كَربَلا لا زِلتِ كَرباً وَبَلا*** ما لَقي عِندَكِ آلُ المُصطَفى
كَم عَلى تُربِكِ لَمّا صُرِّعوا***مِن دَمٍ سالَ وَمِن دَمعٍ جَرى
كَم حَصانِ الذَيلِ يَروي دَمعُها***خَدَّها عِندَ قَتيلٍ بِالظَما
تَمسَحُ التُربَ عَلى إِعجالِها***عَن طُلى نَحرٍ رَميلٍ بِالدِما
وَضُيوفٍ لِفَلاةٍ قَفرَةٍ *** نَزَلوا فيها عَلى غَيرِ قِرى
لَم يَذوقوا الماءَ حَتّى اِجتَمَعوا *** بِحِدى السَيفِ عَلى وِردِ الرَدى
تَكسِفُ الشَمسُ شُموساً مِنهُمُ ***لا تُدانيها ضِياءً وَعُلى
وَتَنوشُ الوَحشُ مِن أَجسادِهِم***أَرجُلَ السَبقِ وَأَيمانَ النَدى
وَوُجوها كَالمَصابيحِ فَمِن***قَمَرٍ غابَ وَنَجمٍ قَد هَوى
غَيَّرَتهُنَّ اللَيالي وَغَدا***جايِرَ الحُكمِ عَلَيهِنَّ البِلى
يا رَسولَ اللَهِ لَو عايَنتَهُم***وَهُمُ ما بَينَ قَتلى وَسِبا
مِن رَميضٍ يُمنَعُ الذِلَّ وَمِن***عاطِشٍ يُسقى أَنابيبَ القَنا
وَمَسوقٍ عاثِرٍ يُسعى بِهِ***خَلفَ مَحمولٍ عَلى غَيرِ وَطا
مُتعَبٍ يَشكو أَذى السَيرِ عَلى*** نَقِبِ المَنسِمِ مَجزولِ المَطا
لَرَأَت عَيناكَ مِنهُم مَنظَراً***لِلحَشى شَجواً وَلِلعَينِ قَذى
لَيسَ هَذا لِرَسولِ اللَهِ يا*** أُمَّةَ الطُغيانِ وَالبَغيِ جَزا
غارِسٌ لَم يَألُ في الغَرسِ لَهُم***فَأَذاقوا أَهلَهُ مُرُّ الجَنى
جَزَروا جَزرَ الأَضاحي نَسلَهُ*** ثُمَّ ساقوا أَهلَهُ سَوقَ الإِما
مُعجَلاتٍ لا يُوارينَ ضُحى***سُنَنَ الأَوجُهِ أَو بيضَ الطُلى
هاتِفاتٍ بِرَسولِ اللَهِ في***بُهَرِ السَعيِ وَعَثراتِ الخُطى
يَومَ لا كِسرَ حِجابٍ مانِعٌ*** بِذلَةَ العَينِ وَلا ظِلَّ خِبا
أَدرَكَ الكُفرُ بِهِم ثاراتِهِ ***وَأُزيلَ الغَيِّ مِنهُم فَاِشتَفى
يا قَتيلاً قَوَّضَ الدَهرُ بِهِ ***عُمُدَ الدينِ وَأَعلامَ الهُدى
قَتَلوهُ بَعدَ عِلمٍ مِنهُمُ***أَنَّهُ خامِسُ أَصحابِ الكِسا
وَصَريعاً عالَجَ المَوتَ بِلا***شَدَّ لَحيَينِ وَلا مَدَّ رِدا
غَسَلوهُ بِدَمِ الطَعنِ وَما***َفَّنوهُ غَيرَ بَوغاءِ الثَرى
مُرهَقاً يَدعو وَلا غَوثَ لَهُ***بِأَبٍ بَرٍّ وَجَدٍّ مُصطَفى
وَبِأُمٍّ رَفَعَ اللَهُ لَها***عَلَماً ما بَينَ نُسوانِ الوَرى
أَيُّ جَدٍّ وَأَبٍ يَدعوهُما***جَدَّ يا جَدَّ أَغِثني يا أَبا
يا رَسولَ اللَهِ يا فاطِمَةٌ***يا أَميرَ المُؤمِنينَ المُرتَضى
كَيفَ لَم يَستَعجِلِ اللَهُ لَهُم*** بِاِنقِلابِ الأَرضِ أَو رَجمِ السَما
لَو بِسِبطَي قَيصَرٍ أَو هِرقِلٍ*** فَعَلوا فِعلَ يَزيدٍ ما عَدا
كَم رِقابٍ مِن بَني فاطِمَةٍ *** عُرِقَت ما بَينَهُم عَرقَ المِدى
وَاِختَلاها السَيفُ حَتّى خِلتَها ***سَلَمَ الأَبرَقِ أَو طَلحَ العُرى
حَمَلوا رَأساً يُصَلّونَ عَلى*** جَدِّهِ الأَكرَمِ طَوعاً وَإِبا
يَتَهادى بَينَهُم لَم يَنقُضوا ***عَمَمَ الهامِ وَلا حَلّوا الحُبا
مَيِّتٌ تَبكي لَهُ فاطِمَةٌ***وَأَبوها وَعَليٌّ ذو العُلى
لَو رَسولُ اللَهِ يَحيا بَعدَه***قَعَدَ اليَومَ عَلَيهِ لِلعَزا
source : abna24