عربي
Saturday 21st of December 2024
0
نفر 0

صراع المفاهيم ... و البحث عن حروب طائفية !!

إن من يتابع ما تضخه آلة الإعلام العربي- و بعض الاعلام العراقي جزء منه- أو ما يكتب على مواقع (الانترنت) لابد و ان يشعر بالاستغراب و الضياع و الحيرة, سواء كان ذلك في فهم و تحليل مقاصد و أهداف هذه الوسائل, او في حجم و نوعية ما يكتب و ما يردد فيها من مفاهيم و مصطلحات و الكثير منها غامضة, و نحن مازلنا نسمع بان ثورات و انتفاضات الربيع العربي , إنما هي حصرا ( ثورات الانترنت) و التواصل السياسي و الثقافي, و التي تغذيها مادياً و معنويا شبكات إعلام عربي, و تقودها دول خليجية نفطية, و تمولها السعودية و قطر و الإمارات تحديدا, و نحن مازلنا نتذكر اليوم فضائح ( ويكي ليكس) و تسريباتها دون أن نتمكن من إدراك حقيقتها, او تصديقها أو تكذيبها و دون ان نعرف غاياتها ..!!
إلا ان ما يجب تأمله و إعادة النظر فيه, و يثير الاستغراب الاكبر هو : الحجم الهائل من المفاهيم و المصطلحات (الثورية) و الإصرار العربي عليها, بالاضافة الى التركيز الشديد على القضايا الطائفية, و التركيز على تحريك الأقليات الدينية و المذهبية و العرقية, و كان هناك هدفاً- أو اهدافاً- في إثارة الفتن الطائفية و العرقية, او ان هناك محاولات لتفكيك الامة ..؟؟
و ربما كانت في بعض تصريحات و توجيهات هنري كيسنجر- خلال السنوات القليلة الماضية- ما يفسر و يوضح هذا الإصرار العربي النفطي, فهذا الرجل ذو الاحلام التوراتية, قال: بأن دول الخليج النفطي لديهم (المال الفائض و الكافي ...) , و نحن نصطلح بالدفاع عنهم و عن أنظمتهم, لذا وجب على هذه الأنظمة أن تدفع من نفطها و ما لها من (فاتورة) .. !
و في حوارات عديدة مع الأستاذ محمد حسين هيكل- في الجزيرة- حاول مقدم البرنامج ان ينتزع من هيكل تصريحاً, او شهادة , او كلمة لصالح أنظمة البترول الخليجي, و خصوصا لصالح دويلة قطرو دورها في الانتفاضات و الثورات العربية, إلا ان هيكل رفض إغراءات المذيع (القطري) , و قلل من هذا الدور القطري و السعودي الخليجي, و وصفها بانها (..مجرد محطات ..) للتجارة و بيع النفط فقط, و أن لا دور لها في الانتفاضات ضد الاستابداد و ان (مجرد التحريض الاعلامي) لن يغير من واقع العالم العربي, و خصوصا في البلدان ذات العمق الحضاري مثل : مصر و سوريا و لبنان و العراق و المغرب العربي... و أشار هيكل بأن هذه البلدان ذات ارث حضاري عريق و لا يمكنها تقبل التدخل القطري- السعودي , الخليجي, و على إثر ذلك قطعت الجزيرة علاقتها مع الاستاذ هيكل و منعت بث تحليلاته السياسية , و هي تحليلات تتقاطع كليا مع تحليلات قطر- السعودية , خصوصا تلك التي تمس القضايا الطائفية و التحريض العرقي- القبلي .
و لتقريب هذا الدور القطري- السعودي , سنشير الى أمثلة محددة- و هي كثيرة جدا- و منها :
1-و أولها هو ما تختاره قنوات الجزيرة و العربية من مجموعات منطمة و مدروسة من المفاهيم و المصطلحات المثيرة, و منها :
الحديث المتواصل عن الثورة و الثورات و الانتفاضة العربية, و الديمقراطية و مفاهيم حقوق الانسان , و التعددية السياسية, و الشفافية , و التداول السلمي للسلطة , و الحريات العامة, و مقاومة (الغزو الامريكي) !! و حرية الإعلام, و الراي و الراي الآخر, و الثورة و الثورات المضادة, و المقاومة المسلحة , و السلمية, و الاتجاه المعاكس, وحق المعارضة السياسية, و الانتخابات الحرة, ...الخ
و قد وصل الأمر بقنوات الجزيرة أن تتحدث عن (الزعيم الأممي) في وصف الشيخ آل ثاني أمير دويلة قطر التي يمكنها ان تهدد روسيا و الصين معا, و حقوق الاقليات العرقية!! بل و أكثر من ذلك إذ وصل الأمر ان الملك عبد الله آل سعود هو الآخر أدلى بدلوه في (حق الشعب السوري) في إسقاط النظام السوري و الحديث عن (العدالة و الحرية)..!!
و قد نظمت كل من دويلة قطر و النظام السعودي العشرات مما تسميه (اللقاءات و الندوات الفكرية) السياسية, والتي إشترك فيها وجوه إعلامية و أعلاميات, دكاترة, و متحدثون باسم (الشعب العربي), و منظمات حقوق الانسان, و جمعيات (ثورية) للشباب.. لترويج أدبيات سياسية (يسارية ويمنية) مما يشكل خرقا لفلسفات النظم الاستبدادية في قطر و السعودية و الإمارات على وجه الخصوص, او يحرك الماء الراكد و المزعج للدكتاتوريات العربية, خصوصاً بعد ما حدث في ليبيا و مصر و تونس و اليمن, بل و أكثر الانظمة العربية, مثل : الجزائر و المغرب و السودان و موريتانيا.. باستثناء دويلة قطر بالنسبة لشبكات (الجزيرة), و باستثناء النظام السعودي بالنسبة لشبكات (العربية) , اذ لا حديث او نقد, او انتفاضة او ثورة, لكلا النظامين الاستبداديين, و كأنهما خارج الجغرافية العربية, و لن تصل إليهما رياح الربيع العربي .. !!
و اما تركيا (أردوغان) الشقيقة !! فإنها و فجاة اصبحت جزءً من الامة العربية , و لم يبقَ إلا ان نقول انها (ذات رسالة خالدة) على طريقة العقلية العفلقية , و هي عضو - غير رسمي و غير عربي - في جامعة الدول العربية , و هي المثل الأعلى و القائد في الشأن العربي, برغم تاريخها الاستبدادي و العنصري في تاريخ إبادة العرب و الكرد, و اضطهاد الأقليات رسميا و علناً !!
و قد أدمنت كل من الجزيرة و العربية و توابعهما الحديث عن (العراق الطائفي و المحتل) و (الحكومة الطائفية) في إشارة الى حق الاغلبية الشيعية, و الى حكومة الأستاذ نوري المالكي باعتباره رئيسا للحكومة المنتخب شرعيا و دستورياً, و كلا القناتين تتحدث بشكل دائم بأن حكومة العراق (إنما صنعها الاحتلال الامريكي) و أن (الانتخابات صنعها الأمريكان) و أن (الدستور العراقي وضعه الأمريكان), كما تصف الإرهاب و القتلة بـ (المقاومة المسلحة) و ان الاخوة من أهل السنة (مهمَشون) ... الخ و كأن دويلة قطر و السعودية و الإمارات ليست قاعدة- أو قواعد- أبدية و ثابتة للقوات الأجنبية او انها خارج النفوذ الأمريكي و الغربي ..! و لم تفسر كلٌ قطر و السعودية و الإمارات (دعوة الناتو و الأمريكان) في ضرب ليبيا, و عملها (الدائب و الحثيث) من أجل ضرب و احتلال سوريا..!
و يلاحظ جميع المتابعين أن قطر و السعودية و الإمارات على وجه الخصوص تلعب دورا سياسياً و عسكرياً تحريضياً واضحاً من خلال المال و التسليح والتدريب و التوجيه لكل اعمال (الإرهاب) في العراق و سوريا, و بقية دول المنطقة, بما فيها اليمن و البحرين و ذلك بهدف إحباط الإنتفاضات و احتوائها.
2-كما يلاحظ ان كلا من قطر و السعودية و الإمارات تركز و تسجع على (إثارة المسائل الطائفية..) في المجتمعات العربية و الاسلامية, اذ أن من المعروف اجتماعياً ان هذه المجتمعات قد تكونت من مجموعة طوائف و مذاهب و اتجاهات دينية إسلامية, كالسنة و الشيعة, و الشيعة الزيدية, و العلوية, و الصوفية, و الإباضية و الخوارج, و الدروز(الموحدين), و البكتاشية و الكيلانية,.... بالاضافة الى المسيحيين و الإيزدية, و عشرات غيرها, و قد أضيف لها خلال القرن الماضي ما يعرف بـ (الوهابية السلفية) كمذهب, أو دين جديد, و الكثير من هؤلاء تعرضوا- و مازالوا يتعرضون- للإضطهاد و التمييز, خصوصا في العهد العثماني و العهد السعودي في شبه جزيرة العرب, و إذا ما تم (نبش) و تحريك هذه الملفات الخطرة و الملتهبة, فإنها يمكن أن تقود الى حروب و إراقة دماء الملايين من المسلمين و غير المسلمين , و ستؤدي الى (تقسيم المقسَم و تجزئة المجزأ) بلا شك, و مثالها الواضح و العملي, تمويل و توجيه (الإرهاب) الوهابي- البعثي و في محاولات بناء جيوب طائفية و قومية (كردية أو غير كردية) و هو ما يجري تكراره في اليمن و سوريا و ليبيا و مصر و السودان و هناك بوادر تفجرات طائفية في لبنان..!
و قد حشدت كلٌ من قطر و السعودية و اللإمارات (جيوشاً) من الإعلاميين و الإعلاميات (نصف العاريات..) من الرقيق الأبيض- كما يصفه الزعيم الوطني الدرزي اللباني كمال جنبلاط- بالإضافة الى إعداد هائلة من انصاف المحللين و الندوات السياسية, و رجال دين للتحريض على (الفتن الطائفية) و التكفير , و التكفير المضادو المتبادل, و دفع الناس الى التقاتل الطائفي, و قد نجحت قطر و السعودية في تشجيع فصل جنوب السودان و تتواصل جهودهم (غير الشريفة) في دارفور, و في جنوب مصر و ليبيا, و عملهم (متواصل) في دفع سوريا الى حروب أهلية, و لا أحد يعرف إلى أين تتجه الأمور..؟؟!
و اما الحال في دول المغرب العربي و أجزاء من أفريقيا المسلمة, فإن أنظمة الاستبداد البدوي تحاول استثارة الفتنة الطائفية و العرقية معاً, فبرغم أن السمة العامة في هذه البلدان أنهم من المالكية من أهل السنة فإن هناك قيادات صوفية- طرقية متأصلة, و لا تقبل مطلقاً منهجية (التكفير الوهابي) كمذهب جديد, و محاولة فرض منهجيته على جميع المسلمين هناك و الذي تتبناه الوهابية في المغرب العربي, و يرافق ذلك التحريض (العرقي-القبلي) كالتحريض ضد (او مع) الطوارق, او الافارقة الزنوج- المسلمين , او تحت شعارات (القبلية- الامازيغ) و العرب..الخ و هؤلاء جميعا من المسلمين, و قد وحدهم الإسلام والتاريخ المشترك , و روح الأخوة و التسامح, كأمة واحدة, و يقال أن قطر و السعودية و بعد نجاحهم في جنوب السودان و ليبيا...تحاولان (تجربة) تفكيك الوحدة الاجتماعية في موريتانيا- كمرحلة تجريبية أولى- بين العرب و البربر و الأفارقة ثم تعميم (الفتنة) في كل من الجزائر و المغرب و تونس و ليبيا, و وصولا الى مزيد من (الانشطارات) في السودان- كما تردد قناة الجزيرة- لخلق دويلات قبلية و طائفية, و ربما كانت هذه المسالة بالذات واحدة من أسباب (طرد) محطات قطر من المغرب, و تضييق الخناق عليها في الجزائر و تونس و ليبيا, خصوصا بعد أن لمست دول و شعوب المنطقة الاحداث في ليبيا و السودان من اقتتال, و احتمالات التفجر في سوريا و اليمن, و ربما أدركت دول المغرب العربي ان ما يجري من اقتتال هنا و هناك, إنما هو بتمويل و إعلام قطري- سعودي, و بمشاركة نشطة (عسكريا) من تركيا على وجه التحديد.
3-و اما الذي يجري في سوريا الآن فهو جزءُ لا يتجزأ مما هو مخطط, و ربما يعاد فيه السيناريو الليبية , او اليمن, إذ يتم الآن استدعاء جيوش العالم لاحتلال سوريا, و إثارة الفتن الطائفية و القومية لتفجير سوريا من الداخل و الخارج معاً, و بتمويل سعودي- قطري, و سوريا- بحكم تكوينها الديني و القومي- مزيج من المذاهب و الديانات, و إذا ما تم تحريكها او تفجيرها, فسيؤدي ذلك الى حروب أهلية و تقسيمها إلى دويلات, و تقوم السعودية و قطر بتمويل تركيا و بدور مباشر (عسكري) تمويلا و مساندة و تسليحا, بالاضافة الى الدور الإعلامي, و ربما تختص تركيا و اسرائيل بالغزو العسكري, و تقسيم سوريا الى مذاهب و كيانات كالسنة و العلوية و الشيعة و الكرد...و ربما ستضاف أجزاءٌ من العراق الى هذه الكيانات الافتراضية, والمتناحرة, و ربما سيعلن وفاة (جامعة الدول العربية) بعد أن تضم دويلات الخليج الى الكيان السعودي, و بعد تنفيذ فكرة تكتل دول المغرب العربي ..!
و قد يكون الشيء الأكبر و الأكثر أهمية في هذه السيناريوهات هو ضرب العراق, و تفكيك كيانه السياسي و الاجتماعي, و بالذات ضرب الشيعة باعتبارهم الكتلة البشرية الكبرى و الأكثر خبرة و صلابة, ثم يليه ضرب سوريا وتفكيكها , إلا ان كلا من البلدين أظهرا صلابة كبرى في مواجهة (الهجمات البدوية) و اما مصر و بقية دول المغرب العربي, فإنها بدات تستوعب الدور السعودية وقطر في هذه المخططات الجهنمية.
وفي آخر مواجهة في الأمم المتحدة بين (آل ثاني الوزير), قال هذا الأخير موجها (تحذيره و إنذاره) لمندوب روسيا والصين, أن روسيا ستفقد مصالحها ..!! إذا صوتت بالفيتو ضد المشروع الغربي- العربي الرامي لاحتلال سوريا..! واعقب هذا الوزير (إنذاره) الموجه لروسيا و الصين بعبارة (فوراً..) مما كان من مندوب روسيا الا ان اجابه ان (قطر) ستختفي و تزول من الخارطة ..!! و بذلك تُرك (آل ثاني الوزير) مربوطا من أذنيه في الأمم المتحدة, و اما عبد الله آل سعود فإنه و لأول مرة يتدخل بالسياسة , و يشاركه وزير خارجيته المتهالك, لطلب التدخل العسكري و احتلال سوريا, بمشاركة العرب و الغرب و تركيا .. ! و أن الاموال اللازمة ستدفع من (البترول الخليجي) , لذبح العرب و تفكيك الأمة, وإشعال الحروب الطائفية..!!
واخيرا, هناك سؤالان كبيران يجب على الامة و خصوصا الامة العربية, أن تجد أجوبة واضحة عليهما :الاول, هل يمكن لأنظمة (استبداد بدوي) , لم تعرف أبدا مفاهيم الديمقراطية, و حقوق الانسان, او الايمان بالحريات , و لم تمارس أية عملية انتخابية... هل يمكن لمثل هذه الأنظمة ان تطالب (الآخرين) بالديمقراطية, و احترام حقوق الانسان.. ؟؟؟؟
و السؤال الثاني, هل يمكن لأنظمة الاستبداد البدوي, التي اعتادت و الى حد الإدمان على (التمييز) بين مواطنيها, و خصوصا (تكفير) كل من لا يعتنق الدين (الوهابي) , و العمل بكل اساليب الاذلال و القهر تجاه الآخرين, هل يمكن لهذه الأنظمة الاستبدادية أن تطالب (الآخرين) بالعدل و المساواة بين مواطنيها, و هل يمكن لنظام ابن سعود, و نظام ابن آل ثاني احترام العقيدة, و حرية التمذهب الاسلامي ..؟؟


source : www.abna.ir
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

العدل في القرآن الكريم
واقعة الغدير و أهميتها (1)
ثالث النواب الأربعة الحسين بن روح النوبختي
برامج الرعاية الاجتماعية في ضوء مقاصد الشريعة
بَينَ يَدَيّ الخِطاب العظيم لِسَيّدَةِ نِسَاءِ ...
أين يقع غدير خُمّ؟
الملكية ووظيفتها الاجتماعية في الفقه الإسلامي
العلاقة بين القضاء والقدر، وإختيار الإنسان
جهاد النفس في فكر الإمام الخميني (قدس سره)
وصايا رمضانية ( ضرورة صلة الرحم)

 
user comment