إن الخطر في هذا الباب بدرجة من الجسامة بحيث أن الرب الرحيم سبحانه الذي لا يريد للانسان إلّاسعادته ونموه وكماله، انذر في الكتاب العزيز تلويحاً أو تصريحاً للحذر عن معاشرة الأرجاس ومصادقتهم والتحبب إليهم ومن قبول ولايتهم؛ إن المولى الحق قد نزه المؤمنين في هذا النطاق واعتبر مجالات حياتهم مغلقة على شواذ المعاشرين وإن كانوا من أقرب الناس إلى الانسان حسباً ونسباً، فقال سبحانه وتعالى:
[لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ لَوْ
نظام العشرة فى المنظور الاسلامى، للعلامة حسین انصاریان ص: 85
كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ...] «1».
أجل، اذا تطبع الأب أو الابن أو الأخوة أو الأقرباء بالطابع الشيطاني وأحسّ الانسان احساساً قاطعاً بانهم يريدون ابعاده من اللَّه واهدار قيمه وسحق شخصيته الانسانية وتشويه سمعته الدنيوية والأُخروية؛ عليه أن يبتعد عنهم وفقاً لما أراده اللَّه سبحانه وبالنسبة لوالديه، يكتفي بوشيجة الاحترام فحسب، قال سبحانه:
[يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَ عَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَ قَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ...] «2».
إن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله قال في لزوم الإعراض عن الاشرار والمفسدين والذين يلحقون الأضرار بدنيا الانسان وآخرته وبوجه خاص يمثلون خطراً على الدين والتدين، قال ما يلي:
«إذا رَأيْتُم أَهْلَ الرَّيْبِ وَالبِدَعِ مِنْ بَعْدِى فَأظْهِرُوا البَرَاءَةَ مِنْهُمْ وَأكْثِرُوا مِن سَبِّهِم وَالقَوْلِ فِيهِم والوقِيعَةِ وَبَاهِتُوهُم كَيلَا يَطْمَعُوا فِى الفَسَادِ فِى الاسلَامِ وَيَحذَرَهُمُ الناسُ وَلَا يَتَعَلَّمُوا مِن بِدَعِهِمْ، يَكْتُبُ اللَّهُ لَكُم بِذَلِكَ الحَسَنَاتِ وَيَرفَعُ لَكُم بِهِ الدَّرَجَاتِ فِى الاخِرَةِ» «3».
قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله أيضاً:
__________________________________________________
(1)- المجادلة (58): 22.
(2)- الممتحنة (60): 1.
(3)- الكافى: 2/ 375، باب مجالسة أهل المعاصى، حديث 4؛ وسائل الشيعة: 16/ 267، باب 39، حديث 21531؛ بحار الأنوار: 17/ 202، باب 14، حديث 41.
نظام العشرة فى المنظور الاسلامى، للعلامة حسین انصاریان ص86
«المَرْءُ عَلى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أحَدُكُمْ مَن يُخَالِلُ» «1».
وقال أيضاً صلى الله عليه و آله:
«مَن كَانَ يُؤمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلَا يُواخِيَنَّ كَافِراً وَلَا يُخالِطَنَّ فَاجِراً وَمَنْ آخى كَافِراً أوْ خَالَطَ فَاجِراً كَانَ كَافِراً فَاجِراً» «2».
وقال نبي الاسلام صلى الله عليه و آله:
«الوَحْدَةُ خَيْرٌ مِنْ قَرِينِ السَّوْءِ» «3».
روي عن أميرالمؤمنين عليه السلام عند الإجابة على سؤال شيخ شامي عن مجالسة الشرير السيّء بأنه من هو؟ فقال:
«المُزَيِّنُ لَكَ مَعصِيَةَ اللَّهِ» «4».
وأيضاً عنه عليه السلام:
«ثَلاثٌ مَن حَفِظَهُنَّ كَانَ مَعصُوماً مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ وَمِن كُلِّ بَلِيَّةٍ: مَنْ لَم يَخْلُ بِامرَأةٍ لَيْسَ يَملِكُ مِنهَا شَيئاً وَلَمْ يَدخُل عَلى سُلطَانٍ وَلَم يُعِن صَاحِبَ بِدعَةٍ بِبِدْعَتِهِ» «5».
روى الامام موسى بن جعفر عليهما السلام عن نبي اللَّه عيسى عليه السلام بأنه قال:
«إنَّ صَاحِبَ الشَّرِّ يُعْدِى وَقَرِينَ السَّوْءِ يُردِى فَانْظُر مَنْ تُقَارِنُ» «6».
__________________________________________________
(1)- الأمالى، شيخ طوسى: 518، مجلس 18، حديث 1153؛ بحار الأنوار: 71/ 192، باب 14، حديث 12.
(2)- صفات الشيعة: 6، حديث 9؛ بحار الأنوار: 71/ 197، باب 14، حديث 31.
(3)- أعلام الدين: 294؛ بحار الأنوار: 71/ 199، باب 14، حديث 37.
(4)- معانى الأخبار: 197، حديث 4؛ بحار الأنوار: 71/ 190، باب 14، حديث 3.
(5)- الجعفريات: 96؛ بحار الأنوار 71/ 197، باب 14، حديث 32.
(6)- الكافى: 2/ 640، باب من تكره مجالسته...، حديث 4؛ وسائل الشيعة: 12/ 23، باب 11، حديث 15542
.نظام العشرة فى المنظور الاسلامى، للعلامة حسین انصاریان ، ص: 87
إن الامام الصادق عليه السلام قال لعمار بن موسى:
«يَا عَمّارُ! إنْ كُنْتَ تُحِبُّ أن تَستَتِبَّ لَكَ النِّعْمَةُ وَتَكْمُلَ لَكَ المُرُؤَةُ وَتَصْلُحَ لَكَ المَعِيشَةُ فَلَا تُشَارِكِ العَبِيدَ والسَّفِلَةَ فِى أمْرِكَ فِانَّكَ إن ائْتَمَنْتَهُمْ خَانُوكَ وَإنْ حَدَّثُوكَ كَذبُوكَ وَإنْ نُكِبْتَ خَذَلُوكَ وَإنْ وَعَدُوكَ أخْلَفُوكَ» «1».
وقال الامام الصادق عليه السلام لداود الرقّي:
«انظُر إلى كُلِّ مَنْ لا يُعْنِيكَ مَنفَعَةً فِى دِينِكَ، فَلَا تَعتَدَّنَّ بِهِ وَلَا تَرغَبَنَّ فِى صُحبَتِهِ، فَانَّ كُلَّ مَا سِوَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالى مُضمَحِلٌّ وَخيمٌ عَاقِبَتُهُ» «2».
وقال الامام محمد الجواد عليه السلام:
«إيّاكَ وَمُصَاحَبَةَ الشَّرِيرِ فَانَّهُ كَالسَّيفِ المَسْلُولِ يَحسُنُ مَنْظَرُهُ وَيَقْبُحُ أثَرُهُ» «3».
source : دار العرفان