عربي
Thursday 14th of November 2024
0
نفر 0

فاطمة عليها السلام حجة الله الكبرى –الصبر

فاطمة عليها السلام حجة الله الكبرى –الصبر

فنقول : نحن عندما نزور الأئمة عليهم السلام بالزيارة الجامعة الكبيرة المروي عنامام الهادی عليه السلام بأعتبار انها جامعة لكل الفضائل والدرجات والمقامات للأئمة عليهم السلام لا تزور بها فاطمه عليها السلام ؟ لماذا ؟ لانها لها زيارة مخصوصة وهي زيارتها يوم الاحد من كل أسبوع حيث تقول هذه الزيارة « السلام عليك يا ممتحنة امتحنك الذي خلقك قبل ان يخلقك وكنت لما إمتحنك صابرة ».

اذ نفهم من هذه الزيارة الخصوصة امتحان الزهراء عليها السلام قبل خلقها ، لأظهار مقامها حيث امتحنها فكان لها المقام السامي فأصبحت الصابرة ، والمعروف ان الامتحان يُمتحن به الإنسان ليعرف مدى استعدادته وقابلياته « عند الامتحان يكرم المرء أو يهان » وكذلك عرف الامتحان ليكون لزيادة منزلة ولاسباب أخرى ، وهذا ما جرى مع فاطمة الزهراء عليها السلام حيث امتحنها الله تعالى لكي تكون حاملة لشيء إقتضت إرادة السماء وذلك نتيجة لنجاحها في الامتحان حيث اسحقت لقب الصابرة ، اما ماهية هذا الامتحان وعلى أي موضوع جرى امتحان الزهراء عليها السلام من قبل الله تعالى فهذا ما نتركه الى بحث آخر انشاء الله.

ولكن المهم فيما نحن فيه هو ان الله تعالى وجدها صابرة وهذا من المقامات العالية فنحن نعلم ، ان من ألقابها الصابرة ، والصبر مقام سامي ، اما معرفة علو شأن هذا المقام فهذا نراه من خلال القرآن الكريم ، حيث أثبت الله تعالى الثواب لكثير من الفضائل الموجودة في القرآن أما الصبر والصابر فأن اجرهم غير محدود وهذا ما نجده في قوله تعالى "انما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب " يعني أنه لا يوجد أجر محدود للصابر وللصبر بل أجره مفتوح وهذا يؤدي الى ان الصبر يكون في اعلى مقامات الفضائل الاخلاقية ، ومن هنا كان الصبر أم الاخلاق بل هو أفضلها واحسنها في كل شيء فما من شيء إلاّ ومقرون الصبر معه فالصلاة مقرون بالصبر عليها والطاعة كذلك والإيمان لابد من الصبر عليه لاثباته على النفس الانسانية ولذلك جعل الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد كما ورد في الحديث الشريف ذلك ، فاذا كان الصبر هكذا مقامه فانه سوف يكون الاساس لكثير من الاخلاق ، فلذا كان الزهد فرع من الاصل والام الذي هو الصبر وليس العكس صحيح فالزاهد لا يكون زاهداً حتى يصبر ويُصبر نفسه على ترك الدنيا وزخرفها واموالها وكل شيء يؤدي به الى الزهد ، ومن هنا كان بيت القصيد وهو ان الزهراء حجة على الأنبياء من جهة صبرها في عالم الغيب والشهادة وصبرها في الدنيا على ما جرى عليها من المحن والظلم ، وكذلك كانت الحجة على الأنبياء كما شهدت الكثير من الروايات الشريفة ، وكما سيأتي بعد قليل رواية مهمة تثبت هذه الفضيلة للزهراء ، وهذا أيضاً ما أثبتته الشواهد فنحن نجد ان الكثير من الأنبياء كانوا يدعون الله تعالى أن يطّول عمرهم وهذا بخلاف فاطمة الزهراء عليها السلام حيث كانت مستبشرة عندما أخبرها النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم انها أول أهله لحوقاً به وهذا ما ذكره العلامة الاردبيلي رحمه الله في فضيلتها من جهة كونها تحب الموت ولاتكرهه حث قال العلامة الاردبيلي ما نصه :

ان الطباع البشرية مجبولة على كراهة الموت مطبوعة على النفور منه ، محبة للحياة ، مايلة اليها ، حتى الأنبياء عليهم السلام على شرف مقاديرهم وعظم أخطارهم ومكانتهم من الله تعالى ومنازلهم من محال قدسه وعلمهم بما تؤول إليه أحوالهم وتنتهي إليه أمورهم أحبوا الحياة ومالوا إليها وكرهوا الموت ونفروا منه. وقصة آدم عليه السلام مع طول عمره وامتداد أيام حياته معلومة.

قيل : انه وهب داود عليه السلام حيث عرضت عليه ذريته أربعين سنة من عمره فلما استوفى أيّامه وحانت منّيته وانقضت مدة أجله وحّم حمامه جاءه ملك الموت يقبض نفسه التي هي وديعة عنده فلم تطب بذلك نفسه وجزع وقال : أن الله عرفني مدة عمري وقد بقيت منه أربعون سنة ، فقال : إنك وهبتها ابنك داود فأنكر أن يكون ذلك ، قال النبی (ص): فجد فجهدت ذرّيتّه.

ونوح عليه السلام كان أطول الأنبياء ، أخبر الله تعالى عنه أنه لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً فلما دنا أجله قيل له : كيف رأيت الدنيا ؟ فقال : كدار ذات بابين دخلت في باب وخرجت من باب. وهذا يدل بمفهومه على انه لم يرد الموت ولم يؤثر مفارقته.

وابراهیم عليه السلام : روي أنه سأل الله تعالى أن لا يميتهُ حتى يسأله عليه السلام فلما استكلمل ايامه التي قُدرّت له خرج فرأى ملكاً على صورة شيخ فانٍ كبير قد أعجزه الضعف وظهر عليه الخراف « أي فساد العقل من الكبير » ولعابه يجري على لحيته وطعامه وشرابه يخرجان من سبيله عن غير اختياره ، فقال له : يا شيخ كم عمرك ؟ فأخبره بعمر يزيد على عمر ابراهيم بسنة ، فاسترجع وقال : أنا أصير بعد سنة الى هذه الحال فسأل الموت. فهؤلاء الانبياء ممن عرفت شرفهم وعَلاء شأنهم وارتفاع مكانهم ومحلهم في الآخرة وقد عرفوا ذلك وابت طباعهم البشرية إلا الرغبة في الحياة. وفاطمة عليها السلام امرأة حديثة عهد بصبى ذات أولاد صغار وبعل كريم لم تقض من الدنيا إرباً « أي حاجة » وهي في غضارة عمرها وعنفوان شبابها يعرّفها أبوها أنها سريعة اللحاق به فتسلوا موت أبيها صلى الله عليه وآله وسلم وتضحك طيّبة نفسها بفراق الدنيا وفراق بنيها وبعلها ، فرحة بالموت مايلة إليه مستبشرة بهجومه مسترسلة عند قدومه وهذا أمر عظيم لا تحيطه الالسن بصفته ولا تهتدي القلوب الى معرفته وما ذاك إلا لأمر علّمه الله من أهل البيت الكريم وسراً وجب لهم مزّية التقديم فخصهم بباهر معجزاته وأظهر عليهم آثار علائمه وسماته وايدهم ببراهينه والصادقة ودلالاته ، والله أعلم حيث يجعل رسالته(1).

(1) كشف الغمة : 1 | 355.

 

جوهرةُ القدس من الكنز الخفي
بدت فأبَدتْ عاليات الأحرف
وقد تجلى في سماء العَظَمـة
من عالم الاسماء أسمى كلمة
بل هي أمُ الكلمات المحكمـة
في غيب ذاتها نكاتٌ مبهمة
أمُّ الأئمة العقـول الغُرِّ بــلْ
أُمُّ أبيها وهو علـةُ العللْ(1)

 

أليس ذلك من الفضائل العالية حيث كانت الزهراء عليها السلام حجة على الأنبياء بأعتبار صبرها وفضلها . أما كونها عليها السلام حجة على الأئمة كما هي حجة على الأنبياء فهذا ما يتبين لنا من خلال عدة أحاديث مأثورة عن أهل بيت العصمة عليهم السلام ، منها ما ورد عن جابر بن عبدالله الأنصاري ، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، عن الله تبارك وتعالى انه قال : « يا أحمد ، لولاك ما خلقت الأفلاك ، ولولا عليّ لما خلقتك ، ولولا فاطمة لما خلقتكما(2) ».

أمّا الدليل الثاني : فنقول انه ورد في الحديث الشريف المأثور عن أهل بيت العصمة عليهم السلام ما نصه «انه ما تكاملت نبوة نبي من الأنبياء حتى أقر بفضلها ومحبتها وهي الصديقة الكبرى وعلى معرفتها دارت القرون الاولى »(3).

يعني ما تكاملت نبوة نبي ـ والنبوة خلاصة التوحيد ـ إلا لمن أقر بفضلها ومحبتها والإقرار هو الشهادة على النفس والاعتراف منها للغير واقرار العقلاء على انفسهم جائز ، فهذه شهادة من الأنبياء لها بالفضل والمحبة والفضل يعني انها كانت لها زيادة في الفضائل على الأنبياء بل هي صاحبة الفضل عليهم بانه لم تكتمل نبوة نبي إلا بها عليها السلام.

وفي ذيل هذا الحديث اعلاه يقول المحقق البارع أبو الحسن النجفي ما نصه : ان المراد من القرون هي قرون جميع الأنبياء والأوصياء وأمم من ادم فمن دونه حتى نفس خاتم الأنبياء صلى الله عليه وآله وسلم أجمعين ، يعني ما بعث الله عز وجل أحداً من الأنبياء والأوصياء حتى أقروا بفضل الصديقة الكبرى ومحبتها. ويؤيده ما ذكره السيد هاشم البحراني صاحب تفسير البرهان في مدينة المعاجز عنه عليه السلام ما تكاملت النبوة لنبي حتى أقر بفضلها ومحبتها(1).

--------------------------------------------------------------------

الهوامش:

(1) الانوار القدسية : للمرحوم الشيخ محمد حسين الاصفهاني.

(2) الجنة العاصمة : 148 ، مستدرك سفينة البحار : 3 | 334 ، عن مجمع النورين : 14.

(3) البحار : 43 | 105.

(4) ملتقى البحرين : 40.

 


source : www.tebyan.net
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

أين دفن النبي(صلى الله عليه وآله وسلّم) في بيت ...
زينب الكبري
الإمام الصادق (ع) رائد العلم ومكتشف النظريات
كيف ينظر الإسلام إلى المرأة ؟
نشاُة المذاهب
موقف بني إسرائيل من نبي الإسلام
دولة الإمام المهدي هي دولة آل محمد، وستكون آخر ...
زيارة السيد عبد العظيم الحسني علیه السلام
إبراهيم ونصرة المختار
تاريخ المصحف العلوي عبر العصور

 
user comment