في فاطمة الزهراء عليها السلام سر مستودع وايضا في ليلة القدر سر عظيم لا يعرفه إلاّ المقربون الذين امتحن الله قلوبهم للايمان والتقوى ، فليلة القدر رفعها الباري عزوجل وجعلها خيراً من الف شهر وفيها تشويق لذيذ لمعرفة ذلكم السر المكنون في اعماقها، ( وما ادراك ماليلة القدر ) حيث خاطب الله تعالى المؤمنين في ضمائرهم لكي يحرك فيهم أمواج المعرفة عبر وسائل العلم والوعي ولتنفتح لهم اسرار ليلة القدر بالتمعن والتدقيق فيها ، على ان معرفة ليلة القدر تفوق الادراك البشري العادي أي انها تفوق ادراك سائر الناس من السواد الاعظم فانه لابد ان يكون فيها سر عظيم ، والسر تقتضي معرفته استيعابا كاملا لمعنى ليلة القدر والغاية التي نزلت ليلة القدر من اجلها ولا جل تحقيقها في الأرض .
وعلى هذا الاساس لابد من معرفة الاساس الذي بنى عليه الحديث الذي ذكرناه في أول بحثنا حول علاقة معرفة فاطمة عليها السلام بليلة القدر فانه لابد من وجود الترابط في هذا الموضوع المهم ، ففاطمة فيها سر مستودع وكذلك ليلة القدر فيها سر مكنون ، فمن عرف فاطمة والسر المستودع فيها عرف سر ليلة وعظمتها ، فليلة القدر عظيمة كعظمة فاطمة عليها السلام لذا كانت مجهولة في اثباتها ودقتها من حيث الزمان لمختص بليالي شهر رمضان .
على ان عرف فاطمة فقد ادرك ليلة القدر هذا كونه ناتج عن معرفة فاطمة التي تجعلنا ندرك الاسلام ونستوعب اهمية ليلة القدر من خلال هذه المعرفة ، ولقد طرح الكثير من العلماء أوجه للشبه بين ليلة القدر وفاطمة عليها السلام ومنها :
* ليلة القدر وعاء وظرف زماني لنزول كل القرآن الكريم ( إنا أنزلناه في ليلة القدر ) ، ( ذلك الكتاب لا ريب فيه هدىً للمتقين ) ، لا يأتيه الباطل من بين يديه ، وفيه كل شيء ، وتبيان كل شيء ، وسعادة الدراين . وكذلك الحوراء الانسية فاطمة الزكية ، فان قلبها ظرف مكاني وروحاني ، وصدرها وعاء الهي للقرآن الكريم والمصحف الشريف ، وانها كانت محدثة تحدثها الملائكة ، فهي وعاء للامامة وللمصحف الشريف .
* وفي ليلة القدر يفرق كل أمرٍ أحكمه الله خلال السنة ، فيفرق ما يحدث فيها من الامور الحتمية وغيرها ، وينزل بها روح القدس على ولي العصر والزمان وحجة الله على الخلق الذي بيمنه رزق الورى وبوجوده ثبتت الأرض والسماء ، وان الإيمان بليلة القدر فارق بين المؤمن والكافر . كذلك بفاطمة الزهراء الطيبة الطاهرة المطهرة يفرق بين الحق والباطل ، والخير والشر ، والمؤمن والكافر ، وقد ارتد الناس في العمل وفي الولاية بعد رحلة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا ثلاث .
أو خمس أو سبع ، وفيهم سيدة النساء فهم على حق ، وغيرهم استحوذ عليهم الشيطان فاغرهم وأضلهم فكانوا أئمة الضلال .
* وفي ليلة القدر معراج الأنبياء والأولياء إلى الله سبحانه فيزاد في علمهم اللدني والرباني ويكسبوا من الفيض الاقدس الالهي . كذلك ولاية فاطمة المعصومة النقية التقية ، فهي مرقاة لوصولهم إلى النبوة ومقام الرسالة والعظمة الشموخ الانساني والروحاني ، فما تكاملت النبوة لنبي حتى أقر بفضلها ومحبتها وذلك في عالم ( ألست بربكم ) أو في عالم الذر أو عالم الانوار أو الارواح أو النشأة الإنسانية التي وراء نشأتنا هذه ، وهذه انما هي صورة لتلك كما عند بعض الاعلام .
ففاطمة ، الزهراء قطب الأولياء والعرفاء ومعراج الأنبياء والأوصياء ، صدرها خزانة الأسرار ، ووجودها ملتقى الانوار ، فهي حلقة الوصل بين أنوار النبوة وأنوار الإمامة ، فأبوها محمد رسول الله ، وبعلها علي وصيه وخليفته امام المتقين وامير المؤمنين ، ومنها أئمة الحق والرشاد وأركان التوحيد وساسة العباد .
* وليلة القدر خير من الف شهر فيضاعف فيها العمل والثواب كل واحدٍ بألف ، فالتسبح والتمجيد والتهليل والتكبير والصلاة وكل عمل كل واحد بالف ، فكذلك محبة الزهراء وولايتها يوجب مضاعفة الاعلمال فان تسبيحها ( 34 مرة الله اكبر و33 مرة الحمد الله و33 مرة سبحان الله ) بعد كل صلاة واجبة او نافلة يجعل كل ركعة بألف ركعة كما ورد في الخبر الشريف .
فمودتها هي الاكسير الاعظم ، يجعل من كان معدنه الحديد ذهباً ، وان الناس معادن كمعادن الذهب والفضة ، فمن والادها واحبها وأطاعها واطاع ابنائها الاطهار ، وعادى عدوها واعداء ذريتها ، فانه يكون كالذهب المصفى وباقي الناس كلهم التراب ، وان الله يضاعف الاعمال بحبها كما تضاعف في ليلة القدر ، وامتازت ليلة القدر عن كل ليالي السنة بالخير والبركة والشرافة والعظمة وعلو الشأن والرفعة ، كذلك خير نساء الاولين والاخرين فاطمة الزهراء عليها السلام فهي خير أهل الأرض والسماء عنصرا وشرفا وكرامة بعد ابيها الرسول المصطفى وبعلها الوصي المرتضى .
* وليلة القدر ليلة مباركة ( انا انزلناه في ليلة مباركةٍ ) ، والبركة بمعنى النماء والزيادة والخير المستمر والمستقر الدائم والثابت وما يأتي من قبله الخير الكثير ، ومن ألقاب فاطمة الزهراء انها ( المباركة ) ففيها كل بركات السماوات والأرض ، فهي الكوثر في الدنيا والاخرة ، وهي المنهل العذب والمعين الصافي لكل في اراد البركة ، فما ادراك ما فاطمة ، خير من الوجود بعد أبيها وبعها .
ولو كــن النسـاء كـمثل هـذه ***لفضلت النسـاء عـلى الرجـال
ولا التأنيث لاســـم الشمس عار ***ولا التــذكير فـخر للــهلال
وقال آخر :
هي مشكاة نور الله جل جــلاله ***زيــتونة عـم الورى بــركاتها
فهي الكوثر ، والكوثر ، الخير الكثير ( انا اعطيناك الكوثر ) ، ومنها ذرية الرسول الاكرم ، وعدم انقطاع نسله إلى يوم القيامة ، وفي وصف النبي ، انما نسله من مباركة لها بيت في الجنة لا صخب فيه ولا نصب ، والعبادة في ليلة القدر تكون منشأ للفيوضات الالهية ، والكمالات الربانية والفيوضات القدسية ، والبركات السماوية ، كذلك التوسل بفاطمة الزهراء فهي منشأ البركات والخيرات ، ونزل القرآن الكريم وهو النور والفرقان والبيان والتبيان في ليلة القدر ، فليلة القدر نزول النور الالهي ، وفاطمة الزهراء عليها السلام هي نور الله ، وهي الكوكب الدري ، كما جاء ذلك في تفسير آية النور في قوله تعالى : ( الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كانها كوكب دري يوقد شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور الله يهدي لنوره من يشاء ) (1) .
عن موسى بن القاسم عن علي بن جعفر قال : سألت ابا الحسن ـ الإمام الكاظم عليه السلام ـ عن قول الله عزوجل ( كمشكاة فيها مصباح ) ، قال : المشكاة فاطمة والمصباح الحسن والحسين .
( كانها كوكب دري ) قال : كانت فاطمة كوكباً دريا من نساء العالمين . ( يوقد من شجرة مباركة ) ، الشجرة المباركة ابراهيم ( لا شرقية ولا غربية ) ، لا يهودية ولا نصرانية ( يكاد زيتها يضيء ) قال : يكاد العلم ان ينطق ( ولو لم تمسسه نار نور على نور ) ، قال : يهدي الله عزوجل لولايتنا من يشاء (2) .
عن فاطمة الزهراء سلام الله عليها : اعلم يا أبا الحسن ان الله تعالى خلق نوري وكان يسبح الله جل جلاله ، ثم ادعه شجرة من شجر الجنة فأضاءت ، فلما فلما دخل ابي الجنة اوحى الله إليه الهاما ان اقتطف الثمرة من تلك الشجرة وادرها في لهواتك ، ففعل ، فأوعني الله سبحانه صلب ابي صلى الله عليه وآله وسلم ثم اودعني خديجة بنت خويلد فوضعتني ، وانا من ذلك النور اعلم ما كان وما يكون وما لم يكن ، يا أبا الحسن المؤمن ينظر بنور الله تعالى (3) .
وما أروع ما يقوله الشاعر :
مشكــاة نــور الله جـل جـلالـه ***زيــتونة عــم الورى بــركـاتها
هي قطب دائــرة الوجــود ونقطة ***لمــا تـنزلت اكـثرت كـثراتــها
هي أحمد الثاني واحمد عـــصرها ***هي عنصر التوحيد في عرصـــاتها
ويقول المحقق العلامة الشيخ محمد باقر صاحب ( الخصائص الفاطمية ) في كتابه : سبحانك اللهم يا فاطر السماوات العلى وفالق الحب والنوى ، انت الذي فطرت اسما من اسمك واشتقته من نورك ، فوهبت اسمك بنورك حتى يكون هو المظهر لظهورك ، فجعلت ذلك الاسم اصل لجملة اسمائك وذلك النور ارومة لسيدة امائك ، وناديت بالملا الاعلى : أنا الفاظر وهي فاطمة ، وبنورها ظهرت الاشياء من الفاتحة إلى الخاتمة ، فاسمها اسمك ونورها نورك وظهورك ظهورها ، ولا اله غيرك ، وكل كمالٍ ظلك وكل وجود ظل وجودك ، فلما فطرتها فطمتها عن الكدورات البشرية واختصصتها بالخصائص الفاطمية ، مفطومة عن الرعونات العنصرية ، ونزهتها عن جميع النقائص مجموعة من الخصائص الفاطمية ، مفطومة عن الرعونات العنصرية ، ونزهتها عن جميع النقائص مجموعة من الخصائل المرضية بحيث عجزت العقول عن ادراكها ، والناس فطموا عن كنه معرفتها ، فدعا الاملاك في الافلاك بالنورية السماوية وبفاطمة المنصورة ... ام السبطين واكبر حجج الله على الخافقين ، ريحانة سدرة المنتهى وكلمة التقوى والعروة الوثقى وستر الله المرخى والسعيدة العظمى والمريم الكبرى والصلاة الوسطى والانسية الحوراء التي بمعرفتها دارت القرون الاولى .
وكيف احصي ثناها وان فضائلها لا تحصى وفواضلها لا تقضى ، البتول العذراء الحرة البيضاء ام ابيها وسيدة شيعتها وبنيها ، ملكة الأنبياء الصديقة فاطمة الزهراء عليها سلام الله (4) .
* وكثير من الناس ادركتهم السعادة في ليلة القدر ، فهي ليلة السعادة ، وكذلك السيدة فاطمة الزهراء فهي سر السعادة ، ومحبتها ومعرفتها والاقتداء بها واطاعتها ونصرتها يوجب السعادة الابدية ، ويحلق الإنسان في آفاق الكمال ويسبح في يم الجلال . وكم من شاهد وقصة تدل على ان هناك من ادركتهم السعادة ببركة فاطمة الزهراء عليها السلام ، كما الله هدى ذلك المجوسي وأهل بيته إلى الاسلام فاسلموا جميعا لما اكرم العلوية التي جاءت إليه تشكو حالها ، كما يحدثنا بذلك العلامة المجلسي قدس سره في كتابه القيم ( بحار الانوار 93 : 225 ـ 236 ) ، فراجع .
* ان الله سبحانه جعل حريماً لكل امر مقدس ومعظم ، فانه لا صلاة إلاّ بطهور وتكبيرة الاحرام ، وان الحجر الاسود ومكة المكرمة جعل لها حرما ، فلا يدخلها إلاّ من كان محرما ، وقد حرم على نفسه الملاذ ، كالنساء واستعمال الطيب ولبس المخيط وطلب الراحة كالاستظلال ، فكان الحجر الاسود مواقعيت ، وتقدست بقعة من الأرض لاجله ، ولأنّ مكة المكرمة والكعبة المعظمة مهبط الوحي ونزول الرسالة المحمدية السمحاء المتمثلة بالقرآن الكريم ، والكعبة المعظمة مهبط الوحي ونزول الرسالة المحمدية السمحاء المتمثلة بالقرآن الكريم ، فمكة المكرمة مكان نزول القرآن وليلة القدر زمان نزوله ، وصار للكعبة حرما اثر عظمة الوحي ، وكذلك شهر رمضان ، فانه نزل القرآن كله في ليلة قدره ، ولكن سرت القداسة والتكريم والتعظيم إلى ان كل ايام وليالي الشهر ، بل تشرف ذلك العصر الذي نزل فيه القرآن فأقسم به الله في سورة العصر ، كمما أقسم بالمكان الذي نزل فيه الوحي ( لا اقسم بهذا البلد ) فشعاع الوحي والقرآن الكريم قد نور ميدانا وسيعا في الزمان والمكان .
فما تقدس عند ربك الاكرم الذي علم الإنسان مالم يعلم ، فانه يكون له حريم مقدس وتوابع مقدسة ، كليلة القدر بشرفها تشرفت ليالي شهر رمضان وايامه ، وكذلك فاطمة الزهراء تقدست عند ربها ، فوجب اجلالها واكرامها ، بل وينبغي تعظيم ذريتها ومودتهم وتكريمهم ، فانه الف عين لاجل عين تكرم ، فوجب على كل مسلم اكرام السادة والذرية الطيبة ، من ولد فاطمة الزهراء وعلي المرتضى عليهما السلام ، فالصالح منهم يكرم الله والطالح منهم لرسوله وعترته . ان الله سبحانه وتعالى قد دعا عباده لضيافتهم العامة في شهر رمضان المبارك ، فالصائم وافد على الله وضيفه ولكل ضيف قرى ، وقرى الله الاعتاق من النار ودخول الجنة ، وان الله ليغفر لعباده الصائمين ويعتق الرقاب من جهنم في الشهر كله ، فانها خير من الف شهر ، كما جاء نص ذلك في الأخبار ، وفاطمة الزهراء عليها السلام سميت فاطمة ، لانها تفطم شيعتها من النار ، وتعتق رقابهم وتدخلهم الجنة ( ومن زحزح عن النار ، وادخل الجنة فقد فاز ) (5) .
عن الإمام الرضا عليه السلام ، عن آبائه عليهم السلام ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : انما سميت ابنتي فاطمة لأنّ الله فطمها وفطم محبيها عن النار (6) .
قال النبي : انما سميت فاطمة ابنتي لأنّ الله فطمها ومحبيها عن النار (7) .
وانفردت ليلة القدر بعظمتها وشموخها من بين ليالي السنة ، فليس لها مثيل ولا نظير ، فهي سيدة الليالي والأيام . وفاطمة الزهراء عليها السلام لا مثيل لها بين النساء ، فهي سيدة نساء العالمين من الاولين والاخرين في الدنيا والاخرة ، ولو لا امير المؤمنين علي المرتضى عليها السلام لما كان لها كفؤ من الرجال آدم ومن دونه ، وهذا مانصت علهي الأخبار الشريفة عند الفريقين السنة والشعية ، ذات الله سبحانه سر لا يعلمه إلاّ هو ، وله في خلقه اسرار لا يعلمها إلاّ هو ورسوله والراسخون في العلم من عترة النبي الهادي المختار عليهم السلام .
* وليلة اقدر سر من اسرار الله ، وفاطمة الزهراء عليها السلام عصمة الله وسر من اسراره العظمى ، لا يعرف حقيقتها ومقامها الرفيع وآياتها الباهرة إلاّ الله ورسوله وأهل بيته الاطهار عليهم السلام ، فهي سر في وجودها وفي ولادتها وحياتها ورحلتها إلى جوار ربها .
* وليلة القدر قد جهلها الناس من حيث الليالي ومن حيث القدر والمنزلة فقطعوا وفطموا عن معرفتها ، كذلك البضعة الاحمدية والجزء المحمدي فهي مجهولة القدر ( وانما سميت فاطمة لأنّ الخلق فطموا عن معرفتها ) ، كما جهل قدرها اولئك الكفرة احرقوا بابها وكسروا ضلعها واسقطوا جنينها وغصبوا فدكها وحقها ، ولم ينصروها فخفى على الناس مقامها وقدرها حتى قبرها الشريف وتأريخ وفاتها ، ليكون شاهدا في التأريخ على مظلوميتها وشهادتها ومظلومية بعلها ( اللهم العن اول ظالم ظلم حق محمد وآل محمد وآخر تابع له على ذلك ) .
عن مجاهد : خرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو آخذ بيد فاطمة فقال : من عرف هذه فقد عرفها ، ومن لم يعرفها فهي فاطمة بنت محمد ، وهي بضعة مني وهي قلبي وهي روحي التي بين جنبي من آذاها فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله (8) .
ومن اذى الله لعنه الله ملأ السماوت والأرض (9) ومن طرق العامة ، عن نصر بن مزاحم ، عن زياد بن المنذر ، عن زادان ، عن سلمان ، قال : قال النبي : يا سلمان ، من احب فاطمة بنتي فهو في الجنة معي ومن ابغضها فهو في النار ، يا سلمان ، حب فاطمة ينفع في مائة من المواطن ، ايسر ذلك المواطن الموت والقبر والميزان والمحشر والصراط والمحاسبة ، فمن رضيت عنه ابنتي فاطمة رضيت عنه ومن رضيت عنه رضي الله عنه ، ومن غضبت عليه غضبت عليه ، ومن غضبت عليه غضب الله عليه ، يال سلمان ، ويل لمن يظلمها ويظلم بعلها امير المؤمنين عليا وويل لمن يظلم ذريتها وشيعتها (10) .
وأخيراً نختم هذا الموضوع بحديث ورد في معرفة ليلة القدر وما الذي يفرق في هذه الليلة حيث جاء عن زرارة عن حمران قال : « سألت ابا عبدالله عما يفرق في ليلة القدر هل هو ما يقدر سبحانه وتعالى فيها ؟ قال : لا توصف قدرة الله تعالى إلاّ أنه قال فيها يفرق كل امر حكيم فكيف يكون حكيما إلاّ ما فرق ولا توصف قدرة الله سبحانه لانه يحدث ما يشاء واما قوله « خير من ألف شهر » يعني فاطمة في قوله تعالى « تنزل الملائكة والروح فيها » والملائكة في هذا الموضع المؤمنون الذين يملكون علم آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم والروح روح القدس وهي فاطمة عليها السلام « من كل امر سلام » يقول كل امر سلمه حتى يطلع الفجر يعني حتى يقوم القائم « عج » (11) .
ولقـد يـعز عـلى رسـول *** الله مــاجنت الصــحابة
قـد مــات فـانقلبوا عـلى *** الاعقاب لــم يخشوا عقابه
مــنعوا البـتولة ان تـنوح *** عــليه او تـبكي مـصابه
نــعش النــبي أمــامهم *** ووراءهــم نـبذوا كـتابه
لم يـــحفظوا للــمرتضى *** رحــم النـبوة والقـرابـة
لو لم يكــن خـير الــورى *** بعد النـبي لمـا اســتنابه
قد اطـفأوا نـور الهـــدى *** ضرباً بـحضرته المــهابة
وعدوا على بنت الهــــدى *** ضرباَ بـحضرته المــهابة
في أي حكم قـد أبــاحــوا *** ارث فــاطم واغــتصابه
بـــيت النـــبوة بــيتها *** شادت يد البــاري قــبابه
اذن الاله بــــــــرفعه *** والقوم قد هتكوا حـــجابة
بأبــي وديــعة احـــمد *** جرعاً سقاها الظلم صــابه
عاشت مــعصبة الجــبين *** تئن مــن تـلك العـصابة
حــتى قـضت وعــيونها *** عبرى ومـهجتها مــذابـة
وأمــضّ خطب فـي حشـا *** الاسلام قـــد اورى التهابة
بـــالليل واراها الوصــي *** وقـبرها عـفى تـرابه (12)
المصادر :
1- سورة النور : آية 66 .
2- المناقب لابن المغازلي : ( من علماء العامة ) : 317 .
3- عوالم العلوم والمعارف 6 : 7 .
4- فاطمة الزهراء بهجة قلب المصطفى : 24 / عن الخصائص الحسينية : 1 .
5- سورة آل عمران : الآية 185 .
6- فرائد السمطين : 2 : 58 .
7- البحار 43 : 16.
8- نور الابصار : 52 .
9- البحار : 43 / 54 .
10- فرائد السمطين : 2 / 67 .
11- تفسير البرهان : 3 / 487 ح 24 .
12- القصيدة للمرحوم الشيخ محمد علي اليعقوبي / الذخائر : ص 12 .
وعلى هذا الاساس لابد من معرفة الاساس الذي بنى عليه الحديث الذي ذكرناه في أول بحثنا حول علاقة معرفة فاطمة عليها السلام بليلة القدر فانه لابد من وجود الترابط في هذا الموضوع المهم ، ففاطمة فيها سر مستودع وكذلك ليلة القدر فيها سر مكنون ، فمن عرف فاطمة والسر المستودع فيها عرف سر ليلة وعظمتها ، فليلة القدر عظيمة كعظمة فاطمة عليها السلام لذا كانت مجهولة في اثباتها ودقتها من حيث الزمان لمختص بليالي شهر رمضان .
على ان عرف فاطمة فقد ادرك ليلة القدر هذا كونه ناتج عن معرفة فاطمة التي تجعلنا ندرك الاسلام ونستوعب اهمية ليلة القدر من خلال هذه المعرفة ، ولقد طرح الكثير من العلماء أوجه للشبه بين ليلة القدر وفاطمة عليها السلام ومنها :
* ليلة القدر وعاء وظرف زماني لنزول كل القرآن الكريم ( إنا أنزلناه في ليلة القدر ) ، ( ذلك الكتاب لا ريب فيه هدىً للمتقين ) ، لا يأتيه الباطل من بين يديه ، وفيه كل شيء ، وتبيان كل شيء ، وسعادة الدراين . وكذلك الحوراء الانسية فاطمة الزكية ، فان قلبها ظرف مكاني وروحاني ، وصدرها وعاء الهي للقرآن الكريم والمصحف الشريف ، وانها كانت محدثة تحدثها الملائكة ، فهي وعاء للامامة وللمصحف الشريف .
* وفي ليلة القدر يفرق كل أمرٍ أحكمه الله خلال السنة ، فيفرق ما يحدث فيها من الامور الحتمية وغيرها ، وينزل بها روح القدس على ولي العصر والزمان وحجة الله على الخلق الذي بيمنه رزق الورى وبوجوده ثبتت الأرض والسماء ، وان الإيمان بليلة القدر فارق بين المؤمن والكافر . كذلك بفاطمة الزهراء الطيبة الطاهرة المطهرة يفرق بين الحق والباطل ، والخير والشر ، والمؤمن والكافر ، وقد ارتد الناس في العمل وفي الولاية بعد رحلة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا ثلاث .
أو خمس أو سبع ، وفيهم سيدة النساء فهم على حق ، وغيرهم استحوذ عليهم الشيطان فاغرهم وأضلهم فكانوا أئمة الضلال .
* وفي ليلة القدر معراج الأنبياء والأولياء إلى الله سبحانه فيزاد في علمهم اللدني والرباني ويكسبوا من الفيض الاقدس الالهي . كذلك ولاية فاطمة المعصومة النقية التقية ، فهي مرقاة لوصولهم إلى النبوة ومقام الرسالة والعظمة الشموخ الانساني والروحاني ، فما تكاملت النبوة لنبي حتى أقر بفضلها ومحبتها وذلك في عالم ( ألست بربكم ) أو في عالم الذر أو عالم الانوار أو الارواح أو النشأة الإنسانية التي وراء نشأتنا هذه ، وهذه انما هي صورة لتلك كما عند بعض الاعلام .
ففاطمة ، الزهراء قطب الأولياء والعرفاء ومعراج الأنبياء والأوصياء ، صدرها خزانة الأسرار ، ووجودها ملتقى الانوار ، فهي حلقة الوصل بين أنوار النبوة وأنوار الإمامة ، فأبوها محمد رسول الله ، وبعلها علي وصيه وخليفته امام المتقين وامير المؤمنين ، ومنها أئمة الحق والرشاد وأركان التوحيد وساسة العباد .
* وليلة القدر خير من الف شهر فيضاعف فيها العمل والثواب كل واحدٍ بألف ، فالتسبح والتمجيد والتهليل والتكبير والصلاة وكل عمل كل واحد بالف ، فكذلك محبة الزهراء وولايتها يوجب مضاعفة الاعلمال فان تسبيحها ( 34 مرة الله اكبر و33 مرة الحمد الله و33 مرة سبحان الله ) بعد كل صلاة واجبة او نافلة يجعل كل ركعة بألف ركعة كما ورد في الخبر الشريف .
فمودتها هي الاكسير الاعظم ، يجعل من كان معدنه الحديد ذهباً ، وان الناس معادن كمعادن الذهب والفضة ، فمن والادها واحبها وأطاعها واطاع ابنائها الاطهار ، وعادى عدوها واعداء ذريتها ، فانه يكون كالذهب المصفى وباقي الناس كلهم التراب ، وان الله يضاعف الاعمال بحبها كما تضاعف في ليلة القدر ، وامتازت ليلة القدر عن كل ليالي السنة بالخير والبركة والشرافة والعظمة وعلو الشأن والرفعة ، كذلك خير نساء الاولين والاخرين فاطمة الزهراء عليها السلام فهي خير أهل الأرض والسماء عنصرا وشرفا وكرامة بعد ابيها الرسول المصطفى وبعلها الوصي المرتضى .
* وليلة القدر ليلة مباركة ( انا انزلناه في ليلة مباركةٍ ) ، والبركة بمعنى النماء والزيادة والخير المستمر والمستقر الدائم والثابت وما يأتي من قبله الخير الكثير ، ومن ألقاب فاطمة الزهراء انها ( المباركة ) ففيها كل بركات السماوات والأرض ، فهي الكوثر في الدنيا والاخرة ، وهي المنهل العذب والمعين الصافي لكل في اراد البركة ، فما ادراك ما فاطمة ، خير من الوجود بعد أبيها وبعها .
ولو كــن النسـاء كـمثل هـذه ***لفضلت النسـاء عـلى الرجـال
ولا التأنيث لاســـم الشمس عار ***ولا التــذكير فـخر للــهلال
وقال آخر :
هي مشكاة نور الله جل جــلاله ***زيــتونة عـم الورى بــركاتها
فهي الكوثر ، والكوثر ، الخير الكثير ( انا اعطيناك الكوثر ) ، ومنها ذرية الرسول الاكرم ، وعدم انقطاع نسله إلى يوم القيامة ، وفي وصف النبي ، انما نسله من مباركة لها بيت في الجنة لا صخب فيه ولا نصب ، والعبادة في ليلة القدر تكون منشأ للفيوضات الالهية ، والكمالات الربانية والفيوضات القدسية ، والبركات السماوية ، كذلك التوسل بفاطمة الزهراء فهي منشأ البركات والخيرات ، ونزل القرآن الكريم وهو النور والفرقان والبيان والتبيان في ليلة القدر ، فليلة القدر نزول النور الالهي ، وفاطمة الزهراء عليها السلام هي نور الله ، وهي الكوكب الدري ، كما جاء ذلك في تفسير آية النور في قوله تعالى : ( الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كانها كوكب دري يوقد شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور الله يهدي لنوره من يشاء ) (1) .
عن موسى بن القاسم عن علي بن جعفر قال : سألت ابا الحسن ـ الإمام الكاظم عليه السلام ـ عن قول الله عزوجل ( كمشكاة فيها مصباح ) ، قال : المشكاة فاطمة والمصباح الحسن والحسين .
( كانها كوكب دري ) قال : كانت فاطمة كوكباً دريا من نساء العالمين . ( يوقد من شجرة مباركة ) ، الشجرة المباركة ابراهيم ( لا شرقية ولا غربية ) ، لا يهودية ولا نصرانية ( يكاد زيتها يضيء ) قال : يكاد العلم ان ينطق ( ولو لم تمسسه نار نور على نور ) ، قال : يهدي الله عزوجل لولايتنا من يشاء (2) .
عن فاطمة الزهراء سلام الله عليها : اعلم يا أبا الحسن ان الله تعالى خلق نوري وكان يسبح الله جل جلاله ، ثم ادعه شجرة من شجر الجنة فأضاءت ، فلما فلما دخل ابي الجنة اوحى الله إليه الهاما ان اقتطف الثمرة من تلك الشجرة وادرها في لهواتك ، ففعل ، فأوعني الله سبحانه صلب ابي صلى الله عليه وآله وسلم ثم اودعني خديجة بنت خويلد فوضعتني ، وانا من ذلك النور اعلم ما كان وما يكون وما لم يكن ، يا أبا الحسن المؤمن ينظر بنور الله تعالى (3) .
وما أروع ما يقوله الشاعر :
مشكــاة نــور الله جـل جـلالـه ***زيــتونة عــم الورى بــركـاتها
هي قطب دائــرة الوجــود ونقطة ***لمــا تـنزلت اكـثرت كـثراتــها
هي أحمد الثاني واحمد عـــصرها ***هي عنصر التوحيد في عرصـــاتها
ويقول المحقق العلامة الشيخ محمد باقر صاحب ( الخصائص الفاطمية ) في كتابه : سبحانك اللهم يا فاطر السماوات العلى وفالق الحب والنوى ، انت الذي فطرت اسما من اسمك واشتقته من نورك ، فوهبت اسمك بنورك حتى يكون هو المظهر لظهورك ، فجعلت ذلك الاسم اصل لجملة اسمائك وذلك النور ارومة لسيدة امائك ، وناديت بالملا الاعلى : أنا الفاظر وهي فاطمة ، وبنورها ظهرت الاشياء من الفاتحة إلى الخاتمة ، فاسمها اسمك ونورها نورك وظهورك ظهورها ، ولا اله غيرك ، وكل كمالٍ ظلك وكل وجود ظل وجودك ، فلما فطرتها فطمتها عن الكدورات البشرية واختصصتها بالخصائص الفاطمية ، مفطومة عن الرعونات العنصرية ، ونزهتها عن جميع النقائص مجموعة من الخصائص الفاطمية ، مفطومة عن الرعونات العنصرية ، ونزهتها عن جميع النقائص مجموعة من الخصائل المرضية بحيث عجزت العقول عن ادراكها ، والناس فطموا عن كنه معرفتها ، فدعا الاملاك في الافلاك بالنورية السماوية وبفاطمة المنصورة ... ام السبطين واكبر حجج الله على الخافقين ، ريحانة سدرة المنتهى وكلمة التقوى والعروة الوثقى وستر الله المرخى والسعيدة العظمى والمريم الكبرى والصلاة الوسطى والانسية الحوراء التي بمعرفتها دارت القرون الاولى .
وكيف احصي ثناها وان فضائلها لا تحصى وفواضلها لا تقضى ، البتول العذراء الحرة البيضاء ام ابيها وسيدة شيعتها وبنيها ، ملكة الأنبياء الصديقة فاطمة الزهراء عليها سلام الله (4) .
* وكثير من الناس ادركتهم السعادة في ليلة القدر ، فهي ليلة السعادة ، وكذلك السيدة فاطمة الزهراء فهي سر السعادة ، ومحبتها ومعرفتها والاقتداء بها واطاعتها ونصرتها يوجب السعادة الابدية ، ويحلق الإنسان في آفاق الكمال ويسبح في يم الجلال . وكم من شاهد وقصة تدل على ان هناك من ادركتهم السعادة ببركة فاطمة الزهراء عليها السلام ، كما الله هدى ذلك المجوسي وأهل بيته إلى الاسلام فاسلموا جميعا لما اكرم العلوية التي جاءت إليه تشكو حالها ، كما يحدثنا بذلك العلامة المجلسي قدس سره في كتابه القيم ( بحار الانوار 93 : 225 ـ 236 ) ، فراجع .
* ان الله سبحانه جعل حريماً لكل امر مقدس ومعظم ، فانه لا صلاة إلاّ بطهور وتكبيرة الاحرام ، وان الحجر الاسود ومكة المكرمة جعل لها حرما ، فلا يدخلها إلاّ من كان محرما ، وقد حرم على نفسه الملاذ ، كالنساء واستعمال الطيب ولبس المخيط وطلب الراحة كالاستظلال ، فكان الحجر الاسود مواقعيت ، وتقدست بقعة من الأرض لاجله ، ولأنّ مكة المكرمة والكعبة المعظمة مهبط الوحي ونزول الرسالة المحمدية السمحاء المتمثلة بالقرآن الكريم ، والكعبة المعظمة مهبط الوحي ونزول الرسالة المحمدية السمحاء المتمثلة بالقرآن الكريم ، فمكة المكرمة مكان نزول القرآن وليلة القدر زمان نزوله ، وصار للكعبة حرما اثر عظمة الوحي ، وكذلك شهر رمضان ، فانه نزل القرآن كله في ليلة قدره ، ولكن سرت القداسة والتكريم والتعظيم إلى ان كل ايام وليالي الشهر ، بل تشرف ذلك العصر الذي نزل فيه القرآن فأقسم به الله في سورة العصر ، كمما أقسم بالمكان الذي نزل فيه الوحي ( لا اقسم بهذا البلد ) فشعاع الوحي والقرآن الكريم قد نور ميدانا وسيعا في الزمان والمكان .
فما تقدس عند ربك الاكرم الذي علم الإنسان مالم يعلم ، فانه يكون له حريم مقدس وتوابع مقدسة ، كليلة القدر بشرفها تشرفت ليالي شهر رمضان وايامه ، وكذلك فاطمة الزهراء تقدست عند ربها ، فوجب اجلالها واكرامها ، بل وينبغي تعظيم ذريتها ومودتهم وتكريمهم ، فانه الف عين لاجل عين تكرم ، فوجب على كل مسلم اكرام السادة والذرية الطيبة ، من ولد فاطمة الزهراء وعلي المرتضى عليهما السلام ، فالصالح منهم يكرم الله والطالح منهم لرسوله وعترته . ان الله سبحانه وتعالى قد دعا عباده لضيافتهم العامة في شهر رمضان المبارك ، فالصائم وافد على الله وضيفه ولكل ضيف قرى ، وقرى الله الاعتاق من النار ودخول الجنة ، وان الله ليغفر لعباده الصائمين ويعتق الرقاب من جهنم في الشهر كله ، فانها خير من الف شهر ، كما جاء نص ذلك في الأخبار ، وفاطمة الزهراء عليها السلام سميت فاطمة ، لانها تفطم شيعتها من النار ، وتعتق رقابهم وتدخلهم الجنة ( ومن زحزح عن النار ، وادخل الجنة فقد فاز ) (5) .
عن الإمام الرضا عليه السلام ، عن آبائه عليهم السلام ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : انما سميت ابنتي فاطمة لأنّ الله فطمها وفطم محبيها عن النار (6) .
قال النبي : انما سميت فاطمة ابنتي لأنّ الله فطمها ومحبيها عن النار (7) .
وانفردت ليلة القدر بعظمتها وشموخها من بين ليالي السنة ، فليس لها مثيل ولا نظير ، فهي سيدة الليالي والأيام . وفاطمة الزهراء عليها السلام لا مثيل لها بين النساء ، فهي سيدة نساء العالمين من الاولين والاخرين في الدنيا والاخرة ، ولو لا امير المؤمنين علي المرتضى عليها السلام لما كان لها كفؤ من الرجال آدم ومن دونه ، وهذا مانصت علهي الأخبار الشريفة عند الفريقين السنة والشعية ، ذات الله سبحانه سر لا يعلمه إلاّ هو ، وله في خلقه اسرار لا يعلمها إلاّ هو ورسوله والراسخون في العلم من عترة النبي الهادي المختار عليهم السلام .
* وليلة اقدر سر من اسرار الله ، وفاطمة الزهراء عليها السلام عصمة الله وسر من اسراره العظمى ، لا يعرف حقيقتها ومقامها الرفيع وآياتها الباهرة إلاّ الله ورسوله وأهل بيته الاطهار عليهم السلام ، فهي سر في وجودها وفي ولادتها وحياتها ورحلتها إلى جوار ربها .
* وليلة القدر قد جهلها الناس من حيث الليالي ومن حيث القدر والمنزلة فقطعوا وفطموا عن معرفتها ، كذلك البضعة الاحمدية والجزء المحمدي فهي مجهولة القدر ( وانما سميت فاطمة لأنّ الخلق فطموا عن معرفتها ) ، كما جهل قدرها اولئك الكفرة احرقوا بابها وكسروا ضلعها واسقطوا جنينها وغصبوا فدكها وحقها ، ولم ينصروها فخفى على الناس مقامها وقدرها حتى قبرها الشريف وتأريخ وفاتها ، ليكون شاهدا في التأريخ على مظلوميتها وشهادتها ومظلومية بعلها ( اللهم العن اول ظالم ظلم حق محمد وآل محمد وآخر تابع له على ذلك ) .
عن مجاهد : خرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو آخذ بيد فاطمة فقال : من عرف هذه فقد عرفها ، ومن لم يعرفها فهي فاطمة بنت محمد ، وهي بضعة مني وهي قلبي وهي روحي التي بين جنبي من آذاها فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله (8) .
ومن اذى الله لعنه الله ملأ السماوت والأرض (9) ومن طرق العامة ، عن نصر بن مزاحم ، عن زياد بن المنذر ، عن زادان ، عن سلمان ، قال : قال النبي : يا سلمان ، من احب فاطمة بنتي فهو في الجنة معي ومن ابغضها فهو في النار ، يا سلمان ، حب فاطمة ينفع في مائة من المواطن ، ايسر ذلك المواطن الموت والقبر والميزان والمحشر والصراط والمحاسبة ، فمن رضيت عنه ابنتي فاطمة رضيت عنه ومن رضيت عنه رضي الله عنه ، ومن غضبت عليه غضبت عليه ، ومن غضبت عليه غضب الله عليه ، يال سلمان ، ويل لمن يظلمها ويظلم بعلها امير المؤمنين عليا وويل لمن يظلم ذريتها وشيعتها (10) .
وأخيراً نختم هذا الموضوع بحديث ورد في معرفة ليلة القدر وما الذي يفرق في هذه الليلة حيث جاء عن زرارة عن حمران قال : « سألت ابا عبدالله عما يفرق في ليلة القدر هل هو ما يقدر سبحانه وتعالى فيها ؟ قال : لا توصف قدرة الله تعالى إلاّ أنه قال فيها يفرق كل امر حكيم فكيف يكون حكيما إلاّ ما فرق ولا توصف قدرة الله سبحانه لانه يحدث ما يشاء واما قوله « خير من ألف شهر » يعني فاطمة في قوله تعالى « تنزل الملائكة والروح فيها » والملائكة في هذا الموضع المؤمنون الذين يملكون علم آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم والروح روح القدس وهي فاطمة عليها السلام « من كل امر سلام » يقول كل امر سلمه حتى يطلع الفجر يعني حتى يقوم القائم « عج » (11) .
ولقـد يـعز عـلى رسـول *** الله مــاجنت الصــحابة
قـد مــات فـانقلبوا عـلى *** الاعقاب لــم يخشوا عقابه
مــنعوا البـتولة ان تـنوح *** عــليه او تـبكي مـصابه
نــعش النــبي أمــامهم *** ووراءهــم نـبذوا كـتابه
لم يـــحفظوا للــمرتضى *** رحــم النـبوة والقـرابـة
لو لم يكــن خـير الــورى *** بعد النـبي لمـا اســتنابه
قد اطـفأوا نـور الهـــدى *** ضرباً بـحضرته المــهابة
وعدوا على بنت الهــــدى *** ضرباَ بـحضرته المــهابة
في أي حكم قـد أبــاحــوا *** ارث فــاطم واغــتصابه
بـــيت النـــبوة بــيتها *** شادت يد البــاري قــبابه
اذن الاله بــــــــرفعه *** والقوم قد هتكوا حـــجابة
بأبــي وديــعة احـــمد *** جرعاً سقاها الظلم صــابه
عاشت مــعصبة الجــبين *** تئن مــن تـلك العـصابة
حــتى قـضت وعــيونها *** عبرى ومـهجتها مــذابـة
وأمــضّ خطب فـي حشـا *** الاسلام قـــد اورى التهابة
بـــالليل واراها الوصــي *** وقـبرها عـفى تـرابه (12)
المصادر :
1- سورة النور : آية 66 .
2- المناقب لابن المغازلي : ( من علماء العامة ) : 317 .
3- عوالم العلوم والمعارف 6 : 7 .
4- فاطمة الزهراء بهجة قلب المصطفى : 24 / عن الخصائص الحسينية : 1 .
5- سورة آل عمران : الآية 185 .
6- فرائد السمطين : 2 : 58 .
7- البحار 43 : 16.
8- نور الابصار : 52 .
9- البحار : 43 / 54 .
10- فرائد السمطين : 2 / 67 .
11- تفسير البرهان : 3 / 487 ح 24 .
12- القصيدة للمرحوم الشيخ محمد علي اليعقوبي / الذخائر : ص 12 .
source : راسخون