عاش الإمام الرضا(ع) في عصر ازدهرت فيه الحضارة الإسلامية، وكثرت الترجمة لكتب اليونايّين والرومانيّين وغيرهم، وازداد التشكيك في الأصول والعقائد من قبل الملاحدة وأحبار اليهود، وبطارقة النصارى، ومجسّمة أهل الحديث.
وفي تلك الأزمنة أتيحت له(ع) فرصة المناظرة مع المخالفين على اختلاف مذاهبهم، فظهر برهانه وعلا شأنه، يقف على ذلك من اطّلع على مناظراته واحتجاجاته مع هؤلاء.
ولأجل إيقاف القارئ على نماذج من احتاجاجاته نذكر مايلي:
دخل أبو قرّة المحدّث على أبي الحسن الرضا(ع) فقال: روينا أن الله قسّم الرؤية والكلام بين نبيّين، فقسّم لموسى (ع) الكلام ولمحمّد (ص) الرؤية.
فقال أ بو الحسن(ع): «فمن المبلّغ عن الله إلى الثقلين الجِنّ والإنس: إنّه ((لاتدركه الأبصار))،
و((لا يحيطون به علماً))، و ((ليس كمثله شيء))، أليس محمّد(ص)»؟ قال:بلى، يجيىء رجل إلى الخلق جميعاَ فيخبرهم أنه جاء من عند الله وأنه يدعوهم إلى الله، قال(ع):«فكيف بأمر الله؟ فيقول: ((لاتدركه الأبصار))، و((لايحيطون به علماً))، و((ليس كمثله شيء))، ثم يقول:أنا رأيته بعيني وأحطت به علماً، وهو على صورة البشر، أما تستحيون؟! ما قدرت الزنادقة أن ترميه بهذا: أن يكون آتياً عن الله بأمر ثم يأتي بخلافه من وجه آخر».
فقال أبو قرة: فإنه يقول: ((ولقد رآه نزلة أخرى)).
فقال أبو الحسن(ع): «إن بعد هذه الآية ما يدلّ على ما رأى حيث قال((ماكذب الفؤاد ما رأى)) يقول: ماكذب فؤاد محمّد(ص) ما رأت عيناه ثم أخبر بما رأى، فقال: ((لقد رأى من آيات ربّه الكبرى))، فآيات الله غير الله، وقال: ((لا يحيطون به علماً))، فإذا رأته الأبصار فقد أحاط به العلم ووقعت المعرفة».
فقال أبو قرّة: فتكذّب بالرواية؟
فقال أبو الحسن:«إذا كانت الرواية مخالفة للقرآن كذّبتها، وما أجمع المسلمون عليه: إنه لا يحاط به علماً، ولا تدركه الأبصار، وليس كمثله شيء».
source : www.alimamali.com