عربي
Friday 22nd of November 2024
0
نفر 0

منزلة وأخلاق أهل البيت ( عليهم السلام ) في نظر الشيعة

منزلة وأخلاق أهل البيت ( عليهم السلام ) في نظر الشيعة

المعنى اللغوي لـ ( أهل البيت ) :

( أهل البيت ) لغةً : سُكَّانُهُ ، و ( آل الرجل ) : أهلُهُ ، ولا يُستعمل لفظ ( آل ) إلا في أهل رجل له مكانة .

المعنى الاصطلاحي لـ ( أهل البيت ) :

وقد جاء ذكر أهل البيت ( عليهم السلام ) في آيتين من القرآن ، الأولى هي : ( رَحْمَة اللهِ وَبَرَكَاته عَلَيْكُم أَهْل البَيتِ ) هود : 73 .

والثانية هي : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذهِبَ عَنْكُم الرِّجْسَ أَهْل البَيتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطهِيراً ) الأحزاب : 33 ، واتفق المفسرون أن المراد بـ ( أهل البيت ) في الآية الأولى هو النبي إبراهيم الخليل ( عليه السلام ) ، وبالآية الثانية هو النبي محمد ( صلى الله عليه وآله ) .

وتبعاً للقرآن استعمل المسلمون لفظ ( أهل البيت ) و ( آل البيت ) في أهل بيت محمد ( صلى الله عليه وآله ) خاصة ، واشتهر هذا الاستعمال حتى صار اللفظ عَلَماً لهم ، بحيث لا يفهم منه غيرهم إلا بالقرينة ، كما اشتهر لفظ المدينة بيثرب مدينة الرسول ( صلى الله عليه وآله ) .

وقد اتفقت كلمة المسلمين على أن الإمام علي بن أبي طالب ، وزوجته فاطمة الزهراء ، وابنيهما الحسن و الحسين ( عليهم السلام ) من أهل البيت في الصميم ، وأن شجرة النسب النبوي تنحصر فروعها في أبناء فاطمة ( عليها السلام ) ، لأن النبي ( صلى الله عليه وآله ) لم يُعقب إلا من وُلدها .
منزلة أهل البيت ( عليهم السلام ) عند المسلمين :

إذا أردنا أن نعرف منزلة أهل البيت ( عليهم السلام ) عند المسلمين ، والباعث على تكوين الفرق الإسلامية ، وإيمانها بأهل البيت ( عليهم السلام ) ، فعلينا أن نلاحظ منزلة الرسول الأكرم محمد ( صلى الله عليه وآله ) عند المسلمين ، وسيرته مع أهل بيته ( عليهم السلام ) .

وأن نلاحظ مع ذلك أخلاق أهل البيت ( عليهم السلام ) أنفسهم ، وما أصابهم من المِحَن في سبيل تمسكهم بما يرونه الحق والعدل ، وكل ما يرونه ( عليهم السلام ) حقاً فهو الحق ، يجب أن نعلم أنَّ حقيقة الإسلام هي الشهادة لله تبارك وتعالى بالوحدانية ، ولمحمد ( صلى الله عليه وآله ) بالرسالة ، أي : ( لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله ) .

فمن أقرَّ لله بالوحدانية ، وجحد رسالة نبينا محمد ( صلى الله عليه وآله ) ، أو نسب صفات الخالق إلى غير الله ، أو صفات النبوة إلى غير محمد ( صلى الله عليه وآله ) ممن كان في عصره ، أو جحد آية من القرآن ، أو سُنَّة ثابتة بالضرورة من سُنَنِ النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، لا يصحُّ عَدُّهُ من المسلمين ، لأنه لا يحمل الطابع الأساسي للإسلام .

فالمسلم إذن من آمن بالله تعالى وبمحمد ( صلى الله عليه وآله ) ، وقرن طاعته الله بطاعة رسوله الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) ، وبهذا نطقت هذه الآية الكريمة : ( أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ) الأحزاب : 6 .

والآية الشريفة : ( وَالله وَرَسُوله أَحَقُّ أَنْ تُرْضُوهُ ) التوبة : 62 ، والآية المباركة : ( فَلاَ وَرَبُّكَ لاَ يُؤمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَينَهُم ) النساء : 65 ، والآية الكريمة : ( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى إِن هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى ) النجم : 2 ، وما إلى ذلك من عشرات الآيات المباركات .

كما نقل أصحاب السير والمناقب من السنة والشيعة صوراً كثيرة لعطف النبي محمد ( صلى الله عليه وآله ) على أهل بيته ( عليهم السلام ) وحبه لهم ، ونكتفي بالإشارة إلى بعضها :
الأولى :

كان النبي ( صلى الله عليه وآله ) إذا سافر فآخر بيت يخرج منه بيت فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) ، وإذا رجع ( صلى الله عليه وآله ) من سفره فأول بيت يدخله بيتها ( عليها السلام ) .

فكان النبي ( صلى الله عليه وآله ) يجلس ويضع الحسن ( عليه السلام ) على فخذه الأيمن ، والحسين ( عليه السلام ) على فخذه الأيسر ، ويقبّل هذا مرة وذاك أخرى ، ويجلس علياً وفاطمة ( عليهما السلام ) بين يديه .
الثانية :

جاء في الحديث أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) دخل مرة بيت فاطمة ( عليها السلام ) ودعاها ودعا علياً والحسن والحسين ( عليهم السلام ) ، ولفَّ عليه وعليهم كساء ، وتلا الآية الكريمة : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذهِبَ عَنْكُم الرِّجْسَ أَهْل البَيتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطهِيراً ) الأحزاب : 33 .

والمسلمون يسمُّون هذا الحديث بحديث الكساء ، ويطلقون لفظ ( أصحاب الكساء ) على محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين ( عليهم السلام ) .
الثالثة :

في إحدى المرَّات خاطب النبي ( صلى الله عليه وآله ) أهل بيته ( عليهم السلام ) قائلاً : أنا سِلمٌ لمن سالمكم ، وحرب لمن حاربكم .

الرابعة :

أوصى النبي ( صلى الله عليه وآله ) أمته بأهل بيته ( عليهم السلام ) ، وأوصاهم بالقرآن ، ففي الحديث : ( إِنِّي تاركٌ فيكم الثَّقلين أولهما كتاب الله ، فيه الهدى والنور ، وأهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ) .

وفي الآية الكريمة : ( قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيهِ أَجراً إِلاَّ المَوَدَّةَ فِي القُرْبَى ) الشورى : 22 ، والمراد بـ ( القربى ) هم : قرابة النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، ولذا أولاهم المسلمون على اختلاف فرقهم قسطاً كبيراً من الرعاية والتبجيل .

أخلاق أهل البيت ( عليهم السلام ) :

كان الإمام علي ( عليه السلام ) صلباً في الحق ، لا تأخذه فيه لومة لائم ، ولم يكن الحق في مفهومه ما كان امتداداً لِذَاته وسلطانه ، فقد تساهل ( عليه السلام ) في حقوقه الخاصة حتى استغلَّ أعداؤه هذا التساهل ، فعفا ( عليه السلام ) عن مروان بن الحكم بعد أن ظفر به في وقعة الجمل ، وعن عمرو بن العاص حين تمكن منه يوم صفين .

وسقى ( عليه السلام ) أهل الشام من الماء بعد أن منعوه منه ، حتى كاد يهلك جنده عطشاً ، وإنما كان الحق في مفهومه ( عليه السلام ) أن لا يستأثر إنسان على إنسان بشيء كائناً من كان .

فذات يوم جاءته امرأتان تشكوان فقرهما ، فأعطاهما ، ولكنَّ إحداهما سألته أن يفضِّلَها على صاحبتها لأنها عربية ، وصاحبتها من الموالي ، فأخذ ( عليه السلام ) قبضة من تراب ونظر فيه ، وقال : لا أعلم أن الله فضَّل أحداً من الناس على أحد إلا بالطاعة والتقوى ، وأبى ( عليه السلام ) أن ينزل القصر الأبيض بالكوفة ، إيثاراً للخصاص التي يسكنها الفقراء .

فكان ( عليه السلام ) يلبس المرقَّع حتى استحيا من راقعه كما قال ، وكان راقعه ولده الحسن ( عليه السلام ) ، وكان ( عليه السلام ) يأكل خبز الشعير الذي كانت تطحنه امرأته فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) بيدها ، وكل ذلك كان مواساة للكادحين والمعوزين .

وأثنى رجل من أصحابه ( عليه السلام ) عليه ، فأجابه ( عليه السلام ) بقوله : إن من أسخف حالات الوُلاة عند صالح الناس أن يُظنَّ بهم حُبُّ الفخر ، ويوضع أمرهم على الكبر ، وقد كرهتُ أن يكون جالٍ في ظنكم أني أحبُّ الإطراء واستماع الثناء ، فلا تكلموني بما تُكلَّم به الجبابرة .

لقد عَظُم الإمام علي ( عليه السلام ) في تمسكه بالحق ، فحاسب عليه نفسه ، وكذلك عُمَّاله حتى أغضب الكثير منهم ، فبعضهم تركه وهرب إلى عدوِّه معاوية ، وأصبح عوناً له بعد أن كان حرباً عليه .

آمن الإمام علي ( عليه السلام ) بالله عزَّ وجلَّ حقاً ، وقد ورث عنه الأئمة المعصومين ( عليهم السلام ) من ولده هذا الإيمان ، وساروا بسيرته ، وتخلَّقوا بأخلاقه ، فكل واحد منهم ( عليهم السلام ) وافر للعلم ، محبٌّ للخير والسِّلم ، عَزوف عن الشر والحرب ، صارم في الحق .

وإنما ظهر بعض هذه الصفات في شخص أحدهم أكثر من الآخرين تبعاً للظروف ومقتضيات الأحوال ، فظهر في الحسن بن علي ( عليهما السلام ) حُبُّه للسِّلم وكرهه للحرب ، لأن عصره كان عصر الفتن والقلاقل ، فبايعه أهل العراق بالخلافة بعد وفاة أبيه أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وكان جيشه يتألف من أربعين ألفاً .

ولما رأى ( عليه السلام ) أن معاوية مُصرٌّ على الحرب تنازل له عن الخلافة ، مُؤثِراً حقن الدماء وصالِحِ الإسلام على كل شيء .

وظهرت صلابة الإمام الحسين ( عليه السلام ) في الحق ، وضحَّى بنفسه وأهله وأصحابه ، لأن يزيد بن معاوية لم يترك مجالاً للمهادنة .

وظهرت آثار علوم الإمام محمد الباقر وولده الإمام جعفر الصادق ( عليهما السلام ) ، لأن العلم في عصرهما كثر طلابه والراغبون فيه ، وقد أفسح لهما المجال للتدريس وبَثِّ العلوم .

 


source : www.tebyan.net
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

زيارة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام
الاحاديث عن الصلاة و الصلاة في المسجد
دعاء اليوم التاسع من شهر رمضان المبارک
استشهاد النبي الرسول محمد(ص) اغتيالا بالسم
العقل‏
الاستدلال بالسنّة على استحباب الشهادة بالولاية ...
من أسباب النهضة الحسينية
دور الإمام المهدي(عج) في تربية الشخصية الإسلامية
مسألة القضاء والقدر
استحباب زیادة الف رکعة فی شهر رمضان المبارک

 
user comment