كل من بلغ الفيض والمقام الرفيع فإنّما بلغ ما بلغ بالذوات المقدسة ومن هنا قال القرآن الكريم:
وَ ابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ «2».
كما جاء فى الأثر: «وتمسكوا بحبل الله المتين» «3».
وعن النبى (ص) قال: «نحن حبل الله المتين» «4».
إن التمسك بولاية على (ع) وآل محمد (ص) والأئمة الراشدين من ضرورات السير إلى الله عز وجل ومن ضرورات تلقى الفيض الإلهى سواء كان هذا الفيض علماً ومعارف وبصيرة، أو كان رزقاً مادياً ومعنوياً.
______________________________
(1) سورة النساء: الآية 26.
(2) سورة المائدة: الآية 25.
(3) الغيبة للنعمانى: 21.
(4) تفسير الفرات: 258 ح 353، بحار الأنوار: 27/ 198، باب 7، ح 62.
اهل البيت (ع) ملائكه الارض، ص: 114
يقول النبى الأكرم (ص):
«أنا مدينة العلم وعلى بابها، فلا تؤتى البيوت إلا من أبوابها» «1».
وبخاصّة سيدنا على (ع) مولى الموحدين وأمير المؤمنين فهو من حيث المعرفة والوجود قد طوى طريق العروج بعد قوس النزول وطوى الدائرة التامّة وأكمل سيره إلى الله عز وجل، بحيث أن كل عمل قلبى أو بدنى إذا كان فى طريق الله وصراطه المستقيم يكون تحت ولايته، وتكون صحة إيمانه وصواب توحيده وإيمانه بالولاية وبما أن العبادة تنزّل التوحيد فى عالم المادّة وأن التوحيد فى عالم الشهادة و المادّة يظهر على شكل العبادة، إذن فإن العبادة سواء كانت قلبية أو بدنية ما لم تكن منضوية تحت الولاية، فسوف لن يكون هناك ثمة توحيد.
يقول الإمام الباقر لأحد أصحابه: «أعلم يا محمد! إن أئمة الحق و أتباعهم هم الذين على دين الله و أن أئمة الجور المعزولون عن دين ا لله و الحق فقد ضلوا و أضلوا فأعما لهم التى يعملونها: كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلى شَيْءٍ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ «2» «3».
وعن أبان تغلب وهو من أبرز رواة الحديث فى حديث طويل أنه سأل الإمام الصادق فقال: بولايتكم أمير المؤمنين على بن أبى طالب «4».
______________________________
(1) بحار الأنوار: 40/ 206، باب مدينة العلم والحكمة: ح 14.
(2) الكافى: 1/ 183، باب معرفة الإمام، ح 8، المحاسن: 1/ 93 باب 18 ح 48، وسائل الشيعة: 1/ 118، باب 29، ح 297، بحار الأنوار: 23/ 87، باب 4 ح 30.
(3) سفينة البحار: 1/ 553.
(4) بحار الأنوار: 23/ 90.
اهل البيت (ع) ملائكه الارض، ص: 115
وقال الإمام الرضا (ع) فى الحديث القدسى المعروف ب سلسلة الذهب: إن الله عز وجل قال: لا إله إلا الله حصنى، ومن دخل حصنى أمن من عذابى.
ثم قال (ع): بشروطها! وأنا من شروطها «1».
الشهادة بالتوحيد والرسالة والولاية
وإذن فإن الرسالة المحمدية والولاية العلوية والإيمان بالأئمة المعصومين هى من ضرورات التوحيد والتى لا يمكن التفكيك بينها، ولذا قيل أن الشهادة على الواحد، الشهادة على اثنين شهادة أخرى، فالشهادة بالإلوهية هى على وزن الشهادة بالرسالة والولاية والشهادة الحقيقية هى الشهادة على هذه الثلاث فى القول والعمل معاً، وأن تفكيك كل واحدة عن الأخرى هو من الكفر والضلال والشرك والفسق.
إن الله تبارك وتعالى شهد لنفسه بالإلوهية والرسالة والولاية قال عز وجل:
شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ «2».
وهى شهادة من خلال الوحى والنظام الدقيق للعالم ومن خلال لغة جميع الكائنات وطريقتها فى التعبير.
وَ اللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ «3».
إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ
______________________________
(1) عيون أخبار الرضا: 2/ 135، باب 37، ح 4، ثواب الأعمال: 6، روضة الواعظين: 1/ 42، باب فصل فى التوحيد، بحار الأنوار: 49/ 123 باب 11 ح 4.
(2) سورة آل عمران: الآية 18.
(3) سورة المنافقون: الآية 1.
اهل البيت (ع) ملائكه الارض، ص: 116
وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ «1».
من اثار الاستاذ العلامة حسین انصاریان حفظه الله
source : من اثار الاستاذ انصاریان حفظه الله