نداء الحسين عليه السلام جده وأباه
أبو الفرج الإصبهاني : عن علي عليه السلام أنه قال : كان الحسن عليه السلام في حياة رسول الله صلي الله عليه واله وسلم يدعوني أبا الحسين ، وكان الحسين عليه السلام يدعوني أبا الحسن ، ويدعوان رسول الله صلي الله عليه واله وسلم أباهما ، فلما توفي رسول الله صلي الله عليه واله وسلم دعواني بأبيهما .
تعليم الوضوء
ابن شهر آشوب : عيون المجالس عن الروياني : إن الحسن والحسين مرا على شيخ يتوضأ ولا يحسن ، فأخذا بالتنازع ، يقول كل واحد منهما : أنت لا تحسن الوضوء ، فقالا : أيها الشيخ ! كن حكما بيننا يتوضأ كل واحد منا سوية ، [ فتوضئا ] ، ثم قالا : أينا يحسن ؟ قال : كلاكما تحسنان الوضوء ، ولكن هذا الشيخ الجاهل هو الذي لم يكن يحسن ، وقد تعلم الآن منكما وتاب على يديكما ببركتكما وشفقتكما على أمة جدكما .
تسابق الحسنين
المجلسي : روي في المراسيل : أن الحسن والحسين كانا يكتبان ، فقال الحسن للحسين عليه السلام: خطي أحسن من خطك ، وقال الحسين عليه السلام: لا ، بل خطي أحسن من خطك ، فقالا لفاطمة : احكمي بيننا .
فكرهت فاطمة أن تؤذي أحدهما ، فقالت لهما : سلا أباكما .
فسألاه ، فكره أن يؤذي أحدهما فقال : سلا جدكما رسول الله صلي الله عليه واله وسلم .
فقال : لا أحكم بينكما حتى أسأل جبرائيل ، فلما جاء جبرائيل قال : لا أحكم بينهما ولكن إسرافيل يحكم بينهما .
فقال إسرافيل : لا أحكم بينهما ولكن أسأل الله أن يحكم بينهما . فسأل الله تعالى ذلك فقال تعالى : لا أحكم بينهما ولكن أمهما فاطمة تحكم بينهما .
فقالت فاطمة : أحكم بينهما يا رب وكانت لها قلادة فقالت لهما : أنا أنثر بينكما جواهر هذه القلادة ، فمن أخذ منهما أكثر فخطه أحسن ، فنثرتها ، وكان جبرائيل وقتئذ عند قائمة العرش ، فأمره الله تعالى أن يهبط إلى الأرض وينصف الجواهر بينهما كيلا يتأذى أحدهما ، ففعل ذلك جبرائيل إكراما لهما وتعظيما .
وعنه : عن بعض مؤلفات أصحابنا مرسلا : أن نصرانيا أتى رسولا من ملك الروم إلى يزيد ، - لعنه الله تعالى - وقد حضر في مجلسه الذي أتي إليه فيه برأس الحسين عليه السلام ، فلما رأى النصراني رأس الحسين عليه السلام بكى وصاح وناح حتى ابتلت لحيته بالدموع ، ثم قال : إعلم يا يزيد إني دخلت المدينة تاجرا في أيام حياة النبى وقد أردت أن آتيه بهدية ، فسألت من أصحابه أي شيء أحب إليه من الهدايا ، فقالوا : الطيب أحب إليه من كل شيء وإن له رغبة فيه .
قال : فحملت من المسك فارتين وقدرا من العنبر الأشهب وجئت بها إليه وهو يومئذ في بيت زوجته ام سلمة ( رضي الله عنها ) ، فلما شاهدت جماله ازداد لعيني من لقائه نورا ساطعا ، وزادني منه سرور ، وقد تعلق قلبي بمحبته ، فسلمت عليه ووضعت العطر بين يديه .
فقال : ما هذا ؟ .
قلت : هدية محقرة أتيت بها إلى حضرتك ، فقال لي : ما اسمك ؟ فقلت : اسمي عبد الشمس .
فقال لي : بدل اسمك ، فأنا أسميك عبد الوهاب ، إن قبلت مني الإسلام ، قبلت منك الهدية .
قال : فنظرته وتأملته فعلمت أنه نبي ، وهو النبي الذي أخبرنا عنه عيسى حيث قال : إني مبشر لكم برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد ، فاعتقدت ذلك وأسلمت على يده في تلك الساعة ، ورجعت إلى الروم وأنا أخفي الإسلام ، ولي مدة من السنين وأنا مسلم مع خمس من البنين وأربع من البنات ، وأنا اليوم وزير ملك الروم ، وليس لأحد من النصارى اطلاع على حالنا .
واعلم يا يزيد أني يوم كنت في حضرة النبي وهو في بيت أم سلمة رأيت هذا العزيز الذي رأسه وضع بين يديك مهينا حقيرا ، قد دخل على جده من باب الحجرة ، والنبي فاتح باعه [ بابه ] ليتناوله وهو يقول : مرحبا بك يا حبيبي ، حتى أنه تناوله وأجلسه في حجره ، وجعل يقبل شفتيه ويرشف ثناياه وهو يقول : بعد عن رحمة الله من قتلك ، لعن الله من قتلك يا حسين ! وأعان على قتلك .
والنبي مع ذلك يبكي .
فلما كان اليوم الثاني كنت مع النبى في مسجده إذ أتاه الحسين مع أخيه الحسن وقال : يا جداه ! قد تصارعت مع أخي الحسن ولم يغلب أحدنا الآخر ، وإنما نريد أن نعلم أينا أشد قوة من الآخر ؟ فقال لهما النبى : يا حبيبي ويا مهجتي إن التصارع لا يليق لكما ، إذهبا فتكاتبا ، فمن كان خطه أحسن ، كذلك تكون قوته أكثر .
قال : فمضيا وكتب كل واحد منهما سطرا وأتيا إلى جدهما النبى ، فأعطياه اللوح ليقضي بينهما ، فنظر النبى إليهما ساعة ولم يرد أن يكسر قلب أحدهما فقال لهما : يا حبيبي إني أمي لا أعرف الخط ، إذهبا إلى أبيكما ليحكم بينكما وينظر أيكما أحسن خطا .
قال : فمضيا إليه وقام النبى أيضا معهما ودخلوا جميعا إلى منزل فاطمة ، فما كان إلا ساعة وإذا النبى مقبل وسلمان الفارسي معه ، وكان بيني وبين سلمان صداقة ومودة ، فسألته كيف حكم أبوهما وخط أيهما أحسن ؟ قال سلمان ( رضي الله عنه ) : إن النبى لم يجبهما بشيء ، لأنه تأمل أمرهما وقال : لو قلت : خط الحسن أحسن كان يغتم الحسين ، ولو قلت : خط الحسين أحسن كان يغتم الحسن ، فوجهتهما إلى أبيهما .
فقلت : يا سلمان بحق الصداقة والأخوة التي بيني وبينك وبحق دين الإسلام إلا ما أخبرتني كيف حكم أبوهما بينهما . فقال : لما أتيا إلى أبيهما وتأمل حالهما رق لهما ولم يرد أن يكسر قلب أحدهما ، قال لهما : إمضيا إلى أمكما فهي تحكم بينكما .
فأتيا إلى أمهما وعرضا عليها ما كتبا في اللوح وقالا : يا أماه ! إن جدنا أمرنا أن نتكاتب فكل من كان خطه أحسن تكون قوته أكثر ، فتكاتبنا وجئنا إليه فوجهنا إلى أبينا فلم يحكم بيننا ووجهنا إليك ، فتفكرت فاطمة بأن جدهما وأباهما ما أرادا كسر خاطرهما ، أنا ما أصنع وكيف أحكم بينهما ، فقالت لهما : يا قرتي عيني إني أقطع قلادتي على رأسكما فأيكما يلتقط من لؤلؤها أكثر كان خطه أحسن ، وتكون قوته أكثر .
قال : وكان في قلادتها سبع لؤلؤات ثم إنها قامت فقطعت قلادتها على رأسهما فالتقط الحسن ثلاث لؤلؤات ، والتقط الحسين ثلاث لؤلؤات ، وبقيت الأخرى ، فأراد كل منهما تناولها فأمر الله تعالى جبرائيل بنزوله إلى الأرض وأن يضرب بجناحيه تلك اللؤلؤة ويقدها نصفين بالسوية ليأخذ كل منهما نصفا ؛ لئلا يغتم قلب أحدهما ، فنزل جبرائيل كطرفة عين وقد اللؤلؤة نصفين فأخذ كل منهما نصفا .
فانظر يا يزيد ! كيف رسول الله لم يدخل على أحدهما ألم الترجيح في الكتابة ، ولم يرد كسر قلبهما ، وكذلك أمير المؤمنين وفاطمة ، وكذلك رب العزة لم يرد كسر قلب أحدهما ، بل أمر من يقسم اللؤلؤة بينهما لجبر قلبهما ، وأنت هكذا تفعل بابن بنت رسول الله أف لك ولدينك يا يزيد .
ثم إن النصراني نهض إلى رأس الحسين واحتضنه وجعل يقبله وهو يبكي يقول : يا حسين اشهد لي عند جدك محمد المصطفى ، وعند أبيك علي المرتضى ، وعند أمك فاطمة الزهراء صلوات الله عليهم أجمعين .
source : www.tebyan.net