- إقبال الأعمال - السيد ابن طاووس الحسني ج 1 ص 23 : -
الباب الأول فيما نذكره من فوائد شهر رمضان وفيه فصول :
فصل ( 1 ) في تعظيم شهر رمضان
[ من الروايات ( 1 ) في تعظيم شهر رمضان ما رواه شيخنا المفيد محمد بن محمد بن النعمان في أماليه ، قال : حدثنا أبو الطيب الحسين بن محمد التمار ، قال : حدثنا جعفر بن احمد الشاهد ، قال : حدثنا أبو الحسين احمد بن محمد بن أبي مسلم ،
قال : حدثنا أحمد بن خليس الرازي ، قال : حدثنا القاسم بن الحكم العرني ، قال : حدثنا هشام بن الوليد ، عن حماد بن سليمان السدوسي ، قال : أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد السيرافي ، قال : حدثنا الضحاك بن مزاحم ، عن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب أنه سمع النبي صلى الله عليه وآله يقول :
1 - لم يوجد في النسخ الموجودة من الاقبال خطبة المؤلف في اوله - كما هي دأبه في تصانيفه - وكما لم يوجد في النسخ ما ذكرناه في العنوان من الباب الاول والفصل الاول ، وايضا سقط من النسخ هذا الحديث ، والموجود منه آخر الحديث ، ( الملائكة وتستبشر وتنهئ - الخ ) ، وبما ان هذا الحديث هو ما ذكره المؤلف ذكرناه في المتن ، وحفظا لكلام المؤلف جعلناه في المعقوفتين . ( * )
- إقبال الأعمال - السيد ابن طاووس الحسني ج 1 ص 24 : -
إن الجنة لتنجد ( 1 ) وتزين من الحول إلى الحول لدخول شهر رمضان ، فإذا كان أول ليلة منه هبت ريح من تحت العرش يقال لها : المثيرة ، تصفق ورق أشجار الجنان وحلق المصاريع ( 2 ) ، فيسمع لذلك طنين لم يسمع السامعون أحسن منه ،
وتبرزن ( 3 ) الحور العين حتى يقفن بين شرف الجنة ، فينادين : هل من خاطب إلى الله عزوجل فيزوجه ؟ ثم يقلن : يا رضوان ما هذه الليلة ؟ فيجيبهن بالتلبية ، ثم يقول : يا خيرات حسان ! هذه أول ليلة من شهر رمضان ، قد فتحت أبواب
الجنان للصائمين من امة محمد صلى الله عليه وآله . قال : ويقول له عزوجل : يا رضوان ! إفتح ابواب الجنان ، يا مالك ! أغلق أبواب الجحيم عن الصائمين من امة محمد ، يا جبرائيل ! أهبط إلى الأرض فصفد مردة الشياطين ، وعلقهم بأغلال ،
ثم اقذف بهم في لجج البحار حتى لا يفسدوا على امة حبيبي صيامهم . قال : ويقول الله تبارك وتعالى في كل ليلة من شهر رمضان ثلاث مرات : هل من سائل فأعطيه سؤله ؟ هل من تائب فأتوب عليه ؟ هل من مستغفر فأغفر له ؟ من يقرض
الملئ ( 4 ) غير المعدم والوفي غير الظالم ؟ قال : وان لله تعالى في آخر كل يوم من شهر رمضان عن الافطار ألف ألف عتيق من النار ، فإذا كانت ليلة الجمعة ويوم الجمعة ، أعتق في كل ساعة منهما ألف ألف عتيق من النار ، وكلهم قد
استوجبوا العذاب ، فإذا كان في آخر يوم من شهر رمضان أعتق الله في ذلك اليوم بعدد ما أعتق من أول الشهر إلى آخره . فإذا كانت ليلة القدر أمر الله عزوجل جبرئيل عليه السلام ، فهبط في كتيبة من الملائكة إلى الأرض ، ومعه لواء أخضر ،
فيركز اللواء على ظهر الكعبة ، وله ستمأة جناح ، منها جناحان لا ينشرهما إلا في ليلة القدر ، فينشرهما تلك الليلة ، فيتجاوزان المشرق والمغرب ، ويبث جبرئيل الملائكة في هذه الليلة ، فيسلمون على كل قائم وقاعد ، ومصل
1 - نجد البيت : زينه ، تنجد الشئ : ارتفع .
2 - المصاريع جمع مصراع ، والمراد مصراع الباب .
3 - كذا في النسخ ، والقياس : تبرز .
4 - الملئ : الغني والمقتدر ، يعني من يقرض الغني الوفي الذي لا يظلم الناس مثقال ذرة الأرض ولا في السماء . ( * )
- إقبال الأعمال - السيد ابن طاووس الحسني ج 1 ص 25 : -
وذاكر ، ويصافحونهم ويؤمنون على دعائهم حتى يطلع الفجر . فإذا طلع الفجر نادى جبرئيل عليه السلام : يا معشر الملائكة ! الرحيل الرحيل ، فيقولون : يا جبرائيل ! فماذا صنع الله تعالى في حوائج المؤمنين من امة محمد ؟ فيقول : ان الله تعالى
نظر إليهم في هذه الليلة فعفا عنهم وغفر لهم إلا أربعة . قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : وهؤلاء الأربعة : مدمن الخمر ، والعاق لوالديه ، والقاطع الرحم ، والمشاحن ( 1 ) . فإذا كانت ليلة الفطر ، وهي تسمى ليلة الجوائز ، أعطى الله
العاملين أجرهم بغير حساب ، فإذا كانت غداة يوم الفطر بعث الله الملائكة في كل البلاد ، فيهبطون إلى الأرض ويقفون على أفواه السكك ، فيقولون : يا امة محمد أخرجوا إلى رب كريم ، يعطي الجزيل ويغفر العظيم ، فإذا برزوا إلى مصلاهم قال
الله عزوجل للملائكة : ملائكتي ! ما جزاء الأجير إذا عمل عمله ؟ قال : فتقول الملائكة : الهنا وسيدنا جزاؤه أن توفي أجره . قال : فيقول الله عزوجل : فاني أشهدكم ملائكتي أني قد جعلت ثوابهم عن صيامهم شهر رمضان وقيامهم فيه رضاى
ومغفرتي ، ويقول : يا عبادي ! سلوني فوعزتي وجلالي لا تسألوني اليوم في جمعكم لآخرتكم ودنياكم إلا أعطيتكم ، وعزتي لأسترن عليكم عوراتكم ما راقبتموني ، وعزتي لآجرتكم ( 2 ) ولا أفضحكم بين يدي أصحاب الخلود ، إنصرفوا مغفورا
لكم ، قد أرضيتموني ورضيت عنكم . قال : فتفرح ] ( 3 ) الملائكة وتستبشر ويهنئ بعضها بعضا بما يعطي الله هذه الأمة إذا أفطروا ( 4 ) .
ومن ذلك ما رواه محمد بن أبي القاسم الطبري في كتاب بشارة المصطفى لشيعة المرتضى باسناده إلى الحسن بن علي بن فضال ، عن علي بن موسى الرضا ، عن أبيه موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه علي بن
1 - المشاحن : المباغض الممتلئ عداوة .
2 - أجاره الله من العذاب : أنقذه .
3 - الموجود من الحديث في النسخ من هنا إلى آخر الحديث .
4 - رواه المفيد في أماليه : 229 ، عنه المستدرك 7 : 429 ،
أورده الصدوق بسند آخر في فضائل الأشهر الثلاثة : 125 مع اختلاف ، عنه البحار 96 : 339 . ( * )
- إقبال الأعمال - السيد ابن طاووس الحسني ج 1 ص 26 : -
الحسين ، عن أبيه السيد الشهيد الحسين بن علي ، عن أبيه سيد الوصيين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم السلام قال :
ان رسول الله صلى الله عليه وآله خطبنا ذات يوم فقال : ايها الناس ! انه قد أقبل إليكم شهر الله بالبركة والرحمة والمغفرة ،
شهر هو عند الله أفضل الشهور ، وايامه أفضل الايام ، ولياليه أفضل الليالي ، وساعاته أفضل الساعات ، وهو شهر دعيتم فيه الى ضيافة الله ، وجعلتم فيه من أهل كرامة الله ، أنفاسكم فيه تسبيح ، ونومكم فيه عبادة ، وعملكم فيه مقبول ، ودعاؤكم
فيه مستجاب ، فاسألوا الله ربكم بنيات صادقة وقلوب طاهرة ، ان يوفقكم الله لصيامه وتلاوة كتابه ، فان الشقي من حرم غفران الله في هذا الشهر العظيم . اذكروا بجوعكم وعطشكم فيه جوع يوم القيامة وعطشه ، وتصدقوا على فقرائكم
ومساكينكم ، ووقروا كباركم ، وارحموا صغاركم ، وصلوا ارحامكم ، واحفظوا السنتكم ، وغضوا عما لا يحل النظر إليه ابصاركم ، وعما لا يحل الإسمتاع إليه أسماعكم ، وتحننوا على أيتام الناس يتحنن على أيتامكم ، وتوبوا الى الله من ذنوبكم ،
وارفعوا إليه أيديكم بالدعاء في اوقات صلواتكم ، فانها افضل الساعات ، ينظر الله عز وجل فيها بالرحمة الى عباده ،
ويجيبهم إذا ناجوه ، ويلبيهم إذا نادوه ويستجيب لهم إذا دعوه . أيها الناس ! ان انفسكم مرهونه باعمالكم ، ففكوها
باستغفاركم ، وظهوركم ثقيلة من اوزاركم ، فخففوا عنها ( 1 ) بطول سجودكم ، واعلموا ان الله عزوجل ذكره اقسم بعزته ان لا يعذب المصلين والساجدين ، ان لا يروعهم بالنار ، يوم يقوم الناس لرب العالمين . أيها الناس ! من فطر منكم صائما
مؤمنا في هذا الشهر كان له بذلك عند الله عتق رقبة ومغفرة لما مضى من ذنوبه ، فقيل : يا رسول الله وليس كلنا نقدر على ذلك ؟ فقال عليه السلام : اتقوا النار ولو بشق تمرة ، اتقوا النار ولو بشربة من ماء . أيها الناس ! من حسن منكم في هذا
الشهر خلقه كان له جواز على الصراط يوم تزل فيه الاقدام ، ومن خفف منكم في هذا الشهر عما ملكت يمينه خفف الله عليه حسابه ، ومن كف فيه شره كف الله عنه غضبه يوم يلقاه ، ومن اكرم فيه يتيما اكرمه
- إقبال الأعمال - السيد ابن طاووس الحسني ج 1 ص 27 : -
الله يوم يلقاه ، ومن وصل فيه رحمه وصله الله برحمته يوم يلقاه ، ومن قطع فيه رحمه قطع الله عنه رحمته يوم يلقاه ، ومن تطوع فيه بصلاة كتب الله له براءة من النار ، ومن ادى فيه فرضا كان له ثواب من ادى سبعين فريضة فيما سواه من
الشهور ، من اكثر فيه من الصلاة علي ثقل الله ميزانه يوم تخف الموازين ، ومن تلا فيه آية من القرآن كان له مثل اجر من ختم القرآن في غيره من الشهور . أيها الناس ! ان ابواب الجنان في هذا الشهر مفتحة فاسألوا ربكم ان لا يغلقها عليكم ،
وابواب النيران مغلقة فاسألوا ربكم ان لا يفتحها عليكم ، والشياطين مغلولة فاسألوا ربكم الا يسلطها عليكم .
قال امير المؤمنين صلوات الله عليه : فقمت وقلت : يا رسول الله ! ما افضل في هذا الشهر ؟ فقال : يا ابا الحسن ! افضل الاعمال في هذا الشهر الورع عن محارم الله عز وجل ، ثم بكى ، فقلت : يا رسول الله ! ما يبكيك ؟ فقال : يا علي ! لما
يستحل منك في هذا الشهر ، كأني بك وانت تصلي لربك وقد انبعثت اشقى الاولين والآخرين ، شقيق عاقر ناقة ثمود ، فيضربك ضربة على قرنك ( 1 ) تخضب منها ( 2 ) لحيتك . قال امير المؤمنين عليه السلام : فقلت : يا رسول الله !
وذلك في سلامة من ديني ؟ فقال عليه السلام : في سلامة من دينك ، ثم قال : يا علي ! من قتلك فقد قتلني ، ومن ابغضك
فقد ابغضني ، ومن سبك فقد سبني ، لانك مني كنفسي ، روحك من روحي ، وطينتك من طينتي ، ان الله عزوجل خلقني
واياك ، واصطفاني واياك ، اختاروني للنبوة واختارك للامامة ، فمن انكر امامتك فقد انكر نبوتي . يا علي انت وصيي وابو ولدي وزوج ابنتي وخليفتي على امتي في حياتك وبعد موتي ، امرك امري ونهيك نهيي ، اقسم بالذي بعثني بالنبوة وجعلني خير البرية انك حجة الله على خلقه وامينه على سره وخليفته في عباده ( 3 ) .
1 - القرن : الزيادة العظيمة التي تنبت في رؤوس بعض الحيوانات ، وفي الإنسان موضعه من رأسه .
2 - بها ( خ ل ) .
3 - بشارة المصطفى : . . . ، رواه الصدوق في أماليه : 84 ، فضائل الأشهر الثلاثة : 77 ، عيون الأخبار 1 : 295 ،
عنهم الوسائل 10 : 313 ، البحار 96 ، 358 ، اخرجه مختصرا في الكافي 4 : 67 ، التهذيب 3 : 57 و 152 ،
الفقيه 2 : 58 ، أورد صدره مع اختلاف في دعائم الإسلام 1 : 269 ، عنه المستدرك 7 : 437 : و 354 .( * )
- إقبال الأعمال - السيد ابن طاووس الحسني ج 1 ص 28 : -
ومن ذلك ما رواه الشيخ علي بن عبد الواحد بن علي بن جعفر النهدي في الكتاب المشتهر بالمأثور من العمل في الشهور من عمل شهر رمضان ، قال : حدثني عبد الله بن محمد الثعالبي ومحمد بن موسى القزويني ، عن علي بن حاتم ، قال : حدثني
( 1 ) حميد بن زياد قال : حدثنا احمد بن الحسين النخاس ( 2 ) ، عن زكريا المؤمن ، عن عبد الملك بن عتبة ( 3 ) ، عن محمد بن مروان قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : إذا كان أول ليلة من شهر رمضان غفر الله لمن شاء من الخلق ، فإذا
كانت الليلة التي تليها ضاعفهم ، فإذا كانت الليلة التي تليها ضاعف كلما اعتق ، حتى آخر ليلة في شهر رمضان تضاعف مثل ما اعتق في كل ليلة ( 4 ) .
ومن ذلك ما رواه ايضا علي بن عبد الواحد المشار إليه رضوان الله عليه ، عنهما عن علي بن حاتم ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله ، قال : حدثنا علي بن محمد بن ، عن الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : من لم يغفر له في شهر رمضان لم يغفر له الى قابل ، الا ان يشهد عرفة . ( 5 )
فصل ( 2 ) في تعظيم التلفظ بشهر رمضان
رأيت ورويت من ( 6 ) كتاب الجعفريات ، وهي الف حديث باسناد واحد عظيم
1 - حدثنا ( خ ل ) .
2 - في الاصل : احمد بن الحسن ، ما أثبتناه هو الصحيح ، راجع معجم الرجال 2 : 100 .
3 - عنبسة ( خ ل ) .
4 - رواه مع اختلاف في الكافي 4 : 68 ، والصدوق في الفقيه 2 : 98 ، الامالي : 56 ، ثواب الأعمال : 92 ،
فضائل الأشهر الثلاثة : 74 ، والشيخ في التهذيب 4 : 153 ، وفي اماليه 2 : 111 ، عنهم الوسائل 10 : 310 .
5 - رواه الصدوق في الفقيه 2 : 99 ، والكليني في الكافي 4 : 66 ، والشيخ في التهذيب 4 : 192 ، عنهم الوسائل 10 : 305 ،
أورده في دعائم الاسلام 1 : 269 ، عنه البحار 96 ، المستدرك 7 ، 437 ، رواه في البحار 96 : 375 عن امالي الشيخ .
6 - في ( خ ل ) . ( * )
- إقبال الأعمال - السيد ابن طاووس الحسني ج 1 ص 29 : -
الشأن ، الى مولانا موسى بن جعفر عليهما السلام ، عن مولانا جعفر بن محمد ، عن مولانا محمد بن علي ، عن مولانا علي بن الحسين ، عن مولانا الحسين ، عن مولانا علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم اجمعين قال : لا تقولوا رمضان ، فانكم
لا تدرون ما رمضان ، فمن قاله فليتصدق وليصم كفارة لقوله ، ولكن قولوا كما ( 1 ) قال الله تعالى : شهر رمضان . ( 2 ) وهذا الحديث وقف فيه الاسناد في الاصل عن مولانا صلوات الله عليه ، وقد روينا في غير هذا [ الكتاب ] ( 3 ) ان كلما روي عن مولانا علي فهو عن رسول الله صلى الله عليه وآله .
1 - قولوا شهر رمضان كما قال الله تعالى : شهر رمضان ( خ ل ) .
2 - الجعفريات 59 ، عنه المستدرك 7 ، 438 ، رواه الكليني في الكافي 4 : 69 ، الصدوق في الفقيه 2 : 173 ،
معاني الأخبار : 315 ، فضائل الأشهر الثلاثة : 93 ، عنهم البحار 96 : 377 ، الوسائل 10 : 319 ،
ذكره مع اختلاف في بصائر الدرجات : 331 ، عنه المستدرك 7 : 438 ، رواه الرواندي في نوادره : 47 ، عنه البحار 96 : 377 .
3 - هو الظاهر . ( * )
source : دار العرفان