمجّه الآذان ، وتستأنس به النفوس ، وهو إلى القلب أسرع منه إلى السمع وإن كان يمر عبر صيوانه؛ وذلك لاَنّ لسان حالهم أسبق من لسان مقالهم . وانّ ما يخرج من القلب لا شك أنه يدخل مفترشاً صحراء القلب ، ولا يبقى عالقاً في شفير المسامع .
فكما أن كلامهم عليهم السلام ، وكلّ كلامهم نور . . ونطقهم حكمة . . فإنّ إمامنا الجواد عليه السلام ـ وهو أحد أهل البيت النبوي الطاهر ـ له أيضاً كلمات حكيمة ، ومواعظ نورانية ، وآداب إلهية .
وقد آثرنا ونحن نقترب من خاتمة هذه الدراسة ، نقل قبسات من أنوار حكمه عليه السلام والتي هي في مضامينها مناهج عمل ، وبرامج توعية وهداية للسالكين طريق الحق والصلاح .
فمما قاله عليه السلام : « لا تعادِ أحداً حتى تعرف الذي بينه وبين الله تعالى ، فإن كان محسناً فإنه لا يسلمه إليك ، وإن كان مسيئاً فإن علمك به يكفيكه ، فلا تعاده » .
وقال عليه السلام أيضاً : « الثقة بالله تعالى ثمن لكلِّ غالٍ ، وسُلّم إلى كلِّ عالٍ » .
وقال عليه السلام : « من استفاد أخاً في الله فقد استفاد بيتاً في الجنة » .
وقال عليه السلام : « كيف يضيع من الله كافله ؟ ! وكيف ينجو من الله طالبه ؟ ! ومن انقطع إلى غير الله وكّله الله ـ تعالى ـ إليه ، ومن عمل على غير علم أفسد أكثرمما يصلح » (37) .
وقال عليه السلام : « استصلاح الاَخيار بإكرامهم ، والاَشرار بتأديبهم ، والمودّة قرابة مستفادة » .
وقال عليه السلام : « القصد إلى الله تعالى بالقلوب أبلغ من إتعاب الجوارح بالاَعمال » .
وقال عليه السلام : « من أصغى إلى ناطق فقد عبده ، فإن كان الناطق يؤدي عن الله عزَّ وجلَّ فقد عبد الله ، وإن كان الناطق يؤدي عن الشيطان فقد عبد الشيطان »(38) .
وقال عليه السلام : « لو كانت السموات والاَرض رتقاً على عبد ثم اتقى الله تعالى لجعل منها مخرجاً » .
وقال عليه السلام : « لا تكن ولياً لله في العلانية ، وعدواً له في السرِّ » .
وقال عليه السلام : « من استغنى بالله افتقر الناس إليه ، ومن اتقى الله أحبه الناس وإن كرهوا » .
وقال عليه السلام : « لن يستكمل العبد حقيقة الاِيمان حتى يؤثر دينه على شهوته ، ولن يهلك حتى يؤثر هواه وشهوته على دينه » .
وقال عليه السلام : « عزّ المؤمن غناه عن الناس » .
وقال عليه السلام : « من أطاع هواه أعطى عدوّه مناه » .
وقال عليه السلام : « من هجر المداراة قارنه المكروه ، ومن لم يعرف الموارد ، أعيته المصادر » (39) .
وقال عليه السلام : « راكب الشهوات لا تُستقال له عثرة » .
وقال عليه السلام :« ما عظمت نعمة الله على عبد إلاّ عظمت عليه مؤونة الناس ، فمن لم يحتمل تلك المؤونة فقد عرّض النعمة للزوال »
وقال عليه السلام : « من كثر همّه سقم جسده » .
وقال عليه السلام : « من لم يرض من أخيه بحسن النية ، لم يرض بالعطية » .
وقال عليه السلام : « أهل المعروف إلى اصطناعه أحوج من أهل الحاجة إليه؛ لاَنّ لهم أجره وفخره وذكره ، فمهما اصطنع الرجل من معروف فإنّما يبدأ فيه بنفسه ، فلا يطلبنّ شكر ما صنع إلى نفسه من غيره » .
وقال عليه السلام : « من أخطأ وجوه المطالب خذلته وجوه الحيل » .
وقال عليه السلام : « من استحسن قبيحاً كان شريكاً فيه » .
وقال عليه السلام : « موت الاِنسان بالذنوب أكثر من موته بالاَجل ، وحياته بالبر أكثر من حياته بالعمر » .
وقال عليه السلام : « ثلاث يبلغن بالعبد رضوان الله تعالى : كثرة الاستغفار؛ ولين الجانب؛ وكثرة الصدقة . وثلاث من كنّ فيه لم يندم : ترك العجلة ، والمشورة؛ والتوكّل على الله عند العزم » .
وقال عليه السلام : « المؤمن يحتاج إلى ثلاث خصال : توفيق من الله ؛ وواعظ من نفسه ، وقبول ممن ينصحه » .
وقال عليه السلام : « التوبة على أربع دعائم : ندم بالقلب؛ واستغفار باللسان؛ وعمل بالجوارح؛ وعزم أن لا يعود » .
وقال عليه السلام : « أربع من كنّ فيه استكمل الاِيمان : من أعطى لله؛ ومنع في الله؛ وأحب لله؛ وأبغض فيه » .
وقال عليه السلام : « الجمال في اللسان ، والكمال في العقل » .
وقال عليه السلام : « العفاف زينة الفقر ، والشكر زينة الغنى ، والصبر زينة البلاء ، والتواضع زينة الحسب ، والفصاحة زينة الكلام ، والعدل زينة الاِيمان ، والسكينة زينة العبادة ، والحفظ زينة الرواية ، وخفض الجناح زينة العلم ، وحسن الاَدب زينة العقل ، وبسط الوجه زينة الحلم ، والاِيثار زينة الزهد ، وبذل المجهود زينة النفس ، وكثرة البكاء زينة الخوف ، والتقلل زينة القناعة ، وترك المن زينة المعروف ، والخشوع زينة الصلاة ، وترك ما لا يعني زينة الورع » .
وقال عليه السلام : « يوم العدل على الظالم أشد من يوم الجور على المظلوم » .
وقال عليه السلام : « إظهار الشيء قبل أن يستحكم مفسدة له » .
وقال عليه السلام : وقد سُئل عن الحزم : « هو أن تنظر فرصتك وتعاجل ما أمكنك » (40) .
وقال لبعض الثقات عنده ، وقد أكثر من تقريظه : « أقلل من ذلك ، فإنّ كثرة الملق تهجم على الظنّة ، وإذا حللت من أخيك في الثقة فاعدل عن الملق إلى حسن النية » (41) .
وقال عليه السلام : « الحسد ماحق للحسنات ، والزهو جالب للمقت ، والعُجب صادن عن طلب العلم داعٍ إلى التخمّط في الجهل ، والبخل أذم الاَخلاق ، والطمع سجية سيئة » (42) .
ونقل ابن حمدون ـ أيضاً ـ في تذكرته عن ربيع الاَبرار ، قوله عليه السلام : « إيّاك والحسد فإنّه يَبين فيك ولا يَبين في عدوّك » (43) .
وقال عليه السلام : « عليكم بطلب العلم ، فإنّ طلبه فريضة ، والبحث عنه نافلة ، وهو صلة بين الاِخوان ، ودليل على المروءة ، وتحفة في المجالس ، وصاحب في السفر ، وأُنس في الغربة » .
المصادر :
1- اُصول الكافي 1 : 263 / 1 ـ 3 و 265 / 2 و 268 / 9
2- البداية والنهاية 10 : 299 حوادث سنة ( 218 هـ ) . وتاريخ أبي الفداء 1 : 340 . وتاريخ الخلفاء / السيوطي : 309 ـ 312 / وتاريخ الطبري 7 : 187 ـ 206 حوادث سنة ( 218 هـ ) . وطبقات الفقهاء / أبو إسحاق الشيرازي الشافعي ( ت / 476 هـ ) . والكامل في التاريخ 6 : 3 ـ 6 / والوفيات / ابن قنفذ ( ت / 809 هـ )
3- سورة النساء : 4 / 43 .
4- سورة المائدة : 5 / 6 .
5- صحيح البخاري 1 : 280 / 776 و 777 / . والجامع الصحيح 1 : 446 / 231 (491) أخرجه عن العباس بن عبدالمطلب . وكذا الاَحاديث 227 ـ 230 . وسنن ابن ماجة 1 : 282 / 884 و 885
6- سورة الجن : 72 / 18 .
7- تفسير العياشي 1 : 319 ـ 320 / 109 طبع طهران بتحقيق السيد هاشم الرسولي المحلاتي
8- صحيح مسلم 4 : 1873 / 2408 . ومسند أحمد 5 : 189 . وسنن الدارمي 2 : 431 ـ 432 . ومصنّف ابن أبي شيبة 11 : 452 / 11725 . وصحيح الترمذي 5 : 662 / 3786 ./دفاع عن الكافي / ثامر العميدي 1 : 144 ـ 153
9- سورة الاَنعام : 6 / 103 .
10- اُصول الكافي 1 : 99 / 11
11- سورة المائدة : 5 / 3
12- سورة البقرة : 2 / 173
13- تهذيب الاَحكام 9 : 83 / 354
14- اُصول الكافي 1 : 82 / 1 باب إطلاق القول بأنه شيء من كتاب التوحيد
15- اُصول الكافي 1 : 82 / 2 . وراجع : التوحيد / الصدوق : 107
16- اُصول الكافي 1 : 87 / 3 باب المعبود من كتاب التوحيد
17- اُصول الكافي 1 : 118 / 12 . والآية من سورة الزخرف : 43 / 87
18- اُصول الكافي 1 : 116 / 7 . وراجع : التوحيد / الصدوق : 193
19- اختيار معرفة الرجال : 528 / 1012
20- سورة الفرقان : 25 / 44
21- راجع : تهذيب الاَحكام 3 : 28 / 98
22- سورة ق : 50 / 16
23- سورة الاَحزاب : 33 / 7
24- سورة الحج : 22 / 75
25- سورة الاَنفال : 8 / 33
26- الاحتجاج / الطبرسي 2 : 245 طبعة النجف ـ دار النعمان 1386 هـ ، تعليق السيد محمد باقر الخرسان
27- الاِرشاد 2 : 289 ـ 291 . وراجع : دلائل الاِمامة : 205 / 366 . وإعلام الورى : 347 . وكشف الغمة 3 : 149
28- كشف الغمة 3 : 159 ـ 160
29- سورة القمر : 54 / 24
30- سورة القمر : 54 / 25
31- كشف الغمة 3 : 150
32- تحف العقول : 339 طبعة النجف 1380 هـ
33- تهذيب الاَحكام 6 : 184 / 382
34- الفروع من الكافي 3 : 205 . وراجع أيضاً : 218
35- بحار الأنوار 50 : 55 / 30
36- ثواب الأعمال : 165 باب ثواب الاستغفار
37- التذكرة الحمدونية / ابن حمدون 1 : 113 / رقم 228
38- الفروع من الكافي 6 : 434 / 24
39- التذكرة الحمدونية 1 : 383 / رقم 108
40- التذكرة الحمدونية 1 : 383 / رقم 1005
41- المصدر السابق 4 : 363 / رقم 927
42- المصدر السابق 2 : 182 / رقم 425
43- المصدر السابق 2 : 183 / رقم 427