مما لا شكّ فيه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد انتقل إلى الرفيق الاَعلى والسنة لم تدوّن بكل تفاصيلها في عهده ، وهو منزّه عن التفريط برسالته المحكوم ببقائها إلى يوم القيامة ، ومنزّه أيضاً عن إهمال أُمته مع نهاية رأفته بهم وشفقته عليهم ، فكيف يوكلهم إلى القرآن الكريم وحده مع ما فيه من محكم ومتشابه ، ومجمل ومفصّل ، وناسخ ومنسوخ ، فضلاً عمّا في آياته من وجوه ومحامل استخدمت للتدليل على صحة الآراء المتباينة كما نحسّ ونلمس عند أرباب المذاهب والفرق الاسلامية .هذا ، مع علمه صلى الله عليه وآله وسلم بأنه قد كُذِب عليه في حياته فكيف الحال إذن بعد وفاته ، والدليل عليه قوله صلى الله عليه وآله وسلم الذي اتخذ بكتب الدراية مثالاً على التواتر اللفظي : «من كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار» .
فمن غير المعقول إذن أن يدع النبي شريعته مسرحاً لاجتهادات الآخرين من دون أن يحدد لهم مرجعاً يعلم ما في القرآن حق علمه، وتكون السنة معلومة بكل تفاصيلها عنده .وهذا هو القدر المنسجم مع طبيعة صيانة الرسالة ، وحفظها ، ومراعاة استمرارها منهجا وتطبيقاً في الحياة .
ومن هنا تتضح أهمية حديث الثقلين (القرآن والعترة) ، وقيمة إرجاع الاَمّة فيه إلى العترة لاَخذ الدين الحق عنهم ، كما تتضح أسباب التأكيد عليه في مناسبات مختلفة ونُوَب متفرقة، منها في يوم الغدير ، وآخرها في مرضه الاَخير .
فعن زيد بن أسلم ، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : «كأنني قد دُعِيت فأجبت، إني تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر : كتاب الله، وعترتي أهل بيتي فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، فإنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض ، إنّ الله مولاي ، وأنا ولي كل مؤمن . من كنت مولاه فعليٌّ مولاه ، اللّهم وال من والاه وعاد من عاداه»(1).
وعن أبي سعيد الخدري ، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : «إنّي تارك فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلّوا بعدي ، أحدهما أعظم من الآخر : كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الارض ، وعترتي أهل بيتي ، ولن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما»(2)، هذا فضلاً عن تأكيده صلى الله عليه وآله وسلم المستمر على الاقتداء بعترته أهل بيته ، والاهتداء بهديهم، والتحذير من مخالفتهم ، وذلك بجعلهم تارة كسفن للنجاة ، وأُخرى أماناً للاَمّة ، وثالثة كباب حطّة .
وفي الواقع لم يكن الصحابة بحاجة إلى سؤال واستفسار من النبي لتشخيص المراد بأهل البيت ، وهم يرونه وقد خرج للمباهلة وليس معه غير أصحاب الكساء وهو يقول : «اللّهم هؤلاء أهلي» وهم من أكبر الناس معرفة بخصائص هذا الكلام ، وإدراكاً لما ينطوي عليه من قصر واختصاص . وإلا فتسعة أشهر وهي المدّة التي أخبر عنها ابن عباس في وقوف النبي صلى الله عليه وآله وسلم على باب فاطمة صباح كل يوم وهو يقرأ : ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا )(3)كافية لاَن يعرف الجميع من هم أهل البيت عليهم السلام .
ومع هذا فلا معنى لسؤالهم واستفسارهم من النبي صلى الله عليه وآله وسلم عمّن يعصموا الاَُمّة بعده من الضلالة إلى يوم القيامة فيما لو تمسكت بهم مع القرآن.
فحاجة الاَمّة ـ والصحابة أيضاً ـ ليس أكثر من تشخيص أولهم ليكون المرجع للقيام بمهمته بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى يأخذ دوره في عصمة الاَُمّة من الضلالة ، وهو بدوره مسؤول عن تعيين من يليه في هذه المهمة، وهكذا حتى يرد آخر عاصم من الضلالة مع القرآن على النبي الحوض.
وإذا علمت أن علياً عليه السلام قد تعيّن بنصوص لاتحصى ، ومنها في حديث الثقلين نفسه ، فليس من الضروري إذن أن يتولّى النبي بنفسه تعيين من يلي أمر الاَُمّة باسمه في كل عصر وجيل ، إن لم نقل إنه غير طبيعي لولا أن تقتضيه بعض الاعتبارات .
فالقياس إذن في معرفة إمام كل عصر وجيل : إمّا أن يكون بتعيينهم دفعة واحدة ، أو بنص السابق على إمامة اللاحق وهو المقياس الطبيعي المألوف الذي دأبت عليه الاَنبياء والاَوصياء عليهم السلام ، وعرفته البشرية في سياساتها منذ أقدم العصور وإلى يوم الناس هذا.
وإذا ما عدنا إلى واقع أهل البيت عليهم السلام نجد النصّ قد توفر على إمامتهم بكلا طريقيه، ومن سَبَر الواقع التاريخي لسلوكهم علم يقيناً بأنهم ادعوا لانفسهم الاِمامة في عرض السلطة الزمنية ، واتخذوا من أنفسهم كما اتخذهم الملايين من أتباعهم أئمة وقادة للمعارضة السلمية للحكم القائم في زمانهم، مع إرشاد كل إمام أتباعه على من يقوم بأمر الاِمامة من بعده، وعلى هذا جرت سيرتهم ، فكانوا عرضة للمراقبة والسجون والاستشهاد بالسم تارة ، وفي سوح الجهاد تارة أُخرى وعلى أيدي القائمين بالحكم أنفسهم.
ثم لو فرض أنّ أحدهم لم يعيّن لاَتباعه من يقوم بأمر الاِمامة من بعده، مع فرض توقف النص عليه ، فإنّ معنى ذلك بقاء ذلك الاِمام خالداً مع القرآن في كل عصر وجيل ؛ لاَنّ دلالة «لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض» على استمرار وجود إمام من العترة في كل عصر كاستمرار وجود القرآن الكريم ظاهرة واضحة ، ولهذا ذهب ابن حجر إلى القول : «وفي أحاديث الحث على التمسك بأهل البيت إشارة إلى عدم انقطاع متأهل منهم للتمسك به إلى يوم القيامة ، كما أنّ الكتاب العزيز كذلك ، ولهذا كانوا أمانا لاَهل الاَرض ، ويشهد لذلك الخبر :«في كلِّ خَلَفٍ من أُمتي عدول من أهل بيتي»(4).
حديث : (من مات ولم يعرف إمام زمانه) :
سُجّل هذا الحديث ـ بألفاظٍ مختلفةٍ وكلّها ترجع إلى معنىً واحدٍ ومقصدٍ فارد ـ : في أُمهات كتب الحديث السنية والشيعية ، ويكفي على ذلك اتفاق البخاري ومسلم ـ من أهل السنة ـ على روايته(5)، والكليني، والصدوق، ووالده، والحميري، والصفار ـ من الشيعة الاِمامية ـ على والحديث كما ترى في تخريجه لايبعد القول بتواتره ، وهو لايحتمل التأويل ولاصرف دلالته الواضحة على وجوب معرفة الاِمام الحق على كل مسلم ومسلمة ، وإلاّ فإنّ مصيره ينذر بنهاية مهولة .
ومن ادعى ان المراد بالامام الذي من لايعرفه سيموت ميتة جاهلية هو السلطان أو الحاكم، أو الملك، ونحو ذلك وان كان فاسقاً ظالماً !! فعليه ان يثبت بالدليل ان معرفة الظالم الفاسق من الدين أولاً ، وان يبين للعقلاء الثمرة المترتبة على وجوب معرفة الظالم الفاسق بحيث يكون من مات ولم يعرفه مات ميتة جاهلية .
وعلى أية حال ، فالحديث يدل على وجود امام حق في كل عصر وجيل، وهذا لايتم إلاّ مع القول بوجود الاِمام المهدي الذي هو حق ومن ولد فاطمة عليها السلام كما تقدم . ومما يؤيده :
حديث : (إنَّ الارض لاتخلو من قائم لله بحجة) :
وهذا الحديث قد احتج به الطرفان أيضاً وأوردوه من طرق عدّة(6).
وقد رواه كميل بن زياد النخعي الجليل الثقة عن أمير المؤمنين عليه السلام كما في نهج البلاغة ، قال عليه السلام ـ بعد كلام طويل ـ : «اللّهم بلى ! لا تخلو الارض من قائم لله بحجة» .
وعدم خلو الارض من قائم لله بحجة لايتم مع فرض عدم ولادة الاِمام المهدي عليه السلام ، وقد تنبه لهذا ابن أبي الحديد حتى قال في شرح هذه العبارة : (كي لايخلو الزمان ممن هو مهيمن لله تعالى على عباده ، ومسيطر عليهم. وهذا يكاد يكون تصريحاً بمذهب الامامية ، إلاّ أن اصحابنا يحملونه على ان المراد به الابدال)(7).
وقد فهم ابن حجر العسقلاني منه انه اشارة إلى مهدي أهل البيت عليهم السلام فقال ما نصه : « وفي صلاة عيسى عليه السلام خلف رجل من هذه الاَمّة مع كونه في آخر الزمان ، وقرب قيام الساعة دلالة للصحيح من الاقوال : ان الاَرض لاتخلو من قائم لله بحجة)أقول : ومما يقرب دلالة العبارة في النهج على الاِمام المهدي هو ما اتصل بها من كلام أمير المؤمنين عليه السلام . وهذا نصه : «يا كميل بن زياد ، ان هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها ، فاحفظ عني ما أقول لك : الناس ثلاثة: فعالم ربانيّ ، ومتعلم على سبيل النجاة ، وهمج رعاع اتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح ، لم يستضيئوا بنور العلم ، ولم يلجأوا إلى ركن وثيق ـ إلى ان قال عليه السلام ـ اللّهم بلى ! لاتخلو الارض من قائم لله بحجة ، إمّا ظاهراً مشهوراً ، واما خائفاً مغموراً ؛ لئلا تبطل حجج الله وبيناته».ومن هنا جاء في الحديث الصحيح عن الحسين بن أبي العلاء الخفاف قال : «قلت لابي عبدالله عليه السلام : تكون الارض ليس فيها امام ؟ قال : لا... الحديث»(8).
واذا ما أضيف هذا إلى حديث الثقلين ، وحديث من مات ، وحديث (الخلفاء اثنا عشر) الآتي ، علم ان الاِمام المهدي لو لم يكن مولوداً حقاً لوجب ان يكون من سبقه حيا إلى قيام الساعة، ولكن لا أحد يقول من المسلمين بحياة امام غير المهدي عليه السلام ثاني عشر أهل البيت وهم من عينت الصحاح عددهم ، وبينت كتب المناقب اسماءهم .
أحاديث : (الخلفاء اثنا عشر) :
أخرج البخاري بسنده عن جابر بن سمرة قال : «سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : « يكون اثنا عشر أميراً » ، فقال كلمة لم أسمعها، فقال أبي : إنّه قال: « كلّهم من قريش».وفي صحيح مسلم : «ولا يزال الدين قائماً حتى تقوم الساعة، أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش».وفي مسند أحمد بسنده عن مسروق قال : « كنا جلوساً عند عبدالله بن مسعود وهو يقرأ القرآن ، فقال له رجل : يا أبا عبد الرحمن ! هل سألتم رسول الله صلى الله عليه وسلم كم يملك هذه الاَُمّة من خليفة ؟ فقال عبدالله : ما سألني عنها أحد منذ قدمت العراق قبلك ، ثم قال : نعم ، ولقد سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : اثني عشر كعدة نقباء بني إسرائيل »(9).
ويستفاد من هذه الاَحاديث أُمور ، وهي :
1 ـ إن عدد الاَمراء أو الخلفاء لايتجاوز الاثني عشر وكلّهم من قريش بلا خلاف . وهذا العدد ينطبق تماماً مع ماتعتقده الشيعة بعدد الاَئمة وهم كلّهم من قريش.
قد يقال : ان التعبير بـ (الامراء أو الخلفاء) لاينطبق مع واقع الاَئمة عليهم السلام ، والجواب واضح جداً ؛ لاَنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم إنما أراد بذلك الاِمرة والاستخلاف باستحقاق ، وحاشاه أن يقصد بذلك معاوية ويزيد ومروان وأمثالهم الذين لعبوا ما شاؤوا بمقدرات الاَمّة .بل المراد بالخليفة هو من يستمد سلطته من الشارع المقدس، ولاينافي ذلك ذهاب السلطنة منهم في واقعها الخارجي لتسلط الآخرين عليهم.
ولهذا جاء في (عون المعبود في شرح سنن أبي داود) ما نصه : «قال التوربشتي : السبيل في هذا الحديث ومايتعقبه في هذا المعنى أنه يحمل على المقسطين منهم، فإنّهم هم المستحقون لاسم الخليفة على الحقيقة ولايلزم أن يكونوا على الولاء ، وان قدّر أنّهم على الولاء ، فإنّ المراد منه المسمّون بها على المجاز ، كذا في المرقاة».
2 ـ إنّ هؤلاء الاثني عشر معنيّون بالنص كما هو مقتضى تشبيههم بنقباء بني إسرائيل ، قال تعالى : ( ولقد أخذ اللهُ ميثاق بني اسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا )(10).
3 ـ إن هذه الاَحاديث تفترض عدم خلو الزمان من الاثني عشر جميعاً، وأنه لابدّ من وجود أحدهم ما بقي الدين إلى أن تقوم الساعة.
وقد أخرج مسلم في صحيحه وبنفس الباب ما هو صريح جداً بهذا، إذ ورد فيه : «لايزال هذا الاَمر في قريش ما بقي من الناس اثنان» .(11).
وهو كما ترى ينطبق تمام الانطباق على ما تقوله الشيعة بأنّ الاِمام الثاني عشر (المهدي) حيّ كسائر الاَحياء ، وأنه لابدّ من ظهوره في آخر الزمان ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً على وفق ما بشر به جده المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم .
وغير خاف على أحد أن أهل السنة لم يتّفقوا قطّ على تسمية الاثني عشر حتى إنّ بعضهم اضطر إلى إدخال يزيد بن معاوية ومروان وعبد الملك ونحوهم وصولاً إلى عمر بن عبد العزيز لاَجل اكتمال نصاب الاثني عشر.
وهو بلا أدنى شكّ تفسير خاطئ غير منسجم مع نصّ الحديث . إذ يلزم منه خلو جميع العصور بعد عصر عمر بن عبد العزيز من الخليفة بينما المفروض أنّ الدين لايزال قائماً بوجودهم إلى قيام الساعة .
إنّ أحاديث الخلفاء اثنا عشر تبقى بلا تفسير لو تخلّينا عن حملها على هذا المعنى ، لبداهة ان السلطنة الظاهرية قد تولاّها من قريش أضعاف العدد المنصوص عليه في هذه الاَحاديث فضلاً عن انقراضهم أجمع وعدم النصّ على أحد منهم ـ أُمويين أو عباسيين ـ باتفاق المسلمين . وبهذا الصدد يقول القندوزي الحنفي : (قال بعض المحققين : إنَّ الاَحاديث الدالة على كون الخلفاء بعده صلى الله عليه وآله وسلم اثني عشر قد اشتهرت من طرق كثيرة، فبشرح الزمان وتعريف الكون والمكان علم أنّ مراد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من حديثه هذا ، الاَئمة اثنا عشر من أهل بيته وعترته ، إذ لايمكن ان يُحْمَل هذا الحديث على الخلفاء بعده من أصحابه لقلّتهم عن اثني عشر ، ولايمكن أن نحمله على الملوك الاُمويّة لزيادتهم على اثني عشر، ولظلمهم الفاحش إلاّ عمر بن عبد العزيز، ولكونهم غير بني هاشم؛ لاَن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : « كلّهم من بني هاشم » ، في رواية عبد الملك ، عن جابر ، وإخفاء صوته صلى الله عليه وآله وسلم في هذا القول يرجّح هذه الرواية : لاَنهم لايُحسنون خلافة بني هاشم . ولايمكن أن يحمل على الملوك العباسية ؛ لزيادتهم على العدد المذكور ، ولقلة رعايتهم...
ويؤيد هذا المعنى ـ أي : أن مراد النبي صلى الله عليه وآله وسلم الاَئمة الاثنا عشر من أهل بيته ـ ويرجّحه حديث الثقلين »
ولايخفى أنّ حديث : (الخلفاء اثنا عشر) قد سبق التسلسل التاريخي للاَئمة الاثني عشر وضبط في كتب الصحاح وغيرها قبل تكامل الواقع الاِمامي ، فهو ليس انعكاساً لواقع وإنّما هو تعبير عن حقيقة ربانية نطق بها من لاينطق عن الهوى ، فقال : «الخلفاء بعدي اثنا عشر» ليكون ذلك شاهداً ومصدقاً لهذا الواقع المبتدئ بأمير المؤمنين علي والمنتهي بالامام المهدي عليهم السلام وهو التطبيق الوحيد المعقول لذلك الحديث(11).
فالصحيح إذن أن يعتبر الحديث من دلائل النبوّة في صدقها عن الاِخبار بالمغيّبات، أمّا محاولات تطبيقه على من عرفوا بنفاقهم وجرائمهم وسفكهم للدماء من الاُمويين والعباسيين وغيرهم فهو يخالف الحديث مفهوماً ومنطوقاً على الرغم مما في ذلك من إساءة بالغة إلى مقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذ يعني ذلك انه أخبر ببقاء الدين إلى زمان عمر بن عبد العزيز مثلاً ، لا إلى ان تقوم الساعة !!
النص على الأئمة الاثني عشر عليهم السلام يوضح المراد بالخلفاء الاثني عشر :
لاَجل متابعة الاَدلة الاَخرى التي توضح المراد بحديث : (الخلفاء اثنا عشر) ، وتُعيِّن لنا شخص الاِمام المهدي باسمه ونسبه وحسبه ؛ لابدّ من التذكير قبل ذلك بأمرٍ هو في غاية الاَهمية ، بحيث لو تدّبره المنصف، وأمعن النظر فيه لما بقيت هناك أدنى غشاوة على عينيه ، ولاكتفى بالمقاييس السابقة التي تركها لنا النبي الاعظم صلى الله عليه وآله وسلم لمعرفة امام الزمان في كل عصر وجيل، ولم يطلب بعدها أي دليل آخر .
وأعني بهذا الاَمر تاريخنا الاسلامي الذي تعاقبت عليه منذ البدء أنظمة اتفقت على اقصاء عترة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عن السلطة اقصاءً تامّاً، فضلاً عما اقترفته تلك الانظمة ـ الاُموية والعباسية ـ من الاَُمور الفادحة بحق الذرية الطاهرة .
ومن البداهة ان يعزّ النص على الاَئمة الاثني عشر في الكتب المؤلَّفة بوحيٍ من الحكّام وفي ظل تلك الانظمة التي اجتاحت آل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، وأوشكت ان تبيد أولاد البتول عليهم السلام ، حين ضرّجت رمضاء كربلاء بدم خامس أصحاب الكساء صلوات الله عليه وسلم .
ومن غير المعقول ان يدين الظالم نفسه فيسمح برواية كون المهدي هو التاسع من أولاد الحسين عليه السلام ، أو أن المقصود بالخلفاء الاثني عشر هم أئمة الشيعة الاثني عشر ، اللّهم إلاّ ما خرج من تلك الروايات عن رقابته، ورُوي بعيداً عن مسامعه . وعلى الرغم من هذا الحصار فان ما ظهر منها انتشر كضوء النهار.
ولايصحّ في الاَفهام شيءٌ * إذا احتاج النهارُ إلى دليلِ
وهذا مما لاينبغي اغفاله، ونحن نستعرض باختصار بعض الاحاديث المبينة لمعنى (الخلفاء اثنا عشر).
1 ـ في ينابيع المودة للقندوزي الحنفي : نقلاً عن كتاب المناقب للخوارزمي الحنفي بسنده عن الاِمام الرضا عليه السلام ، عن آبائه عليهم السلام ، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حديث جاء فيه التصريح باسماء الاَئمة الاثني عشر واحداً بعد واحد ابتداءً بأمير المؤمنين علي بن ابي طالب وانتهاءً بالامام المهدي محمد بن الحسن العسكري عليهم السلام .
قال القندوزي بعد روايته : «وأخرجه الحمويني»أي : صاحب فرائد السمطين الجويني الحمويني الشافعي .
2 ـ وفي الينابيع أيضاً تحت عنوان : (في بيان الاَئمة الاثني عشر باسمائهم) . أورد عن فرائد السمطين بسنده عن ابن عباس حديثين عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في ذكر الاَئمة باسمائهم، وأولهم علي وآخرهم المهدي عليهم السلام ، ونفس الشيء تجده في باب (في ذكر خليفة النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع أوصيائه عليهم السلام ).
3 ـ وفيه أيضاً ، عن جابر بن عبدالله الانصاري ، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : «ياجابر إنَّ أوصيائي وأئمة المسلمين من بعدي ، أوّلهم علي ثم الحسن، ثم الحسين...» ثم ذكر الاَئمة التسعة من أولاد الحسين باسمائهم ابتداءً بعلي بن الحسين وانتهاءً بالامام المهدي بن الحسن العسكري عليهم السلام (12)
4 ـ وفي كمال الدين : «حدثنا الحسين بن أحمد بن ادريس رضي الله عنه ، قال : حدثنا أبي، عن أحمد بن محمد بن عيسى؛ وابراهيم بن هاشم جميعاً، عن الحسن بن محبوب، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام ، عن جابر بن عبدالله الانصاري قال : دخلتُ على فاطمة عليها السلام وبين يديها لوح فيه اسماء الاَوصياء ، فعددت اثني عشر اسماً آخرهم القائم ، ثلاث منهم محمد ، وأربعة منهم علي صلوات الله عليهم»(13).
ورواه من طريق آخر عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار ، عن أبيه ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن الحسن بن محبوب إلى آخرالسند المتقدم.
وقد يقال : ان السند غير حجة من وجهين :
الاَول : إنَّ الحسين بن أحمد بن ادريس في السند الاول، وأحمد بن محمد بن يحيى العطار في السند الثاني لم يوثقا.
قلتُ : هما من مشايخ الاجازة، ولم يذكر الصدوق أحدهما في جميع كتبه إلاّ مترضياً عليه ، ومن البداهة ان لايقال للفاسق (رضي الله عنه) بل يقال ذلك للرجل الجليل ، ولو تنزلنا بعدم دلالة هذا اللفظ على الوثاقة، فإنّه من البعيد كل البعد ان يتفق كل منهما على الكذب على أبيه ؛ لانهما رويا الحديث عن أبويهما .
ومما يدل على صدقهما ان الكليني أخرج الحديث بسند صحيح عن أبي الجارود وابتدأ السند بوالد شيخ الصدوق محمد بن يحيى العطار ، عن محمد بن الحسين ، عن ابن محبوب ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه السلام ، عن جابر بن عبدالله الانصاري(14)، والمشايخ الثلاثة الاَُوَل في هذا السند من أجلاء المحدثين وثقاتهم المشهورين بالاتفاق .
الثاني : إنَّ أبا الجارود قد طعن عليه فالسند ليس بحجة.
والجواب : إنّ أبا الجارود تابعي ، ومن أين للتابعي أن يعلم بأنّ في اسماء الاَوصياء عليهم السلام ثلاثة باسم محمد ، وأربعة باسم علي ؟! وهذا هو المنطبق مع الواقع ، وقد مات أبو الجارود قبل اتمام هذا الواقع بعشرات السنين ، على أنّ الشيخ المفيد قد وثقه في رسالته العددية.هذا ، والصدوق أخرج حديث اللوح في أول الباب بهذا السند قال : «حدثني أبي ، ومحمد بن الحسن رضي الله عنهما ، قالا : حدثنا سعد بن عبدالله ، وعبدالله بن جعفر الحميري جميعاً ، عن ابي الحسن صالح بن حماد والحسن بن طريف ، عن بكر بن صالح .
وحدثنا أبي ، ومحمد بن موسى المتوكل ، ومحمد بن علي ماجيلويه ، وأحمد بن علي بن ابراهيم ، والحسن بن ابراهيم بن ناتانة ، وأحمد بن زياد الهمداني رضي الله عنهم قالوا : حدثنا علي بن ابراهيم ، عن أبيه ابراهيم بن هاشم ، عن بكر بن صالح ، عن عبد الرحمن بن سالم ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه السلام .. الحديث».
والسندان صحيحان إلى بكر بن صالح الذي ضُعِّف. ولايضر ضعفه هنا لاَنّه من غير المعقول ان يخبر الرجل الضعيف عن شيء قبل أوانه ثم يتحقق ذلك الشيء على طبق ما أخبر به ، ثم لايكون المخبر ـ بعد ذلك ـ صادقاً ، فالرجل روى عن الاِمام موسى بن جعفر عليه السلام فمن أين له ان يعلم بأولاده وصولاً إلى المهدي عليه السلام ؟! وهو كما يبدو من طبقته لم يدرك الاَئمة (الهادي والعسكري والمهدي عليهم السلام ) ، ويدلك على هذا إنّ من مشايخ الحسن بن طريف الراوي عن بكر بن صالح في السند الاول ، هو ابن أبي عمير(ت/217 هـ) ، ومن في طبقته .
5 ـ ما في كفاية الاَثر في النص على الاَئمة الاثني عشر للخزاز ـ من أعلام القرن الرابع الهجري ـ : فقد خصص كتابه كلّه في الاَحاديث الواردة في النص على الاَئمة الاثني عشر باسمائهم ، ولامجال لنقل رواياته ، ولكن لابأس بنقل ما جاء في مقدمة الكتاب ، قال : «وابتدئ بذكر الروايات في النصوص عليهم عليهم السلام من جهة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المعروفين مثل : عبدالله بن عباس ، وعبدالله بن مسعود ، وأبي سعيد الخدري ، وأبي ذر الغفاري ، وسلمان الفارسي ، وجابر بن سمرة ، وجابر ابن عبدالله ، وأنس بن مالك، وأبي هريرة، وعمر بن الخطاب، وزيد بن ثابت، وزيد بن أرقم، وأبي أُمامة، وواثلة بن الاَسقع، وأبي أيوب الاَنصاري، وعمار بن ياسر، وحذيفة بن أُسيد، وعمران بن الحصين، وسعد بن مالك، وحذيفة بن اليمان، وأبي قتادة الاَنصاري، وعلي بن أبي طالب، وابنيه : الحسن والحسين عليهم السلام . ومن النساء : أُم سلمة، وعائشة، وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
ثم أعقبه بذكر الاَخبار التي وردت عن الاَئمة صلوات الله عليهم ما يوافق حديث الصحابة في النصوص على الاَئمة ونص كل واحد منهم على الذي بعده ؛ ليعلموا ـ إن انصفوا ـ ويدينوا به، ولايكونوا كما قال الله سبحانه : ( فما اختلفوا إلاّ من بعد ماجاءهم العلم بغيا بينهم) »(15)
6 ـ وأخرج في كمال الدين : عن محمد بن علي بن ماجيلويه ، ومحمد بن موسى بن المتوكل ، عن محمد بن يحيى العطار ، عن محمد ابن الحسن الصفار.
وعن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أبي طالب عبدالله بن الصلت القمي ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة بن مهران قال : « كنتُ أنا وأبو بصير، ومحمد بن عمران مولى أبي جعفر عليه السلام في منزلٍ بمكة، فقال محمد بن عمران : سمعتُ أبا عبدالله عليه السلام يقول : « نحن اثنا عشر مهدياً » . فقال له أبو بصير : تالله لقد سمعتُ ذلك من أبي عبدالله عليه السلام ؟ فحلف مرة أو مرتين انه سمع ذلك منه، فقال أبو بصير : لكني سمعته من أبي جعفر عليه السلام » (16).
وأخرجه الكليني عن محمد بن يحيى ، وأحمد بن محمد ، عن محمد بن الحسين، عن أبي طالب ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة بن مهران بتمام ألفاظه .
وهو كما ترى ليس في سنده من يُتأمل في وثاقته فجميعهم من ثقات الرواة وإنْ وُجد في سند الصدوق ممدوح فقد كان إلى جنبه الثقة المأمون، وفيه كفاية على بيان المراد من حديث : (الخلفاء اثنا عشر).
7 ـ وفي الكافي بسند صحيح جداً : عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد البرقي ، عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري ، عن أبي جعفر الثاني عليه السلام قال : « أقبل أمير المؤمنين عليه السلام ومعه الحسن بن علي عليه السلام وهو متكئ على يد سلمان ...» وفيه ذكر الاَئمة الاثني عشر جميعاً عليهم السلام ابتداءً بعلي عليه السلام وانتهاءً بالمهدي بن الحسن العسكري عليهما السلام.
قال الكليني : «وحدثني محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن أبي هاشم مثله سواء . قال محمد بن يحيى : فقلتُ لمحمد بن الحسن : يا أبا جعفر ، وددتُ ان هذا الخبر جاء من غير جهة أحمد بن أبي عبدالله ! قال ، فقال : لقد حدثني قبل الحيرة بعشر سنين»(17).
والمراد بالحيرة هنا : غيبة الاِمام المهدي عليه السلام في سنة 260 هـ ، وهي السنة التي توفي فيها الاِمام العسكري ، وما قاله محمد بن يحيى لايوجب طعناً على أحمد بن أبي عبدالله البرقي ؛ لثقته بالاتفاق ، فكأن محمد بن يحيى تمنى أن يكون من حدّث شيخه الصفار بهذا الحديث قد مات في حياة الاِمام العسكري أو الاِمام الهادي عليهما السلام وليس البرقي الذي عاش إلى سنة 274هـ ، أو 280 هـ ، على قول آخر ؛ لاَن الاِخبار عن شيء قبل وقوعه، وتحقق ذلك الشيء على طبق الخبر يعد من الاعجاز الذي لايحتاج في قوة ثبوته إلى شهرة الخبر بتعدد رواته، اذ لامجال لتكذيبه بأي حال من الاحوال وان لم يروَ إلاّ بسند واحد .
فجاء الجواب من الصفار بأنّ ما رواه الثقة الجليل البرقي كان قبل وقوع الغيبة بعشر سنين .
ولا يخفى على أحد بان المخبر ـ الذي لم يوثق ـ عن شيء قبل وقوعه، لايشترط في قبول قوله أكثر من موافقته للشروط المنصوص عليها في قبول الخبر الضعيف ، أو تحققه على طبق خبره ؛ لاَنه كاشف عن صدقه ، حتى وان لم توثقه كتب الرجال .ومثال هذا ما رواه الكليني والصدوق بسند صحيح ، عن أبان بن عياش، عن سليم بن قيس الهلالي ، عن عبدالله بن جعفر الطيار ، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حديث جاء فيه النص على الاِمام عليٍّ وبعده ابنه الحسن، ثم ابنه الحسين ، ثم علي بن الحسين ، ثمّ محمد الباقر عليهم السلام ثمّ ، قال : «ثم تكملة اثني عشر إماماً تسعة من ولد الحسين»(18).
فضعف أبان بن أبي عياش لايضر هنا لاِخباره عن واقع قد تحقق على طبق ما أخبر بعد سنين من وفاته ، وفي كمال الدين للصدوق روايات كثيرة من هذا الطراز ، ولكن من لاخبرة له قد جعلها ساقطة عن الاعتبار لضعفها سنداً في زعمه!! على الرغم من انحصار الضعف بالرواة الذين ماتوا قبل اكتمال التسلسل التاريخي للاَئمة الاثني عشر بأزمان بعيدة .
وينطبق هذا الاعجاز على غالبية أخبار غيبة الاِمام الثاني عشر عليه السلام كما شهد بذلك الصدوق ، فقال : «إنَّ الاَئمة عليهم السلام قد اخبروا بغيبته عليه السلام ووصفوا كونها لشيعتهم فيما نقل عنهم، واستحفظ في الصحف ودوّن في الكتب المؤلفة من قبل ان تقع الغيبة بمائتي سنة أو أقل أو أكثر ، فليس أحد من أتباع الاَئمة عليهم السلام إلاّ وقد ذكر ذلك في كثير من كتبه ورواياته ودوّنه في مصنفاته، وهي الكتب التي تعرف بالاُصول مدونة مستحفظة عند شيعة آل محمد عليهم السلام من قبل الغيبة بما ذكرنا من السنين ، وقد اخرجت ما حضرني من الاخبار المسندة في الغيبة في هذا الكتاب في مواضعها .
فلا يخلو حال هؤلاء الاتباع المؤلفين للكتب أن يكونوا علموا الغيب بما وقع الآن من الغيبة ، فألفوا ذلك في كتبهم ودونوه في مصنفاتهم من قبل كونها ، وهذا محال عند أهل اللُّب والتحصيل . أو أن يكونوا أسسوا في كتبهم الكذب فاتفق لهم الاَمر كما ذكروا ، وتحقق كما وضعوا من كذبهم ! على بعد ديارهم ، واختلاف آرائهم، وتباين أقطارهم ومحالهم. وهذا أيضاً محال كسبيل الوجه الاَوّل ، فلم يبقَ في ذلك إلاّ أنهم حفظوا عن أئمتهم المستحفظين للوصية عليهم السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من ذكر الغيبة وصفة كونها في مقام بعد مقام إلى آخر المقامات ما دونوه في كتبهم وألّفوه في أُصولهم وبذلك وشبهه فلج الحقّ وزهق الباطل ، إن الباطل كان زهوقا»(19) انتهى.
ولايخفى أنّ الاُصول التي أشار لها الصدوق متواترة النسبة إلى اصحابها عنده، كتواتر نسبة كمال الدين إلى الصدوق عندنا، وهذا يعني أنّ اخبار الغيبة حتى مع فرض انحصار الضعف بسندها ابتداءً فهو لايقدح بصحتها بعد نقلها من تلك الكتب مباشرة، وعلى الرغم من ذلك فسوف لن نحتج باخبار الشيعة الامامية إلاّ بما صح سنده مطلقاً إلى الاِمام عليه السلام ، أو إلى من أخبر بالواقع الاِمامي قبل اكتمال تسلسله التاريخي وإنْ لم تعرف وثاقته.
المهدي من أولاد الحسين ، وأنه التاسع من ولده عليهم السلام:
إنَّ هذه النتيجة وان ثبتت فيما تقدم إلاّ انه لابدّ من تأكيدها في هذا البحث ببعض النصوص التي احتج بها بعض أعلام أهل السنة أولاً، وباليسير الصحيح عند الشيعة روماً للاختصار ، وهي :
1 ـ الحديث المروي عن سلمان الفارسي ، وأبي سعيد الخدري ، وأبي أيّوب الانصاري ، وابن عباس ، وعلي الهلالي ـ بألفاظ مختلفة ـ عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم انه قال : «يا فاطمة إنّا أهل بيت اعطينا ست خصال لم يعطها أحد من الاَولين ولايدركها أحد من الآخرين غيرنا أهل البيت ـ إلى قوله صلى الله عليه وآله وسلم ـ ومنا مهدي الاَُمّة الذي يصلي عيسى خلفه ، ثم ضرب على منكب الحسين عليه السلام فقال : من هذا مهدي الاَُمّة»(20).
2 ـ في عقد الدرر للمقدسي الشافعي : روى خبراً عن علي عليه السلام جاء فيه : إنّ المهدي «من ولد الحسين، ألا فمن تولى غيره لعنه الله».وقد أورده المقدسي محتجاً به فقال : «ونختم هذا الفصل بشيء من كلام الاِمام علي هازم الاَبطال فيما تضمنه من الاَهوال الشديدة والاُمور الصعاب وخروج الاِمام المهدي مفرج الكروب ، ومفرق الاَحزاب» ثم ذكر الحديث.
3 ـ وفي عقد الدرر : أيضاً عن جابر بن يزيد ، عن الاِمام الباقر عليه السلام في حديث طويل جاء فيه : «والمهدي ياجابر رجل من ولد الحسين»(21).
4 ـ وفي شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي في شرح قول الاِمام علي عليه السلام : « وبنا تُختم لا بكم ». قال : «اشارة الى المهدي الذي يظهر في آخر الزمان، وأكثر المحدثين على أنه من ولد فاطمة عليها السلام ، وأصحابنا المعتزلة لاينكرونه، وقد صرحوا بذكره في كتبهم، واعترف به شيوخهم ـ إلى أن قال ـ وروى قاضي القضاة رحمه الله تعالى عن كافي الكفاة أبي القاسم اسماعيل بن عباد رحمه الله باسناد متصل بعلي عليه السلام ، إنّه ذكر المهدي وقال : إنّه من ولد الحسين عليه السلام ، وذكر حِليتَه فقال : رجل أجلى الجبين ، اقنى الاَنف ، ضخم البطن ، أزيل الفخذين ، أبلج الثنايا ، بفخذه اليمنى شامة .
وذكر هذا الحديث بعينه عبدالله بن قتيبة في كتاب غريب الحديث»(22) انتهى.
5 ـ وفي ينابيع المودة عن مناقب الخوارزمي : بسنده عن الحسين عليه السلام قال : «دخلت على جدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاجلسني على فخذه وقال لي : إنّ الله اختار من صلبك ياحسين تسعة أئمة تاسعهم قائمهم، وكلهم في الفضل والمنزلة عند الله سواء»
6 ـ وفي الينابيع عن مناقب الخوارزمي أيضاً ، بسنده عن سلمان قال : «دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإنّ الحسين بن علي على فخذه وهو يقبل عينيه ويلثم فاه، وهو يقول : أنت سيد ابن سيد، أخو سيد، أنت إمام ابن إمام أخو إمام، أنت حجة أبو حجة، وأنت أبو حجج تسعة تاسعهم قائمهم»(23) .
وحديث سلمان رضي الله عنه رواه الصدوق في كتاب الخصال بسند في غاية الصحة، قال : «حدثنا ابي رضي الله عنه ، قال : حدثنا سعد بن عبدالله قال : حدثنا يعقوب بن يزيد، عن حماد بن عيسى، عن عبدالله بن مسكان، عن أبان بن تغلب، عن سليم بن قيس الهلالي، عن سلمان الفارسي رحمه الله قال : دخلتُ على النبي صلى الله عليه وآله وسلم واذا الحسين على فخذيه وهو يقبل عينيه ويلثم فاه وهو يقول : أنت سيد ابن سيد ، أنت امام ابن امام أبو الاَئمة ، أنت حجة ابن حجة أبو حجج تسعة من صلبك ، تاسعهم قائمهم»(24).
7 ـ وفي اُصول الكافي : عن علي بن ابراهيم ، عن أبيه ابراهيم بن هاشم، عن محمد بن أبي عمير ، عن سعيد بن غزوان ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : «يكون تسعة أئمة بعد الحسين بن علي تاسعهم قائمهم»(25).
ورواه الصدوق ، عن أبيه ، عن علي بن ابراهيم كما في الكافي سنداً ومتناً
وليس في واحد من رجال السند من يُشك في جلالته ، أو يُرتاب في نقله.
8 ـ وفي الينابيع عن فرائد السمطين للحمويني الجويني الشافعي : بسنده عن الاَصبغ بن نباته، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : «أنا وعلي والحسن والحسين وتسعة من ولد الحسين مطهرون معصومون»(26).
المصادر :
1- مستدرك الحاكم 3 : 109
2- سنن الترمذي 5 : 662 / 3786.
3- الاحزاب : 33 / 33
4- الصواعق المحرقة : 149.
5- صحيح البخاري 5 : 13 باب الفتن ، صحيح مسلم 6 : 21 ـ 22 / 1849 .
6- عيون الاخبار : 7 ، واليعقوبي في تاريخه 2 : 400 ، العقد الفريد 1 : 265.
7- شرح نهج البلاغه لابن أبي الحديد 18 : 351.
8- شرح نهج البلاغة / الشيخ محمد عبده 4 : 691 / 85 ، وشرح ابن أبي الحديد 18 : 351./ أُصول الكافي 1 : 136 / 1
9- صحيح البخاري 4 : 164 19 ، والخصال 2 : 469 و 475 . مسند أحمد 5 : 90 الی107
10- المائدة : 5 / 12.
11- صحيح مسلم 2 : 121.
12- ينابيع المودة 3 : 170 باب 94 .
13- كمال الدين 1 : 313 / 4 باب 28.
14- أُصول الكافي 1 : 532 / ح 9 باب 126 .
15- الجاثية: 17 /كفاية الاَثر / الخزاز : 8 ـ 9 من المقدمة ...
16- كمال الدين 2 : 335 / 6
17- أُصول الكافي 1 : 525 / 1 باب 126 .
18- أُصول الكافي 1 : 529 / 4 باب 126 ، وكمال الدين 1: 270 / 15 باب 24، والخصال 2 : 477 / 41
19- كمال الدين 1 : 19
20- الفصول المهمة / لابن الصباغ المالكي : 295 ـ 296 فصل / 120 ،
21- عقد الدرر : 126 باب 4 فصل 2 .
22- شرح نهج البلاغة / ابن أبي الحديد 1 : 281 ـ 282 شرح الخطبة رقم / 16.
23- ينابيع المودة 3 : 167 باب 94 .
24- الخصال 2 : 475 / 38 أبواب الاثني عشر، وكمال الدين 1 : 262 / 9 باب 24
25- أُصول الكافي 1 : 533 / 15 باب 126
26- ينابيع المودة 3 : 162 باب 94، ورواه في 2 : 83
source : rasekhoon