عربي
Saturday 21st of December 2024
0
نفر 0

ذروة الفتوة

ذروة الفتوة


ذروة الفتوة
كان محمد بن أبي عمير وجهاً من وجوه الشيعة ومن أصحاب موسى بن جعفر عليه السلام؛ سُعي به إلى السلطان بأنّه يعرف أسامي عامة الشيعة بالعراق وكان الخليفة آنذاك هارون الرشيد فأمره السلطان أن يسمّيهم ويدل عليهم وعلى أصحاب الامام موسى بن جعفر فامتنع، عندها جُرّد فعُلّق بين القفازين وتولّى‌ ضربه السندي بن شاهك فضربه مائة سوطاً فكاد أن يقرّ لعظيم الألم فسمع نداء محمد بن يونس بن عبدالرحمن يقول: «إذكر موقفك بين يدي اللَّه عزوجل!»؛ فتقوى‌ بقوله وصبر ولم يخبر ثم حُبس، فأضرّ به هذا الشأن مائة ألف درهم.
قال علي بن ابراهيم عن أبيه:
 «كان ابن أبي عمير رجلًا بزازاً وكان له على‌ رجل عشرة آلاف درهم، فذهب ماله، وافقتر فجاء الرجل فباع داراً له بعشرة آلاف درهم وحملها

نظام العشرة فى المنظور الاسلامى للعلامة حسین انصاریان، ص: 167

إليه فدقّ عليه الباب، فخرج إليه محمد بن أبي عمير رحمه الله فقال له الرجل:
هذا مالك الذي لك عليّ فخذه، فقال ابن أبي عمير: فمن أين لك هذا المال؟ ورثته؟ قال: لا، قال: وُهب لك؟ قال: لا، ولكنّي بعت داري الفلاني لأقضي ديني، فقال ابن أبي عمير رحمه الله: حدّثني ذريح المحاربي عن أبي عبداللَّه عليه السلام أنّه قال: لا يخرج الرجل عن مسقط رأسه بالدين [أي‌لا يؤخذ الدار بالدين‌]! إرفعها فلا حاجة لي فيها، واللَّه إني محتاج في وقتي هذا إلى‌ درهم، وما يدخل ملكي منها درهم» «1».
في اوج الوداد الانساني- الرباني‌
كان صفوان بن يحيى أبو محمد البجلي الكوفي من أصحاب الكاظم والرضا والجواد، وكانت له عند الرضا عليه السلام منزلة شريفة وتوكل للرضا وأبي جعفر وكان اوثق أهل زمانه وأعبدهم وكان يصلي في كل يوم خمسين ومائة ركعة؛ وكانت له منزلة من الزهد والعبادة وكان جماعة الواقفة بذلوا له مالًا كثيراً وسلم مذهبه من الوقف، وكان شريكاً لعبداللَّه بن جندب وعلي بن النعمان، وروي أنّهم تعاقدوا في بيت اللَّه الحرام أنّه من مات منهم صلى‌ من بقي صلاته وصام عنه صيامه وزكّى‌ عنه زكاته، فماتا وبقي صفوان وكان يصلّي في كل يوم مائة وخمسين ركعة ويصوم في السنة ثلاثة أشهر ويزكّي زكاته ثلاث دفعات وكل ما تبرع به عن نفسه-
______________________________
 (1)- منهج المقال: 275؛ بحار الأنوار: 49/ 273؛ اختبار معرفة الرجال: 591، حديث 1106.

نظام العشرة فى المنظور الاسلامى للعلامة حسین انصاریان، ص: 168

مما عدا ما ذكرناه- تبرّع عنهما مثله‌ «1».
العفاف في معترك الحب‌
... كان رجل بالمدينة، وكان له جارية نفيسة فوقعت في قلب رجل وأعجب بها، فشكى ذلك إلى‌ أبي عبداللَّه عليه السلام قال: تعرّض لرؤيتها وكلما رأيتها فقل: أسأل اللَّه من فضله، ففعل فما لبث إلا يسيراً حتى عرض لوليها سفر فجاء إلى‌ رجل فقال: يا فلان أنت جاري وأوثق الناس عندي، وقد عرض لي سفر وأنا أحب أن أودعك فلانة جاريتي تكون عندك، فقال الرجل: ليس لي امرأة ولا معي في منزلي امرأة فكيف تكون جاريتك عندي؟ فقال: أقومها عليك بالثمن وتضمنه لكي تكون عندك، فاذا أنا قدمت فبعنيها أشتريها منك، وإن نلت منها نلت ما يحل لك؛ ففعل وغلّظ عليه في الثمن، وخرج الرجل فمكثت عنده ما شاء اللَّه حتى قضى وطره منها.
ثم قدم رسول لبعض خلفاء بني أمية يشتري له جواري، فكانت هي فيمن سُمي أن يشتري، فبعث الوالي إليه فقال له: جارية فلان، قال: فلان غائب، فقهره على بيعها، فأعطاه من الثمن ما كان فيه ربح، فلما أخذت الجارية واخرج بها من المدينة، قدم مولاها، فأول شي‌ء سأله، سأله عن‌
______________________________
 (1)- الإختصاص: 88؛ بحار الأنوار: 85/ 304، باب 2، حديث 2؛ سفينة البحار: 5/ 132، باب الصاد.

نظام العشرة فى المنظور الاسلامى للعلامة حسین انصاریان، ص: 169

الجارية كيف هي؟ فأخبره بخبرها وأخرج إليه المال كله، الذي قومه عليه والذي ربح، فقال: هذا ثمنها خذه، فأبى الرجل، فقال: لا آخذ الا ما قومت عليك، وما كان من فضل فخذه لك هنيئاً! فصنع اللَّه له بحسن نيته‌ «1».
نظام العشرة فى المنظور الاسلامى للعلامة حسین انصاریان، ص: 169


source : دار العرفان
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

العدل في القرآن الكريم
واقعة الغدير و أهميتها (1)
ثالث النواب الأربعة الحسين بن روح النوبختي
برامج الرعاية الاجتماعية في ضوء مقاصد الشريعة
بَينَ يَدَيّ الخِطاب العظيم لِسَيّدَةِ نِسَاءِ ...
أين يقع غدير خُمّ؟
الملكية ووظيفتها الاجتماعية في الفقه الإسلامي
العلاقة بين القضاء والقدر، وإختيار الإنسان
جهاد النفس في فكر الإمام الخميني (قدس سره)
وصايا رمضانية ( ضرورة صلة الرحم)

 
user comment