لقد أخبر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بأن عدد الائمة الذين يلون الأمر من بعده اثنا عشر ، كما روى عنه ذلك علماؤنا في كتبهم ، ومن أهم الكتب المؤلفة في هذا المجال ، هو كتاب ( كفاية الأثر في النص على الأئمة الإثني عشر ) للمُحدِّث علي بن محمد القمي الرازي ، من علماء القرن الرابع الهجري ، حيث عقد فيه باباً لما روي عن كل واحد من الصحابة الذين ذكرهم ، وأورد فيه حديثه أو أحـاديثه بسند مُتصل منه إليه إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) .
فَحفَظ بذلك عدداً من النصوص التي ضاعت في مصادر أهل السُنة ، أو تَشتَّتَت في مُصَنَّفاتهم ، أو بقي منها أجزاء مُجَزَّأة ، ونورد فيما يلي نماذج منها :
1ـ عن عبد الله بن مسعود قال : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : ( الأئمة بعدي اثنا عشر كُلّهم من قُرَيش ) .
2ـ عن عبد الله بن مسعود قال : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : ( الأئمة بعدي اثنا عشر ، تسعة من صُلبِ الحُسَين ، والتاسع مَهدِيّهُم ) .
3ـ عن أنَس بن مالك قال : صَلَّى بنا رسولُ الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال : ( مَعَاشِر أصحابي ، مَن أحَبَّ أهلَ بَيتي حُشِر مَعنا ، وَمَن استمسَك بأوصيائي من بعدي فقد استمسك بالعُرْوَة الوُثقى ) .
فقام إليه أبو ذر الغفاري فقال : يا رسول الله ، كم الأئمة بعدك ؟ قال ( صلى الله عليه وآله ) : ( عَدد نُقَباء بني إسرائيل ) .
فقال : كلهم من أهل بيتك ؟ قال ( صلى الله عليه وآله ) : ( كُلهم من أهل بيتي ، تسعة من صُلب الحُسَين ، وَالمَهدِي منهم ) .
4ـ عن أبي أيّوب الأنصاري قال : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : ( أنا سيِّد الأنبياء ، وعلي سيِّد الأوصياء ، وسِبطَايَ خَير الأسباط ، وَمِنا الأئمة المعصومون من صُلب الحُسين ، وَمِنَّا مَهدِي هذه الأمة ) .
فقام إليه أعرابي فقال : يا رسول الله ، كم الأئمة بعدك ؟ قال ( صلى الله عليه وآله ) : ( عددُ الأسباط ، وحَواري عيسى ، ونُقَباء بني إسرائيل ) .
5ـ عن عَمَّار بن ياسر قال : كنتُ مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في بعض غَزَواته ، وقَتلَ علي ( عليه السلام ) أصحاب الألْوِيَة ، وفَرَّق جمعهم ، وقتلَ ( عليه السلام ) عُمَر ابن عبد الله الجمحمي ، وقتل شَيبَة بن نـافع ، أتيتُ رسولَ الله ( صلى الله عليه وآله ) فقلتُ له : يا رسول الله ، صلى الله عليك ، إن عَليّاً قد جاهد في الله حق جهاده .
فقال ( صلى الله عليه وآله ) : ( لأنَّه مِنِّي وأنا منه ، وارثُ عِلمي ، وقَاضي ديني ، ومُنجزُ وَعدي ، والخَلِيفة بَعدي ، وَلولاهُ لم يُعرَف المؤمنُ المَحض ، حَربُه حَربي ، وحَربي حَربُ الله ، وَسِلْمُه سِلْمِي ، وسِلْمي سِلْمُ الله ، إلا أنه أبو سِبْطَي ، والأئمة من صُلبِه ، يُخرِجُ اللهُ تعالى الأئمة الراشدين ، ومنهم مَهدِيّ هذه الأمة ) .
6ـ عن سَدَّاد بن أوْس قال : لمَّا كانَ يوم الجمل قلتُ : لا أكون مع علي ( عليه السلام ) ولا أكون عليه ، وتوقفتُ عن القتال إلى انتِصَاف النهار ، فلما كان قرب الليل ألقى الله في قلبي أن أقاتلَ مَع علي ( عليه السلام ) ، فقاتلتُ معه حتى كان من أمره ما كان ، ثم إني أتيتُ المدينة فدخلتُ على أم سلمة .
قالت : من أين أقبلت ؟ قلتُ : من البصرة ، قالت : مَعَ أيِّ الفريقينِ كُنتَ ؟ قلتُ : يا أم المؤمنين ، إني توقفت عن القتال إلى انتصاف النهار ، وألقى الله عزَّ وجلَّ أن أقاتلَ مع علي ( عليه السلام ) .
قالت : نِعْمَ ما عَملتَ ، لقد سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : ( مَن حاربَ عَليّاً فقد حاربني ، ومن حاربني فقد حاربَ الله ) ، قلت : فترَينَ أنَّ الحق مع علي ( عليه السلام ) ؟ قالت : إي والله ، علي مع الحق والحق معه ، والله ما أنصفَتْ أمة محمَّد ( صلى الله عليه وآله ) نبيَّهم .
إذ قَدَّموا من أخَّرَه اللهُ عزَّ وجلَّ ورسولُه ( صلى الله عليه وآله ) ، وأخَّروا من قَدَّمه الله تعالى ورسوله ( صلى الله عليه وآله ) ، وأبرزوا حليلَةَ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) .
والله لقد سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : ( لأمَّتي فُرقَة وجعلة ، فَجامِعوها إذا اجتمعت ، وإذا افترقَت فَكونوا من النمط الأوسط ، ثم ارقَبُوا أهلَ بيتي ، فإن حارَبوا فحارِبوا ، وإن سالَموا فسالِموا ، وإن زالوا فزالوا معهم ، فإن الحق معهم حيثُ كانوا ) .
قلتُ : فمن أهل بيته الذين أُمِرنا بالتمسك بِهِم ؟ قالت : هم الأئمة بعده كما قال ( صلى الله عليه وآله ) : ( عَدَد نُقَباء بني إِسرَائيل ، عَليّ وسِبطَاه ، وتِسعَة من صُلب الحُسَين ، هم أهلُ بَيتِه ، هم المُطهَّرون والأئمة المعصومون ) .
قلتُ : إنا لله ، هَلَكَ الناسُ إذاً ، قالت : ( كُلَّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ) المؤمنون : 53 .
وهكذا روي في كتب أهل السنة أن الأئمة بعده ( صلى الله عليه وآله ) اثنا عشر خليفة :
1ـ روى مسلم عن جابر بن سمرة أنه سمع النبي ( صلى الله عليه وآله ) يقول : ( لا يزال الدين قائماً حتى تقوم الساعة ، أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة ، كلّهم من قريش ) صحيح مسلم 3 / 1453 ح 1821 .
وقريب منه في : صحيح البخاري 4 / 165 كتاب الاحكام ، سنن الترمذي : باب ما جاء في الخلفاء من ابواب الفتن ، سنن ابي داود 3 / 106 كتاب المهدي ، مسند الطيالسي ح 767 و 1278 ، مسند احمد 5 / 86 ـ 90 و 92 ـ 101 و 106 ـ 108 ، كنز العمّال 13 / 26 ، حلية ابي نعيم 4 / 333 ، فتح الباري 16 / 338 ، مستدرك الصحيحين 3 / 617 .
2ـ ( لا تزال هذه الأمة مستقيما أمرها ، ظاهرة على عدوّها ، حتى يمضي منهم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش ، ثم يكون المرج أو الهرج ) منتخب الكنز 5 / 321 ، تاريخ ابن كثير 6 / 249 ، تاريخ الخلفاء للسيوطي 10 ، كنز العمال 13 / 26 ، الصواعق المحرقة 28 .
3ـ ( يكون لهذه الأمة اثنا عشر قيّماً لا يضرّهم من خذلهم كلّهم من قريش ) كنز العمال 13 / 27 ، منتخب الكنز 5 / 312 .
4ـ ( لا يزال امر الناس ماضياً ما وليهم اثنا عشر رجلاً ) صحيح مسلم بشرح النووي 12 / 202 ، الصواعق المحرقة 18 ، تاريخ الخلفاء للسيوطي 10 .
5ـ عن أنس : ( لن يزال هذا الدين قائماً إلى اثني عشر من قريش ، فاذا هلكوا ماجت الارض بأهلها ) كنز العمال 13 / 27 .
6ـ عن ابن النجار : ( لا يزال امر هذه الأمة ظاهراً حتى يقوم اثنا عشر كلهم من قريش ) كنز العمال 13 / 27 .
7ـ روى احمد عن مسروق قال : كنّا جلوساً ليلة عند عبد الله ( ابن مسعود ) يقرئنا القرآن ، فسأله رجل فقال : يا أبا عبد الرحمن هل سألتم رسول الله كم يملك هذه الأمة من خليفة ؟ فقال عبد الله : ما سألني أحد منذ قدمت العراق قبلك ، قال : سألناه فقال : ( اثنا عشر عدّة نقباء بني اسرائيل ) مسند أحمد 1 / 398 و 406 .
وقريب منه : مستدرك الحاكم وتلخيصه للذهبي 4 / 501 ، فتح الباري 16 / 339 ، مجمع الزوائد 5 / 190 ، الصواعق المحرقة 12 ، تاريخ الخلفاء للسيوطي 10 ، الجامع الصغير للسيوطي 1 / 75 ، كنز العمال 13 / 27 ، فيض القدير في شرح الجامع الصغير للمناوي 2 / 458 ، تاريخ ابن كثير 6 / 248 .
8ـ قال ابن مسعود : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( يكون بعدي من الخلفاء عدّة اصحاب موسى ) تاريخ ابن كثير 6 / 248 ، كنز العمال 13 / 27 ، وشواهد التنزيل للحسكاني 1 / 455 ح 626 .
اذن نصّت الروايات الآنفة ، أنّ عدد الولاة اثنا عشر ، وأنهم من قريش ، وقد بيّن الإمام علي ( عليه السلام ) في كلامه المقصود من قريش وقال : ( ان الائمة من قريش غرسوا في هذا البطن من هاشم ، لا تصلح على سواهم ، ولا يصلح الولاة من غيرهم ) نهج البلاغة / خطبة 142 .
source : tebyan