عربي
Sunday 30th of June 2024
0
نفر 0

أعراض النساء والانتهاك الجنسي

لما كانت طبیعة الزنا تشترك فیها الفتاة عادة بإرادتها، وسلطان هواها: فإن الانتهاك العرضي غالباً ما یكون بغیر إرادة الفتاة، وإنما بكره منها، حتى إن كانت –بطریقة غیر مباشرة- تُحرِّض الجاني على جریمته؛ فإن الثابت میدانیاً من خلال العدید من الدراسات: أن الفتیات یتحملن بسلوكهن قسطاً كبیراً من أسباب انتهاك المجرمین لأعراضهن، فقد وُجد أن من خصائص المرأة المغتصبة جمالها الخل
أعراض النساء والانتهاك الجنسي

لما كانت طبیعة الزنا تشترك فیها الفتاة عادة بإرادتها، وسلطان هواها: فإن الانتهاك العرضي غالباً ما یكون بغیر إرادة الفتاة، وإنما بكره منها، حتى إن كانت –بطریقة غیر مباشرة- تُحرِّض الجاني على جریمته؛ فإن الثابت میدانیاً من خلال العدید من الدراسات: أن الفتیات یتحملن بسلوكهن قسطاً كبیراً من أسباب انتهاك المجرمین لأعراضهن، فقد وُجد أن من خصائص المرأة المغتصبة جمالها الخلقي، وسكناها وحدها، وظهورها في الحیاة العامة بطریقة مغریة تثیر المعتدي، كما أن توجُّهات المجتمع التحرریة، وتخلِّیه عن كثیر من القیم والآداب السلوكیة: یُساعد بمجموعه على بعث الروح العدوانیة، والطبیعة السادیة في كثیر من مرضى الذكور، الذین قهرتهم الظروف الاقتصادیة البائسة، وأثارتهم طبیعة الحیاة الاجتماعیة المعاصرة:
حتى أصبح انتهاك أعراض الفتیات لمجرد الإخضاع والإذلال، ولو بغیر اتصال جنسي: وسیلة كثیر من المجرمین للراحة النفسیة والاسترخاء، وحصول حالة من الاستمتاع؛ فإن المغتصب بقدر ما یمیل إلى الفتاة لیستمتع بها، فإنه مع ذلك یكرهها، ویرغب في إذلالها واحتقارها، والإضرار بها، والسیطرة علیها، وقد دلَّت الإحصاءات العالمیة على أن أكثر من 60 % من الإناث قد تعرَّضن في وقت ما من حیاتهن إلى شيء من الانتهاك العرضي، ففي الولایات المتحدة الأمریكیة وحدها یتعرض ربع النساء تقریباً إلى درجة أو أخرى من الإساءة الجنسیة، حیث تصل فیها حالات الاغتصاب إلى ملیون حالة سنویاً، بما في ذلك الحالات غیر المعلن عنها رسمیاً، وغالباً ما تقع جرائم الاغتصاب على النساء الراشدات، والخطر الأعظم من 24سنة، وحوالي 20 % تقریباً - حالات الاغتصاب یهدد الفتیات في السن ما بین 16 -15سنة، ومع ذلك فإن كل أنثى - من الحالات في الغرب تقع على الفتیات ما بین 12معرضة للاغتصاب في أيِّ عمر كانت إذا ما وُجد المغتصب، وتوافرت الظروف المساعدة على حصول الاعتداء.
ولما كانت طبیعة المنتهك للعرض طبیعة مَرَضیة، مُتلبسة بدافع الشهوة والهوى، كما قال الله تعالى: {…. فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَیَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِه مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا} (1)فإن مسلك الخیانة هو وسیلة الفاسق الوحیدة للتمكن من الاستمتاع بالضحیة على وجه من وجوه الخلسة التي تتناسب مع حجم مرضه، ومقدار جراءته.

جریمة الاغتصاب الجنسي

إن أسباب المجرمین في انتهاك أعراض الفتیات والنساء عموماً تنوعت طرقها، واختلفت صورها حسب الظروف والأحوال، وعمق الانحراف الجنسي في شخصیة المُنْتَهك، ومن أشد الصور الإجرامیة هو: انتهاك عرض الفتاة بالاغتصاب الجنسي:
بحیث یغلب المجرم الفتاة على نفسها، ویتمكن من وطئها خلْسة، رغماً عنها، ومع كون هذه الطریقة بدائیة قدیمة: فإنه لا یكاد یخلو منها مجتمع عبر التاریخ الإنساني وحتى الیوم، ومع ذلك فهي أقبح صور الانتهاك العرضي، وأكثرها جرأة وجرماً، وأوسعها انتشاراً، وأشدها تأثیراً في نفس الفتاة، وأعظمها زلزلة لشخصیتها، وتحطیماً لكیانها ككل، مما یهدد الفتاة المغتصبة بأمراض نفسیة، وإخفاقات اجتماعیة، وانحرافات خلقیة لا حد لها؛ ولهذا ألزم كثیر من الفقهاء الفتاة بالدفع عن عرضها بكل ما أوتیت من قوة، ولو أدى ذلك إلى قتل الجاني، أو هلاكها، والفتاة المستكرهة في مثل هذه الحالات الاضطراریة بریئة في نظر الشارع الحكیم من دم الصائل وحدِّ الزنى، حتى ولو ظهر حملها، ما دامت تملك البینة والقرائن على طهارتها، وعفتها من المطاوعة في الفاحشة ، والعجیب في سلوك غالب الفتیات المغُتصبات أنهن لا یبدین ضد المجرمین أيَّ مقاومة تُذكر، مما یجعلهن فرائس سهلة للمنحرفین، رغم أن الفطرة الأنثویة الحذرة، بطبیعتها المُترقِّبة الیقظة: تدفع عن ذات الفتاة، وترد عن شخصها، ولوبغیر إرادة منها، وهذا سلوك عام في الكائنات؛ فإن الحیوان الأعجم -مهما كان ضعیفاً- إذا ضُیِّق علیه، وأحسَّ بالهلاك: دفع عن نفسه، ورد عن ذاته ولو بغیر قوة.
إن الفتاة العاقلة لا تأمن أحداً من الذكور على عرضها ما لم یكن محرماً، فإن الذكورة هي في نفسها عداوة للأنوثة، فكل رجل لیس بمحرم لها یجب أن تكون مرفوضاً عندها، مهما كانت منزلته وفضله، ولو كان صالحاً عابداً، أو شیخاً كبیراً، أو معاقاً في جسده، أو متخلِّفاً في عقله، أو حتى صبیاً قد قارب الحلم، فكل هؤلاء ونحوهم مَخُوفٌ على الفتاة في عرضها، لا بد أن تحذرهم على نفسها، بل إن الفتاة الفطنة لتحذر الفاسق من محارمها، ممن لا خُلق له ولا شهامة، فإن حجماً ضخماً من من فعل هذه الإساءة الجنسیة تقع على الإناث من محارمهن، ولعل من أعجب وأغرب ما یُنقل في مثل هذه القضایا الجنسیة، وعظم فتنتها،وحصولها ممن لا یُظن أن تصدر من أمثالهم.

جریمة انتهاك عرض الفتاة بالاحتكاك الجسدي

وهذه صورة من صور الأذى الجنسي الذي یمكن أن یلحق الفتیات في الحیاة العامة، وصورته: أن یتمكن الجاني من إیذاء الفتاة بدنیاً دون الوطء، من خلال العبث الجنسي بالبنات الصغیرات، أو مضایقة الفتیات في الطریق العام باللمس والجذب، وشيء من العنف، وأقبح صوره "الدَّقْر" وهو أن یتمكن الفاسق من الالتصاق بجسم الفتاة، والاستمتاع بها دون مقاومة منها، ضمن ظروف ضیق المكان والازدحام، الذي تفرضه - في بعض الأحیان- طبیعة الحیاة الاجتماعیة المعاصرة، والأوضاع الاقتصادیة الجائرة.
ولا شك أن هذا المسلك یدل على عمق الحقارة، وطابع الخیانة التي یتصف بها هذا النوع من البشر، ولیس للفتاة وسیلة للدفع عن نفسها في مثل هذه المواقف المخزیة سوى أن تتجنَّب مظانَّها، فلا تقع فیها أصلا، إلا عن ضرورة في كنف محارمها من شهام الرجال.

جریمة الاستعراء الجنسي الفاضح أمام الفتیات

من الانتهاكات الجنسیة التي یمكن أن تتعرض لها الفتاة في الحیاة العامة: الاستعراء الفاضح، وصورته: أن یُفاجئ الرجل المنحرف جنسیاً جمعاً من الفتیات فیكشف لهن عن عورته المُغلَّظة بصورة فاضحة، فبقدر ما یظهر علیهن من خجل وارتباك:
یحصل لهذا المنحرف من الاستمتاع الجنسي والتلذذ المقصود، فإن قُدِّر أنْ واجهته إحداهن بموقف إیجابي جريء: عُدَّ ذلك عنده إخفاقاً جنسیاً، ورغم أن هذا السلوك الشائن في غایة الشذوذ: إلا أنه یمثِّل ثلث جرائم الذكور الجنسیة، ولا یُعرف صُدُوره من المرأة على سبیل التلذذ والاستمتاع الجنسي كما هو حال الشاذین من الرجال؛وإنما یصدر عنها بهدف إثارة إعجاب الرجال، واستنطاق مدائحهم، والاستمتاع بنظرهم إلى مفاتنها، أو بقصد إهانتهم واحتقارهم، أو لغرض الكسب المادي في النوادي والملاهي الساقطة.
ووسیلة الفتاة لرد مثل هذا الانتهاك عن نفسها: أن تتجنب مواقع الفساد، وأن تكون دائماً في كنف محارمها من شهام الرجال، وأن تكون ثابتة غیر منفعلة في مثل هذه المواقف الشاذة المخزیة.

استمتاع المغتصب بآثار الفتاة البدنية الخاصة

هذا النوع من أرذل أنواع انتهاك العرض؛ لما یحمله من الخسَّة والخیانة، وهو مع ذلك أقل الانحرافات الجنسیة خطورة، وصفته أن یتعلق الجاني بشيء له علاقة مباشرة ببدن الفتاة: كحذائها، أو خصلة شعرها، أو مندیلها، أو شيء من ملابسها الداخلیة أو الخارجیة، فیبني مع هذا الرمز الأثري، أو ما یُسمى بالفتیش علاقة جنسیة كاملة، تصل به إلى حد الاستمتاع المشْبع، فلا یحتاج إلى تكوین علاقة عاطفیةمباشرة مع صاحبة الأثر وهذا السلوك الشاذ: "تعبیر عن صراع عاطفي في ذات فجَّة، تشعر بعجزها عن سرقة الشخص نفسه فتعمد إلى سرقة أشیائه"؛ ولهذا یكثر هذا المسلك بین العشَّاق حین تحول بینهم الظروف الاجتماعیة، وقد وُجد في تركة بعضهم حین مات : جمع من هذه الآثار، وهذا واقع معلوم لا یُجهل من أمر العشاق وأحوالهم.
ومع كون هذا المسلك محرماً شرعاً؛ إذ لا یصح من المسلم أن یتخیل بفكرةالاستمتاع بفتاة ما فضلاً عن المُعیَّنة، أو أن یختلس شیئاً من حاجاتها، أو أدواتها -مهما كان حقیراً- على وجه المداعبة فضلاً عن أن یستمتع بها جنسیاً، أو أن ینظر-فضلاً عن أن یستمتع - إلى شيء مما انفصل عن بدنها، لاسیما مما كان من عورتها،أو أن یقصد التلذذ بتناول من طعام أو شراب، أو أن یتتبَّع آثار أناملها أو فمها على إناء، أو أن یلبس ثوباً نزعته: فإن أقبح من كل هذا، وأشد فتنة، وأعظم أثراً: أن ینظر إلى صورتها الفوتوغرافیة أو السینمائیة، حیث یُعد هذا من أعظم وسائل التلذذ والاستمتاع عند فسقة الرجال، وما هذا الانتشار الواسع لصور الفتیات المتبرجات في الأفلام وعلى صدور المنشورات الإعلامیة - فضلاً عن المجلات الجنسیة الساقطة -إلا دلیل واضح على هذا الاستحسان الذكوري للصور؛ فإن كان للحذاء، أو المندیل هذا الأثر البالغ في سلوك الرجل الشاذ جنسیاً، فكیف تراه یكون أثر الصورة الفوتوغرافیة أو السینمائیة في تلذذه الجنسي واستمتاعه؟
إن على الفتاة أن تحفظ نفسها، وصورة شخصها، وكل ما یخصها من الملابس، والأدوات، وحتى فضلاتها كقصاصة شعرها، وقلامة ظفرها، وخروق حیضها:
تُغِّیبها جمیعاً في التراب، أو في أي مكان مأمون، فلا یقع شيء من ذلك بطریقة من الطرق -العفویة أو المقصودة- في ید شاذ من الشواذ، فیستمتع بها جنسیاً، والفتاة غافلة لا تدري.
إن هذا الوصف لأنواع الانتهاك العرضي الذي یمكن أن تتعرض الفتاة لشيء منه: یدل على أن الفتاة بطبیعتها كأنثى موضع استمتاع للرجل بصورة من الصور المختلفة، فلا یصح منها بحال أن تكون سبباً في إثارته بالتبرج وإظهار الزینة، أو حتى بمجرد إشعاره من خلال حركاتها المقصودة عن مواقع الزینة منها: "فیدرك بذلك حسْن الحلي، أو یسمع حبوسه، فإن الذي یُخاف من الفتنة عند النظر إلى الحلي في موضعه: یُخاف مثلُه أو قریب منه عند العلم بتحمله؛ بل ربما كانت النفس حینئذ أحرص، وإلى الهوى أسرع؛ فأحبُّ شيء إلى الإنسان ما مُنع".

جریمة الجنس عبر الهاتف

یحصل انتهاك عرض الفتاة بالكلام الفاحش من خلال الشتائم والقذف، ونحوهما من قبیح القول، وهذا النوع من الإجرام یُعد من أوسع أبواب انتهاك العرض وأخطرها،إذ إن كلمة واحدة في هذا الشأن، یمكن أن تُزعزع أركان المجتمع، وتُقلق أهله زمناً طویلاً، كما حصل في حادثة الإفك؛ ولهذا كان تعامل نظام الإسلام مع المتورطین في مثل هذه الحالات صارماً وعنیفاً للحد منها، حتى وإن كان مع بنت لم تبلغ الحُلُم.
ومع طبیعة التطور في الحیاة الاجتماعیة المعاصرة، وظهور جهاز الهاتف كوسیلة اتصال فائقة، تحمل في طبیعتها التقنیة قدرة النفاذ عبر الحواجز والأحجبة، والجدران والستور، لتخترق حرمات البیوت المصونة، وتصل إلى المُخَدَّرات في بواطن الحُجر في غیر ریبة أو استهجان أسري؛ فإن هذه الطبیعة المُخْترقة النَّفَّاذة لهذا الجهاز جاءت متوافقة مع طبیعة المجرم المُخْتلسة الخائنة، حیث یصل من خلال الكلام والاستمتاع عبر الجهاز إلى مبتغاه الجنسي من الزنا المجازي، الذي یصل به أحیاناً إلى حد اللذة الكبرى بالإنزال، وهذا المسلك الشائن لا یُستبعد من الفاسق؛ فإن الفتاة قد تُلاطف الرجل بالكلام العذب: فیُمني بین فخذیه دون أن یمسَّها؛ ولهذا أخذ على النساء: ألا یُحدِّثن الرجال من غیر المحارم إلا بإذن الأزواج؛ فإنهن وإن تكلَّفن الخشونة في الكلام فإن طبع اللین فیهن یغلب.إن استخدام جهاز الهاتف في أغراض الانتهاك العرضي أمر واقع في الحیاة العربیة المعاصرة، حتى إن القانون الوضعي في بعض الدول العربیة - لكثرة الحوادث -أدخل سوء استخدامه ضمن حدِّ القذف العلني الذي یُؤاخذ به فاعله، ولئن كانت الشریعة أو القانون الوضعي یحمي عرض الفتاة من الانتهاك بالعقوبات الرادعة:
فمن ذا الذي یحمي مشاعر الفتاة من الاختلال، وعواطفها من الإثارة؟ إن المعضلة لا تكمن فیما یصدر عن المجرم إلى مسامع الفتاة من عبارات الفحش والخنا، وإنما المشكلة الكبرى تكمن في الاختلال الشخصي، والاضطراب السلوكي الذي یمكن أن تخلفه مثل هذه المكالمات الهاتفیة المثیرة على مشاعر الفتاة وعواطفها؛ فإن باب السماع عند الأنثى: أوسع، وأعظم أبواب الإثارة الجنسیة في طبیعتها؛ إذ للكلمة المسموعة أثرها الفسیولوجي الخاص على نشاط الفتاة الانفعالي، الذي قد یصل بها أحیاناً إلى حدِّ النشوة الجنسیة، إن هي اسْترسلت فمكَّنت الفاجر من أذنها؛ یقول أبوعثمان الجاحظ عن هذه الطبیعة الأنثویة الخطیرة: "ولو أن أقبح الناس وجهاً، وأنتنهم ریحاً، وأظهرهم فقراً، وأسْقطَهم نفساً، وأوضعَهم حَسَباً، قال لامرأة قد تمكَّن من كلامها، ومكَّنته من سَمْعها: والله یا مولاتي وسیدتي، لقد أسهرت لیلي، وأرَّقْت عیني، وشغلْتني عن مُهمِّ أمري، فما أعقل أهلاً، ولا مالاً، ولا ولداً: لَنَقَضَ طِباعَها، ولفسَخَ عَقْدَها، ولو كانت أبرع الخلق جمالاً، وأكملهم كمالاً، وأملحهم ملحاً، فإن تهیَّأ مع ذلك، من هذا المُتعشِّق أن تدمع عینُه: احتاجت هذه المرأة أن یكون معها وَرَعُ أم الدرداء، ومعاذة العدویة، ورابعة القیسیَّة، والشجاء الخارجیة"، فإذا كان هذا التأثر العمیق یمكن أن یحصل للفتاة البارعة من مثل هذا القبیح الساقط في شكله وحاله، فكیف بمن خفي علیها حاله، واستتر خلف الحواجز والحجب، ولم یبدُ لها من أمره إلا حُسن صوته، وخداع كلامه عبر خطوط الهاتف الدقیقة؟ فلا شك أن هذا قد یكون أبلغ في تاثیره علیها من الذي قد بدا لها نقص هیئته.
إن مثل هذا الوصف لخطورة هذا الجهاز -خاصة بعد ظهور الهاتف الجوال، وانتشاره بصورة واسعة بین الفتیان والفتیات- لا ینبغي أن یُستنكر، فإن حصول الاستمتاع الجنسي عبر الهاتف عند بعض الفتیات الساقطات: أمر ثابت میدانیاً، وقد كانت المرأة الماجنة في السابق تتعرض للشعراء حتى یشببوا بها، ویمدحوها، فیعجبها ذلك، وترتاح له، وتستمتع به، فلیس بغریب أن یحصل شيء من هذا الاستمتاع عبر الهاتف، ثم إن وقوع بعضهن في علاقات حبٍّ عن طریقه: أمر معلوم معروف، وكیف یستنكر هذا والعشق قد یقع بمجرَّد الإخبار، والتلذذ قد یحصل بالمراسلة، وكل ذلك دون نظر أو سماع، ثم إن انتهاء كثیر من العلاقات الهاتفیة بین الجنسین بوقوع الفاحشة هو أیضاً أمر واقع وقائم.
ولعل أخطر ما تتوجب به عبقریة تقنیة الاتصالات الحدیثة: الربط بین الهاتف والكامیرا في جهاز واحد، حیث تم ذلك في الهاتف النقال، كما تم أیضاً عبر الشبكات العنكبوتیة العالمیة، إضافة إلى إمكانیة الربط التقني بین الهاتف الجوال والشبكة العنكبوتیة، "فلیست أكثر من لحظة خیانة یُدار فیها مفتاح الهاتف المتنقل لیصبح الشخص الغافل بصورته وانفعالاته: مادة ثقافیة للمستهلكین، فلا یستطیع أن یردَّ عن نفسه المتطفلین، ولا یستطیع أیضاً أن یمحو ما تناثر من شخصه عبر الأثیر، وللمتأمل أن یتخیل حین تكون الفریسة من المخدرات في البیوت، المحجوبات بالجلابیب والخُمُر، مما یُعطي القضیة حجمها الفعلي، وخطرها الحقیقي"، وهذه النقلة المتطورة في میدان الاتصالات من شأنها إحداث هزة في المجتمع، تتغیر معها المفاهیم الاجتماعیة والثقافیة، ویحتاج معها الناس إلى تعریف جدید لمفهوم الخصوصیة الشخصیة، حین لم یعد للشخص -أیاً كان- أن ینفرد بشيء من خصوصیاته دون تدخل الآخرین وفضولهم، حین مكَّنتهم هذه التقنیة الخطیرة من إشباع رغباتهم على حساب الآخرین، حتى إنه لم یعد غریباً في بعض الأوساط الاجتماعیة المحافظة أن یحضر بعض النساء الحفلات النسائیة وهن محجبات ، ویقوم على مداخل قاعات الحفلات من یفتش الداخلات بحثاً عن أجهزة الاتصال المزودة بالكامیرات. إن المشكلة لا تكمن في مجرد التطور التقني لوسائل الاتصال الهاتفیة، والوصول إلى هذه التقنیة العالیة، وإنما تكمن في توفیرها بأسعار زهیدة في أیدي المستهلكین من جمیع فئات المجتمع وطبقاته، بحیث تكثر نسبة العابثین المستخدمین لها، ممن تنقصهم التربیة الصالحة، والأخلاق الفاضلة، مما قد یهدد المجتمع في أخلاقه وآدابه، ولاسیما إذا عُرف أن النساء في بلد مثل المملكة العربیة السعودیة یمثلن حوالي@ من سوق أجهزة الهواتف النقالة، وأن هناك اختلافاً -یكاد یكون عالمیاً- في أسلوب استخدام الهاتف بین الرجال والنساء، ففي الوقت الذي یستخدمه الرجل –في الغالب- لقضاء حاجاته، تستخدمه المرأة كوسیلة للترفیه، مما یجعلها أكثر عرضة للانتهاك عبر هذه الوسیلة سواء كان ذلك برضاها، أو رغماً عنها.
إن وسیلة الفتاة الوحیدة لرد هذا النوع من الانتهاك عن نفسها حین لا تستطیع أن تستغني عن هذه الوسائل هو الالتزام بالحجاب الشرعي خارج المنزل لتحفظ صورتها، مع عدم الاستجابة بالكلیة للطرف الآخر عبر الهاتف، حتى ولو بالشتیمة، فإن الفاسق یستمتع بذلك، بل علیها أن تقطع المكالمات الهاتفیة من هذا النوع بصورة مباشرة، فإن الصوت كالوجه یتأثر بالانفعالات المختلفة عند المتكلم وإن كان مُحتجباً، فتدرك الفتاة الواعیة لأول وهلة من نبرات الصوت: ماذا یُرید المتكلم، فتقف من المكالمة الموقف المناسب، ولا تتهاون في ذلك حتى وإن ادَّعى رغبته في خطبتها، فإن طریق الخطبة معلوم، ولو أوكل ردُّ المكالمات المنزلیة للرجال، ولكبار السن من النساء، مع الحدِّ من استخدام الفتیات للهاتف الجوال ولاسیما ذي الكامیرا لكان هو الأولى والأكمل لدرء الفساد، مع الإبقاء على مبدأ مشروعیة التحدث من وراء حجاب، بقدر الحاجة بین الرجال والنساء إذا كان ذلك في غیر ریبة أو خیانة.
المصدر : راسخون2015
1- الأحزاب:


source : rasekhoon
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

دعاء وداع الامام الرضا عليه السلام
حديث الغدير في مصادر أهل السنة والشيعة
من معاجز أمير المؤمنين عليه السّلام
اليوم السابع من محرم..يوم مخصص للعباس بن علي (ع)
فضل شهر رجب
أحداث سنة الظهور حسب التسلسل الزمني
التوسل بأُم البنين عليها‌السلام
اعمال يوم المباهلة
حالة الحسين بعد مقتل مسلم
المحمل الحسن

 
user comment