عربي
Tuesday 5th of November 2024
0
نفر 0

من فضائل الإمام علي (عليه السلام) في كتب أهل السنة

القسم الثاني حكمت الرحمة * * الفضيلة السادسة : في أنّ طاعته طاعة للنبي محمّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، ومعصيته معصية له . ـ أخرج الحاكم في ( المستدرك ) بسنده إلى أبي ذر ، قال : قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) : ( مَن أطاعني فقد أطاع الله ، ومَن عصاني فقد عصا الله ، ومَن أطاع عليّاً فقد أطاعني ، ومن عصى عليّاً فقد عصاني ) (1) . وأخرجه ابن عساكر في ( تاريخ دمشق ) (2) ، وأورده المتّقي الهندي في ( كنز العمال ) (3) .
من فضائل الإمام علي (عليه السلام) في كتب أهل السنة

القسم الثاني

حكمت الرحمة *

* الفضيلة السادسة : في أنّ طاعته طاعة للنبي محمّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، ومعصيته معصية له .

ـ أخرج الحاكم في ( المستدرك ) بسنده إلى أبي ذر ، قال : قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) : ( مَن أطاعني فقد أطاع الله ، ومَن عصاني فقد عصا الله ، ومَن أطاع عليّاً فقد أطاعني ، ومن عصى عليّاً فقد عصاني ) (1) . وأخرجه ابن عساكر في ( تاريخ دمشق ) (2) ، وأورده المتّقي الهندي في ( كنز العمال ) (3) .

قال الحاكم : ( هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ) . ووافقه الذهبي (4) .

والحديث يدلّ دلالة صريحة وواضحة على عصمة علي ( عليه السلام ) من الخطأ والزلل ، وأنّ كلّ أفعاله وأقواله مطابقة للشريعة المقدّسة ؛ لذا صارت طاعته طاعة للنبي ، وهي طاعة لله ، ومعصيته معصية للنبي ، وهي معصية لله . ولو لم يكن كذلك ، لَمَا أطلق النبي قوله هذا فيه ، وهو مُسدَّد من السماء ، ولا ينطق عن الهوى إنْ هو إلاّ وحي يوحى .

 

* الفضيلة السابعة : في أنّه مع الحقّ والحقُّ معه .

ـ أخرج أبو يعلى في ( مسنده ) عن أبي سعيد : أنّ عليّاً مرّ فقال النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) : ( الحقُّ مع ذا ، الحقّ مع ذا ) (5) .

وأخرجه ابن عساكر في ( تاريخ دمشق ) (6) .

وأورده المتّقي الهندي في ( كنز العمال ) (7) .

قال الهيثمي في ( مجمع الزوائد ) : ( رواه أبو يعلى ، ورجاله ثقات ) (8) .

ـ وعن علي ( عليه السلام ) ، قال : قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) : ( رحم الله عليّاً ، اللّهم أَدِرْ الحقَّ معه حيث دار ) .

أخرجه الترمذي في ( سننه ) (9) ، وأبو يعلى في ( مسنده ) (10) ، والطبراني في ( الأوسط ) (11) ، والحاكم في ( المستدرك ) (12) ، وابن عساكر في ( تاريخ دمشق ) (13) ، وغيرهم .

وصحّح هذا الحديث : الحاكم في ( المستدرك ) (14) ، وأبو منصور ابن عساكر الشافعي في ( الأربعين في مناقب أمّهات المؤمنين ) (15) ، والسيوطي في ( الجامع الصغير ) ، كما في ( فيض القدير ) (16) للمناوي .

وأرسله الفخر الرازي إرسال المسلّمات ، فقال في تفسيره : ( ومَن اقتدى في دينه بعلي بن أبي طالب فقد اهتدى ، والدليل عليه قوله ( عليه السلام ) : ( اللّهم أدر الحقّ مع علي حيث دار ) ) (17) .

ـ وأخرج الخطيب في ( تاريخ بغداد ) بسنده إلى أبي ثابت مولى أبي ذر ، قال : ( دخلتُ على أمّ سلمة فرأيتها تبكي وتذكر عليّاً ، وقالت : سمعتُ رسولَ الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) يقول : ( علي مع الحقّ والحقُّ مع علي ، ولن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض يوم القيامة ) (18) . وأخرجه ابن عساكر في ( تاريخ دمشق ) (19) .

ـ وحديث أمّ سلمة هذا سمعه سعد بن أبي وقَّاص في دارها ، قال : إنّي سمعتُ رسول الله يقول : ( علـي مع الحقّ ، أو الحقّ مع علي حيث كان ) (20) .

فقال له رجل [ وهو معاوية ] : مَنْ سمع ذلك ؟

قال سعد : قاله في بيت أمّ سلمة .

قال : فأرسل إلى أمّ سلمة فسألها ، فقالت : قد قاله رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) في بيتي .

فقال الرجل لسعد : ما كنتَ عندي قط ألومُ منـك الآن .

فقال : ولمَ ؟

قال : لو سمعتُ هذا من النبي ( صلّى الله عليه وسلّم ) لم أزل خادماً لعلي حتّى أموت !

أورده الهيثمي في ( مجمع الزوائد ) وقال : ( رواه البزّار ، وفيه سعد بن شعيب ، ولم أعرفه . وبقيّة رجاله رجال الصحيح ) (21) .

قال الشيخ الأميني : ( الرجل الذي لم يعرفه الهيثمي هو سعيد بن شعيب الحضرمي ، قد خفي عليه لمكان التصحيف . ترجمه غير واحد بما قال شمس الدين إبراهيم الجوزجاني : إنّه كان شيخاً صالحاً صدوقاً ، كما في خلاصة الكمـال : ( ص118 ) وتهذيب التهذيب : ( 4 / 48 ) ) (22) .

فلا غبار على سند الحديث ، إذن .

قال أبو القاسم البلخي وتلامذته : إنّه ( قد ثبت عنه في الأخبار الصحيحة أنّه قال :  عليّ مع الحقّ والحقُّ مع علي ، يدور حيثما دار ) . ووافقهم ابن أبي الحديد على ذلك (23) .

فاتّضح من جميع ما تقدّم في هذه الفضيلة ، أنّ الحقّ مع علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) بنصّ قول النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) . ودلالة ذلك لا تحتاج إلى بيان ، فاقرأ وتدبّر! .

ومَن أراد التوسّع في طُرق هذا الحديث ومصادره ، فليراجع كتاب ( الغدير ) للشيخ الأميني (24) .

 

* الفضيلة الثامنة : في أنّه مع القرآن والقرآن معه .

ـ أخرج الحاكم بسنده إلى ثابت مولى أبي ذر قال : ( كنتُ مع علي ( رضي الله عنه ) يوم الجمل ، فلمّا رأيتُ عائشة واقفة ، دخلني بعض ما يدخل الناس ، فكشف الله عنّي ذلك عند صلاة الظهر ، فقاتلتُ مع أمير المؤمنين ، فلمّا فرغ ذهبتُ إلى المدينة ، فأتيتُ أمّ سلمة فقلتُ : إنّي ـ والله ـ ما جئتُ أسأل طعاماً ولا شراباً ، ولكنّي مولى لأبي ذر ، فقالت : مرحباً ، فقصصتُ عليها قصّتي ، قالتْ : أين كنتَ حين طارت القلوب مطائرها ؟ قلتُ : إلى حيث كشف الله ذلك عنّي عند زوال الشمس ، قالت : أحسنت ، سمعتُ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) يقول : ( عليّ مـع القرآن والقرآن مع علي ، لن يفترقا حتّى يردا عليَّ الحوض ) .

قال الحاكم : ( هذا حديث صحيح الإسناد ) . ووافقه الذهبي (25) .

ولا يخفى أنّ هذا الحديث يتّفق مع ما سبقه بمعنى واحد ، فإنّ كونه مع الحقّ يعني مع القرآن ، وكونه مع القرآن يعني مع الحق ، فالأحاديث مع كونها صحيحة لذاتها ، فإنّها يُقوِّي بعضها بعضاً أيضاً .

 

* الفضيلة التاسعة : في أنّ مَن فارقه فارق رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) .

ـ أخرج الحاكم في ( المستدرك ) بسنده عن أبي ذر ( رضي الله عنه ) قال : قال النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) : ( يا علي ، مَن فارقني فقد فارق الله ، ومَن فارقك ـ يا علي ـ فقد فارقني ) (26) .

ـ وأخرجه : أحمد في ( فضائل الصحابة ) (27) ، وابن عساكر في ( تاريخ دمشق ) (28) ، وأخرجه أبو بكر الإسماعيلي في ( معجـم شيوخه ) بسنده إلى ابن عمر ، قال : قال رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) : ( مَن فارق عليّاً فارقني ، ومَن فارقني فارق الله عزّ وجل ) (29) .

وأخرجه عن ابن عمر أيضاً ، الطبراني في ( الكبير ) (30) .

قال الحاكم : ( صحيح الإسناد ولم يخرجاه ) (31) .

قال الهيثمي : ( رواه البزّار ، ورجاله ثقات ) (32) .

أمّا الذهبي ، فقد وافق الحاكم في التصحيح ، لكنّه استنكر متن الحديث بقوله : ( بل منكر ) (33) .

وعلّق عبد الله بن الصدّيق الغُمَارِيّ على استنكار الذهبي بقوله : ( وإنّما استنكره الذهبي لأمرين : إنّ هذا اللفظ لم يرد في حقّ أحد الشيخَين ، وإنّه يُفيد الطعن في معاوية وفرقته ) (34) .

وقد أوضَح قبل هذا منهج الذهبي في الحُكم على الأحاديث بكونها موضوعة أو منكرة ، وهو :

( فهمه أنّ الحديث يقتضي تفضيل علي على الشيخَين ( رضي الله تعالى عنهم ) ، وعلى أساس هذا الفهم ردّ ـ هو وغيره ـ كثيراً من الأحاديث في فضل علي ( عليه السلام ) ، وحكموا بوضعها ، أو نكارتها .

ولم يسلم من نقدهم بهذا الفهم إلاّ قليل ؛ وأيّد ذلك عندهم : إنّ المبتدع إذا روى حديثاً يؤيّد بدعته ، تُردّ روايته . ونفّذوا هذه القاعدة بدقّة فيما يرويه الشيعة من فضائل علي ( عليه السلام ) ، بل يستنكرون الحديث الوارد في فضله ، ولو لم يكن في سنده شيعي ) (35) .

ثمّ ساق الحديث المتقدّم وعلّق عليه بما ذكرناه .

إذن ، فالذهبي وغيره لا يُؤسّسون قواعدهم على أساس الأخذ من النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، بل إنّ لديهم قواعد مسبَّقة تتنافى مع ما صرّح به النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ؛ لذا راحوا يردّون هذه الأحاديث الصحيحة سنداً عندهم ، والتي تدلّ على أفضليّة علي ، وتوضّح مقامه الشريف ؛ معتذرين عن ذلك بالوضع أو النكارة !!!

إذن ، فالرواية السابقة صحيحة السند ، ودلالتها صريحة في أنّ مفارِق عليّ ( عليه السلام ) مفـارِق لله ولرسولـه ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) .

 

* الفضيلة العاشرة : في أنّ عليّاً من رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ورسول الله مِن علي ، ولا يُؤدّي عن رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) إلاّ علي ( عليه السلام ) .

ـ أخرج ابن ماجة في ( سننه ) بسنده إلى حبشي بن جنادة ، قال : قال رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) : ( عليٌّ منّي وأنا مِن علي ، ولا يُؤدّي عنّي إلاّ أنا أو علي ) (36) .

وأخرجه الترمذي في ( سننه ) (37) ، والنسائي في ( سننه ) (38) ، وفي ( الخصائص ) (39) ، وأحمد في ( مسنده ) (40) ، وغيرهم .

والحديث صحّحه الترمذي في ( سننه ) (41) ، وحَسَّنهُ الذهبي في ( سير أعلام النبلاء ) (42) ، والألباني في ( صحيح الجامع الصغير )(43) ، وفي تحقيقه على ( سنن ابن ماجة ) (44) ، كما قال بصحّته محقّقُ ( الخصائص ) الحويني الأثري (45) ، ومحقّق كتاب ( سير أعلام النبلاء ) ، مشيراً إلى أنّ رجاله رجال الشيخين (46) ، ومحقّق كتاب ( مسند أحمد ) حمزة أحمد الزّين (47) .

ـ مضافاً إلى أنّ الشطر الأوّل للحديث : ( علي منّي وأنا مِن علي ) ، قد ورد من طُرق أخرى معتبرة تقدّمت الإشارة إليها في الفضيلة الرابعة . ونشير هاهنا إلى رواية عمران بن حصين إتماماً للفائدة ، فقد أخرج النسائي في ( سننه ) ، وابن أبي عاصم في ( السنّة ) ، وغيرهم ، بسندهم إلى عمران بن حصين ، قال : قال رسول الله ( صلّى الله عليه وسلم ) : ( إنّ علياً منّي وأنا منه ، وهو وليّ كلّ مؤمن من بعدي ) (48) .

قال الألباني : ( إسناده صحيح . رجاله ثقات على شرط مسلم . والحديث أخرجه الترمذي ( 2 / 297 ) ، وابن حِبّان ( 2203 ) ، والحاكـم ( 3 / 110 ـ 111 ) ، وأحمد ( 4/437 ) من طُرق أخرى عن جعفر بن سليمان الضبعي به . وقال الترمذي : ( حديث حسن غريب ) . وقال الحاكم : ( صحيح على شرط مسلم ) ، وأقرّه الذهبي . وله شاهد من حديث بريدة مرفوعاً به ، أخرجه أحمد ( 5 / 356 ) عن طريق أجلح الكندي ، عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه بريدة ، وإسناده جيّد ، رجاله ثقات رجال الشيخين ، غير أجلح ، وهو ابن عبد الله بن جحيفة الكندي ، وهو شيعي صدوق ) (49) .

فعليٌّ من رسول الله ، ورسول الله من علي ، هما نفس واحدة ، ولهما خصائص ومميّزات معيّنة ثابتة لكليهما ، سوى ما خرج من الأمور التي اختصّ بها النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) كالنبوّة وأفضليّته على سائر البشر .

ولذا فإنّه لا يُؤدّي عن رسول الله إلاّ علي ( عليه السلام ) ؛ لأنّه الوحيد الذي حمل صفات النبي وخصائصه ومميّزاته التي امتاز بها على الخلق ، فيكون هو الخليفة على الأمّة والإمام لها ومرجعها في الشريعة المقدّسة وغير ذلك من وظائف الرسول الأكرم ( صلّـى الله عليه وآله وسلّم ) وخصائصه ؛ فكلّ ما ثبت للنبي محمّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) يكون ثابتاً لعلي ( عليه السلام ) .

وما تبليغ سورة براءة بيد علي إلاّ ضمن هذا المعنى المتقدّم . وخبر تبليغ براءة بيد علي ( عليه السلام ) خبر صحيح .

فقد أخرج الترمذي والنسائي وغيرهم ، بسندهم إلى أنس بن مالك ، قال : ( بعث النبي ( صلّى الله عليه وسلّم ) ببراءة مع أبي بكر ، ثمّ دعـاه فقال : ( لا ينبغي لأحد أنْ يُبلغ هذا إلاّ رجل من أهلي ، فدعا عليـّاً فأعطاه إيّاه ) (50) .

قال الترمذي : هذا حديث حسن ، غريب ، من حديث أنس .

قال الحويني الأثري في تحقيقه على ( خصائص النسائي ) : ( إسناده صحيح ) (51) .

وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائده على ( المسند ) بسنده إلى علي ، قال : ( لمّا نزلت عشر آيات من براءة على النبي ( صلّى الله عليه وسلّم ) ، دعا النبي ( صلّى الله عليه وسلّم ) أبا بكر ، فبعثه بها ليقرأها على أهل مكّة ، ثمّ دعاني النبي ( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال لي : ( أدرك أبا بكر ، فحيثما لحقته فخذ الكتاب منه ، فاذهبْ به إلى أهل مكّة فاقرأه عليهم ) ، فلحقته بالجحفة ، فأخذت الكتاب منه ، ورجع أبو بكر إلى النبي ( صلّى الله عليه وسلّم ) ، فقال : يا رسول الله نزل فيّ شيء ؟ قال : لا ، ولكنّ جبرائيل جاءني فقال : لن يؤدّي عنك إلاّ أنت أو رجل منك ) .

قال أحمد محمّد شاكر محقّق كتاب ( المسند ) : ( إسناده حسن ) (52) .

و في ( الخصائص ) بسنده إلى زيد بن يثيغ عن علي ( عليه السلام ) : ( إنّ رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) ، بعث ببراءة إلى أهل مكّة مع أبي بكر ، ثمّ أتبعه بعلي ، فقال له : ( خُذ الكتاب فامضِ به إلى أهل مكّة ) . قال : فلحقه فأخذ الكتاب منه ، فانصرف أبو بكر وهو كئيب ، فقال لرسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) : أنزَل فيّ شيء ؟ قال : ( لا ، إلاّ أنّي أمرتُ أنْ أبلّغه أنا أو رجل من أهل بيتي ) .

قال أبو إسحق الحويني الأثري : ( صحيح ) (53) .

وأخرج أحمد في ( مسنده ) والحاكم في ( المستدرك ) ، بسندهما إلى ابن عباّس في حديث طويل جاء فيه : ( ثمّ بعثَ فلاناً بسورة التوبة ، فبعثَ عليّاً خلفه فأخذها منه ، وقال [ يعني رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ] : ( لا يذهب بها إلاّ رجل منّي وأنا منه ) (54) .

قال الحاكم : ( هذا حديث صحيح الإسناد ) . ووافقه الذهبي في ( التلخيص ) (55) .

وقال أحمد محمّد شاكر : ( إسناده صحيح ) ، وقال : ( قوله : ( ثمّ بعث فلاناً بسورة التوبة ) ، يُريد أبا بكر رضي الله عنه ) (56) .

 

* الفضيلة الحادية عشرة : في أنّ عليّاً وفاطمة أحبّ الناس إلى رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) .

ـ أخرج الترمذي بسنده عن ابن بريدة ، عن أبيه ، قال : ( كـان أحبّ النساء إلى رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) فاطمة ، ومن الرجال : علي ) (57) .

وأخرجه النسائي في ( السنن ) (58) و ( الخصائص ) (59) ، والحاكم في ( المستدرك ) (60) ، والطبراني في ( الأوسط ) (61) ، وغيرهم .

و الحديث حسّنه الترمذي (62) ، وصحّحه الحاكم في ( المستدرك ) ، ووافقه الذهبي في ( التلخيص ) (63) ، وصحّحه أيضاً أبو إسحاق الحويني الأثري في ( تهذيب خصائص أمير المؤمنين ) (64) ، والسيّد حسن السقَّاف في ( تناقضات الألباني الواضحات ) (65) .

وعن جميع بن عمير قال : دخلتُ مع أبي على عائشة يسألها ـ من وراء حجاب ـ عن علي ( رضي الله عنه ) ، فقالت : تسألني عن رجل ما أعلم أحداً كان أحبّ إلى رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) منه ، ولا أحبّ إليه من امرأته ) .

أخرجه النسائي في ( خصائص أمير المؤمنين ) (66) .

وأخرجه جماعة بلفظ : ( دخلتُ مع عمّتي أو أمّي ... ) ، منهم :

 الترمذي في ( سننه ) (67) ، والحاكم في ( مستدركه ) من طريقَين عن جميع (68) ، وأبو يعلى في ( مسنده ) (69) ، والطبراني في ( الكبير ) (70) ، وغيرهم .

و الحديث حسَّنَه الترمذي فـي ( السنن ) (71) ، وصحّحه الحاكم في ( المستدرك ) (72) ، والحويني الأثري في تحقيقه على ( الخصائص ) (73) ، والسيّد حسن السقّاف في ( تناقضات الألباني الواضحات ) (74) .

ـ وعن النعمان بن بشير ، قال : ( استأذن أبو بكر على رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) ، فسمع صوت عائشة عالياً ، وهي تقول : والله لقد عرفت أنّ عليّاً أحبّ إليك من أبي ومنّي ، مرّتين أو ثلاثاً ،  فاستأذن أبو بكر ، فدخل فأهوى إليها فقال : يا بنت فلانة ، أَلاَ أسمعك ترفعين صوتك على رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) ) .

أخرجه أحمد في ( مسنده ) (75) ، والنسائي في ( سننه ) (76) و ( خصائصه ) (77) ، قال الحافظ الهيثمي في ( المجمع ) : ( رواه أحمد ، ورجاله رجال الصحيح ) (78) .

قال الحافظ ابن حجر في ( فتح الباري ) : ( أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي بسند صحيح ) (79) .

وقال الحويني الأثري محقّق ( الخصائص ) : ( إسناده صحيح ) (80) .

و قد أجاد السيّد حسن السقاف في بيان صحّة هذه الأحاديث في كتابه ( تناقضات الألباني الواضحات ) ، مَن شاء فليراجع (81) .

 

* الفضيلة الثانية عشرة : في أنّ مَن أحبّ علياً فقد أحبّ الله ورسوله ، ومَن أبغض عليّاً فقد أبغض الله ورسوله .

ـ أخرج الطبراني بسنده إلى أبي الطفيل قال : ( سمعتُ أمّ سلمة تقول : أشهد أنّي سمعتُ رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) يقول : ( مَن أحبّ عليّاً فقد أحبّني ، ومّن أحبّني فقد أحبَّ الله . ومَن أبغض عليّاً فقد أبغضني ، ومَن أبغضني فقد أبغض الله ) (82) .

وأورده الهيثمي في ( مجمع الزوائد ) وقال : ( رواه الطبراني وإسناده حَسَن ) (83) ، والسيوطي في ( تاريخ الخلفاء ) وقال : ( أخرجه الطبراني بسند صحيح ) (84) ، والألباني في ( الصحيحة ) وقال : ( رواه المخلص في ( الفوائد المنتقاة ) ( 10 / 5 / 1 ) بسند صحيح عن أمّ سلمة ، قالت : أشهد أنّي سمعت رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) يقول : فذكره ) (85) .

ـ وأخرج الحاكم بسنده إلى أبي عثمان النهدي ، قال : ( قال رجل لسلمان : ما أشد حبّك لعلي ، قال : سمعتُ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) يقول : ( مّن أحبّ عليّاً فقد أحبّني ، ومَن أبغض عليّاً فقد أبغضني ) ) .

قال الحاكم : ( هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ) . ووافقه الذهبي (86) .

والحديث أورده السيوطي في ( الجامع الصغير ) (87) من رواية الحاكم عن سلمان ، واستدرك عليه المناوي في ( فيض القدير ) بعد ذكر الحاكم وإقرار الذهبي وسكوته عنهما قائلاً : ( و رواه أحمد باللفظ المزبور عن أمّ سلمة وسنده حسن ) (88) ، وفي تعليق الألباني على ( الجامع الصغير ) للسيوطي قال : ( صحيح ) (89) .

هذا ، وفضائل علي كثيرة شهيرة ، لو أردنا استقصاءها وتخريجها لطال بنا المقام ، وما ذكرناه لا يُمثّل إلاّ نزراً يسيراً منها ، وقفنا فيه على اثنتي عشرة فضيلة تيمّناً بعدد خلفاء الرسول الأكرم ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) .

ولكن قبل أنْ نختم هذا الفصل ، رأينا من المناسب أنْ نشير إشارات عابرة إلى فضائل أخرى من فضائله ( عليه السلام ) ، لكن نحاول الاقتصار على ذكر الخبر من مصدر واحد ، ونشير إلى تصحيحه ، بلا توسّع في البحث أو استقصاء للمصادر ؛ توخّياً للاختصار وإتماماً للفائدة :

 

فضائل أخرى:

1 ـ في أنّه حامل راية خيبر ، وأنّه يُحبّ الله ورسوله ويُحبّه الله ورسوله .

ـ أخرج البخاري في ( صحيحه ) بسنده إلى سهل بن سعد ( رضي الله عنه ) ، قال : ( إنّ رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) قال يوم خيبر : ( لأعطينّ هذه الراية غداً رجلاً يفتح الله على يديه ، يُحبّ الله ورسوله ويُحبـّه الله ورسوله ) ، قال : فبات الناس يدوكون ليلتهم أيّهم يُعطاها ، فلمّا أصبح الناس غدوّاً على رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) ، كلّهم يرجو أنْ يُعطاها ، فقال : ( أين علي بن أبي طالب ؟ ) فقيل: يا رسول الله ، يشتكي عينيه . فأرسلوا إليه ، فأُتي به ، فبصق رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) في عينيه ، ودعا له فبرأ ، حتّى كأنْ لم يكن به وجع ، فأعطاه الراية ، فقال علي : ( يا رسـول الله ، أُقاتلهم حتّى يكونوا مثلنا ) ، فقال ( عليه الصلاة والسلام ) : ( أنفذ على رسلك حتّى تنزل بساحتهم ، ثمّ ادعهم إلى الإسلام ، وأخبرهم بما يجب عليهم مِن حقّ الله فيه . فو الله ، لئن يهدي الله بك رجلاً واحداً ، خير لك من أنْ يكون لك حمر النعم ) (90) .

الحديث رواه عدّة من الصحابة ، وأخرجه البخاري في أكثر من موضع (91) ، وكذا  مسلم .

ـ وفي بعض أخبار مسلم بسنده إلى أبي هريرة ، قال : ( قال عمر بن الخطاب : ما أحببتُ الإمارة إلاّ يومئذ ، قال : فتساورتُ لها رجاء أنْ أُدعى لها ، قال : فدعا رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) علي بن أبي طالب ، فأعطاه إيّاها ... ) (92) .

والحديث لا كلام في صحّته ، خصوصاً مع وروده في الصحيحين .

 

2 ـ في أنّه لا يُحبّه إلاّ مؤمن ، ولا يُبغضه إلاّ منافق .

ـ أخرج مسلم في ( صحيحه ) بسنده إلى علي بن أبي طالب ، قال : ( والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة ، إنّه لعهد النبي الأمّي ( صلّى الله عليه وسلّم ) إليّ ، أنْ لا يُحبني إلاّ مؤمن ، ولا يُبغضني إلاّ منافق ) (93) .

والحديث أخرجه الكثير بألفاظ متقاربة ، وهو صحيح ؛ لوجوده في مسلم ، ولا حاجة لذكر تصحيحات أخرى له .

 

3 ـ في أنّ مَن سبّه فقد سبّ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) .

ـ أخرج الحاكم بسنده إلى أبي عبد الله الجدلي ، قال : دخلتُ على أمّ سلمة ( رضي الله عنها ) ، فقالت : أيُسبُّ رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) فيكم ، فقلتُ : معاذ الله ، أو سبحان الله ، أو كلمة نحوها ، فقالتْ : سمعتُ رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) يقول : ( مَن سبَّ عليّاً فقد سبـّني ) ) .

قال الحاكم : ( هذا حديث صحيح الإسناد ) ، ووافقه الذهبي (94) .

وأخرجه النسائي في ( الخصائص ) ، وقال فيه المحقّق أبو إسحاق الحويني الأثري : ( إسناده صحيح ) (95) .

 

4 ـ في أنّ الرسول ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وعليّاً ( عليه السلام ) خُلِقَا من نور واحد .

ـ هذا الحديث صحيح الإسناد نقله سبط ابن الجوزي في ( تذكرة الخواص ) ، وإليك جميع ما قاله في المقام :

 قال :

( قال أحمد في ( الفضائل ) : ( حدّثنا عبد الرزاق عن معمر ، عن الزهري ، عن خالد بن معدان ، عن زادان عن سلمان ، قال : قال رسول الله ( ص ) : ( كنتُ أنا وعلي بن أبي طالب نوراً بين يدي الله تعالى قبل أنْ يُخلق آدم بأربعة آلاف عام ، فلمّا خُلق آدم ، قُسم ذلك النور جزأين ، فجزء أنا ، وجزء علي ) ، وفي رواية : ( خلقتُ أنا وعلي من نور واحد ) ) .

فإن قيل : فقد ضعّفوا هذا الحديث .

 فالجواب [ والكلام لابن الجوزي ] : إنّ الحديث الذي ضعَّفوه غير هذه الألفاظ ، وغير الإسناد .

أمّـا اللفـظ [ يعني لفظ الحديث الذي ضعّفوه ] : ( خلقتُ أنا وهارون بن عمران ويحيى بن زكريّا وعليّ بن أبي طالب من طينة واحدة ) ، وفي رواية : ( خلقتُ أنا وعلي من نورٍ ، وكنّا عن يمين العرش قبل أنْ يخلق الله آدم بألفَي عام ، فجعلنا نتقلّب في أصلاب الرجال إلى عبد المطّلب ) .

وأمّا الإسناد [ يعني إسناد الحديث الذي ضعّفوه] ، فقالوا : في إسناده محمّد بن خلف المروزي ، وكان مغفّلاً ، وفيه ـ أيضاً ـ جعفر بن أحمد بن بيان ، وكان شيعيّاً .

والحديث الذي رويناه يخالف هذا اللفظ والإسناد ، رجاله ثقات .

فإنْ قيل : فعبد الرزاق (96) كان يتشيّع .

قلنا : هو أكبر شيوخ أحمد بن حنبل ، ومشى إلى صنعاء من بغداد حتّى سَمِعَ منه ، وقال : ما رأيتُ مثل عبد الرزاق . ولو كان فيه بدعة ، لَمَا روى عنه  . ومازال إلى أنْ مات يروي عنه ، ومعظم الأحاديث التي في ( المسند ) رواها من طريقه ، وقد أخرج عنه أيضاً في الصحيح ) (97) .

 

5 ـ في أنّ مَن آذى عليّاً فقد آذى رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) .

ـ أخرج أحمد في ( مسنده ) عن عمرو بن شاس الأسلمي ـ وكان من أصحاب الحديبيّة ـ قال : خرجتُ مع عليٍّ إلى اليمن ، فجفاني في سفري

ذلك ، حتّى وجدت في نفسي عليه ، فلمّا قدمتُ ، أظهرت شكايته في المسجد حتّى بلغ ذلك رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) ، فدخلتُ المسجد ذات غدوة ورسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) في ناس من أصحابه ، فلمّا رآني أبَدَّني عينيه ، يقول : ( حدّد إليّ النظر ) ، حتّى إذا جلستُ قال : ( يا عمرو ، والله لقد آذيتني ) ، قلتُ : أعوذ بالله أنْ أؤذيك يا رسول الله ، قال : ( بلى ، مَن آذى عليّاً فقد آذاني ) (98) .

أخرجه الحاكم في ( المستدرك ) وقال : ( هذا حديث صحيح الإسناد ) . ووافقه الذهبي (99) .

و أورده الهيثمي في ( مجمع الزوائد ) ، وقال : ( رواه أحمد والطبراني باختصار ، والبزّار أخصر منه . ورجال أحمد ثقات ) (100) .

ـ وفي ( مجمع الزوائد ) عن سعد بن أبي وقَّاص ، قال : ( كنتُ جالساً في المسجد أنا ورجلَين معي ، فنلنا من علي ، فأقبل رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) غضبان يُعرَف في وجهه الغضب ، فتعوّذتُ بالله من غضبه ، فقال : ( ما لكم ومالي ، مَن آذى عليّاً فقد آذاني ) ) .

رواه أبو يعلى والبزار باختصار . ورجال أبي يعلى رجال الصحيح ، غير محمود بن خداش وقنان ، وهما ثقتان ) (101) .

 

6 ـ حديث المؤاخاة .

ـ عن ابن عمر قال : ( آخى رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) بين أصحابه ، فجاء علي تدمع عيناه ، فقال : ( يا رسول الله ، آخيت بين أصحابك ولم تُؤاخِ بيني وبين أحد ) ، فقال له رسول لله ( صلّى الله عليه وسلّم ) : ( أنت أخي في الدنيا والآخرة ) ) . أخرجه الترمذي في ( سننه )

وحسّنه (102) .

والحديث رواه جمع من الصحابة ، وعدّه ابن عبد البر في ( الاستيعاب ) من الآثار الثابتة عن رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) (103) .

وأرسله الحافظ ابن حجر في الإصابة إرسال المسلّمات بقوله : ( و كان اللواء بيده في أكثر المشاهد ، ولمّا آخى النبي ( صلّى الله عليه وسلّم ) بين أصحابه قال له: ( أنت أخي ) ) (104) .

 

7 ـ في أنّه باب مدينة علم رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) .

ـ قال السيوطي في ( تاريخ الخلفاء ) : ( و أخرج البزّار والطبراني في الأوسط ، عن جابر بن عبد الله ، وأخرج الترمذي والحاكم عن علي ، قال : قال رسول الله ( عليه الصلاة والسلام ) : ( أنا مدينة العلم وعليٌّ بابها ) . هذا حديث حسن على الصواب ، لا صحيح كما قال الحاكم ، ولا موضوع كما قاله جماعة ، منهم : ابن الجوزي والنووي ، وقد بيـّنت حاله في التعقبات على الموضوعات ) (105) (106) .

وقال السيّد حسن السقاف في تحقيقه على كتابه ( تناقضات الألباني الواضحات ) : ( صحّ عنه ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) أنّه قال : ( أنا مدينة العلم وعلي بابها ) . صحّحه الحافظ ابن معين ( كما في  تاريخ بغداد : 11 / 49 ) ، والإمام الحافظ ابن جرير الطبري في ( تهذيب الآثار ) ، مسند سيّدنا علي ( ص 104 / حديث 8 ) ، والحافظ العلائي في ( النقد الصحيح ) ، والحافظ ابن حجر والحافظ السيوطي كما في ( اللآلي المصنوعة : 1 / 334 ) ، والحافظ السخاوي ( كما في : المقاصد الحسنة ) (107) .

كما ألّف العلاّمة أحمد بن الصدّيق المغربي كتاباً خاصّاً في تصحيح الحديث المذكور ، أسماه : ( فتح الملك العلي ، بصحّة حديث باب مدينة العلم

علي ) .

ـ وأخرج الحاكم بسنده إلى شريك بن عبد الله ، عن أبي إسحاق ، قال : سألت قثم بن العبّاس ، كيف ورث علي رسول الله ( صلّى الله عليه وآله

وسلّم ) دونكم ، قال : لأنّه أوّلنا به لحوقاً وأشدّنا به لزوقاً ) .

قال الحاكم : ( هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ) ، ووافقه الذهبي (108) . ثمّ قال : ( سمعت قاضي القضاة أبا الحسن محمّد بن صالح الهاشمي يقول : سمعتُ أبا عمر القاضي يقول : سمعتُ إسماعيل بن إسحاق القاضي يقول ، وذُكِرَ له قول قثم هذا ، فقال : إنّما يرثُ الوارث بالنسب وبالولاء ، ولا خلاف بين أهل العلم أنّ ابن العمّ لا يرث مع العمّ ، فقد ظهر بهذا الإجماع أنّ عليّاً ورث العلم من النبي ( صلّى الله عليه وسلّم ) دونهم ) .

ثمّ خرّج حديثاً يدلّل على صحّة ذلك أيضاً ، فقال : ( وبصحّة ما ذكره القاضي حدّثنا محمّد بن صالح بن هاني ، حدّثنا أحمد بن نصر ، حدّثنا عمرو بن طلحة القنّاد ، حدّثنا إسباط بن نصر ، عن سمّاك بن حرب ، عن عكرمة ، عن ابن عبّاس ( رضي الله عنهما ) قال : كان علي يقول في حياة رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) : ( إنّ الله يقول : ( أَفَئِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أعْقابِكُمْ ) ، والله ، لا ننقلب على أعقابنا بعد إذ هدانا الله ، والله ، لئنْ مات أو قتل لأقاتلنّ على ما قاتل عليه حتّى أموت ، والله ، إنّي لأخوه ووليـّه وابن عمّه ووارث علمه ، فمّن أحقّ به منّي ) ) ، وقد وافق الذهبي الحاكم في ذلك (109) .

فتنبين أنّ عليّاً ( عليه السلام ) هو باب مدينة علم النبي ووارث علمه .

نكتفي بهذا القدر ، ونقول كما قال شمس الدين بن الجزري : ( فهذا نزر من بحر ، وقل مِن كثر ، بالنسبة إلى مناقبه الجليلة ، ومحاسنـه الجميلة . ولو ذهبنا لاستقصاء ذلك ، لطال الكلام بالنسبة إلى هذا المقام ، ولكن نرجو من الله تعالى أنْ ييسّر إفراد ذلك بكتاب نستوعب فيه ما بلغنا من ذلك ، والله الموفّق للصواب ) (110) .

ـــــــــــــــــــــــ

* المصدر : كتاب : أئمّة أهل البيت في كتب أهل السنّة ، تأليف : حكمت الرحمة ، الناشر : مؤسَّسة الكوثر للمعارف الإسلامية ، ط 1 ، سنة 2004 ، ص 114 ـ 136 .

(1) المستدرك على الصحيحَين : 3 / 121 ، دار المعرفة .

(2) تاريخ دمشق : 42 / 306 ـ 307 ، دار الفكر .

(3) كنز العمال : 11 / 614 ، حديث رقم : 32973 ، مؤسّسة الرسالة .

(4) المستدرك وبهامشه ( تلخيص المستدرك ) للذهبي : 3 / 121 ، دار المعرفة .

(5) مسند أبي يعلى : 2 / 318 ، دار المأمون للتراث .

(6) تاريخ دمشق : 42 / 449 ، دار الفكر .

(7) كنز العمال : 11 / 621 ، مؤسّسة الرسالة .

(8) مجمع الزوائد : 7 / 235 ، دار الكتب العلميّة .

(9) سنن الترمذي : 5 / 297 ، دار الفكر .

(10) مسند أبي يعلى : 1 / 419 ، حديث : 550 ، دار المأمون للتراث .

(11) المعجم الأوسط : 6 / 95 ، دار الحرمين .

(12) المستدرك على الصحيحَين : 3 / 124 ، دار المعرفة .

(13) تاريخ دمشق : ( 30 / 63 ) و ( 42 / 448 ) و ( 44 / 139 ) .

(14) مستدرك الحاكم : 3 / 125 ، دار المعرفة .

(15) الأربعين في مناقب أمّهات المؤمنين : 86 ، حديث رقم : 24 ، دار الفكر .

(16) فيض القدير : 4 / 25 ، دار الكتب العلميّة .

(17) تفسير الفخر الرازي : مجلّد1 / ج1 / ص210 ، دار الفكر .

(18) تاريخ بغداد : 14 / 322 ، دار الكتب العلميّة .

(19) تاريخ دمشق : 42 / 449 ، دار الفكر .

(20) جاء في صدر الحديث : ( إنّ فلاناً [ وهو معاوية ] دخل المدينة حاجّاً ، فأتاه الناس يسلّمون عليه ، فدخل سعد فسلّم ، فقال : وهذا لم يعنّا على حقّنا على باطل غيرنا . قال : فسكت عنه ، فقال : مالكَ لا تتكلّم ؟ فقال : هاجت فتنة وظلمة ، فقلتُ لبعيري ! :  أخ أخ ، فأنختُ حتّى انجلت ، فقـال رجل : إنّي قرأتُ كتاب الله من أوّله إلى آخره ، فلم أرَ فيه : أخ أخ ! فقال : أمّا إذا قلتَ ذاك ، فإنّي سمعتُ رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) يقول : ( علي مع الحقّ ... ) الحديث .

(21) مجمع الزوائد : 7 / 235 ـ 236 ، دار الكتب العلميّة .

(22) الغدير : 3 / 177 ، دار الكتاب العربي .

(23) شرح نهج البلاغة : 2 / 296 ـ 297 ، دار الكتب العلميّة ، مصوّرة على طبعة دار إحياء الكتب العربيّة .

(24) الغدير : 3 / 177 ـ 180 ، دار الكتاب العربي .

(25) المستدرك على الصحيحَين ، وبهامشه ( تلخيص المستدرك ) للذهبي : 3 / 124 ، دار المعرفة .

(26) المستدرك على الصحيحين : 3 / 123 ـ 124 ، دار المعرفة .

(27) فضائل الصحابة : 2 / 570 ، مؤسّسة الرسالة .

(28) تاريخ دمشق : 42 / 307 ، دار الفكر .

(29) معجم شيوخ أبي بكر الإسماعيلي : 3 / 800 ، مكتبة العلوم والحكم .

(30) المعجم الكبير : 12 / 323 ، دار إحياء التراث العربي .

(31) المستدرك على الصحيحين : 3 / 124 ، دار المعرفة .

(32) مجمع الزوائد : 9 / 135 ، دار الكتب العلميّة .

(33) انظر : ( المستدرك ) وبهامشه ( تلخيص المستدرك ) : 3 / 124 ، دار المعرفة .

(34) الرد على الألباني المبتدع : 6 .

(35) المصدر نفسه : 6 .

(36) سنن ابن ماجة : 1 / 44 ، حديث رقم : 119 .

(37) سنن الترمذي : 5 / 300 ، حديث رقم : 3803 ، دار الفكر .

(38) السنن الكبرى : 5 / 45 ، حديث رقم : 8147 ، دار الكتب العلميّة .

(39) خصائص أمير المؤمنين للنسائي : 67 ، المكتبة العصريّة .

(40) مسند أحمد : 4 / 164 ـ 165 ، دار صادر .

(41) سنن الترمذي : 5 / 300 ، دار الفكر .

(42) سير أعلام النبلاء : 8 / 212 ، مؤسّسة الرسالة .

(43) صحيح الجامع الصغير : 2 / 753 ، المكتب الإسلامي .

(44) سنن ابن ماجة تعليق الألباني : 1 / 75 ، مكتبة المعارف للنشر والتوزيع ، الرياض .

(45) تهذيب خصائص الإمام علي بتحقيق الحويني الأثري : 67 ، دار الكتب العلميّة .

(46 ) سير أعلام النبلاء : 8 / 212 ، أشرف على تحقيق الكتاب وخرّج أحاديثه شعيب الأرنؤوط ، وحقّق هذا الجزء نذير حمدان ، ط ، مؤسّسة الرسالة .

(47) انظر : ( المسند ) بتحقيق حمزة أحمد الزين : 13 / 394 ـ 395 ـ 396 ، أحاديث رقم : 17435 ـ 17439 ـ 17440 ـ 17441 ، دار الحديث ، القاهرة .

(48) سنن النسائي : 5 / 45 ، حديث 8146 ، دار الكتب العلميّة . و( السنّة ) : 550 ، المكتب الإسلامي .

(49) كتاب السنّة بتحقيق الألباني : 550 ، المكتب الإسلامي ، بيروت .

(50) سنن الترمذي : 4 / 339 ، دار الفكر ، و( سنن النسائي ) : 5 / 128 ، دار الكتب العلميّة .

(51) تهذيب خصائص الإمام علي بتحقيق الحويني الأثري : 67 ، دار الكتب العلميّة .

(52) مسند أحمد بتحقيق أحمد محمّد شاكر : 2 / 135 ، حديث 1296 ، دار الحديث ، القاهرة .

(53) تهذيب خصائص الإمام علي للنسائي بتحقيق الحويني الأثري : 68 ، دار الكتب العلميّة .

(54) مسند أحمد : 1 / 330 ـ 331 ، دار صادر ، و ( المستدرك على الصحيحين ) : 3 / 132 ـ 134 ، دار المعرفة .

(55) المستدرك على الصحيحين وبهامشه ( تلخيص المستدرك ) : 3 / 132 ـ 134 ، دار المعرفة .

(56) مسند أحمد بتحقيق أحمد محمّد شاكر : 3 / 331 ـ 333 ، حديث 3062 ، دار الحديث ، القاهرة .

(57) سنن الترمذي : 5 / 360 ، دار الفكر .

(58) سنن النسائي : 5 / 140 ، دار الكتب العلميّة .

(59) خصائص الإمام علي للنسائي : 89 ، دار الكتب العلميّة .

(60) المستدرك على الصحيحين : 3 / 155 ، دار المعرفة .

(61) المعجم الأوسط : 7 / 199 ، دار الحرمين .

(62) سنن الترمذي : 5 / 360 ، دار الفكر .

(63) المستدرك على الصحيحين وبهامشه ( تلخيص المستدرك ) للذهبي : 3 / 155 ، دار المعرفة .

(64) تهذيب خصائص أمير المؤمنين : 89 ، حديث رقم : 108 ، دار الكتب العلميّة .

(65) تناقضات الألباني الواضحات : 2 / 244 ، دار الإمام النووي .

(66) تهذيب خصائص أمير المؤمنين بتحقيق الحويني الأثري : 89 ، دار الكتب العلميّة .

(67) سنن الترمذي : 5 / 362 ، دار الفكر .

(68) المستدرك على الصحيحين : 3 / 154 ـ 157 ، دار المعرفة .

(69) مسند أبي يعلى : 270 ، دار المأمون للتراث .

(70) المعجم الكبير : 22 / 403 ، دار إحياء التراث .

(71) سنن الترمذي : 5 / 362 ، دار الفكر .

(72) المستدرك على الصحيحين : 3 / 154 ـ 157 ، دار المعرفة .

(73) تهذيب خصائص أمير المؤمنين بتحقيق الحويني الأثري : 89 ، دار الكتب العلميّة .

(74) تناقضات الألباني الواضحات : 2 / 249 ـ 250 ، دار الإمام النووي .

(75) مسند أحمد : 4 / 275 ، دار صادر .

(76) سنن النسائي : 5 / 139 ـ 365 ، دار الكتب العلميّة .

(77) تهذيب خصائص أمير المؤمنين للنسائي : 87 ، دار الكتب العلميّة .

(78) مجمع الزوائد : 9 / 200 ـ 201 ، دار الكتب العلميّة .

(79) فتح الباري شرح صحيح البخاري : 7 / 19 ، دار المعرفة ، بيروت .

(80) تهذيب خصائص الإمام علي بتحقيق الحويني الأثري : 87 ، حديث رقم : 105 ، دار الكتب العلميّة .

(81) انظر : ( تناقضات الألباني الواضحات ) : 2 / 244 ـ 250 ، دار الإمام النووي .

(82) المعجم الكبير : 23 / 380 ، دار إحياء التراث .

(83) مجمع الزوائد : 9 / 132 ، دار الكتب العلميّة .

(84) تاريخ الخلفاء : 133 ، دار الكتاب العربي .

(85) سلسلة الأحاديث الصحيحة : 3 / 287 ـ 288 ، رقم : 1299 ، مكتبة المعارف للنشر والتوزيع ، الرياض .

(86) المستدرك على الصحيحين وبهامشه ( تلخيص المستدرك ) للذهبي : 3 / 130 ، دار المعرفة .

(87) الجامع الصغير : 2 / 554 ، حديث رقم : 8319 ، دار الفكر ، بيروت .

(88) فيض القدير : 6 / 42 ، حديث 8319 ، دار الكتب العلميّة .

(89) صحيح الجامع الصغير : 2 / 1034 ، حديث رقم : 5963 ، المكتب الإسلامي .

(90) صحيح البخاري : 5 / 77 ـ 78 ، باب غزوة خيبر ، دار الفكر .

(91) صحيح البخاري : ( 4 / 12 ـ 20 ـ 207 ) ، و ( 5 / 76 ) ، دار الفكر ، بيروت .

(92) صحيح مسلم : 7 / 120 ، في فضائل علي ، دار الفكر . وانظر : الحديث في ( صحيح مسلم ) : ( 5 / 194 ـ 195 ) و ( 7 / 120 ـ 121 ـ 122 ) .

(93) صحيح مسلم : 1 / 61 ، دار الفكر .

(94) المستدرك على الصحيحين وبهامشه ( تلخيص المستدرك ) للذهبي : 3 / 121 ، دار المعرفة .

(95) تهذيب خصائص الإمام علي : 76 ، حديث 86 ، دار الكتب العلميّة .

(96) هو عبد الرزاق الصنعاني صاحب ( المصنّف ) من كبار محدّثيهم .

(97) تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي : 50 ـ 51 ، مؤسّسة أهل البيت ، بيروت .

(98) مسند أحمد : 3 / 483 ، دار صادر .

(99) المستدرك على الصحيحين وبهامشه ( تلخيص المستدرك ) للذهبي : 3 / 122 ، دار المعرفة .

(100) مجمع الزوائد : 9 / 129 ، دار الكتب العلميّة .

(101) مجمع الزوائد : 9 / 129 ، دار الكتب العلميّة .

(102) سنن الترمذي : 5 / 300 ، دار الفكر ، بيروت .

(103) انظر : ( الاستيعاب في معرفة الأصحاب ) : 3 / 1098 ـ 1100 ، دار الجيل ، بيروت .

(104) الإصابة في معرفة الصحابة : 2 / 507 ترجمة رقم : 5688 ، دار الفكر .

(105) تاريخ الخلفاء : 131 ، دار الكتاب العربي .

(106) وسيأتيك بعد قليل أنّ السيوطي صحّح الحديث في كتاب آخر .

(107) تناقضات الألباني الواضحات للسيّد السقاف : 3 / 82 ، دار الإمام النووي .

(108) المستدرك على الصحيحين وبهامشه ( تلخيص الذهبي ) : 3/125 ، دار المعرفة .

(109) المصدر نفسه : 3/125 ـ 126 دار المعرفة .

(110) أسنى المطالب : 79 .


source : alhassanain
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

التوحید والوهابیة
الإمَــامَــة
أهل البیت فی الاَدب العربی
الرجعة وأُصول الاِسلام
منزلته
كيف طابت نفس المأمون بقتل الرضا(عليه السلام)
السرّ في تقبيل التربة الحسينية
أمير النحل
من فضائل الإمام علي (عليه السلام) في كتب أهل السنة
خطبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم في يوم ...

 
user comment