عربي
Tuesday 7th of May 2024
0
نفر 0

الاصل الكريم والمولد المبارك

يبدو أن قرية ( الأبواء ) الواقعة بين المدينة ومكة ، كانت تستقطب قوافل الحجاج من آل البيت أكثر من غيرها ، لأنها كانت مثوى أم الرسول آمنة بنت وهب .وفي طريقهم إلى المدينة قافلين من حج بيت اللـه الحرام(1) حطت قافلة الإمام أبي عبد اللـه الصادق (علیه السلام)في هذه القرية
الاصل الكريم والمولد المبارك

يبدو أن قرية ( الأبواء ) الواقعة بين المدينة ومكة ، كانت تستقطب قوافل الحجاج من آل البيت أكثر من غيرها ، لأنها كانت مثوى أم الرسول آمنة بنت وهب .وفي طريقهم إلى المدينة قافلين من حج بيت اللـه الحرام(1) حطت قافلة الإمام أبي عبد اللـه الصادق (علیه السلام)في هذه القرية ، وذلك في اليوم السابع عشر من شهر صفر الخير ، عام 128 هـ - على أشهر الروايات -، حيث قدم الإمام المائدة لضيوفه ، وجاءه الرسول من عند نسائه تبشره بالوليد المبارك . تقول الرواية التاريخية - المأثورة عن منهال القصّاب قال : ( خرجت من مكة وأنا أريد المدينة ) فمررت بالأبواء وقد ولد لأبي عبد اللـه (علیه السلام)فسبقته إلى المدينة ، ودخل بعدي بيوم فأطعم الناس ثلاثاً ، فكنت آكل فيمن يأكل ، فما آكل شيئاً إلى الغد حتى أعود فآكل ، فمكثت بذلك ثلاثاً أطعم حتى أرتفق ثم لا أطعم شيئاً إلى الغد .وجاء في حديـث مـروي عـن ابي بصير قال : ( كنت مع أبي عبد اللـه (علیه السلام)في السنة التي ولد فيها إبنه موسى (علیه السلام)، نزلنا الأبواء وضع لنا أبو عبد اللـه (علیه السلام)الغذاء ولأصحابه وأكثره وأطابه ، فبينما نحن نتغدى إذ أتاه رسول حميدة أن الطلق قد ضربني ، وقد أمرتني أن لا أسبقك بابنك هذا .
فقام أبو عبد اللـه فرحاً مسروراً ، فلم يلبث أن عاد إلينا حاسراً عن ذراعيه ضاحكاً سنّه ، فقلنا : أضحك اللـه سنّك ، وأقر عينك ، ما صنعت حميدة ؟
فقال : وهب اللـه لي غلاماً وهو خير من برأ اللـه ، ولقد خبرتني عنه بأمر كنت أعلم به منها ، قلت : جعلت فداك وما خبّرتك عنه حميدة ؟ قال : ذكرت أنه لما وقع من بطنها وقع واضعاً يديه على الأرض رافعاً رأسه إلى السماء ، فأخبرتها أن تلك أمارة رسول اللـه (صلی الله علیه وآله وسلم)وأمارة الإمام من بعده .
فقلت : جعلت فداك وما تلك من علامة الإمام ؟ فقال : إنه لما كان في الليلة التي علق بجدي فيها ، أتى آتٍ جدّ أبي وهو راقد ، فأتاه بكأس فيها شربة أرقّ من الماء ، وأبيض من اللّبن ، وألين من الزبد ، وأحلى من الشهد ، وأبرد من الثلج ، فسقاه إيّاه وأمره بالجماع ، فقام فرحاً ومسروراً فجامع فعلق فيها بجدّي ، ولما كان في الليلة التي علق فيها بأبي أتى آتٍ جدي فسقاه كما سقى جدّ أبي وأمره بالجماع ، فقام فرحاً مسروراً فجامع فعلق بأبي ، ولما كان في الليلة التي علق بي فيها ، أتى آتٍ أبي فسقاه وأمره كما أمرهم ، فقام فرحاً مسروراً فجامع فعلق بي ، ولما كان في الليلة التي علق فيها بابني هذا أتاني آتٍ كما أتى جدّ أبي وجدّي فسقاني كما سقاهم ، وأمرني كما أمرهم ، فقمت فرحاً مسروراً بعلم اللـه بما وهب لي ، فجامعت فعلق بابني هذا المولود ، فدونكم فهو واللـه صاحبكم من بعدي ) (2)
فلما أن عاد الإمام إلى المدينة أطعم الناس ثلاثاً وتباشر الناس بالوليد المبارك .

أبواه :

والده : إمام الهدى أبو عبد اللـه جعفر بن محمد الصادق (علیه السلام).
والدتـــه : حميدة البربرية التي ربما كانت من الأندلس أو من المغرب ، وكانت تلقب بـ ( حميدة المصفـــاة ) .
وقد كانت حميدة من فضليات النساء حيث اضطلعت بمهمة نشر الرسالة ، وقد روت بعض الأحاديث عن زوجها (علیه السلام).
فعن ابن سنان ، عن سابق بن الوليد ، عن المعلّى بن خنيس أن أبا عبد اللـه (علیه السلام)قال : ( حميدة مصفّاة من الأدناس ، كسبيكة الذهب ، ما زالت الأملاك تحرسها حتى أُدِّيت إليَّ كرامةً من اللـه لي والحجة من بعدي ) (3)

صفاته :

كانت ملامحه الشخصية (علیه السلام)تعبر عن تلك النفس الكبيرة ، وتلك المسؤولية العظمى التي كان عليه أدائها . ذلك الهاشمي الكريم أزهر الملامح ، مربع القامة ، تمام خضر ، حالك ، كث اللحية ، يفيض مطابة وجلالاً .
وتكشف ألقابه عن الصفات الرسالية التي تجلّت فيه فهو : الكاظم والصابر والصالح ، والأمين . وفعلاً كانت حياته حافلة بتجليات هذه الصفات الفضيلة .

نشأته :

خلال عشرين عاماً من عمره الشريف كان والده الإمام أبو عبد اللـه الصادق (علیه السلام)يتعهده بالرعاية ، ويشير إلى فضائله ويبين لخاصة أوليائه أنه سيد ولده ، وأنه الإمام من بعده .
إن الإمامة لابد أن تكون بنص صريح ، وقد تواترت النصوص على الأئمة الإثني عشر من الرسول الأكرم (صلی الله علیه وآله وسلم)، وهكذا كان كل إمام يوصي بمن بعده ، فلهذا كان الموالون لآل البيت (علیه السلام)حريصين على التأكد من إمامهم يسألون السلف عن الخلف .
يــروي عبد الرحمن بن الحجاج يقول : دخلت على جعفر بن محمد في منزله وهو في بيت كذا من دار ،في مسجدٍ له وهو يدعو ، وعلى يمينه موسى بن جعفر يؤمِّن على دعائه ، فقلت له : جعلني اللـه فداك قد عرفت انقطاعي إليك ، وخدمتي لك ، فمن وليّ الأمر بعدك ؟ قال : ( يا عبد الرحمن إن موسى قد لبس الدرع فاستوت عليه ، فقلت له : لا أحتاج بعدها إلى شيء ) (4)
وكان الإمام الصادق (علیه السلام)يوصي سائر أبنائه بحق ابنه موسى (علیه السلام)، فهذا عبد اللـه بن جعفر أكبر سناً من الإمام موسى يتحدث إليه والده ويقول له : ما يمنعك أن تكون مثل أخيك ، فواللـه إني لأعرف النور في وجهــــه ، فقال عبد اللـه : وكيف ؟ أليس أبي وأبوه واحداً ؟ وأصلي وأصله واحداً ؟ فقال له أبو عبد اللـــه : ( إنه من نفسي وأنت ابني )(5) وكانت حياة الإمام موسى (علیه السلام)متميّزة منذ الصبا ، ولذلك فقد كانت في ذلك أمارة مقامه العظيم . جاء في حديث مأثور عن صفوان الجمّال وهو من خواصّ الشيعة ، سألت أبا عبد اللـه عن صاحب هذا الأمر ، قال : صاحب هذا الأمر لا يلهو ولا يلعب ، وأقبل أبو الحسن وهو صغير ومعه بهمة عناق مكية (6) ويقول لها: ( اسجدي لربك ، فأخذه أبو عبد اللـه وضمه إليه وقال بأبي أنت وأمي من لا يلهو ولا يلعب ) (7)
وهكذا شبّ موسى بن جعفر محبوباً بين إخوته بسبب وصفه المميز ، وعملا بوصايا والده بحقه ، فكان بين إخوته المتمسّكين بولاية علي بن جعفر ، جاء في الحديث المأثور عن محمد بن الوليد قال :
(سمعت علي بن جعفر بن محمد الصادق (علیه السلام)يقول : سمعت أبا جعفر بن محمد (علیه السلام)يقول لجماعة من خاصته وأصحابه : استوصوا بموسى ابني خيراً فإنه أفضل ولدي ، ومن أخلّف من بعدي وهو القائم مقامي والحجة للـه عزّ وجلّ على كافة خلقه من بعدي ، وكان علي بن جعفر شديد التمسك بأخيه موسى، والإنقطاع إليه ، والتوفر على أخذ معالم الدين منه ، وله مسائل مشهورة عنه ، وجوابات رواها سماعاً منه، والأخبار فيما ذكرناه أكثر من أن تحصى على ما بيًّناه ووصفناه ) (8)
ولأن عهد الإمام الصادق (علیه السلام)مميَّز ببعض الانفراج ، وقد انتشرت معارف أهل البيت وأصبح مذهبهم من بين المذاهب الأكثر شيوعاً واتباعاً في العالم الإسلامي ، فلقد كان الخوف على مستقبل الطائفة شديداً ، حيث كان يخشى من طمع بعض القيادات في الرئاسة على الطائفة ، وربما انجرف معهم بعض أولاد الإمام الصادق أو أحفاده ، لذلك فقد كان تأكيد الإمام على أن الوصي بعده ابنه موسى شديداً ومستمراً .
وهكذا كان فلقد انحرف البعض وزعم أن الوليّ بعد الإمام الصادق ( عليه السلام ) ابنه الأكبر إسماعيل، وقالوا بأنه لم يمت على عهد أبيه إنما غاب عن الأنظار .
وكانت الفرقة الإسماعيلية ذات الشوكة التي أسست أكبر حركة ثورية بعد الحركة الرسالية ، وبَنت دولة عظيمة في شمال إفريقيا وكانت هذه الحركة وليدة هذا التصور الخاطىء .
من هنا أشهد الإمام الصادق (علیه السلام)كبار شيعته على وفاة ابنه وأكد لهم أن الوصي الحق بعده إنما هو موسى (علیه السلام).
فلقد روي عن زرارة بن أعين أنه قال :
(دخلت على أبي عبد اللـه (علیه السلام)وعن يمينه سيد ولده موسى (علیه السلام)وقدّامه مرقد مغطى ، فقال لي : يا زرارة جئني بداود الرّقي ، وحمران ، وأبي بصير ، ودخل عليه المفضل بن عمر ، فخرجت فأحضرت من أمرني بإحضاره ، ولم يزل الناس يدخلون واحداً إثر واحد ، حتى صرنا في البيت ثلاثين رجلاً .
فلما حشد المجلس قال : يا داود اكشف لي عن وجه اسماعيل ، فكشف عن وجهه ، فقال ابو عبد اللـه (علیه السلام): يا داود أحيّ هو أم ميت ؟ قال داود : يا مولاي هو ميت ، فجعل يعرض ذلك على رجل رجل ، حتى أتى على آخر من في المجلس وكل يقول : هو ميت يا مولاي ، فقال : اللـهم اشهد ثم أمر بغسله وحنوطه ، وإدراجه في أثوابه .
فلما فرغ منه قال للمفضل : يا مفضل أحسر عن وجهه ، فحسر عن وجهه فقال : أحيّ هو أم ميت ؟ فقال ميت قال : اللـهم اشهد عليهم ، ثم حمل إلى قبره ، فلما وضع في لحده قال : يا مفضل أكشف عن وجهه ، وقال للجماعة : أحيّ هو أم ميت ؟ قلنا له : ميت فقال : اللـهم اشهد ، واشهدوا فإنه سيرتاب المبطلون ، يريدون إطفاء نور اللـه بأفواههم ثم أومأ إلى موسى ، واللـه متم نوره ولو كره المشركون ، ثم حثوا عليه التراب ، ثم أعاد علينا القول فقال : الميت المكفن المحنط المدفون في هذا اللحد من هو ؟ فقلنا : إسماعيل قال : اللـهم اشهد ، ثم أخذ بيد موسى (علیه السلام)وقال : هو حق والحق معه ومنه ، إلى أن يرث اللـه الأرض ومن عليها ) (9)
المصادر:
1- راجع موسوعة بحار الأنوار : ( ج 48 ، ص 4 ) وأيضاً كتاب المحاسن للبرقي : (ج 2 ، ص 418) .
2- موسوعة البحار : ( ج 48 ، ص 2 ) .
3- نفس المصدر : ( ص 6 ) نقلاً عن الكافي : ( ج 1 ، ص 477 ) .
4- نفس المصدر : ( ص 181 ج 48) .
5- نفس المصدر .
6- البهمة الواحدة من الضأن ، والعناق الأنثى من أولاد المعز ما لم يتم لها سنة .
7- نفس المصدر .
8- نفس المصدر . ( ص 20) .
9- نفس المصدر : ( ص 21)


source : rasekhoon
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

السيدة فاطمة الكبرى بنت الإمام الحسين ( عليه ...
عبيدة بن الحارث ( رضي الله عنه ) (1)
شاعر وإمام
السيدة تكتم أم الإمام الرضا ( عليه السلام )
أخلاق وصفات الإمام علي بن الحسين السجاد عليه ...
الامام السجاد (ع) في سطور
أفضلية ارض كربلاء على الکعبة
صفات الإمام الحسين ( عليه السلام ) الجسمية وهيبته
عبد المطلب جد النبي ( صلى الله عليه وآله )
مسلم بن عقيل ( عليه السلام ) (1)

 
user comment