النصوص القرآنية
(اللهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ) الرعد: 2
(خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا) لقمان: 10
(وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ)الذاريات: 7
(وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ )الطور: 5
(وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ)الرحمن: 7
(أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا * رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا)النازعات: 27- 28
(أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ) الغاشية: 17- 18
روايات المعصومين(ع)
نقل الشيخ عباس القمي عن (مهج الدعوات ومنهج العبادات) لأبن طاووس الحسني بأن أمير المؤمنين (ع) قال: علمني رسول الله (ص) هذا الدعاء وأمرني أن أدعو به لكل شدة ورخاء...الخ. وقد جاء فيه, بعد البسملة: الحمد لله الذي لا إله إلا هو الملك الحق المبين المدبر بلا وزير ولا خلق من عباده يستشير الأول غير موصوف والباقي بعد فناء الخلق, العظيم الربوبية نور السموات والأرضين (الأرض) وفاطرهما ومبتدعهما بغير عمد خلقهما وفتقهما فتقا...الخ.
وقال الإمام علي (ع), كما في (نهج البلاغة): فسوى منهن سبع سموات جعل سفلاهن موجا مكفوفا وعلياهن سقفا محفوظا وسمكا مرفوعا بغير عمد يدعمها ولا دسار ينظمها.
وقال (ع) ضمن خطبة أخرى: فمن شواهد خلقه خلق السموات موطدات بلا عمد قائمات بلا سند دعاهن فاجبن طائعات مذعنات غير متلكئات ولا مبطئات.
آراء وآراء
نقل السيوطي في (الدر المنثور) عن أبن عباس قال: أي لا ترونها, وفي قول آخر: وما يدريك لعلها بعمد لا ترونها, وفي قول ثالث له: لها عمد ولكن لا ترونها يعني أعماد, وبنفس المعنى عن مجاهد, أما الحسن وقتادة فنقل عن كل منهما قوله: خلقها بغير عمد قال لها قومي فقامت.
ضمن آية سورة (الرعد:2) قال السيد الطباطبائي: إن السموات مرفوعة بغير عمد تعتمد عليها قد رأتها أبصاركم, وقال بعد كلام آخر: فهي مرفوعة على الأرض من غير عمد محسوسة للإنسان تعتمد عليها, ثم قال بأن النص يدل على نفي مطلق العماد عنها, للدلالة على نفي العماد المحسوس فيفيد في التقديرين أنها لما لم تكن لها عمد كان الله سبحانه وتعالى هو الرافع الممسك لها من غير توسط سبب ولو كانت لها أعمدة كسائر ما يعتمد على عماد لكانت الأعمدة هي الرافعة الممسكة لها من غير حاجة إلى الله سبحانه وتعالى كما ربما يذهب إليه أذهان العامة...الخ.
ثم قال: إن سنة الأسباب جارية ومطردة وأنه تعالى على صراط مستقيم, فلا معنى لكون حكم الأسباب جاريا في بعض الأمور الجسمانية غير جار في بعض. واستناد بعض الحوادث إليه بواسطة الأسباب واستناد بعضها الأخر إليه تعالى بلا واسطة, فإن قام سقف مثلا على عمود فقد قام بسبب خاص به بإذن الله, وإن قام جرم سماوي من غير عمود يقوم عليه فقد قام أيضا بسبب خاص به كطبيعته الخاصة أو التجاذب العام مثلا بإذن الله.
وفي تفسيره لآيات سورة (لقمان:10) قال السيد الطباطبائي: إن قوله (تَرَوْنَهَا) يحتمل أن يكون قيدا توضيحيا والمعنى إنكم ترونها ولا أعمدة لها, أو أن يكون قيدا احترازيا والمعنى خلقها بدون أعمدة مرئية إشعارا بأن هناك أعمدة غير مرئية.
وقد اعتمد معظم الباحثين المعاصرين على ما نقله المفسرون عنالإمام أبي الحسن الرضا (ع) دون بقية الأحاديث المنقولة سابقا في تفسير النص (بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا) وقد نقل السيد الطباطبائي في تفسيره (الميزان) عن (تفسير القمي) ضمن بحثه الروائي عن الإمام الرضا (ع) في قوله تعالى (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ) قال: هي محبوكة إلى الأرض وشبك بين أصابعه (فقال الراوي): كيف تكون محبوكة إلى الأرض والله يقول: (رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا)؟
فقال: سبحان الله أليس يقول: (بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا)؟ ثم قال (ع): فثم عمد ولكن لا ترونها.
فقد نقل الدكتور محمد علي رضائي الاصفهاني ضمن بحثه (الإعجاز العلمي للقران الكريم), في الهامش (20) مآب: 156/العدد 5, قول الإمام الرضا (ع): ثم عمد ولكن لا ترونها. أما الباحث محمد رضا الشريفي فنقل ضمن بحثه (التفسير العلمي للقران الكريم: تأشير التبعية أم توسيع لدائرة الإعجاز) في (مآب: 70/ العدد 9) قول الإمام الرضا (ع) بصيغة أخرى هي: فثم عمد ولكن لا ترى وذلك عن (مجمع البيان).
الحقيقة العلمية
إن أهم اعتراضات الرافضين للتفسير أو الإعجاز العلمي للقرآن الكريم هو أن العلوم لا تعرف الثبات ولا القرار ولا الرأي الآخر, (مجلة مآب: 67/ العدد 9), أو أن قيمة العلم تكمن في قابليته للتجديد والنقض, (مآب: 70/ 9), وذلك يجعل القرآن الكريم تابعا للعلوم وتقلباتها الدائمة, (مآب: 71/ 9).
ولكن ليس من العسير التفريق بين الحقيقة العلمية الثابتة وبين النظرية العلمية المتغيرة والرأي الشخصي, فأجهزة الفحص الطبية والعلمية ودقة نتائجها والأجهزة والمركبات والمعدات الكثيرة ووسائل النقل البرية والبحرية والجوية وأجهزة الاتصال السمعية والبصرية عبر الأقمار الصناعية, كلها تؤكد صحة المعلومات التي استند إليها العلماء في تصنيعها وحقائقها لا تتغير, وإنما تضاف إليها حقائق أخرى لتطوير ما تم صنعه سابقا.
أما النظريات العلمية فهي المتعلقة بشؤون الكون والحياة في الأزمان الغابرة التي لا يوجد شاهد عيان يروي للعلماء أحداث الماضي السحيق كنظرية نشوء الكون وتكوين الأرض ونشوء الحياة على الأرض إضافة إلى ما يسمى بالخيال العلمي الذي لا يستند إلى الحقائق العلمية المكتشفة فعلا من قبل العلماء والباحثين.
أخطأ بعض المختصين بتفسير (بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا) بأنها قوة الجاذبية وتبعهم في ذلك بعض المفسرين والباحثين في الإعجاز العلمي كما نقل الدكتور الأصفهاني عن بعض المفسرين والعلماء بأن المراد بالنص هو قوة الجاذبية وقال بأنه يمكن عد الكواكب السماوية أحد مصاديق لفظ السموات, مهملا بذلك جو السماء الذي أعده أحد معاني السموات ومهملا بذلك أيضا الأجرام السماوية الأخرى كالنجوم والكويكبات والمذنبات ... الخ, ثم أشار إلى أن بعض المحققين قد قال بأن هذه الآيات تشير إلى قوة الجاذبية وقد عبر القرآن عن هذه القوة بلفظ (العمد) لعدم إدراك الناس في ذلك العصر هذه القوة, (مآب: 149- 150/ العدد 5).
source : tebyan