السؤال: من ألغى عبارة " حيّ على خير العمل " من الأذان مطلقاً ، وأضاف كلمة " الصلاة خير من النوم " في صلاة الصبح بالخصوص ؟
الجواب : قد تعارضت روايات أهل السنّة في ذلك ، فبعضها يشير إلى أنّه اقتراح من بلال الحبشي عندما جاء إلى الأذان ووجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) نائماً فقال : " الصلاة خير من النوم " ، فلمّا أفاق الرسول أضاف هذه الجملة إلى الأذان واستحسنها .
وبعضها يشير إلى أنّ أوّل من حذف كلمة " حيّ على خير العمل " عمر بن الخطّاب ، وهو الذي أضاف كلمة " الصلاة خير من النوم " في صلاة الصبح !
أمّا الأحاديث الواردة عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) وأنّه الذي أضاف كلمة " الصلاة خير من النوم " فكلّها ضعيفة ، ونكتفي بما ذكره الشيخ الألباني حيث قال : " قول بلال : أمرني رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن أُثوّب في الفجر ، ونهاني أن أُثوّب في العشاء رواه ابن ماجه ص66 ضعيف ، رواه ابن ماجه (715) عن أبي إسرائيل
____________
1- الاعتصام بحبل الله المتين 1 / 310 .
|
الصفحة 237 |
|
عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن بلال به .
ومن هذا الوجه أخرجه الترمذي (1 / 378) ، والعقيلي في الضعفاء (ص26) ، وأحمد (6 / 14) بلفظ : لا تثوّبن في شيء من الصلوات إلاّ في صلاة الفجر ... ، وهذا ضعيف من أجل عطاء وابن عاصم ، وعلّه البيهقي بالانقطاع فقال : ... من جميع الوجوه إلاّ أنّه منقطع وهو علّة الحديث .
ثمّ قال البيهقي : ورواه الحجّاج بن أرطاة عن طلحة بن مصرف ، وزبيد عن سويد بن غفلة أنّ بلالاً كان لا يثوّب إلاّ في الفجر ، فكان يقول في أذانه : حيّ على الفلاح ، الصلاة خير من النوم ، والحجّاج مدلّس " (1) .
فإذاً رواية إضافة " الصلاة خير من النوم " في صلاة الفجر لم تصحّ عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، كما لاحظنا كلام الألباني !
ثمّ إنّ الذي أضاف التثويب إلى صلاة الصبح قد حذف لفظ " حيّ على خير العمل " من الأذان مطلقاً في صلاة الصبح وفي غيرها .
أمّا الرواية الواردة من أنّ عمر بن الخطّاب هو الذي فعل ذلك فهي صحيحة السند ؛ قال الزرقاني عند شرح قول مالك : " أنّه بلغه أنّ المؤذّن جاء إلى عمر بن الخطّاب يؤذّنه لصلاة الصبح فوجده نائماً فقال : " الصلاة خير من النوم " ، فأمره عمر أن يجعلها في نداء الصبح ، قال الزرقاني : هذا البلاغ أخرجه الدارقطني في السنن من طريق وكيع في مصنّفه عن العمري عن نافع عن ابن عمر عن عمر ، وأخرجه أيضاً عن سفيان عن محمّد بن عجلان عن نافع عن ابن عمر عن عمر أنّه قال لمؤذّنه : إذا بلغت حيّ على الفلاح في الفجر فقل : الصلاة خير من النوم ، الصلاة خير من النوم ، فقصر ابن عبد البرّ في قوله : لا أعلم هذا روي عن عمر من وجه يحتجّ به وتعلم صحّته ، وإنّما أخرجه ابن أبي شيبة من حديث هشام بن عروة عن رجل يقال
____________
1- إرواء الغليل 1 / 252 .
|
الصفحة 238 |
|
له إسماعيل لا أعرفه قال : والتثويب محفوظ في أذان بلال وأبي محذورة في صلاة الصبح للنبيّ (صلى الله عليه وآله) .
والمعنى هنا أنّ نداء الصبح موضع قوله لا هنا كأنّه كره أن يكون منه نداء آخر عند باب الأمير كما أحدثته الأمراء ، وإلاّ فالتثويب أشهر عند العلماء والعامّة من أن يظنّ بعمر أنّه جهل ما سنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وأمر به مؤذنيه بلالاً بالمدينة ، وأبا محذورة بمكّة انتهى .
ونحو تأويله قول الباجي : يحتمل أنّ عمر قال ذلك إنكاراً لاستعماله لفظة من ألفاظ الأذان في غيره ، وقال له : اجعلها فيه ، يعني لا تقلها في غيره انتهى ، وهو حسن متعيّن " (1) .
وأنت تلاحظ تأويل الباجي الذي لا يعرف صدره من عجزه ، فإنّه لفّ ودوران في الألفاظ ؛ لأنّ الرواية صريحة في أنّ عمر بن الخطّاب هو الذي أدخل لفظ " الصلاة خير من النوم في الأذان " ، فكيف يأتي ويقول : لاستعماله لفظة من ألفاظ الأذان وغيره ... الخ ، والمفروض أنّه من ألفاظ غير الأذان !!
وأين التأويل الحسن الذي ارتآه الزرقاني في كلام الباجي وهو فارغ من المحتوى وتلاعب بالألفاظ !! ولله مع أهل السنّة في تقديس عمر شؤون ، نسأل الله السلامة منها !
وارجع إلى مصادر الحديث التي روت أنّ عمر بن الخطّاب أضاف هذه الجملة إلى الأذان في المصادر التالية : " السنن الكبرى " للبيهقي و " سنن الدارقطني " (2) .
وأمّا الرواية الواردة عن محمّد بن خالد بن عبد الله الواسطي عن أبيه عن
____________
1- شرح الزرقاني على الموطّأ 1 / 217 .
2- السنن الكبرى للبيهقي 1 / 424 ، سنن الدارقطني 1 / 251 .
|
الصفحة 239 |
|
عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري عن سالم عن أبيه : " إنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) استشار الناس لما يهمّهم من الصلاة ... .
قال : قال الزهري : وزاد بلال في نداء صلاة الغداة : " الصلاة خير من النوم "، فاقرّها النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، فهذا الحديث باطل لأنّ فيه محمّد بن خالد بن عبد الله الواسطي الطحّان ، قال عنه الذهبي : قال يحيى : كان رجل سوء ، وقال مرّة : لا شيء ، وقال ابن عدي : أشدّ ما أنكر عليه أحمد ويحيى روايته عن أبيه عن الأعمش ، ثمّ ذكر له مناكير غير ذلك .
وقال أبو زرعة : ضعيف ، توفّي سنة أربعين ومائتين ، وقال ابن عدي : سمعت محمّد بن سعد ، سمعت ابن الجنيد ، أو صالح جزرة يقول : سمعت يحيى بن معين يقول : محمّد بن خالد عبد الله كذّاب ، إن لقيتموه فاصفعوه " (1) .
____________
1- ميزان الاعتدال 3 / 533 .
|
الصفحة 240 |
|
( هاني الرداد . مصر . سنّي )
السؤال: هل صحيح أنّ الشيعة يقولون : أنّه بعد وفاة الرسول ارتدّ الصحابة كلّهم إلاّ ستة ؟
الجواب : إنّ الطبري وغيره ذكروا بأنّ العرب ارتدّت بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، عدا فئة في المدينة ، وفئة في الطائف ، وحاربهم أبو بكر فأرجعهم عن الردّة (1) .
فهذه الردّة التي يذكرها الطبري ردّة عن الإسلام ، وأمّا الحديث : " ارتدّ الناس بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ... " ، فليست الردّة ردّة عن الإسلام ، وإنّما ردّة عن الخليفة الذي نصّبه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، والفرق بينهما كثير .
( هاني الرداد . مصر . سنّي )
شكراً جزيلاً لإخواننا الشيعة ، على هذا الحوار الجيّد ، في إطار الإخوّة الإسلامية التي تجمعنا ، ومن هنا ، نمدّ يدنا نحن معاشر أهل السنّة لعودة الحبّ المتبادل ، وبما أنّ الخلاف قد يتطرّق لبعض المسائل العقائدية التي يعتقد كلّ مذهب أنّه على الحقّ ، وأنّ الآخر ضلّ بعض الشيء ، فلإزالة هذا
____________
1- تاريخ الأُمم والملوك 2 / 521 و 4 / 474 ، المعجم الأوسط 6 / 332 ، كنز العمّال 5 / 602 ، تاريخ مدينة دمشق 2 / 60 و 30 / 311 .
|
الصفحة 241 |
|
الأمر ، وجب على كلّ سنّي أن يستغفر لأخيه الشيعي ، ووجب على كلّ شيعي أن يستغفر لأخيه السنّي ، ونطوي صفحة الماضي بالكفّ عن الكلام عن الماضي ، لأجيال عصر صدر الإسلام ، الذين فتحوا البلاد ، حتّى وصل الإسلام إلينا ، وشعارنا دائماً : { تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ } (1) .
( ... ... ... )
السؤال: إنّني أقوم ببحث حول الشريعة الشيعية ، وأطلب منكم أن تساعدونني، أتمنّى أن تعطوني هنا حكم الارتداد ، لأنّني مهتمّ جدّاً بهذا الحكم منذ الماضي .
الجواب : إنّ الارتداد اصطلاحاً هو : الرجوع عن الدين الإسلامي ، وقيل : هو أشدّ أنواع الكفر ، ويبحث في عدّة نقاط منها :
1-يثبت الارتداد بالإقرار والبيّنة ، أو بصدور فعل دالّ عليه .
2-يتحقّق الارتداد ، إمّا بإنكار الله تعالى ، أو إنكار توحيده تعالى ، أو إنكار رسالة الله ، أو رسوله ، أو تكذيب الرسول ، أو جحد ما ثبت ، أو نفي من الدين ضرورة ، أو يعلم أنّه من الدين ومع ذلك ينكره ، من قبيل الاستهزاء بالمصحف الشريف بأيّ شكل كان .
3-شروط الارتداد هي : العقل والبلوغ والقصد والاختيار ، فعمّار بن ياسر (رضي الله عنه) ارتدّ ظاهراً ، ولكن قلبه مطمئنّ بالإيمان ، لأنّ ارتداده لم يكن عن قصد واختيار .
4-ينقسم الارتداد : إلى فطري وملّي ، وقيل : الفطري هو من ولد من مسلمينِ ، والملّي هو من أسلم عن كفر أصلي ثمّ ارتدّ ، وتوبته ظاهراً مقبولة ،
____________
1- البقرة : 134 .
|
الصفحة 242 |
|
نعم اختلف العلماء في قبول توبة المرتد الفطري .
5-هل يطهر المرتد بالتوبة ؟ فيه تفصيل يراجع في محلّه .
6-هل يلزم المرتد قضاء ما فاته من العبادات حال الارتداد أو لا ؟
7-هل تبقى ولاية المرتد على الصغير أو لا ؟
8-ما حكم تصرّفات المرتد حال الارتداد من نكاح وغيره ؟
9-ما حكم أماناته وميراثه و... ؟
هذه أحكام تطرح في مسألة الارتداد ، يمكنكم مراجعتها في محلّها .
10-ما هي عقوبة المرتد ؟
قيل : بقتل الفطري والملّي إذا لم يتب ، هذا إذا كان المرتد رجلاً ، وأمّا المرأة المرتدّة سواء كان ارتدادها فطري أو ملّي فعقوبتها السجن حتّى تتوب ، ويضيّق عليها في المطعم والمشرب على المشهور بين علمائنا .
11-من يتولّى قتل المرتد ؟ الإمام (عليه السلام) خاصّة ، أو الحاكم ، أو مطلق من سمع أو رأى ؟ فيه أقوال .
12-الارتداد الجماعي أهل الردّة كيف يكون قتالهم ؟ وهل يسبون أم لا ؟ فهناك أحكام لأهل الردّة ، فراجعها في محلّها .
14 أجمع علماء الشيعة على ارتداد وكفر النواصب والغلاة .
( محمّد اللواتي . أمريكا ... )
السؤال: الإسلام دين الحرّية ، والرسول (صلى الله عليه وآله) كان يخيّر الناس ولا يجبرهم لقبول الإسلام، كما إنّ القرآن الكريم يقول : { لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ } (1).
السؤال : ما الحكمة من قتل المرتد ؟ وهل يتعارض هذا الحكم مع مبدأ الحرّية الشخصية ؟
____________
1- الكافرون : 6 .
|
الصفحة 243 |
|
الجواب : نعم ، إنّ الإسلام دين الحرّية ، ولكن هذا لا يعني أن لا تكون له قوانين خاصّة ، لحفظ كيان الدين والمجتمع عن الغواية والضلال ، فمن حقّ الدين أن يأتي بأُسس وقواعد ، تحمي معتنقيه عن الوقوع في الانحراف والضياع .
وأمّا بالنسبة لما ذكرتموه ، فإنّ حكم القتل يختصّ بالمرتدّ الفطري ، وهذا الحكم تعبّدي ، أي أنّنا وبعد ما عرفنا أنّ الحكم بالأصالة هو لله تبارك وتعالى وهو حكيم على الإطلاق فيجب علينا أن نعتقد ونلتزم بأنّ كلّ حكم صادر من قبله تعالى كان من منطلق المصلحة والحكمة ، وهذا أساس قبول الدين واعتناقه { الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ... } (1) .
نعم ، وفي نفس الوقت ، لابأس أن نتحرّى فلسفة وحكمة الأحكام الشرعية ، ولكن من باب الوقوف عليها ، لا من جهة قبولها .
وهنا قد يرى الإنسان الملتزم بأنّ هذا القانون قد جاء لحفظ المجتمع الإسلامي من الانهيار العقائدي ، إذ من الضروري في كلّ مجموعة سياسية أو اجتماعية ، أو حتّى عسكرية أو غيرها أن تحمي نفسها ، وتحافظ على أسرارها ، وتقف في وجه الذين يريدون أن يعبثوا بأنظمتها وقوانينها السائدة ، فإن كان الدخول والخروج من الدين سهلاً غير ممتنع ، لكان الذين لا يريدون أن يلتزموا بأيّ مبدأ وعقيدة وعمل ، تتاح لهم الفرصة أن يخالفوا كلّ قانون ، ثمّ عند المعاقبة سوف تكون دعواهم أنّهم خرجوا من هذا الدين ، وهو كما ترى يفتح المجال لكلّ مشاغب وفوضوي .
ولأجل ما ذكرنا يرى الإسلام أنّ الإنسان له الحرّية في اعتناقه للدين { لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ... } ، ولكن عندما يسلم يجب عليه الالتزام بالأحكام والأنظمة المعينة ، وحذراً من المخالفة والتنصّل جاء هذا الحكم لوقاية الدين وقوانينه .
____________
1- البقرة : 3 .
|
الصفحة 244 |
|
وأمّا ما ذكرته من الآية { لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ } فهي لا ترتبط بما نحن فيه ، بل إنّها خطاب للكفّار ، فهم لم يعتنقوا الإسلام حتّى تطبّق عليهم الأحكام الشرعية .
( محمّد . البحرين . 20 سنة . طالب جامعة )