مسألة التغير والتحول فى القرآن الكريم‏

يشير القرآن الكريم إلى ظاهرة التغيير والتحوّل بصراحة على الصعيدين المادى والمعنوى.
______________________________
 (1) عيون أخبار الرضا: 1/ 299، باب 28، حديث 58؛ الأمالى للصدوق: 129، المجلس السابع والعشرون، حديث 5؛ وسائل الشيعة: 14/ 502، باب 66، حديث 19694؛ بحار الأنوار: 44/ 285، باب 34، حديث 23.
اهل البيت (ع) ملائكه الارض، ص: 455
1 على الصعيد المادى:
قال تعالى: وَ إِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَ دَمٍ لَبَناً خالِصاً سائِغاً لِلشَّارِبِينَ‌ «1».
وهذه الظاهرة مدهشة حقاً إذ يستحيل الفرث والدم إلى لبن سائغ ففيه كل هذه المواصفات المعروضة ويتحول إلى سائل غنى بالمواد الغذائية والفيتامينات.
هناك ظاهرة أخرى يشير إليها القرآن الكريم فى قوله تعالى: ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ‌ «2».
لاحظ هذه الكائنات الصغيرة وهى تدور بين الأزهار والحقول فتمتص رحيق الورود ثم تحوّله إلى مادّة العسل الذى ينطوى على معجزات فى الشفاء من الأمراض ومكافحة الجراثيم.
وهذه الظاهرة الكبرى فى نمو آلاف الأنواع من النباتات التى تكسو الأرض فى البرارى ولا أحد يعرف كيف تنمو وكيف تنبت وكيف تؤمن غذاءها من التراب ومن الماء فتأتى الحيوانات بكل أنواعها وتتغذى من هذه النبتة ومن تلك الشجرة ومن هذه الأعشاب والأدغال.
قال تعالى: الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً وَ السَّماءَ بِناءً وَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ‌ «3».
2 على الصعيد المعنوى:
إن من يتأمل فى آيات القرآن الكريم يلاحظ بعض الإشارات فى تحوّل أعمال الإنسان فهى على صعيد الخير تتحول إلى جنّة
______________________________
 (1) سورة النحل: الآية 66.
 (2) سورة النحل: الآية 69.
 (3) سورة البقرة: الآية 22.
اهل البيت (ع) ملائكه الارض، ص: 456
ورضوان من الله.
وهكذا بالنسبة للأعمال الشريرة أنها تتحول إلى عذاب أبدى.
وعندما يرتكب الإنسان أعمالًا تستوجب غضب الله فإن توبة الإنسان وندمه تحيل الغضب الإلهى إلى رحمة ربانية.
وهكذا بالنسبة للعبادات إنها تتحول فى العالم الملكوتى إلى أشياء حقيقة تتجسم فى عالم تظهر فيه هذه الأعمال بصورة أخرى، قال تعالى: يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَ ما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَ بَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً «1».
وقال سبحانه: وَ اتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ‌ «2».
وقال تبارك وتعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى‌ ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَ سَيَصْلَوْنَ سَعِيراً «3».
وجاء فى الأثر أن امرأة زارت النبى (ص) وكانت قصيرة فلما خرجت أشارت عائشة إلى قصرها بيدها فقال النبى (ص): ألفظيها يا عائشة! قالت يا رسول الله ما أكلت شيئاً فقال النبى (ص): ألفظى فلما لفظت إذا قطعة لحم تسقط من فمها «4».
قال تعالى: ... وَ لا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ‌ «5».
وجاء فى الحديث الشريف:
إنما هى أعمالكم تردُّ إليكم.
______________________________
 (1) سورة آل عمران: الآية 30.
 (2) سورة البقرة: الآية 281.
 (3) سورة النساء: الآية 10.
 (4) المحاسن: 2/ 460، باب 54، حديث 410؛ بحار الأنوار: 72/ 256، باب 66، حديث 45.
 (5) سورة الحجرات: الآية 12.
اهل البيت (ع) ملائكه الارض، ص: 457