قصیدة "مدارس آیات خلت من تلاوة" لدعبل الخزاعي من القصائد الشهیرة التي أنشدت في حق أهل البیت ویبلغ عدد أبیاتها إلی 120 بیتا ویتطرّق الشاعر من خلالها الی فضائل اهل البیت(ع) والظلامات التي وقعت في حقّهم.
القصیدة التي أکملها الإمام الرضا(ع) للشاعر دعبل الخزاعي
ابنا: دخل الشاعر دعبل الخزاعي علی الإمام الرضا(ع) بمرو، فقال له: یا ابن رسول الله إني قد قلت فیك قصیدة، وآلیت علی نفسي أن لا أنشدها أحداً قبلك.
فقال الإمام (علیه السلام): (هاتها).
فأنشده:
مدارسُ آيات خلت من تلاوة
ومنزلُ وحيٍ مقفرُ العرصات
بكيت لرسم الدار من عرفات
وأجريتُ دمع العين بالعبرات
وبان عرى صبري وهاجت صبابتي
رسوم ديار قد عفت وعرات
مدارس آيات خلت من تلاوة
ومنزل وحي مقفر العرصات
لآل رسول الله بالخيف من منى
وبالبيت والتعريف والجمرات
ديار لعبد الله بالخيف من منى
وللسيد الداعي إلى الصلوات
ديار علي والحسين وجعفر
وحمزة والسجاد ذي الثفنات
ديار لعبد الله والفضل صنوه
نجي رسول الله في الخلوات
وسبطي رسول الله وابني وصيّه
ووارث علم الله والحسنات
منازل وحي الله ينزل بينها
على أحمد المذكور في السورات
منازل قوم يهتدى بهداهم
وتؤمن منهم زلة العثرات
منازل كانت للصلاة وللتقى
وللصوم والتطهير والحسنات
واستمر بإنشاد القصیدة، حتّی بلغ إلی البیت التالي:
أری فیئهم في غیرهم متقسّما وأیدیهم من فیئهم صفرات
بكی الإمام الرّضا (ع) وقال له: (صدقت یا خزاعي).
فلما بلغ إلی قوله:
إذا وتروا مدّوا إلی واتریهم أكفّاً عن الأوتار منقبضات
جعل الإمام (ع) یقلّب كفیه ویقول: (أجل والله منقبضات).
وحینما أنشده هذا البیت:
لقد خفت في الدّنیا وأیام سعیها وإني لأرجو الأمن بعد وفاتي
قال الإمام (ع):(آمنك الله یوم الفزع الأكبر).
فلما انتهی إلی البیت التالي:
وقبر ببغداد لنفس زكیة تضمّنها الرحمن في الغرفات
قال له الإمام (ع): (أفلا ألحق لك بهذا الموضع بیتین بهما تمام قصیدتك)؟
فقال دعبل: بلی یا ابن رسول الله.
فقال الإمام (ع):
وقبر بطوس یا لها من مصیبة توقّد بالأحشاء في الحرقات
إلی الحشر حتی یبعث الله قائما یفرّج عنّآ الهم والكربات
فقال دعبل : يا ابن رسول الله ، هذا القبر الذي بطوس قبر من هو ؟!!
فقال ( عليه السلام ) : ( قبري ، ولا تنقضي الأيام والليالي حتى يصير طوس مختلف شيعتي وزوّاري ، ألا فمن زارني في غربتي بطوس كان معي في درجتي يوم القيامة مغفوراً له ) .
ثم نهض الإمام ( عليه السلام ) بعد فراغ دعبل من إنشاد القصيدة ، وأمره أن لا يبرح من موضعه ، ودخل الدار فأرسل له بيد الخادم صرَّة فيها مائة دينار .
فقال دعبل : والله ما لهذا جئت ، ولا قلت هذه القصيدة طمعاً في شيء يصل إليَّ ، وردَّ الصرَّة .
وسأل ثوباً من ثياب الإمام ( عليه السلام ) ليتبرَّك ويتشرَّف به .
فأنفذ إليه الإمام ( عليه السلام ) جُبَّةَ خزٍّ مع الصرَّة ، فأخذ دعبل الصرَّة والجُبَّة وانصرف .