1 - النصوص التاریخیة على وصف جماعة بالتشیع أیام النبی ( صلی الله علیه وآله وسلم ) ، ولهذا یقول الحسن بن موسى النوبختی عند تحدیده للشیعة : فالشیعة فرقة علی بن أبی طالب المسمون بشیعة علی فی زمن النبی - ثم عدد جماعة منهم وقال : - وهم أول من سمی باسم التشیع لأن اسم التشیع کان قدیما لشیعة إبراهیم ( 1 ) .
2 - ما علیه جمهور الباحثین والمؤرخین الذین ذهبوا إلى أن التشیع ظهر یوم السقیفة فإن ذلک ینهض دلیلا على وجوده أیام النبی (صلی الله علیه وآله وسلم ) لأنه من غیر المعقول أن یتبلور التشیع بأسبوع واحد - أی المدة بین وجود الرسول ووفاته بحیث یتخذ جماعة من الناس مواقف معینة ویتضح لهم اتجاه له میزاته وخواصه فإن مثل هذه الآراء تحتاج فی تکوینها وتبلورها إلى وقت لیس بالقلیل وکل من له إلمام بحوادث السقیفة وموقف الممتنعین عن بیعة أبی بکر وحجاجهم فی ذلک الموضوع یجزم بأن تلک المواقف لم تتکون بوقت قصیر وبسرعة کهذه السرعة وذلک لوجود اتجاهات متبلورة وتأصل فی طرح نظریات معینة .
3 - إن من غیر المعقول أن ترد على لسان النبی (صلی الله علیه وآله وسلم) أحادیث فی تفضیل الإمام علی ( علیه السلام ) والإشارة إلى مؤهلاته ثم یقف المسلمون من ذلک موقف غیر المبالی وهم من هم فی إیمانهم وطاعتهم للرسول (علیه السلام ) ولا سیما والمواقف فی ذلک قد تعددت وسأذکر لک منها .
أ - الموقف الأول : عندما نزل قوله تعالى : * ( وَأَنذِرْ عَشِیرَتَکَ الْأَقْرَبِینَ ) (2) قال المؤرخون : إن النبی (صلی الله علیه وآله وسلم ) دعا علیا (علیه السلام ) وأمره أن یصنع طعاما ویدعو آل عبد المطلب وعددهم یومئذ أربعون رجلا وبعد أن أکلوا وشربوا من لبن أعد لهم قام النبی (صلی الله علیه وآله وسلم ) وقال : یا بنی عبد المطلب إنی والله ما أعلم شابا من العرب جاء قومه بأفضل مما قد جئتکم به إنی قد جئتکم بخیر الدنیا والآخرة وقد أمرنی الله أن أدعوکم إلیه فأیکم یؤازرنی على هذا الأمر على أن یکون أخی ووصیی وخلیفتی فیکم فأحجم القول عنها جمیعا - یقول علی - وقلت وإنی لأحدثهم سنا وأرمصهم عینا وأعظمهم بطنا وأحمشهم ساقا : أنا یا نبی الله أکون وزیرک علیه فأخذ برقبتی ثم قال : إن هذا أخی ووصیی وخلیفتی فیکم فاسمعوا له وأطیعوا ، فقام القوم یضحکون ویقولون لأبی طالب : قد أمرک أن تسمع لابنک وتطیع ( 3) .
ب - الموقف الثانی : یقول أبو رافع القبطی مولى رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) : دخلت على النبی وهو یوحى إلیه فرأیت حیة فنمت بینها وبین النبی لئلا یصل إلیه أذى منها حتى انتهى عنه الوحی فأمرنی بقتلها وسمعته یقول : الحمد لله الذی أکمل لعلی منته وهنیئا لعلی بتفضیل الله إیاه . . وبعد أن قرأ قوله تعالى : ( إِنَّمَا وَلِیُّکُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِینَ آمَنُواْ الَّذِینَ یُقِیمُونَ الصَّلاَةَ وَیُؤْتُونَ الزَّکَاةَ وَهُمْ رَاکِعُونَ )(4).
وقد أجمع أعلام أهل السنة والشیعة على نزول هذه الآیة فی علی (علیه السلام ) ومنهم السیوطی فی الدر المنثور عند تفسیر الآیة المذکورة وکذلک الرازی فی مفاتیح الغیب والبیضاوی فی تفسیره والزمخشری فی الکشاف والثعلبی فی تفسیره والطبرسی فی مجمع البیان وغیرهم من أعلام المفسرین والمحدثین .
ومن الغریب أن یقف الآلوسی فی تفسیره روح المعانی موقفا یمثل الإسفاف والرکة فی دفع هذه الآیة عن علی (علیه السلام ) ویریک کیف یهبط التعصب بالإنسان إلى درک مقیت وإلى تهافت غیر معهود .
وإن المرء لیستغرب من هذا الرجل فإن له مواقف متناقضة من علی (علیه السلام ) فتارة یعطیه حقه وأخرى یقف منه موقفا متشنجا وبوسع کل من قرأ الآلوسی فی مؤلفاته أن یرى هذه الظاهرة .
ج - الموقف الثالث : موقف النبی (صلی الله علیه وآله وسلم ) یوم غدیر خم وذلک عند نزول الآیة : (یَا أَیُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَیْکَ مِن رَّبِّکَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ یَعْصِمُکَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا یَهْدِی الْقَوْمَ الْکَافِرِینَ ) (5). وعندها أوقف النبی (صلی الله علیه وآله وسلم ) الرکب وصنعوا له منبرا من أحداج الإبل خطب علیه خطبته المعروفة ثم أخذ بید علی وقال : ألست أولى بالمؤمنین من أنفسهم ؟ قالوا : بلى ، فکررها ثلاثا ثم قال : " من کنت مولاه فهذا علی مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاده وانصر من نصره واخذل من خذله " فلقیه الخلیفة الثانی فقال : هنیئا لک یا ابن أبی طالب أصبحت مولای ومولى کل مؤمن ومؤمنة .
وقد ذکر الرازی فی سبب نزول الآیة عشرة وجوه ومنها أنها نزلت فی علی (علیه السلام ) ثم عقب بعد ذلک بقوله : وهو قول ابن عباس والبراء بن عازب ومحمد بن علی - یرید الباقر - ( 6 ) إن حدیث الغدیر أخرجه جماعة من حفاظ أهل السنة وقد رواه ابن حجر فی صواعقه عن ثلاثین صحابیا ونص على أن طرقه صحیحة وبعضها حسن ( 7 ) . وأورده ابن حمزة الحنفی مخرجا له عن أبی الطفیل عامر بن واثلة بهذه الصورة . قال : إن أسامة بن زید قال لعلی : لست مولای إنما مولای رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم ) فقال النبی (صلی الله علیه وآله وسلم ) : کأنی قد دعیت فأجبت إنی تارک فیکم الثقلین أحدهما أکبر من الآخر کتاب الله وعترتی أهل بیتی فانظروا کیف تخلفونی فیهما فإنهما لن یفترقا حتى یردا علی الحوض إن الله مولای وأنا مولى کل مؤمن من کنت مولاه فعلی مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ( 8 ) .
وقد ألف فی موضوع الغدیر من السنة والشیعة ست وعشرون مؤلفا ( 9 ) ولا أرید التحدث بصراحة حدیث الغدیر فی أولویة الإمام علی (علیه السلام) وتقدیمه على کافة الصحابة فإن الأمر قد أشبع من قبل الباحثین ولکنی أرید أن أسائل الدکتور أحمد شلبی الذی یقول إن حدیث الغدیر لم یرد له ذکر إلا فی کتب الشیعة ، فأقول له هل هناک شئ من الشعور بالمسؤولیة عندک وعند أمثالک ممن یرمون الکلام على عواهنه فأنت تحمل أمانة للأجیال فمن الأمانة هذا القول إن کتب أهل نحلتک وحفاظ قومک أوردت الحدیث بمصادره الموثوقة فإذا کنت لا تقرأ أو تقرأ ولا ترید أن تعرف فاسکت یرحمک الله فهو خیر لک من التعرض أما لنسبة الجهل أو العصبیة ، ولا یقل عن الدکتور شلبی من یذهب إلى أن لفظ المولى هنا إنما یراد منه ابن العم فهو أحد معانی هذه اللفظة المشترکة ولا رد لی على هذا إلا أن أقول : اللهم ارحم عقولنا من المسخ .
إن هذه مجرد أمثلة من مواقف النبی (صلی الله علیه وآله وسلم ) فی التنویه بفضل علی (علیه السلام ) ولا یمکن أن تمر هذه المواقف والکثیر الکثیر من أمثالها دون أن تشد الناس لعلی ودون أن تدفعهم للتعرف على هذا الإنسان الذی هو وصی النبی ، الذی یشرکه القرآن بالولایة العامة مع الله تعالى ورسوله (صلی الله علیه وآله وسلم ) ثم لا بد للمسلمین من إطاعة هذه الأوامر التی وردت بالنصوص والالتفات حول من وردت فیه ذلک هو معنى التشیع الذی نقول : إن النبی (صلی الله علیه وآله وسلم ) هو الذی بذر بذرته وقد أینعت فی حیاته وعرف جماعة بالتشیع لعلی والالتفات حوله وللتدلیل على ذلک سأذکر لک أسماء الرعیل الأول من الصحابة الذین عرفوا بتشیعهم وولائهم للإمام علی علیه السلام .
المصدر :
من کتاب هویة التشیع/احمد الوائلی
1- الفرق والمقالات للنوبختی باب تعریف الشیعة
2- سورة الشعراء/214
3- تاریخ الطبری ج 2 ص 216 ، وتاریخ ابن الأثیر ج 2 ص 28 .
4- المائدة /55
5- المائدة/67
6- تفسیر الرازی ج 3 ص 431
7- الصواعق المحرقة الباب الثانی من الفصل التاسع
8- البیان والتعریف ج 2 ص 136 .
9- أعیان الشیعة ج 3 باب الغدیر .
source : .www.rasekhoon.net