إن فضائل الأئمة (عليهم السلام) لا حصر لها وقد روى العامة منها الشيء الكثير. فقد ورد في الصواعق المحرقة قول البيهقي عن الرسول (صلى الله عليه وآله): لايؤمن عبدٌ حتى أكون أحب اليه من نفسه وتكون عترتي أحبّ اليه من عترته. (وليت الرسول (صلى الله عليه وآله) يرى مافعل الاصحاب بعترته)[1] .
إنّ أحدَ الاعراب جاء إلى الإمام من الكوفة فلم يجده وأخبره أهل الإمام أنَّه ذاهب إلى ضيعته فلحقه الإمام عندما اخبروه وعَلِمَ بحاجته فكتب للأعرابي ورقة أن له ديناً على الإمام وأمره بالذهاب إلى سامراء، فذهب الأعرابي وطالبه بمضمون الورقة أن له بذمّة الإمام مبلغ من المال: وأخذ الإمام يعتذر منه فبادر رجال الأمن وأخبروا المتوكل فدفع مبلغها للإمام ولما حضر الأعرابي قال له الإمام: خذ هذا المال واقضِ دَينك.
وكذلك قوله (عليه السلام) لأبي هاشم الجعفري حين مرّ أبو هاشم بضائقةٍ ماليةٍ، فقال: يا أبا هاشم أي نِعم الله عليك تُريد أن تؤدي شكرها؟
رزقك الله الإيمان فحرَّم جسدَك على النار، ورزقك العافية فأعانتكَ على الطاعة ورزقك القناعة فصانك من التبذّل . ثم أمر لهُ الإمام (عليه السلام) بمائة دينار لقضاء لوازمه [2].
ومن فضائله (عليه السلام). فقد روى أبو هاشم الجعفري أن إمرأة ظهرت أيّام المتوكل وأدّعت أنّها (زينب بنت فاطمة بنت رسول (صلى الله عليه وآله)) فقال لها المتوكل أنت إمرأة شابّةٌ ، وقد مضى على وفاة فاطمة بنت الرسول (صلى الله عليه وآله) سنوات عديدة[3] .
فقالت المرأةُ : ان رسول الله سأل الله أن يردَّ عليَّ شبابي كل أربعين سنة. فدعا المتوكل مشايخ آل أبي طالب وولِدَ العباس وقريش وعرَّفهم حالها فقالوا إن زينب بنت فاطمة ماتت منذ زمن بعيد وفي سنة كذا، فقال لها المتوكل ما تقولين؟ فقالت: إنّهم كذِبوا عليَّ وأن أمري كان مستوراً فلم يُعرف لي حياةٌ ولا موت.
فأشاروا على المتوكل بإحضار الإمام علي الهادي (عليه السلام)، وأخبروه بخبرها فقال (عليه السلام): كذبت فإنّ زينب توفيت في يوم كذا من شهر كذا من سنة كذا.
فقال المتوكل للإمام: إنَّها قد أُبْلِغَت بما قُلت وكذَّبته فهل لديكَ بحجّة تُلزمها وتُلزم غيرها؟ فقال الإمام (عليه السلام): نعم. قال المتوكل: وما هي حجتك؟ فقال الإمام (عليه السلام): إن لحوم بني فاطمة محرّمة على السباع ، فإن كانت من ولد فاطمة فلا تأكلها السباع. فقالت المرأة: إنّه يُريد قتلي.
فقال الإمام (عليه السلام): هؤلاء جماعة من ولد الحسن والحسين فأنزل مَن شئت منهم؟ وأشار بعض المبغضين على المتوكل بأن يكون الإمام هو الذي ينزل إلى السباع وأبدى الإمام (عليه السلام) استعداده ونزل إلى السباع وبادرت الاُسود إلى التذُلل بينَ يديه (عليه السلام) وأخذ يمسحُ على رؤوسها. فاعترفت المرأة أنّها كاذبة وأنَّ إسمها فلانة وادّعت هذا الإدعاء الكاذب لفقرها وحاجتها. فأدّى ذلك إلى الاعتراف بكذبها والى الاعتراف ببقيّة الأئمة في موقفٍ آخر حينما رأى جماعة من الصوفية في مسجد جدّه رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال لأصحابه: لا تلتفتوا إلى هؤلاء الخدَّاعين فإنهم حُلفاء الشياطين، ومخربّوا قواعد الدين يتزهدون لإراحة الأجسام ويتهجّدون لصيد الأنعام، لا يهللون إلاّ لغرور الناس، أورادُهم الرقص والتصدية وأذكارُهم الترنّم والغِناء فلا يتبعهم إلاّ السفهاء. فطريقتهم مغايرة لطريقتنا وإن هُمْ إلاّ نصارى أو مجوس هذه الأُمّة، اُولئك الذين يجتهدون في إطفاء نور الله بأفواههم، والله متمٌّ نورَهُ ولو كرِهَ الكافرون [4].
[1] ـ ص 230/ الصواعق المحرقة : لابن حجر العسقلاني.
[2] ـ ص 217 / قبسات من سيرة القادة.
[3] ـ ج4 ص 447/ مناقب آل ابي طالب.
[4] ـ ص 219/ قبسات من سيرة القادة: م المنظمة العالمية للحوزات. عن ج3 ص 134/ روضات الجنّات.
source : www.sibtayn.com