عربي
Monday 26th of August 2024
0
نفر 0

في بعض ما عرفته من صريح القرآن

في بعض ما عرفته من صريح القرآن

یقول سید بن طاووس رحمه الله تعالی فی الباب الثانی ما هذا لفظه :

الباب الثاني في بعض ما عرفته من صريح القرآن هاديا إلى مشاورة الله جل جلاله و حجة على الإنسان
يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد بن الطاوس أيده الله تعالى اعلم أنني وجدت الله جل جلاله يقول عن الملائكة الذين اختياراتهم و تدبيراتهم من أفضل الاختيارات و التدبيرات لأنهم في مقام المكاشفة بالآيات و الهدايات إنهم عارضوه جل جلاله لما قال لهم إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَ تَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَ يَسْفِكُ الدِّماءَ وَ نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَ نُقَدِّسُ لَكَ فقال جل جلاله لهم إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ فعرفهم بذلك أن علومهم و أفهامهم قاصرة عن أسراره في التدبير المستقيم حتى اعترفوا في موضع آخر ف قالُوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ. فلما رأيت الملائكة عاجزين و قاصرين عن معرفة تدبيره علمت أنني‌

                         فتح‌ الأبواب ص : 124
أعظم عجزا و قصورا فالتجأت إليه جل جلاله في معرفة ما لا أعرفه إلا من مشاورته جل جلاله في قليل أمري و كثيره
فصل
ثم وجدت الأنبياء الذين هم أكمل بني آدم ع قد استدرك الله عليهم في تدبيراتهم عند مقامات فجرى لآدم ع في تدبيره في أكل ثمرة الشجرة ما قد تضمنه صريح الآيات و جرى لنوح ع في قوله إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَ إِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ مما لا يخفى عمن عرفه من أهل الصدق و جرى لداود ع في بعض المحاكمات ما قد تضمنه الكتاب حتى قال الله جل جلاله وَ ظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَ خَرَّ راكِعاً وَ أَنابَ و جرى لموسى ع لما اختار سبعين رجلا من قومه للميقات ما قد تضمنه صريح الآيات. فلما رأيت الأنبياء الذين هم أكمل العباد في الإصدار و الإيراد قد احتاجوا إلى استدراك عليهم في بعض المراد علمت أنني أشد حاجة و ضرورة إلى معرفة إرشادي فيما لا أعرفه من مرادي إلا بمشاورته سبحانه و إشارته فالتجأت إلى تعريف ذلك بالاستخارة من أبواب رحمته
فصل
ثم وجدت صريح القرآن قد تضمن عموما عن بني آدم بواضح البيان‌

                         فتح ‌الأبواب ص : 125
فقال وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَ يَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ و قال جل جلاله لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ بَعْدُ و قال جل جلاله وَ لَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ وَ مَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ و هذا تصريح عظيم بالشهادة من الله جل جلاله بقصور بني آدم الذين تضمنهم محكم هذا القرآن و عزلهم عن الخيرة و أن له جل جلاله الأمر من قبل و من بعد و أن الحق لو اتبع أهواءهم لفسدت السماوات و الأرض و من فيهن و أن أهواءهم كانت تبلغ بهم من الفساد إلى هذا الحد. فلما علمت ذلك و صدقت قائله جل جلاله على اليقين هربت من اختياري لنفسي إلى اختياره لي باتباع مشورته و رأيته قد عزلني عن الأمر فعدلت عن أمري لنفسي و عولت على أمره جل جلاله و شريف إشارته و صدقته جل جلاله في أنه لو اتبع الحق هواي فسد حالي و رأيي فاعتمدت على مشورة الحق و عدلت عن اتباع أهوائي و هذا واضح عند من أنصف من نفسه و عرف إشراق شمسه

                         فتح ‌الأبواب ص : 127
الباب الثالث في بعض ما وجدته من طريق الاعتبار كاشفا لقوة العمل في الاستخارة بما ورد في الأخبار
اعلم أنني وجدت الموصوفين بالعقل و الكمال يوكل أحدهم وكيلا يكون عنده أمينا في ظاهر الحال و لا يطلع على سريرته فيسكن إلى وكيله في تدبيره و مشورته و يشكره من عرف صلاح ذلك الوكيل و يحمدونه على التفويض إلى وكيله فيما يعرفه من كثير و قليل و ما رأيت أن مسلما يجوز أن يعتقد أن الله جل جلاله في التفويض إليه و التوكل عليه بالاستخارات و المشورات و العمل بأمره المقدس دون وكيل غير معصوم في الحركات و السكنات
فصل
و وجدت الموصوفين بالعقل و الفضل يصوبون تدبير من يشاور أعقل من في بلده و أعقل من في محلته و أعلم أهل دينه و نحلته مع أن ذلك الذي يشاور في الأشياء لا يدعي أنه أرجح تدبيرا من الملائكة و الأنبياء بل ربما يكون المستشار قد غلط في كثير من تدبيراته و ندم على كثير من‌

                         فتح الأبواب ص : 128
اختياراته و مع هذا فيشكرون هذا المستشير و يستدلون بذلك على عقله و سداده و يقولون هذا من أحسن التدبير أ فيجوز أن يكون في المعقول و المنقول مشاورة الله جل جلاله و تدبيره لعبده دون عاقل البلد و عاقل المحلة و عالم النحلة كيف يجوز أن يعتقد هذا أحد من أهل الملة

                         فتح ‌الأبواب  للسید بن طاووس ص : 129


source : دارالعرفان
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

أکمل الدعاء
هدم قبور البقيع ..............القصة الكاملة
أقسام المنهج
٢٨ صفر (ذكرى وفاة الرسول الاعظم صلي الله عليه ...
تكثير الطعام و الشراب
الإعجاز العلمي عند الإمام الصادق عليه السلام
لماذا فرض الله صيام 30 يوما على الامه؟؟
المحاسن 1
التحصين في صفات العارفين
في بعض ما عرفته من صريح القرآن

 
user comment