قد كانت ادعية الامام زين العابدين (عليه السلام) رسالة مفتوحة الى المجتمع؟:
يا من اتّقيتم سلطان الارض ألا تتقون سلطان السماء؟
يا من ارهبكم عذاب الدنيا، الا ترهبون عذاب الاخرة اذ الاغلال في اعناقهم والسلاسل يسحبون؟
اتخشون ملكاً إذ تعصونه مرة واحدة، ولا تخشون ملك الملوك وأنتم في كل يوم له عاصون؟
تسيء اليكم الحكومات وانتم تطيعونها؟ ويحسن اليكم رب الارباب وانتم تخالفونه!
اتقوا الله. ارهبوا الله. اخشوا الله، فان «رأس الحكمة خشية الله».
اللهم ان ملائكتك مشفقون من خشيتك، سامعون مطيعون لك وهم بامرك يعملون، لا يفترون الليل والنهار يسبّحون وانا احق بالخوف الدائم لاساءتي على نفسي وتفريطها الى اقتراب أجلي. اللهم اني قد اكثرت من ذنب انا فيه مغرور متحير.
اللهم اني قد اكثرت على نفسي من الذنوب والاساءة واكثرت عليّ من المعافاة سترت عليّ ولم تفضحني بما احسنت لي النظر واقلتني العثرة واخاف ان اكون فيها مستدرجاً فقد ينبغي لي ان استحي من كثرة معاصيّ ثم لم تهتك لي ستراً... يا الهي انا الذي لم اعقل عند الذنوب نهيك ولم اراقب عند اللذات زجرك ولم اقبل عند الشهوة نصيحتك. ركبت الجهل بعد الحلم وغدوت الى الظلم بعد العلم... اللهم انك تجد من تعذّبه غيري ولا اجد مَن يرحمني سواك، فلو كان لي مهرب لهربت، ولو كان لي مصعد في السماء لصعدت او مسلك في الارض لسلكت ولكنه لا مهرب لي ولا ملجأ ولا منجى ولا مأوى منك إلاّ اليك[1].
هذا من جهة خشية المجتمع من القيادة السياسية واجهزتها القمعية، واما من جهة الطلبات الاستجدائية التي تقدم للسلطة آنذاك بل في غير ذلك من الازمان، فكم يرى الرائي الخلق متوجهين الى ارباب الحكم متوسلين اليهم، ولطالما كان دعاۆهم اياهم اكثر من دعائهم الله الواحد القهار. وفي العصر الاموي بالذات توجهت اكثر الطبقات الاجتماعية صوب الامويين بالدعاء والتوسل لاستدرار اموالهم وقضاء حوائجهم المختلفة حتى تلك التي تصير بهم إلى المذلة والاستكانة.
لقد قال جرير الشاعر المعروف الذي كان معاصراً لزين العابدين (عليه السلام) يستجلب عطف الخليفة:
هذي الارامل قد قضّيت حاجتها فمن لحاجة هذا الارمل الذكر
ونحن نسوق هذا الشاهد لا لانه يمثل نفسية احد الرجال فحسب، وانما باعتباره يمثل حالة نفسية وظاهرة عامة لدى الكثير من البشر، بما في ذلك المعاصرون للحكم الاموي. ومراجعة الحياة الاجتماعية والتاريخ السياسي يوضح ذلك ايما توضيح.
لقد علم علي زين العابدين (عليه السلام) بالوضع المأساوي المذكور آنفاً وسمع ملء اذنيه الادعية الطويلة العريضة التي توجه صوب قبلة القيادة السياسية. فمن ثم يناجي الله تبارك وتعالى ويدعوه دعاء الموقظ للمجتمع، والذي يزرق في عضلاته مصل التنبيه والاحساس: «فصل على محمد و آل محمد وتولّ قضاء كلّ حاجة هي لي بقدرتك عليها وتيسير ذلك عليك وبفقري اليك وغناك عني فاني لم اصب خيراً الاّ منك ولم يصرف عني سوءاً قط احدٌ غيرك، ولا ارجو لامر آخرتي ودنياى سواك... اللهم من تهيأ وتعبّـأ واعدّ واستعدّ لوفادة الى مخلوق رجاء رفده ونوافله وطلب نيله وجائزته، فاليك يا مولاى كانت اليوم تهيئتي وتعبئتي واعدادي واستعدادي رجاء عفوك ورفدك وطلب نيلك وجائزتك»[2].
المصادر:
[1] الكاتب الموسوعي، العاملي السيد محسن الامين / الصحيفة الخامسة السجادية، من دعائه يوم عرفة.
[2] الصحيفة السجادية الكاملة، دعاۆه يوم الاضحى ويوم الجمعة.
source : www.tebyan.net