إن القرآن الكريم قد نزل لارشاد الناس إلى الصراط المستقيم وهو يتضمن برامج تتماشى مع فطرة الانسان وطبيعته؛ كما أنّ العمل بهذه البرامج يتكفل سعادة دنيا الانسان وآخرته.
هناك ثلاث مقدمات قرآنية:
1- إن للانسان في الحياة غاية هي السعادة وعلى الانسان أن يعمل في مسيرته الحياتية للحصول عليها.
2- هذا العمل لا يأتي بنتيجة من دون توفر خطة مدروسة.
3. ينبغي أن تُدرس هذه الخطة في كتاب الفطرة والخليقة، وبعبارة:
تدرس من خلال التعاليم الربانية.
بالنظر إلى هذه المقدمات الثلاثة نستطيع أن نضع حجر الأساس لبرنامج ناجع لحياة الانسان كالآتي:
أن نجعل أساس البرنامج معرفة اللَّه والايمان بوحدانيته، لأن اللُبنة الاولى في الدين هي معرفة اللَّه سبحانه؛ ومن بعدها معرفة اليوم الآخر- حيث تؤدي الى الايمان بذلك اليوم الذي يكافأ الانسان فيه بأعماله الحسنة والسيئة-؛ ومن بعدهما معرفة النبوة، ويمكن أن يقال أن معرفة
نظام العشرة فى المنظور الاسلامى للاستاذ العلامة حسین انصاریان حفظه الله تعالی ، ص: 123
اليوم الآخر- بتفاصيله- يقوم على معرفة النبوة لأنه من دون تبليغ سابق- الذي يتم من طريق الوحي- لا يمكن أن يصح الثواب والعقاب في اليوم الآخر؛ ولذلك يوصف الايمان باللَّه واليوم الآخر والنبوات بأصول الدين.
ثم يأتي دور الأخلاق الحسنة والخصال الطيبة المُوائمة للأصول الثلاثة المذكورة آنفاً فيلزم على الانسان الواقعي الاتجاه، المؤمن؛ أن يوفرها في نفسه ويتصف بها.
ثم تتعقبها القوانين العلمية التي هي في الواقع تتكفل السعادة الحقيقية للانسان وتنتج الاخلاق الحسنة وتنميها، بل أنها سبب لنمو وتطور الاعتقادات الحقة والأصول الأساسية، لأنه لا يقبل بتاتاً أن يوصف اللامبالي في العلاقات الجنسية والسارق والخائن والمختلس والمراوغ بالتعفف؛ وغير مقبول أيضاً أن يوصف المولع بجمع المال الرافض لدفع استحقاقات الناس والحقوق المالية الواجبة عليه بالسخاء والكرم؛ أو أن يوصف من لا يذكر اللَّه ولا يعبده يوماً من الاسبوع أو من الشهر بأنه مؤمن باللَّه واليوم الآخر فيصنف في عداد عباد اللَّه سبحانه!
وباختصار، إنّ القرآن المجيد يتضمن الجذور الأساسية للاسلام- التي تتشكل من مكونات عامة- وهي على الترتيب الآتي:
1- الاصول العقائدية التي تمثل أصول الدين الثلاثة- التوحيد، النبوة والمعاد- نوعاً منها، وهناك نوع ثاني من العقائد تتفرع على العقائد الاسلاسية وهي اللوح والقلم والقضاء والقدر والملائكة والعرش والكرسي وخلق السماء والأرض وأمثالها.
نظام العشرة فى المنظور الاسلامى للاستاذ العلامة حسین انصاریان حفظه الله تعالی ص: 124
2- الاخلاق الحميدة.
3- الأحكام الشرعية والقوانين العلمية التي أبان الكتاب العزيز عموماتها واحال بيان الجزئيات والتفاصيل إلى النبي الأكرم صلى الله عليه و آله، والنبي صلى الله عليه و آله بدوره- ووفقاً لحديث الثقلين الذي رواه جمع غفير من مختلف الفرق الاسلامية حتى بلغ حد التواتر- أقام بيان أهل بيته عليه السلام مقام بيانه «1».
في الواقع بالسير في طريق القرآن الكريم الذي هو طريق الفطرة والطبيعة، تتحقق سعادة الانسان؛ والانحراف عن مسار القرآن- وبعبارة:
الزيغ عن الصراط السوي للمولى الحق- لا أنّه لا يؤسس حضارة بالمعنى الصحيح فحسب بل يصنع ظروفاً يبلغ الظلم واضاعة حقوق الناس والتوحش مداه وحينها لا يصغو أحد لصرخة المضطهدين!
نظام العشرة فى المنظور الاسلامى للاستاذ العلامة حسین انصاریان حفظه الله تعالی.
