1- إجابة الدعاء
حينما يجعل الإنسان المعصومين (عليهم السلام)وساطة بينه وبين الله وبذلك يطلب حاجاته فإن الإجابة لدعائه ستكون اقرب. فقد مرّ أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال في حديث له نقلاً عن الله تعالى:
...ألا فليدعني من همته حاجة يريد نجحها أو دهته داهية يريد كشف ضررها بمحمد وآله الطيبين الطاهرين أقضها له أحسن ما يقضيها من تستشفعون بأعز الخلق عليه.(1 )
وقد روي عنه (صلى الله عليه وآله وسلم)أنه حدّث جابر بن عبد الله الأنصاري في التوسل إلى الله تعالى بأهل بيت رسول الله المعصومين (عليهم السلام) حيث يقول:
يا جابر إذا أردت أن تدعوا الله فيستجيب لك فادعه بأسمائهم...( 2)
إنّ قبول توبة آدم (عليه السلام) ونجاة نوح (عليه السلام) ومن معه من الطوفان وبرد النار وتحولها إلى سلام للنبي ابراهيم (عليه السلام) وانفراج النيل لموسى (عليه السلام) وحوادث كثيرة من هذا القبيل كانت قد حدثت بالتوسّل بأهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهي بأجمعها شاهد على مثل هذه النتائج للتوسل بالمعصومين (عليهم السلام).
إن تحقق الإجابة الإلهية لا تكون قطعية الحدوث إلّا إذا ما كان التوسل توسلاً حقيقياً وكانت الحاجة حسنة ولم يكن هناك مانع أمام قبول هذا الدعاء؛ فقد ورد أن أحد أصحاب الإمام (عليه السلام) قال: كتبت إلى أبي الحسن (عليه السلام) أن الرجل يحب أن يفضي إلى إمامه ما يحب أن يفضي إلى ربه، قال فكتب:
إن كانت لك حاجة فحرك شفتيك، فان الجواب يأتيك.(3 )
2- العبودية ومعرفة الله تعالى
إنّ المعصومين أولياء الله تعالى ومظهر أسمائه وصفاته، إذاً فبالتوجه والتوسل إليهم يعرف الله تعالى ويعبد ولذلك يطلق عليهم"وجه الله"، ولهذا سيكون التوسل الحقيقي بهم (عليهم السلام) بمثابة الخطوة الكبيرة نحو معرفة الله وعبوديته.
وقد أرشد الله تعالى في كتابه إلى اتخاذ الوسيلة للوصول إليه تعالى وهو تأييد للمعنى المذكور أعلاه:
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة.(4 )
فكأنّ عدم الوسيلة تعني أنّ الوصول إلى معرفة الله تعالى أمر غير ممكن وأنّ عدم المعرفة تعني أنّ العبودية لا يمكن أن تتضح. فعن الإمام الباقر (عليه السلام):
بنا عرف الله وبنا وحّد الله تبارك وتعالى ومحمد حجاب الله تبارك وتعالى
وقد بيّن الإمام الصادق (عليه السلام) هذا الأمر وصرّح به بشكل جليّ لأحد أصحابه ويدعى ابن ابي يعثور قائلاً:
إن الله واحد، أحد، متوحد بالوحدانية، متفرد بأمره، خلق خلقا ففوض إليهم أمر دينه، فنحن هم يا ابن أبي يعفور نحن حجة الله في عباده، وشهداؤه على خلقه، وأمناؤه على وحيه، وخزانه على علمه، ووجهه الذي يؤتي منه وعينه في بريته، ولسانه الناطق، وقلبه الواعي، وبابه الذي يدل عليه، ونحن العاملون بأمره، والداعون إلى سبيله، بنا عرف الله، وبنا عبد الله، نحن الإدلاء على الله، ولولانا ما عبد الله.( 5)
3- الفلاح
إن العبودية والمعرفة المنبثقة عن التوجه والتوسل بأولياء الله المعصومين (عليهم السلام) سبب لفلاح الإنسان؛ لأنّ الله تعالى قد خلق الإنسان للعبودية والمعرفة، فقد جاء في كتابه المبين:
"وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ" ( 6)
وحينما يحصل المقصود، سيتجلى عند ذلك الفلاح. روي عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنّه قال:
من دعا الله بنا أفلح ومن دعاه بغيرنا هلك واستهلك(7 )
فكلام الإمام (عليه السلام) يدلّ بوضوح على حقيقة أنّ الفلاح لا يتأتى إلّا بوساطة المعصومين (عليهم السلام) وهي أيضا لا تحصل إلّا بمعرفة الله تعالى.
(1) بحار الأنوار: العلامة المجلسي، ج 91، ص 22، ح 20.
(2) المصدر السابق،ج91، ص21، ح16؛ نقلا عن الاختصاص للشيخ الصدوق، ص222.
(3) المصدر السابق، ص22، ح18، نقلا عن كشف المحجّة للسيد بن طاووس.
(4) المائدة:35.
(5) التوحيد: الشيخ الصدوق، ص 152، ح9.
(6) الذاريات:56.
(7) وسائل الشيعة، للحر العاملي ج7، ص102، ح8852