تقدمت منذ سبع سنين لخطبة إحدى البنات من أرحامنا، إلا أنني جوبهت بممانعة من الأب حيث يصاب بحالة غير طبيعة عند سماع خطبة بناته – بسبب ما تعرض له من جراحات إثناء الحرب- و لما تعوزه الحيلة و المبرر المنطقي للإمتناع تراه يشترط كون المتقدم لخطبة بناته سيّداً وفاءّ لنذر كان قد نذره مسبقاً. من هنا أسأل: هل يحق للأب اشتراط زواج بنته من شخص معيّن كالمنتمي إلى الرسول الأكرم (السادة)؟ و هل الشرع يبيح له ذلك؟ و ما هو تكليفي في مثل هذه الحالة؟
الجواب الإجمالي
يتوفر الآباء عادة على تجربة جيدة حصلوا عليها من خلال معترك الحياة التي تؤهلهم للتمييز بين الأمور حسنها و قبيحها، و أنّهم في الغالب ينطلقون في مواقفهم من مصلحة أبنائهم و السعي لتحقيق ما يؤدي إلى سعادتهم و صلاحهم، و تلك التجارب و الخبرات الاجتماعية يفتقدها الشباب و الشابات عادة و هم بحاجة إلى من يأخذ بأيديهم و يرشدهم لما يوفر لهم حياة مستقرة بعد الزواج. و لما كان المتضرر الأكبر عادة بسبب فشل الزواج هو المرأة، ذهب أكثر الفقهاء إلى إشتراط زواج البنت الباكرة بإذن وليّها المتمثل بالأب و الجد من جهة الأب تحرزاً من وقوعها في ما لا تحمد عقباه.
من هنا يحق للأب – حسب رأي الفقهاء- أن لا يأذن اذا رأى بأن من مصلحة عدم الزواج من فلان أو فلان.
نعم، إذا امتنع الأب من الإذن أمكن الرجوع الى الجد و استحصال الإذن منه و يكون العقد صحيحا حتى مع حياة الأب و امتناعه، فقد جاء في تحرير الوسيلة للإمام الخميني (ره): ولاية الجد ليست منوطة بحياة الأب و لا موته، فعند وجودهما استقل كلّ منهما بالولاية، و إذا مات أحدهما اختصت بالآخر.[1]
كذلك اشترط الفقهاء أن تكون الممانعة منطلقة من مبررات موضوعية و مصلحة البنت و مع عدمها يسقط شرط الاستئذان، قال الإمام رحمه الله: لا إشكال في سقوط اعتبار إذنهما – يعني الجد و الأب- إن منعاها من التزويج بمن هو كفؤ لها شرعا و عرفا مع ميلها.[2]
يضاف إلى ذلك أن الشارع لما وضع شرط الاستذان من الولي الشرعي – الجد و الأب – فلا يعني ذلك أن لهما أكراه البنت على الزواج من شخص لا ترغب في الزواج منها، جاء في تحرير الوسيلة: يشترط في صحة العقد الاختيار أعني اختيار الزوجين، فلو أكرها أو أكره أحدهما على الزواج لم يصح، نعم لو لحقه الرضا صح على الأقوى.[3]
أما كون الأب قد نذر أن لا يزوج بنته من غير السيد فهذا لابد من الرجوع فيه الى رأي الفقهاء لنرى هل من حق الأب الاشتراط أو لا؟ و هل يصح هكذا نذر؟ و على فرض أن للاب حق النذر فهل الزواج من السيد راجح شرعا لينعقد النذر أم لا؟
[1]. تحرير الوسيلة، ج2، ص: 254، مسألة رقم 3.
[2]. نفس المصدر، المسألة رقم 2.
[3] نفس المصدر، المسألة رقم 25.