عربي
Thursday 4th of July 2024
0
نفر 0

خطبة الإمام الحسين ( عليه السلام ) أمام معاوية في المدينة

قدم معاوية بن أبي سفيان إلى المدينة حاجّاً ، وفيها مهّد لاستخلاف ولده يزيد ، ولكنّ الإمام الحسين ( عليه السلام ) رفض وقام ، فحمد الله وصلّى على الرسول ، ثمّ قال : ( أمّا بعد ، يا معاوية ، فلن يؤدّي القائل ، وإن أطنبَ في صفة الرسول ( صلى الله عليه وآله ) من جميع جزا ، وقد فهمت ما لبست به الخلف بعد رسول الله ، من إيجاز الصفة والتنكب عن استبلاغ النعت ، وهيهات هيهات يا معاوية ، فضح الصبحُ فحمةَ الدُّجى ، وبهرت الشمسُ أنوار السُرج ، ولقد فضّلتَ حتّى أفرطتَ ، واستأثرت حتّى أجحفتَ ، ومنعتَ حتّى بخلتَ
خطبة الإمام الحسين ( عليه السلام ) أمام معاوية في المدينة

قدم معاوية بن أبي سفيان إلى المدينة حاجّاً ، وفيها مهّد لاستخلاف ولده يزيد ، ولكنّ الإمام الحسين ( عليه السلام ) رفض وقام ، فحمد الله وصلّى على الرسول ، ثمّ قال :

( أمّا بعد ، يا معاوية ، فلن يؤدّي القائل ، وإن أطنبَ في صفة الرسول ( صلى الله عليه وآله ) من جميع جزا ، وقد فهمت ما لبست به الخلف بعد رسول الله ، من إيجاز الصفة والتنكب عن استبلاغ النعت ، وهيهات هيهات يا معاوية ، فضح الصبحُ فحمةَ الدُّجى ، وبهرت الشمسُ أنوار السُرج ، ولقد فضّلتَ حتّى أفرطتَ ، واستأثرت حتّى أجحفتَ ، ومنعتَ حتّى بخلتَ ، وجُرتَ حتّى جاوزتَ ، ما بذلتَ لذي حقّ من أتمّ حقّه بنصيب ، حتّى أخذ الشيطان حظّه الأوفر ، ونصيبه الأكمل .

وفهمتُ ما ذكرته عن يزيد ، مِن اكتماله وسياسته لأمّة محمّد ، تريد أن توهم الناس في يزيد ، كأنّك تصِف محجوباً ، أو تُنعت غائباً ، أو تُخبر عمّا كان ممّا احتويتَهُ بعلم خاصٍّ ، وقد دلّ يزيد من نفسه على موقِع أبيه ، فخذ ليزيد فيما أخذ به من استقرائه الكِلاب المهارشة عند التهارش ، والحمام السبق لأترابهنّ ، والقينات ذوات المعازف ، وضروب الملاهي ، تجده ناصراً ، ودع عنك ما تحاول ، فما أغناك أن تلقى الله بِوزْر هذا الخلق بأكثر ممّا أنت لاقيه ، باطلاً في جَوْر ، وحنقاً في ظلم ، حتّى ملأت الأسقية ، وما بينك وبين الموت إلاّ غمضة ، فتقدمُ على عمل محفوظ في يوم مشهود ، ولاتَ حين مناص .

ورأيتك عرضتَ بنا بعد هذا الأمر ومنعتنا عن آبائنا ، ولقد ـ لعمر الله ـ أورثنا الرسول عليه الصلاة والسلام ولادة ، وجئت لنا بها ما حججتم به القائم عند موت الرسول ، فأذعن للحجّة بذلك ، وردّه الإيمان إلى النصف ، فركبتم الأعاليل ، وفعلتم الأفاعيل ، وقلتم : كان وما يكون ، حتّى أتاك الأمر يا معاوية من طريق كان قصدُها لغيرك ، فهناك فاعتبروا يا أُولي الأبصار .

وذكرتَ قيادةَ الرجل القوم بعهد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وتأميرَه له ، وقد كان ذلك ، ولعمرو بن العاص يومئذ فضيلةٌ بصحبة الرسول وبيعته له ، وما صار لعمرو يومئذ حتّى أنف القوم إمْرته ، وكرهوا تقديمَه ، وعدّوا عليه أفعاله ، فقال ( صلى الله عليه وآله ) : لا جرم معشر المهاجرين ، لا يعمل عليكم بعد اليوم غيري ، فكيف يحتجّ بالمنسوخ من فعل الرسول في أوكد الأحوال وأولاها ، بالمجتمع عليه من الصواب ؟

أو كيف صاحبتَ بصاحِب تابع ، وحولك مَن لا يؤمَنُ في صُحبته ؟ ولا يُعتمدُ في دينه وقرابته ؟ وتتخطّاهم إلى مُسرف مفتون ؟ تريد أن تُلبس الناس شبهةً يسعد بها الباقي في دنياه ، وتشقى بها في آخرتك ، إنّ هذا لهو الخسران المبين ، واستغفر الله لي ولكم ) .


source : tebyan
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

عصر الإمام الجواد عليه السلام
الإمام زين العابدين (عليه السلام) في سطور
إسحاق ( رضوان الله عليه ) ابن الإمام الكاظم ( عليه ...
أفضلية ارض كربلاء على الکعبة
اهل البیت فی کلام الرسول
الامام الهادي عليه السلام وقضاة عصره
زيارة الإمام الحسين(عليه السلام)
حميدة المصفاة أم الإمام الكاظم ( عليه السلام )
السيد إبراهيم المجاب حفيد الإمام الكاظم ( عليه ...
مکانة الإمام زين العابدين العلميّة بين الخاصة ...

 
user comment