القسم الثاني
حكمت الرحمة *
* الفضيلة السادسة : في أنّ طاعته طاعة للنبي محمّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، ومعصيته معصية له .
ـ أخرج الحاكم في ( المستدرك ) بسنده إلى أبي ذر ، قال : قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) : ( مَن أطاعني فقد أطاع الله ، ومَن عصاني فقد عصا الله ، ومَن أطاع عليّاً فقد أطاعني ، ومن عصى عليّاً فقد عصاني ) (1) . وأخرجه ابن عساكر في ( تاريخ دمشق ) (2) ، وأورده المتّقي الهندي في ( كنز العمال ) (3) .
قال الحاكم : ( هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ) . ووافقه الذهبي (4) .
والحديث يدلّ دلالة صريحة وواضحة على عصمة علي ( عليه السلام ) من الخطأ والزلل ، وأنّ كلّ أفعاله وأقواله مطابقة للشريعة المقدّسة ؛ لذا صارت طاعته طاعة للنبي ، وهي طاعة لله ، ومعصيته معصية للنبي ، وهي معصية لله . ولو لم يكن كذلك ، لَمَا أطلق النبي قوله هذا فيه ، وهو مُسدَّد من السماء ، ولا ينطق عن الهوى إنْ هو إلاّ وحي يوحى .
* الفضيلة السابعة : في أنّه مع الحقّ والحقُّ معه .
ـ أخرج أبو يعلى في ( مسنده ) عن أبي سعيد : أنّ عليّاً مرّ فقال النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) : ( الحقُّ مع ذا ، الحقّ مع ذا ) (5) .
وأخرجه ابن عساكر في ( تاريخ دمشق ) (6) .
وأورده المتّقي الهندي في ( كنز العمال ) (7) .
قال الهيثمي في ( مجمع الزوائد ) : ( رواه أبو يعلى ، ورجاله ثقات ) (8) .
ـ وعن علي ( عليه السلام ) ، قال : قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) : ( رحم الله عليّاً ، اللّهم أَدِرْ الحقَّ معه حيث دار ) .
أخرجه الترمذي في ( سننه ) (9) ، وأبو يعلى في ( مسنده ) (10) ، والطبراني في ( الأوسط ) (11) ، والحاكم في ( المستدرك ) (12) ، وابن عساكر في ( تاريخ دمشق ) (13) ، وغيرهم .
وصحّح هذا الحديث : الحاكم في ( المستدرك ) (14) ، وأبو منصور ابن عساكر الشافعي في ( الأربعين في مناقب أمّهات المؤمنين ) (15) ، والسيوطي في ( الجامع الصغير ) ، كما في ( فيض القدير ) (16) للمناوي .
وأرسله الفخر الرازي إرسال المسلّمات ، فقال في تفسيره : ( ومَن اقتدى في دينه بعلي بن أبي طالب فقد اهتدى ، والدليل عليه قوله ( عليه السلام ) : ( اللّهم أدر الحقّ مع علي حيث دار ) ) (17) .
ـ وأخرج الخطيب في ( تاريخ بغداد ) بسنده إلى أبي ثابت مولى أبي ذر ، قال : ( دخلتُ على أمّ سلمة فرأيتها تبكي وتذكر عليّاً ، وقالت : سمعتُ رسولَ الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) يقول : ( علي مع الحقّ والحقُّ مع علي ، ولن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض يوم القيامة ) (18) . وأخرجه ابن عساكر في ( تاريخ دمشق ) (19) .
ـ وحديث أمّ سلمة هذا سمعه سعد بن أبي وقَّاص في دارها ، قال : إنّي سمعتُ رسول الله يقول : ( علـي مع الحقّ ، أو الحقّ مع علي حيث كان ) (20) .
فقال له رجل [ وهو معاوية ] : مَنْ سمع ذلك ؟
قال سعد : قاله في بيت أمّ سلمة .
قال : فأرسل إلى أمّ سلمة فسألها ، فقالت : قد قاله رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) في بيتي .
فقال الرجل لسعد : ما كنتَ عندي قط ألومُ منـك الآن .
فقال : ولمَ ؟
قال : لو سمعتُ هذا من النبي ( صلّى الله عليه وسلّم ) لم أزل خادماً لعلي حتّى أموت !
أورده الهيثمي في ( مجمع الزوائد ) وقال : ( رواه البزّار ، وفيه سعد بن شعيب ، ولم أعرفه . وبقيّة رجاله رجال الصحيح ) (21) .
قال الشيخ الأميني : ( الرجل الذي لم يعرفه الهيثمي هو سعيد بن شعيب الحضرمي ، قد خفي عليه لمكان التصحيف . ترجمه غير واحد بما قال شمس الدين إبراهيم الجوزجاني : إنّه كان شيخاً صالحاً صدوقاً ، كما في خلاصة الكمـال : ( ص118 ) وتهذيب التهذيب : ( 4 / 48 ) ) (22) .
فلا غبار على سند الحديث ، إذن .
قال أبو القاسم البلخي وتلامذته : إنّه ( قد ثبت عنه في الأخبار الصحيحة أنّه قال : عليّ مع الحقّ والحقُّ مع علي ، يدور حيثما دار ) . ووافقهم ابن أبي الحديد على ذلك (23) .
فاتّضح من جميع ما تقدّم في هذه الفضيلة ، أنّ الحقّ مع علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) بنصّ قول النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) . ودلالة ذلك لا تحتاج إلى بيان ، فاقرأ وتدبّر! .
ومَن أراد التوسّع في طُرق هذا الحديث ومصادره ، فليراجع كتاب ( الغدير ) للشيخ الأميني (24) .
* الفضيلة الثامنة : في أنّه مع القرآن والقرآن معه .
ـ أخرج الحاكم بسنده إلى ثابت مولى أبي ذر قال : ( كنتُ مع علي ( رضي الله عنه ) يوم الجمل ، فلمّا رأيتُ عائشة واقفة ، دخلني بعض ما يدخل الناس ، فكشف الله عنّي ذلك عند صلاة الظهر ، فقاتلتُ مع أمير المؤمنين ، فلمّا فرغ ذهبتُ إلى المدينة ، فأتيتُ أمّ سلمة فقلتُ : إنّي ـ والله ـ ما جئتُ أسأل طعاماً ولا شراباً ، ولكنّي مولى لأبي ذر ، فقالت : مرحباً ، فقصصتُ عليها قصّتي ، قالتْ : أين كنتَ حين طارت القلوب مطائرها ؟ قلتُ : إلى حيث كشف الله ذلك عنّي عند زوال الشمس ، قالت : أحسنت ، سمعتُ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) يقول : ( عليّ مـع القرآن والقرآن مع علي ، لن يفترقا حتّى يردا عليَّ الحوض ) .
قال الحاكم : ( هذا حديث صحيح الإسناد ) . ووافقه الذهبي (25) .
ولا يخفى أنّ هذا الحديث يتّفق مع ما سبقه بمعنى واحد ، فإنّ كونه مع الحقّ يعني مع القرآن ، وكونه مع القرآن يعني مع الحق ، فالأحاديث مع كونها صحيحة لذاتها ، فإنّها يُقوِّي بعضها بعضاً أيضاً .
* الفضيلة التاسعة : في أنّ مَن فارقه فارق رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) .
ـ أخرج الحاكم في ( المستدرك ) بسنده عن أبي ذر ( رضي الله عنه ) قال : قال النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) : ( يا علي ، مَن فارقني فقد فارق الله ، ومَن فارقك ـ يا علي ـ فقد فارقني ) (26) .
ـ وأخرجه : أحمد في ( فضائل الصحابة ) (27) ، وابن عساكر في ( تاريخ دمشق ) (28) ، وأخرجه أبو بكر الإسماعيلي في ( معجـم شيوخه ) بسنده إلى ابن عمر ، قال : قال رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) : ( مَن فارق عليّاً فارقني ، ومَن فارقني فارق الله عزّ وجل ) (29) .
وأخرجه عن ابن عمر أيضاً ، الطبراني في ( الكبير ) (30) .
قال الحاكم : ( صحيح الإسناد ولم يخرجاه ) (31) .
قال الهيثمي : ( رواه البزّار ، ورجاله ثقات ) (32) .
أمّا الذهبي ، فقد وافق الحاكم في التصحيح ، لكنّه استنكر متن الحديث بقوله : ( بل منكر ) (33) .
وعلّق عبد الله بن الصدّيق الغُمَارِيّ على استنكار الذهبي بقوله : ( وإنّما استنكره الذهبي لأمرين : إنّ هذا اللفظ لم يرد في حقّ أحد الشيخَين ، وإنّه يُفيد الطعن في معاوية وفرقته ) (34) .
وقد أوضَح قبل هذا منهج الذهبي في الحُكم على الأحاديث بكونها موضوعة أو منكرة ، وهو :
( فهمه أنّ الحديث يقتضي تفضيل علي على الشيخَين ( رضي الله تعالى عنهم ) ، وعلى أساس هذا الفهم ردّ ـ هو وغيره ـ كثيراً من الأحاديث في فضل علي ( عليه السلام ) ، وحكموا بوضعها ، أو نكارتها .
ولم يسلم من نقدهم بهذا الفهم إلاّ قليل ؛ وأيّد ذلك عندهم : إنّ المبتدع إذا روى حديثاً يؤيّد بدعته ، تُردّ روايته . ونفّذوا هذه القاعدة بدقّة فيما يرويه الشيعة من فضائل علي ( عليه السلام ) ، بل يستنكرون الحديث الوارد في فضله ، ولو لم يكن في سنده شيعي ) (35) .
ثمّ ساق الحديث المتقدّم وعلّق عليه بما ذكرناه .
إذن ، فالذهبي وغيره لا يُؤسّسون قواعدهم على أساس الأخذ من النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، بل إنّ لديهم قواعد مسبَّقة تتنافى مع ما صرّح به النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ؛ لذا راحوا يردّون هذه الأحاديث الصحيحة سنداً عندهم ، والتي تدلّ على أفضليّة علي ، وتوضّح مقامه الشريف ؛ معتذرين عن ذلك بالوضع أو النكارة !!!
إذن ، فالرواية السابقة صحيحة السند ، ودلالتها صريحة في أنّ مفارِق عليّ ( عليه السلام ) مفـارِق لله ولرسولـه ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) .
* الفضيلة العاشرة : في أنّ عليّاً من رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ورسول الله مِن علي ، ولا يُؤدّي عن رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) إلاّ علي ( عليه السلام ) .
ـ أخرج ابن ماجة في ( سننه ) بسنده إلى حبشي بن جنادة ، قال : قال رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) : ( عليٌّ منّي وأنا مِن علي ، ولا يُؤدّي عنّي إلاّ أنا أو علي ) (36) .
وأخرجه الترمذي في ( سننه ) (37) ، والنسائي في ( سننه ) (38) ، وفي ( الخصائص ) (39) ، وأحمد في ( مسنده ) (40) ، وغيرهم .
والحديث صحّحه الترمذي في ( سننه ) (41) ، وحَسَّنهُ الذهبي في ( سير أعلام النبلاء ) (42) ، والألباني في ( صحيح الجامع الصغير )(43) ، وفي تحقيقه على ( سنن ابن ماجة ) (44) ، كما قال بصحّته محقّقُ ( الخصائص ) الحويني الأثري (45) ، ومحقّق كتاب ( سير أعلام النبلاء ) ، مشيراً إلى أنّ رجاله رجال الشيخين (46) ، ومحقّق كتاب ( مسند أحمد ) حمزة أحمد الزّين (47) .
ـ مضافاً إلى أنّ الشطر الأوّل للحديث : ( علي منّي وأنا مِن علي ) ، قد ورد من طُرق أخرى معتبرة تقدّمت الإشارة إليها في الفضيلة الرابعة . ونشير هاهنا إلى رواية عمران بن حصين إتماماً للفائدة ، فقد أخرج النسائي في ( سننه ) ، وابن أبي عاصم في ( السنّة ) ، وغيرهم ، بسندهم إلى عمران بن حصين ، قال : قال رسول الله ( صلّى الله عليه وسلم ) : ( إنّ علياً منّي وأنا منه ، وهو وليّ كلّ مؤمن من بعدي ) (48) .
قال الألباني : ( إسناده صحيح . رجاله ثقات على شرط مسلم . والحديث أخرجه الترمذي ( 2 / 297 ) ، وابن حِبّان ( 2203 ) ، والحاكـم ( 3 / 110 ـ 111 ) ، وأحمد ( 4/437 ) من طُرق أخرى عن جعفر بن سليمان الضبعي به . وقال الترمذي : ( حديث حسن غريب ) . وقال الحاكم : ( صحيح على شرط مسلم ) ، وأقرّه الذهبي . وله شاهد من حديث بريدة مرفوعاً به ، أخرجه أحمد ( 5 / 356 ) عن طريق أجلح الكندي ، عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه بريدة ، وإسناده جيّد ، رجاله ثقات رجال الشيخين ، غير أجلح ، وهو ابن عبد الله بن جحيفة الكندي ، وهو شيعي صدوق ) (49) .
فعليٌّ من رسول الله ، ورسول الله من علي ، هما نفس واحدة ، ولهما خصائص ومميّزات معيّنة ثابتة لكليهما ، سوى ما خرج من الأمور التي اختصّ بها النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) كالنبوّة وأفضليّته على سائر البشر .
ولذا فإنّه لا يُؤدّي عن رسول الله إلاّ علي ( عليه السلام ) ؛ لأنّه الوحيد الذي حمل صفات النبي وخصائصه ومميّزاته التي امتاز بها على الخلق ، فيكون هو الخليفة على الأمّة والإمام لها ومرجعها في الشريعة المقدّسة وغير ذلك من وظائف الرسول الأكرم ( صلّـى الله عليه وآله وسلّم ) وخصائصه ؛ فكلّ ما ثبت للنبي محمّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) يكون ثابتاً لعلي ( عليه السلام ) .
وما تبليغ سورة براءة بيد علي إلاّ ضمن هذا المعنى المتقدّم . وخبر تبليغ براءة بيد علي ( عليه السلام ) خبر صحيح .
فقد أخرج الترمذي والنسائي وغيرهم ، بسندهم إلى أنس بن مالك ، قال : ( بعث النبي ( صلّى الله عليه وسلّم ) ببراءة مع أبي بكر ، ثمّ دعـاه فقال : ( لا ينبغي لأحد أنْ يُبلغ هذا إلاّ رجل من أهلي ، فدعا عليـّاً فأعطاه إيّاه ) (50) .
قال الترمذي : هذا حديث حسن ، غريب ، من حديث أنس .
قال الحويني الأثري في تحقيقه على ( خصائص النسائي ) : ( إسناده صحيح ) (51) .
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائده على ( المسند ) بسنده إلى علي ، قال : ( لمّا نزلت عشر آيات من براءة على النبي ( صلّى الله عليه وسلّم ) ، دعا النبي ( صلّى الله عليه وسلّم ) أبا بكر ، فبعثه بها ليقرأها على أهل مكّة ، ثمّ دعاني النبي ( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال لي : ( أدرك أبا بكر ، فحيثما لحقته فخذ الكتاب منه ، فاذهبْ به إلى أهل مكّة فاقرأه عليهم ) ، فلحقته بالجحفة ، فأخذت الكتاب منه ، ورجع أبو بكر إلى النبي ( صلّى الله عليه وسلّم ) ، فقال : يا رسول الله نزل فيّ شيء ؟ قال : لا ، ولكنّ جبرائيل جاءني فقال : لن يؤدّي عنك إلاّ أنت أو رجل منك ) .
قال أحمد محمّد شاكر محقّق كتاب ( المسند ) : ( إسناده حسن ) (52) .
و في ( الخصائص ) بسنده إلى زيد بن يثيغ عن علي ( عليه السلام ) : ( إنّ رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) ، بعث ببراءة إلى أهل مكّة مع أبي بكر ، ثمّ أتبعه بعلي ، فقال له : ( خُذ الكتاب فامضِ به إلى أهل مكّة ) . قال : فلحقه فأخذ الكتاب منه ، فانصرف أبو بكر وهو كئيب ، فقال لرسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) : أنزَل فيّ شيء ؟ قال : ( لا ، إلاّ أنّي أمرتُ أنْ أبلّغه أنا أو رجل من أهل بيتي ) .
قال أبو إسحق الحويني الأثري : ( صحيح ) (53) .
وأخرج أحمد في ( مسنده ) والحاكم في ( المستدرك ) ، بسندهما إلى ابن عباّس في حديث طويل جاء فيه : ( ثمّ بعثَ فلاناً بسورة التوبة ، فبعثَ عليّاً خلفه فأخذها منه ، وقال [ يعني رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ] : ( لا يذهب بها إلاّ رجل منّي وأنا منه ) (54) .
قال الحاكم : ( هذا حديث صحيح الإسناد ) . ووافقه الذهبي في ( التلخيص ) (55) .
وقال أحمد محمّد شاكر : ( إسناده صحيح ) ، وقال : ( قوله : ( ثمّ بعث فلاناً بسورة التوبة ) ، يُريد أبا بكر رضي الله عنه ) (56) .
* الفضيلة الحادية عشرة : في أنّ عليّاً وفاطمة أحبّ الناس إلى رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) .
ـ أخرج الترمذي بسنده عن ابن بريدة ، عن أبيه ، قال : ( كـان أحبّ النساء إلى رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) فاطمة ، ومن الرجال : علي ) (57) .
وأخرجه النسائي في ( السنن ) (58) و ( الخصائص ) (59) ، والحاكم في ( المستدرك ) (60) ، والطبراني في ( الأوسط ) (61) ، وغيرهم .
و الحديث حسّنه الترمذي (62) ، وصحّحه الحاكم في ( المستدرك ) ، ووافقه الذهبي في ( التلخيص ) (63) ، وصحّحه أيضاً أبو إسحاق الحويني الأثري في ( تهذيب خصائص أمير المؤمنين ) (64) ، والسيّد حسن السقَّاف في ( تناقضات الألباني الواضحات ) (65) .
وعن جميع بن عمير قال : دخلتُ مع أبي على عائشة يسألها ـ من وراء حجاب ـ عن علي ( رضي الله عنه ) ، فقالت : تسألني عن رجل ما أعلم أحداً كان أحبّ إلى رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) منه ، ولا أحبّ إليه من امرأته ) .
أخرجه النسائي في ( خصائص أمير المؤمنين ) (66) .
وأخرجه جماعة بلفظ : ( دخلتُ مع عمّتي أو أمّي ... ) ، منهم :
الترمذي في ( سننه ) (67) ، والحاكم في ( مستدركه ) من طريقَين عن جميع (68) ، وأبو يعلى في ( مسنده ) (69) ، والطبراني في ( الكبير ) (70) ، وغيرهم .
و الحديث حسَّنَه الترمذي فـي ( السنن ) (71) ، وصحّحه الحاكم في ( المستدرك ) (72) ، والحويني الأثري في تحقيقه على ( الخصائص ) (73) ، والسيّد حسن السقّاف في ( تناقضات الألباني الواضحات ) (74) .
ـ وعن النعمان بن بشير ، قال : ( استأذن أبو بكر على رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) ، فسمع صوت عائشة عالياً ، وهي تقول : والله لقد عرفت أنّ عليّاً أحبّ إليك من أبي ومنّي ، مرّتين أو ثلاثاً ، فاستأذن أبو بكر ، فدخل فأهوى إليها فقال : يا بنت فلانة ، أَلاَ أسمعك ترفعين صوتك على رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) ) .
أخرجه أحمد في ( مسنده ) (75) ، والنسائي في ( سننه ) (76) و ( خصائصه ) (77) ، قال الحافظ الهيثمي في ( المجمع ) : ( رواه أحمد ، ورجاله رجال الصحيح ) (78) .
قال الحافظ ابن حجر في ( فتح الباري ) : ( أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي بسند صحيح ) (79) .
وقال الحويني الأثري محقّق ( الخصائص ) : ( إسناده صحيح ) (80) .
و قد أجاد السيّد حسن السقاف في بيان صحّة هذه الأحاديث في كتابه ( تناقضات الألباني الواضحات ) ، مَن شاء فليراجع (81) .
* الفضيلة الثانية عشرة : في أنّ مَن أحبّ علياً فقد أحبّ الله ورسوله ، ومَن أبغض عليّاً فقد أبغض الله ورسوله .
ـ أخرج الطبراني بسنده إلى أبي الطفيل قال : ( سمعتُ أمّ سلمة تقول : أشهد أنّي سمعتُ رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) يقول : ( مَن أحبّ عليّاً فقد أحبّني ، ومّن أحبّني فقد أحبَّ الله . ومَن أبغض عليّاً فقد أبغضني ، ومَن أبغضني فقد أبغض الله ) (82) .
وأورده الهيثمي في ( مجمع الزوائد ) وقال : ( رواه الطبراني وإسناده حَسَن ) (83) ، والسيوطي في ( تاريخ الخلفاء ) وقال : ( أخرجه الطبراني بسند صحيح ) (84) ، والألباني في ( الصحيحة ) وقال : ( رواه المخلص في ( الفوائد المنتقاة ) ( 10 / 5 / 1 ) بسند صحيح عن أمّ سلمة ، قالت : أشهد أنّي سمعت رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) يقول : فذكره ) (85) .
ـ وأخرج الحاكم بسنده إلى أبي عثمان النهدي ، قال : ( قال رجل لسلمان : ما أشد حبّك لعلي ، قال : سمعتُ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) يقول : ( مّن أحبّ عليّاً فقد أحبّني ، ومَن أبغض عليّاً فقد أبغضني ) ) .
قال الحاكم : ( هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ) . ووافقه الذهبي (86) .
والحديث أورده السيوطي في ( الجامع الصغير ) (87) من رواية الحاكم عن سلمان ، واستدرك عليه المناوي في ( فيض القدير ) بعد ذكر الحاكم وإقرار الذهبي وسكوته عنهما قائلاً : ( و رواه أحمد باللفظ المزبور عن أمّ سلمة وسنده حسن ) (88) ، وفي تعليق الألباني على ( الجامع الصغير ) للسيوطي قال : ( صحيح ) (89) .
هذا ، وفضائل علي كثيرة شهيرة ، لو أردنا استقصاءها وتخريجها لطال بنا المقام ، وما ذكرناه لا يُمثّل إلاّ نزراً يسيراً منها ، وقفنا فيه على اثنتي عشرة فضيلة تيمّناً بعدد خلفاء الرسول الأكرم ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) .
ولكن قبل أنْ نختم هذا الفصل ، رأينا من المناسب أنْ نشير إشارات عابرة إلى فضائل أخرى من فضائله ( عليه السلام ) ، لكن نحاول الاقتصار على ذكر الخبر من مصدر واحد ، ونشير إلى تصحيحه ، بلا توسّع في البحث أو استقصاء للمصادر ؛ توخّياً للاختصار وإتماماً للفائدة :
فضائل أخرى:
1 ـ في أنّه حامل راية خيبر ، وأنّه يُحبّ الله ورسوله ويُحبّه الله ورسوله .
ـ أخرج البخاري في ( صحيحه ) بسنده إلى سهل بن سعد ( رضي الله عنه ) ، قال : ( إنّ رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) قال يوم خيبر : ( لأعطينّ هذه الراية غداً رجلاً يفتح الله على يديه ، يُحبّ الله ورسوله ويُحبـّه الله ورسوله ) ، قال : فبات الناس يدوكون ليلتهم أيّهم يُعطاها ، فلمّا أصبح الناس غدوّاً على رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) ، كلّهم يرجو أنْ يُعطاها ، فقال : ( أين علي بن أبي طالب ؟ ) فقيل: يا رسول الله ، يشتكي عينيه . فأرسلوا إليه ، فأُتي به ، فبصق رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) في عينيه ، ودعا له فبرأ ، حتّى كأنْ لم يكن به وجع ، فأعطاه الراية ، فقال علي : ( يا رسـول الله ، أُقاتلهم حتّى يكونوا مثلنا ) ، فقال ( عليه الصلاة والسلام ) : ( أنفذ على رسلك حتّى تنزل بساحتهم ، ثمّ ادعهم إلى الإسلام ، وأخبرهم بما يجب عليهم مِن حقّ الله فيه . فو الله ، لئن يهدي الله بك رجلاً واحداً ، خير لك من أنْ يكون لك حمر النعم ) (90) .
الحديث رواه عدّة من الصحابة ، وأخرجه البخاري في أكثر من موضع (91) ، وكذا مسلم .
ـ وفي بعض أخبار مسلم بسنده إلى أبي هريرة ، قال : ( قال عمر بن الخطاب : ما أحببتُ الإمارة إلاّ يومئذ ، قال : فتساورتُ لها رجاء أنْ أُدعى لها ، قال : فدعا رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) علي بن أبي طالب ، فأعطاه إيّاها ... ) (92) .
والحديث لا كلام في صحّته ، خصوصاً مع وروده في الصحيحين .
2 ـ في أنّه لا يُحبّه إلاّ مؤمن ، ولا يُبغضه إلاّ منافق .
ـ أخرج مسلم في ( صحيحه ) بسنده إلى علي بن أبي طالب ، قال : ( والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة ، إنّه لعهد النبي الأمّي ( صلّى الله عليه وسلّم ) إليّ ، أنْ لا يُحبني إلاّ مؤمن ، ولا يُبغضني إلاّ منافق ) (93) .
والحديث أخرجه الكثير بألفاظ متقاربة ، وهو صحيح ؛ لوجوده في مسلم ، ولا حاجة لذكر تصحيحات أخرى له .
3 ـ في أنّ مَن سبّه فقد سبّ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) .
ـ أخرج الحاكم بسنده إلى أبي عبد الله الجدلي ، قال : دخلتُ على أمّ سلمة ( رضي الله عنها ) ، فقالت : أيُسبُّ رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) فيكم ، فقلتُ : معاذ الله ، أو سبحان الله ، أو كلمة نحوها ، فقالتْ : سمعتُ رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) يقول : ( مَن سبَّ عليّاً فقد سبـّني ) ) .
قال الحاكم : ( هذا حديث صحيح الإسناد ) ، ووافقه الذهبي (94) .
وأخرجه النسائي في ( الخصائص ) ، وقال فيه المحقّق أبو إسحاق الحويني الأثري : ( إسناده صحيح ) (95) .
4 ـ في أنّ الرسول ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وعليّاً ( عليه السلام ) خُلِقَا من نور واحد .
ـ هذا الحديث صحيح الإسناد نقله سبط ابن الجوزي في ( تذكرة الخواص ) ، وإليك جميع ما قاله في المقام :
قال :
( قال أحمد في ( الفضائل ) : ( حدّثنا عبد الرزاق عن معمر ، عن الزهري ، عن خالد بن معدان ، عن زادان عن سلمان ، قال : قال رسول الله ( ص ) : ( كنتُ أنا وعلي بن أبي طالب نوراً بين يدي الله تعالى قبل أنْ يُخلق آدم بأربعة آلاف عام ، فلمّا خُلق آدم ، قُسم ذلك النور جزأين ، فجزء أنا ، وجزء علي ) ، وفي رواية : ( خلقتُ أنا وعلي من نور واحد ) ) .
فإن قيل : فقد ضعّفوا هذا الحديث .
فالجواب [ والكلام لابن الجوزي ] : إنّ الحديث الذي ضعَّفوه غير هذه الألفاظ ، وغير الإسناد .
أمّـا اللفـظ [ يعني لفظ الحديث الذي ضعّفوه ] : ( خلقتُ أنا وهارون بن عمران ويحيى بن زكريّا وعليّ بن أبي طالب من طينة واحدة ) ، وفي رواية : ( خلقتُ أنا وعلي من نورٍ ، وكنّا عن يمين العرش قبل أنْ يخلق الله آدم بألفَي عام ، فجعلنا نتقلّب في أصلاب الرجال إلى عبد المطّلب ) .
وأمّا الإسناد [ يعني إسناد الحديث الذي ضعّفوه] ، فقالوا : في إسناده محمّد بن خلف المروزي ، وكان مغفّلاً ، وفيه ـ أيضاً ـ جعفر بن أحمد بن بيان ، وكان شيعيّاً .
والحديث الذي رويناه يخالف هذا اللفظ والإسناد ، رجاله ثقات .
فإنْ قيل : فعبد الرزاق (96) كان يتشيّع .
قلنا : هو أكبر شيوخ أحمد بن حنبل ، ومشى إلى صنعاء من بغداد حتّى سَمِعَ منه ، وقال : ما رأيتُ مثل عبد الرزاق . ولو كان فيه بدعة ، لَمَا روى عنه . ومازال إلى أنْ مات يروي عنه ، ومعظم الأحاديث التي في ( المسند ) رواها من طريقه ، وقد أخرج عنه أيضاً في الصحيح ) (97) .
5 ـ في أنّ مَن آذى عليّاً فقد آذى رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) .
ـ أخرج أحمد في ( مسنده ) عن عمرو بن شاس الأسلمي ـ وكان من أصحاب الحديبيّة ـ قال : خرجتُ مع عليٍّ إلى اليمن ، فجفاني في سفري
ذلك ، حتّى وجدت في نفسي عليه ، فلمّا قدمتُ ، أظهرت شكايته في المسجد حتّى بلغ ذلك رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) ، فدخلتُ المسجد ذات غدوة ورسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) في ناس من أصحابه ، فلمّا رآني أبَدَّني عينيه ، يقول : ( حدّد إليّ النظر ) ، حتّى إذا جلستُ قال : ( يا عمرو ، والله لقد آذيتني ) ، قلتُ : أعوذ بالله أنْ أؤذيك يا رسول الله ، قال : ( بلى ، مَن آذى عليّاً فقد آذاني ) (98) .
أخرجه الحاكم في ( المستدرك ) وقال : ( هذا حديث صحيح الإسناد ) . ووافقه الذهبي (99) .
و أورده الهيثمي في ( مجمع الزوائد ) ، وقال : ( رواه أحمد والطبراني باختصار ، والبزّار أخصر منه . ورجال أحمد ثقات ) (100) .
ـ وفي ( مجمع الزوائد ) عن سعد بن أبي وقَّاص ، قال : ( كنتُ جالساً في المسجد أنا ورجلَين معي ، فنلنا من علي ، فأقبل رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) غضبان يُعرَف في وجهه الغضب ، فتعوّذتُ بالله من غضبه ، فقال : ( ما لكم ومالي ، مَن آذى عليّاً فقد آذاني ) ) .
رواه أبو يعلى والبزار باختصار . ورجال أبي يعلى رجال الصحيح ، غير محمود بن خداش وقنان ، وهما ثقتان ) (101) .
6 ـ حديث المؤاخاة .
ـ عن ابن عمر قال : ( آخى رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) بين أصحابه ، فجاء علي تدمع عيناه ، فقال : ( يا رسول الله ، آخيت بين أصحابك ولم تُؤاخِ بيني وبين أحد ) ، فقال له رسول لله ( صلّى الله عليه وسلّم ) : ( أنت أخي في الدنيا والآخرة ) ) . أخرجه الترمذي في ( سننه )
وحسّنه (102) .
والحديث رواه جمع من الصحابة ، وعدّه ابن عبد البر في ( الاستيعاب ) من الآثار الثابتة عن رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) (103) .
وأرسله الحافظ ابن حجر في الإصابة إرسال المسلّمات بقوله : ( و كان اللواء بيده في أكثر المشاهد ، ولمّا آخى النبي ( صلّى الله عليه وسلّم ) بين أصحابه قال له: ( أنت أخي ) ) (104) .
7 ـ في أنّه باب مدينة علم رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) .
ـ قال السيوطي في ( تاريخ الخلفاء ) : ( و أخرج البزّار والطبراني في الأوسط ، عن جابر بن عبد الله ، وأخرج الترمذي والحاكم عن علي ، قال : قال رسول الله ( عليه الصلاة والسلام ) : ( أنا مدينة العلم وعليٌّ بابها ) . هذا حديث حسن على الصواب ، لا صحيح كما قال الحاكم ، ولا موضوع كما قاله جماعة ، منهم : ابن الجوزي والنووي ، وقد بيـّنت حاله في التعقبات على الموضوعات ) (105) (106) .
وقال السيّد حسن السقاف في تحقيقه على كتابه ( تناقضات الألباني الواضحات ) : ( صحّ عنه ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) أنّه قال : ( أنا مدينة العلم وعلي بابها ) . صحّحه الحافظ ابن معين ( كما في تاريخ بغداد : 11 / 49 ) ، والإمام الحافظ ابن جرير الطبري في ( تهذيب الآثار ) ، مسند سيّدنا علي ( ص 104 / حديث 8 ) ، والحافظ العلائي في ( النقد الصحيح ) ، والحافظ ابن حجر والحافظ السيوطي كما في ( اللآلي المصنوعة : 1 / 334 ) ، والحافظ السخاوي ( كما في : المقاصد الحسنة ) (107) .
كما ألّف العلاّمة أحمد بن الصدّيق المغربي كتاباً خاصّاً في تصحيح الحديث المذكور ، أسماه : ( فتح الملك العلي ، بصحّة حديث باب مدينة العلم
علي ) .
ـ وأخرج الحاكم بسنده إلى شريك بن عبد الله ، عن أبي إسحاق ، قال : سألت قثم بن العبّاس ، كيف ورث علي رسول الله ( صلّى الله عليه وآله
وسلّم ) دونكم ، قال : لأنّه أوّلنا به لحوقاً وأشدّنا به لزوقاً ) .
قال الحاكم : ( هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ) ، ووافقه الذهبي (108) . ثمّ قال : ( سمعت قاضي القضاة أبا الحسن محمّد بن صالح الهاشمي يقول : سمعتُ أبا عمر القاضي يقول : سمعتُ إسماعيل بن إسحاق القاضي يقول ، وذُكِرَ له قول قثم هذا ، فقال : إنّما يرثُ الوارث بالنسب وبالولاء ، ولا خلاف بين أهل العلم أنّ ابن العمّ لا يرث مع العمّ ، فقد ظهر بهذا الإجماع أنّ عليّاً ورث العلم من النبي ( صلّى الله عليه وسلّم ) دونهم ) .
ثمّ خرّج حديثاً يدلّل على صحّة ذلك أيضاً ، فقال : ( وبصحّة ما ذكره القاضي حدّثنا محمّد بن صالح بن هاني ، حدّثنا أحمد بن نصر ، حدّثنا عمرو بن طلحة القنّاد ، حدّثنا إسباط بن نصر ، عن سمّاك بن حرب ، عن عكرمة ، عن ابن عبّاس ( رضي الله عنهما ) قال : كان علي يقول في حياة رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) : ( إنّ الله يقول : ( أَفَئِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أعْقابِكُمْ ) ، والله ، لا ننقلب على أعقابنا بعد إذ هدانا الله ، والله ، لئنْ مات أو قتل لأقاتلنّ على ما قاتل عليه حتّى أموت ، والله ، إنّي لأخوه ووليـّه وابن عمّه ووارث علمه ، فمّن أحقّ به منّي ) ) ، وقد وافق الذهبي الحاكم في ذلك (109) .
فتنبين أنّ عليّاً ( عليه السلام ) هو باب مدينة علم النبي ووارث علمه .
نكتفي بهذا القدر ، ونقول كما قال شمس الدين بن الجزري : ( فهذا نزر من بحر ، وقل مِن كثر ، بالنسبة إلى مناقبه الجليلة ، ومحاسنـه الجميلة . ولو ذهبنا لاستقصاء ذلك ، لطال الكلام بالنسبة إلى هذا المقام ، ولكن نرجو من الله تعالى أنْ ييسّر إفراد ذلك بكتاب نستوعب فيه ما بلغنا من ذلك ، والله الموفّق للصواب ) (110) .
ـــــــــــــــــــــــ
* المصدر : كتاب : أئمّة أهل البيت في كتب أهل السنّة ، تأليف : حكمت الرحمة ، الناشر : مؤسَّسة الكوثر للمعارف الإسلامية ، ط 1 ، سنة 2004 ، ص 114 ـ 136 .
(1) المستدرك على الصحيحَين : 3 / 121 ، دار المعرفة .
(2) تاريخ دمشق : 42 / 306 ـ 307 ، دار الفكر .
(3) كنز العمال : 11 / 614 ، حديث رقم : 32973 ، مؤسّسة الرسالة .
(4) المستدرك وبهامشه ( تلخيص المستدرك ) للذهبي : 3 / 121 ، دار المعرفة .
(5) مسند أبي يعلى : 2 / 318 ، دار المأمون للتراث .
(6) تاريخ دمشق : 42 / 449 ، دار الفكر .
(7) كنز العمال : 11 / 621 ، مؤسّسة الرسالة .
(8) مجمع الزوائد : 7 / 235 ، دار الكتب العلميّة .
(9) سنن الترمذي : 5 / 297 ، دار الفكر .
(10) مسند أبي يعلى : 1 / 419 ، حديث : 550 ، دار المأمون للتراث .
(11) المعجم الأوسط : 6 / 95 ، دار الحرمين .
(12) المستدرك على الصحيحَين : 3 / 124 ، دار المعرفة .
(13) تاريخ دمشق : ( 30 / 63 ) و ( 42 / 448 ) و ( 44 / 139 ) .
(14) مستدرك الحاكم : 3 / 125 ، دار المعرفة .
(15) الأربعين في مناقب أمّهات المؤمنين : 86 ، حديث رقم : 24 ، دار الفكر .
(16) فيض القدير : 4 / 25 ، دار الكتب العلميّة .
(17) تفسير الفخر الرازي : مجلّد1 / ج1 / ص210 ، دار الفكر .
(18) تاريخ بغداد : 14 / 322 ، دار الكتب العلميّة .
(19) تاريخ دمشق : 42 / 449 ، دار الفكر .
(20) جاء في صدر الحديث : ( إنّ فلاناً [ وهو معاوية ] دخل المدينة حاجّاً ، فأتاه الناس يسلّمون عليه ، فدخل سعد فسلّم ، فقال : وهذا لم يعنّا على حقّنا على باطل غيرنا . قال : فسكت عنه ، فقال : مالكَ لا تتكلّم ؟ فقال : هاجت فتنة وظلمة ، فقلتُ لبعيري ! : أخ أخ ، فأنختُ حتّى انجلت ، فقـال رجل : إنّي قرأتُ كتاب الله من أوّله إلى آخره ، فلم أرَ فيه : أخ أخ ! فقال : أمّا إذا قلتَ ذاك ، فإنّي سمعتُ رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) يقول : ( علي مع الحقّ ... ) الحديث .
(21) مجمع الزوائد : 7 / 235 ـ 236 ، دار الكتب العلميّة .
(22) الغدير : 3 / 177 ، دار الكتاب العربي .
(23) شرح نهج البلاغة : 2 / 296 ـ 297 ، دار الكتب العلميّة ، مصوّرة على طبعة دار إحياء الكتب العربيّة .
(24) الغدير : 3 / 177 ـ 180 ، دار الكتاب العربي .
(25) المستدرك على الصحيحَين ، وبهامشه ( تلخيص المستدرك ) للذهبي : 3 / 124 ، دار المعرفة .
(26) المستدرك على الصحيحين : 3 / 123 ـ 124 ، دار المعرفة .
(27) فضائل الصحابة : 2 / 570 ، مؤسّسة الرسالة .
(28) تاريخ دمشق : 42 / 307 ، دار الفكر .
(29) معجم شيوخ أبي بكر الإسماعيلي : 3 / 800 ، مكتبة العلوم والحكم .
(30) المعجم الكبير : 12 / 323 ، دار إحياء التراث العربي .
(31) المستدرك على الصحيحين : 3 / 124 ، دار المعرفة .
(32) مجمع الزوائد : 9 / 135 ، دار الكتب العلميّة .
(33) انظر : ( المستدرك ) وبهامشه ( تلخيص المستدرك ) : 3 / 124 ، دار المعرفة .
(34) الرد على الألباني المبتدع : 6 .
(35) المصدر نفسه : 6 .
(36) سنن ابن ماجة : 1 / 44 ، حديث رقم : 119 .
(37) سنن الترمذي : 5 / 300 ، حديث رقم : 3803 ، دار الفكر .
(38) السنن الكبرى : 5 / 45 ، حديث رقم : 8147 ، دار الكتب العلميّة .
(39) خصائص أمير المؤمنين للنسائي : 67 ، المكتبة العصريّة .
(40) مسند أحمد : 4 / 164 ـ 165 ، دار صادر .
(41) سنن الترمذي : 5 / 300 ، دار الفكر .
(42) سير أعلام النبلاء : 8 / 212 ، مؤسّسة الرسالة .
(43) صحيح الجامع الصغير : 2 / 753 ، المكتب الإسلامي .
(44) سنن ابن ماجة تعليق الألباني : 1 / 75 ، مكتبة المعارف للنشر والتوزيع ، الرياض .
(45) تهذيب خصائص الإمام علي بتحقيق الحويني الأثري : 67 ، دار الكتب العلميّة .
(46 ) سير أعلام النبلاء : 8 / 212 ، أشرف على تحقيق الكتاب وخرّج أحاديثه شعيب الأرنؤوط ، وحقّق هذا الجزء نذير حمدان ، ط ، مؤسّسة الرسالة .
(47) انظر : ( المسند ) بتحقيق حمزة أحمد الزين : 13 / 394 ـ 395 ـ 396 ، أحاديث رقم : 17435 ـ 17439 ـ 17440 ـ 17441 ، دار الحديث ، القاهرة .
(48) سنن النسائي : 5 / 45 ، حديث 8146 ، دار الكتب العلميّة . و( السنّة ) : 550 ، المكتب الإسلامي .
(49) كتاب السنّة بتحقيق الألباني : 550 ، المكتب الإسلامي ، بيروت .
(50) سنن الترمذي : 4 / 339 ، دار الفكر ، و( سنن النسائي ) : 5 / 128 ، دار الكتب العلميّة .
(51) تهذيب خصائص الإمام علي بتحقيق الحويني الأثري : 67 ، دار الكتب العلميّة .
(52) مسند أحمد بتحقيق أحمد محمّد شاكر : 2 / 135 ، حديث 1296 ، دار الحديث ، القاهرة .
(53) تهذيب خصائص الإمام علي للنسائي بتحقيق الحويني الأثري : 68 ، دار الكتب العلميّة .
(54) مسند أحمد : 1 / 330 ـ 331 ، دار صادر ، و ( المستدرك على الصحيحين ) : 3 / 132 ـ 134 ، دار المعرفة .
(55) المستدرك على الصحيحين وبهامشه ( تلخيص المستدرك ) : 3 / 132 ـ 134 ، دار المعرفة .
(56) مسند أحمد بتحقيق أحمد محمّد شاكر : 3 / 331 ـ 333 ، حديث 3062 ، دار الحديث ، القاهرة .
(57) سنن الترمذي : 5 / 360 ، دار الفكر .
(58) سنن النسائي : 5 / 140 ، دار الكتب العلميّة .
(59) خصائص الإمام علي للنسائي : 89 ، دار الكتب العلميّة .
(60) المستدرك على الصحيحين : 3 / 155 ، دار المعرفة .
(61) المعجم الأوسط : 7 / 199 ، دار الحرمين .
(62) سنن الترمذي : 5 / 360 ، دار الفكر .
(63) المستدرك على الصحيحين وبهامشه ( تلخيص المستدرك ) للذهبي : 3 / 155 ، دار المعرفة .
(64) تهذيب خصائص أمير المؤمنين : 89 ، حديث رقم : 108 ، دار الكتب العلميّة .
(65) تناقضات الألباني الواضحات : 2 / 244 ، دار الإمام النووي .
(66) تهذيب خصائص أمير المؤمنين بتحقيق الحويني الأثري : 89 ، دار الكتب العلميّة .
(67) سنن الترمذي : 5 / 362 ، دار الفكر .
(68) المستدرك على الصحيحين : 3 / 154 ـ 157 ، دار المعرفة .
(69) مسند أبي يعلى : 270 ، دار المأمون للتراث .
(70) المعجم الكبير : 22 / 403 ، دار إحياء التراث .
(71) سنن الترمذي : 5 / 362 ، دار الفكر .
(72) المستدرك على الصحيحين : 3 / 154 ـ 157 ، دار المعرفة .
(73) تهذيب خصائص أمير المؤمنين بتحقيق الحويني الأثري : 89 ، دار الكتب العلميّة .
(74) تناقضات الألباني الواضحات : 2 / 249 ـ 250 ، دار الإمام النووي .
(75) مسند أحمد : 4 / 275 ، دار صادر .
(76) سنن النسائي : 5 / 139 ـ 365 ، دار الكتب العلميّة .
(77) تهذيب خصائص أمير المؤمنين للنسائي : 87 ، دار الكتب العلميّة .
(78) مجمع الزوائد : 9 / 200 ـ 201 ، دار الكتب العلميّة .
(79) فتح الباري شرح صحيح البخاري : 7 / 19 ، دار المعرفة ، بيروت .
(80) تهذيب خصائص الإمام علي بتحقيق الحويني الأثري : 87 ، حديث رقم : 105 ، دار الكتب العلميّة .
(81) انظر : ( تناقضات الألباني الواضحات ) : 2 / 244 ـ 250 ، دار الإمام النووي .
(82) المعجم الكبير : 23 / 380 ، دار إحياء التراث .
(83) مجمع الزوائد : 9 / 132 ، دار الكتب العلميّة .
(84) تاريخ الخلفاء : 133 ، دار الكتاب العربي .
(85) سلسلة الأحاديث الصحيحة : 3 / 287 ـ 288 ، رقم : 1299 ، مكتبة المعارف للنشر والتوزيع ، الرياض .
(86) المستدرك على الصحيحين وبهامشه ( تلخيص المستدرك ) للذهبي : 3 / 130 ، دار المعرفة .
(87) الجامع الصغير : 2 / 554 ، حديث رقم : 8319 ، دار الفكر ، بيروت .
(88) فيض القدير : 6 / 42 ، حديث 8319 ، دار الكتب العلميّة .
(89) صحيح الجامع الصغير : 2 / 1034 ، حديث رقم : 5963 ، المكتب الإسلامي .
(90) صحيح البخاري : 5 / 77 ـ 78 ، باب غزوة خيبر ، دار الفكر .
(91) صحيح البخاري : ( 4 / 12 ـ 20 ـ 207 ) ، و ( 5 / 76 ) ، دار الفكر ، بيروت .
(92) صحيح مسلم : 7 / 120 ، في فضائل علي ، دار الفكر . وانظر : الحديث في ( صحيح مسلم ) : ( 5 / 194 ـ 195 ) و ( 7 / 120 ـ 121 ـ 122 ) .
(93) صحيح مسلم : 1 / 61 ، دار الفكر .
(94) المستدرك على الصحيحين وبهامشه ( تلخيص المستدرك ) للذهبي : 3 / 121 ، دار المعرفة .
(95) تهذيب خصائص الإمام علي : 76 ، حديث 86 ، دار الكتب العلميّة .
(96) هو عبد الرزاق الصنعاني صاحب ( المصنّف ) من كبار محدّثيهم .
(97) تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي : 50 ـ 51 ، مؤسّسة أهل البيت ، بيروت .
(98) مسند أحمد : 3 / 483 ، دار صادر .
(99) المستدرك على الصحيحين وبهامشه ( تلخيص المستدرك ) للذهبي : 3 / 122 ، دار المعرفة .
(100) مجمع الزوائد : 9 / 129 ، دار الكتب العلميّة .
(101) مجمع الزوائد : 9 / 129 ، دار الكتب العلميّة .
(102) سنن الترمذي : 5 / 300 ، دار الفكر ، بيروت .
(103) انظر : ( الاستيعاب في معرفة الأصحاب ) : 3 / 1098 ـ 1100 ، دار الجيل ، بيروت .
(104) الإصابة في معرفة الصحابة : 2 / 507 ترجمة رقم : 5688 ، دار الفكر .
(105) تاريخ الخلفاء : 131 ، دار الكتاب العربي .
(106) وسيأتيك بعد قليل أنّ السيوطي صحّح الحديث في كتاب آخر .
(107) تناقضات الألباني الواضحات للسيّد السقاف : 3 / 82 ، دار الإمام النووي .
(108) المستدرك على الصحيحين وبهامشه ( تلخيص الذهبي ) : 3/125 ، دار المعرفة .
(109) المصدر نفسه : 3/125 ـ 126 دار المعرفة .
(110) أسنى المطالب : 79 .
source : alhassanain