عربي
Saturday 18th of May 2024
0
نفر 0

موقف القران من التلوّث الضوضائي

موقف القران من التلوّث الضوضائي

من أنواع التلوث البيئي الذي يشكو منه الكثيرون التلوث الضوضائي أو السمعي، ويراد به الضجيج والأصوات العالية التي تؤذي السمع وتقلق الراحة وتتلف الأعصاب، وخصوصاً المرضى والأطفال ومن عملهم يحتاج إلى فكر وسكينة وهدوء.

والمحرك لهذه الأمور كلّها هو الإنسان، فهو المسؤول عما يعانيه هو نفسه، والسبب في كل هذا السلوك غير السوي هو الغفلة عن نتائج تصرفاتنا تجاه الآخرين والاستهتار بمشاعرهم وحرياتهم، والانغماس في محبة الذات وما يرضيها، لذا تجد في الأحاديث والروايات ما يحث الفرد المسلم على الإحساس بالآخرين حتى يتخلى عن النوازع الذاتية والعوامل الفردية: "اجعل نفسك ميزاناً بينك وبين غيرك فأحب لغيرك ما تحب لنفسك واكره له ما تكره لها"1.

فهذه الأطر العامة تعطي الجواب الجلي لأي تساؤل عن الموقف الشرعي والرواية الإسلامية في مجال ما يمكن أن تسميه بالتلوث الضوضائي، ولكن ماذا عن الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة الخاصة الواردة في هذا المجال.


الموقف القرآني

في البداية نقف عند قوله تعالى:"... وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ"(لقمان:19).

فنجد ذلك الأسلوب الذي يركّز على إبعاد الإنسان نفسياً عن رفع صوته، بتجريد علو الصوت عن كل قيمة جمالية أو عقلانية، ويا له من تشبيه فصوت الحمير أنكر الأصوات لمبالغتها في رفعه ولذا أمر تعالى بغض الصوت أي النقص والقصر فيه، وليس القبح من جهة ارتفاع الصوت وطريقته فحسب، بل من جهة كونه بلا سبب أحياناً قالوا أن هذا الحيوان (الحمار) يطلق صوته أحياناً بدون مبرّر أو داعٍ، ومن دون أي حاجة أو مقدمة، ويطلقه في محله ووقته وفي غيره.

وما يستهدفه القران الكريم هو تربية الذوق الإنساني على أن يمارس الإنسان وظائف أعضائه بحكمة وهدوء، دون أن يسيئ إلى نفسه وإلى الآخرين.

وما قدمناه من شجب الإسلام للأصوات العالية والجلبة والضجيج هل يقتصر فيه على مضمون دون مضمون أم أن الأمر مرتبط بطبيعة الصوت أيّاً كان المحتوى؟

هناك أمور ورد الشرع برفع الصوت فيها من شأنها ألا تحدث ضجيجاً إذا روعيت فيها تعاليم الشرع وآدابه كالأذان والتلبية في الحج، ومن الأمور التي يرجح رفع الصوت فيها صيحات التكبير في الحرب التي لها تأثيرها في تقوية قلوب الجنود المؤمنين وبث الرعب في قلوب أعدائهم.

أما إن تطلق الأصوات والمكبرات في أي وقت كان وأن ترفع إلى أبعد الحدود بحجة تضمنها القرآن الكريم أو غير ذلك مما هو راجح في نفسه، فهذا خاضع للقاعدة العامة القاضية بضرورة عدم الإساءة إلى الآخرين.

ومن هنا أفتى بعض الفقهاء بحرمة استعمال الجهاز الصوتي بشكل مزعج إذا كان في ذلك إيذاء للناس وإن تضمن قراءة القرآن الكريم.

--------------------------------------------------------

الهوامش:

1- نهج البلاغة، ج 3، وصية 31، من وصية الإمام علي لابنه الحسن عليهما السلام.

 


source : www.tebyan.net
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

التنزيه عند اهل البيت عليهم السلام
في أصالة الوجود واعتبارية الماهية
مسجات بمناسبة يوم الغدير
الحریة في الاسلام
أصحاب وثقات الامام الرضا عليه السلام
(نجد) كعبة الوهابية وقرن الشيطان
فلسفة الحرية
الراسخون وعلم التأویل
الشيطان كان سيئاً مع آدم
الشهيد السيد محمد باقر الصدر

 
user comment