عربي
Saturday 23rd of November 2024
0
نفر 0

حديث الغدير

حديث الغدير

 

سند الولاية الناطق

 

لجنة المعارف والأبحاث الإسلامية ـ قم

 

 

هجوم غير معهود:

في الأيام الأخيرة ونتيجةً لسياسية الانفتاح المتبعة الآن في البلد، قامت مجموعة من المولويين من أهل السنة في جنوب البلاد، وخرقاً لتعهدهم للوحدة القائمة بيننا، بالتعرض لعقائد الشيعة ـ وهو المذهب الرسمي للدولة ـ بمقالة (اسطورة شهادة الزهراء(عليها السلام)) والتي نشرت في مجلة (نداء الاسلام) وباجازة من وزارة الإرشاد، وقد أوردنا عليهم ردّاً قاطعاً.

ومرّة اُخرى أعادت الكرة تلك الجماعة نفسها في التعرض لعقائدنا وتناولت هذه المرّة (حديث الغدير)، وهي بعيدة عن الواقعية كل البعد، وبعيدة عمّا هو موجود في كتب التاريخ والسيرة والحديث، مما دعانا لإيراد حيث الغدير بشكل مختصر وشفاف مدعوماً بالحقائق، ولكننا نتسائل: إلى متى الصبر على هذهِ التخرصات ضدنا؟ وإلى متى السكوت؟

 

مقدمة:

كلنا سمعنا باسم الغدير، وهي أرض تقع بين مكة والمدينة بالقرب من «الجحفة» والتي تبعد 200 كيلومتر عن مكة، وهي في الواقع مفترق طرق يصل اليها الحجاج بعد اتمامهم لمناسكهم، وكل يتوجه إلى بلده:

فطريق يتوجه إلى المدينة باتجاه الشمال

وآخر يذهب إلى العراق باتجاه الشرق

وطريق يذهب إلى مصر باتجاه الغرب

وطريق يذهب إلى اليمن باتجاه الجنوب

وهذهِ الأرض هي اليوم أرض قفراء، ولكنها شهدت حادثة من أهم حوادث التاريخ الإسلامي، وهي تنصيب الإمام علي(عليه السلام) في الثامن عشر من ذي الحجة في السنة العاشرة للهجرة.

أراد الخلفاء في السابق وبعض المتعصبين اليوم محو هذهِ الحادثة من ذاكرة التاريخ، ولكن هيهات فتأصلها في التاريخ أكبر واوسع من أن يمحى.

وستجد في هذا الكراس مصادر وحقائق دامغة، وتتساءل متعجباً: إنّ مسألة بهذا العمق في التاريخ كيف يمكن تجاهلها والإعراض عنها؟!

نأمل أن يكون هذا التحليل المنطقي للأحداث التاريخية المذكور في طيّات هذا الكراس، والتي أخذت كلّها من مصادر السنة، وسيلة للتقارب بين المسلمين أكثر من ذي قبل، ونأمل أن تؤخذ الحقائق التاريخية بنظر الاعتبار والإهتمام بعد أن وضعت في الماضي في زاوية الغفلة والتجاهل.

لجنة المعارف والبحوث الاسلامية ـ قم

 

 

حديث الغدير

السند الناطق للولاية

حديث الغدير هو من الأدلة الواضحة لولاية وخلافة أميرالمؤمنين(عليه السلام) بعد الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله) حيث يتمتع بأهميّة لدى المحققين خاصة.

وللأسف نجد أنّ البعض وقعوا اسرى المسبوقات الفكرية بالنسبة إلى ولاية أميرالمؤمنين(عليه السلام)، فتارة يقبلون سند الحديث ويشككون في دلالته، واُخرى يشككون ومن دون علم بنفس السند.

ولأجل توضيح أبعاد الحديث واستجلاء مكنوناته رأينا من الضروري أن نتناول بالبحث كلا الموضوعين مع إيراد الوقائع المعتبرة:

 

البعد التاريخي للغدير:

أتّم المسلمون «حجة الوداع» في الشهر الاخير للسنة العاشرة للهجرة، وتعلموا أعمال حجّهم على يد الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله)، وعندها قرّر الرسول(صلى الله عليه وآله) التوجه نحو المدينة المنورة، وصدر فعلا الأمر بالحركة، وعند وصول الركب الى مدينة «رابغ»(1)(الجحفة)(2)«غدير خم» مخاطباً الرسول بهذه الآية: (يا أيّها الرّسُولُ بَلِّغْ مـا اُنزِلَ إليكَ مِنْ رَبِّكَ وَإنْ لَم تَفعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ)(3)

فلحن الآية يبين مدى أهمية وخطورة الامر الذي القي على عاتق الرسول(صلى الله عليه وآله)، والذي يعتبر مساوياً للرسالة في الأهميّة والموجب ليأس الكفار وأعداء الإسلام، وهل يوجد أمر أهمّ من تنصيب الأمير(عليه السلام) بالامامة والخلافة، أمام مرأى ومسمع من مائة ألف أو يزيدون؟

ولأجل ذلك صدر أمر بالتوقف، فمن تقدم من الركب ارجعوه، ومن تأخر انتظروه... وهكذا حتى اجتمعوا كلهم في مكان واحد، وكان الحر شديداً، وكان الناس يتوقوه بأيديهم ويضعون الثياب تحت أرجلهم من حرارة الرمل، ونصبوا للرسول(صلى الله عليه وآله) منبراً وضلاّ تحت شجرة قائمة هناك، وأخذ الرسول(صلى الله عليه وآله) بايراد الخطبة بصوت جهوري، وخلاصتها:

 

خطبة الرسول (ص) في غدير خم:

فبعد أن حمد الله تعالى واثنى عليه، ووعظ فأبلغ في الموعظة ونعى إلى الاُمة نفسه، قال:

«أَيّها الناس إنّي قد دعيت ويوشك أن اُجيب وقد حان مني خفوق من بين أظهركم و إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي فانظروا كيف تخلفوني فيهما فانّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض.

ثم قال: إنّ الله مولاي وأنا ولي كلّ مؤمن ومؤمنة.

وأخذ بيد علي(عليه السلام) وقال: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، فقال: «من كنت مولاه فهذا علي مولاه(عليه السلام)(4) اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه واحب من احبّه وابغض من ابغضه وانصر من نصره واخذل من خذله وأدر الحقّ معه حيث دار»(5).

وعند النظر الى كل كلمة من كلمات الخطبة(6)(عليه السلام) (سنورد شرح هذا الكلام قريباً إن شاء الله)

 

خلود قصّة الغدير:

تعلّقت مشيئة الباري تعالى الحكيمة بتخليد هذهِ الذكرى في كل العصور والازمان، وهي حادثة حضرت بأحرف من نور في القلوب المسلمين ولا تخلو كتب التفسير والتاريخ والحديث والكلام في كل عصر وزمان من تلك الواقعة، وقد تحدث بها الخطباء والوعّاظ في مجالسهم، فهي من الفضائل المسلّمة لأميرالمؤمنين(عليه السلام)، بل تعدت إلى الشعراء حيث صارت هذه الواقعة منهلاً يسترفدون منه قصائدهم ويروون منه أفكارهم ومفاهيمهم، فكان أن سردوا فيها أبدع أشعارهم وأسمى منظوماتهم بصورة متنوعة وبلغات مختلفة (وقد ذكر العلامة الأميني(رحمهم الله) في غديره تلك الاشعار وقائليها وتراجمهم).

وبعبارة اُخرى: لا نرى واقعة وحادثة تاريخية قد تناولها الجميع من فيلسوف وكلامي ومحدّث ومفسر وخطيب وشاعر ومؤرخ سوى حادثة الغدير.

ومن العوامل المهمة في خلود الواقعة هو نزول الآيتين الشريفتين(7)

* * *

والجدير بالذكر أنه عند مراجعة التاريخ نرى أنّ يوم الثامن عشر من ذي الحجة الحرام يوم عرف بيوم الغدير بين المسلمين. ففي معرض حديث ابن خلكان عن المستعلى بن المستنصر يقول: إنّه وفي سنة 487 للهجرة في يوم الغدير المصادف للثامن عشر من شهر ذي الحجة بايعه الناس(8)المصادف ليوم الغدير وافته المنية(9)

وقال ابو ريحان البيروني في كتاب الآثار الباقية أن عيد الغدير عيد كان يحتفل به المسلمون(10)

وليس فقط عدّ ابن خكلان وابو ريحان البيروني ذلك اليوم عيداً، بل وقد جاء ايضاً على لسان الثعالبي، وهو من علماء السنة المعروفين(11)

وجذور هذا العيد ممتدة إلى عصر الرسول الاعظم(صلى الله عليه وآله) حيث أمر الناس من المهاجرين والانصار وأزواجهم أن يبايعوا لعلي(عليه السلام) ويهنئوه على مقام الولاية والإمامة.

قال «زيد بن الأرقم»: أوّل من بايع الإمام علي(عليه السلام) من المهاجرين هم، أبوبكر وعثمان وطلحة والزبير، واستمرت المراسم حتى الغروب(12)

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

منزلة العلماء
البراغماتية‌ وانتحال‌ القدسيّة‌
تهذيب الشهوة
ما هي حقيقة الموت؟
فوائد و أضرار طلع النخل
أبعاد الحضارة وماذا أعطي الاسلام للبشرية
الإمام الحسن المجتبى ( عليه السلام ) رجل الثورة ...
بكاء النبي (ص) على الحسين بسند صحيح
اخلاقيات الاعلام: معوقات و فرص
نعم.. أفتى شلتوت بجواز التعبد على المذهب الجعفري

 
user comment