الدعاء عند رؤية هلال شهر رمضان(*)
اعلم أنّ من آداب الوقوف لرؤية هلال شهر رمضان أنّك تقصد بذلك العبادة لله تعالى , وامتثال أمره الشريف في بيان أوّل وقت هذه الخدمة العظيمة الشأن ، وأن تستعين به (جلّ جلاله) في الهداية إلى مطالعه , والدلالة على فوائد ذلك ومنافعه .
فإذا نظرته فقل ما رواه محمّد بن الحنفيّة ، عن مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السّلام) قال : (( كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله) إذا استهل هلال شهر رمضان استقبل القبلة بوجهه , وقال : اللهمَّ أهله علينا بالأمن والإيمان ، والسلامة والإسلام ، والعافية المجللة(1) , ودفع(2) الأسقام ، والرزق الواسع ، والعون على الصلاة والصيام والقيام , وتلاوة القرآن . اللهمَّ سلّمنا لشهر رمضان ، وتسلّمه منّا وسلّمنا فيه ، حتّى ينقضي عنّا شهر رمضان وقد عفوت عنّا , وغفرت لنا ورحمتنا ))(3) .
وروي عن مولانا الإمام موسى بن جعفر الكاظم ، عن أبيه ، عن جدّه (عليهم السّلام) أنه قال : (( مرّ علي بن الحسين (عليهما السّلام) في طريقه يوماً فنظر إلى هلال شهر رمضان , فوقف فقال : أيّها الخلق المطيع , الدائب السريع ، المتردد في منازل التقدير ، المتصرف في فلك التدبير , آمنت بمن نوّر بك الظلم ، وأوضح بك البهم ، وجعلك آية من آيات ملكه ، وعلامة من علامات سلطانه ؛ فحدَّ بك الزمان ، وامتهنك بالكمال والنقصان ، والطلوع والاُفول ، والإنارة والكسوف ، في كلِّ ذلك أنت له مطيع , وإلى إرادته سريع .
سبحانه ما أعجب ما دبّر في أمرك ، وألطف ما صنع في شأنك ! جعلك مفتاح شهر حادث لأمر حادث ، فاسأل الله ربي وربّك ، وخالقي وخالقك ، ومقدّري ومقدّرك ، ومصوّري ومصوّرك ، أن يصلّي على محمّد وآل محمّد , وأن يجعلك هلال بركة لا تمحقها الأيام ، وطهارة لا تدنسها الآثام . هلالُ أمنٍ من الآفات ، وسلامةٍ من السيئات . هلالُ سعدٍ لا نحس فيه ، ويُمنٍ لا نكد فيه ، ويُسرٍ لا يمازجه عسر ، وخيرٍ لا يشوبه شر . هلالُ أمنٍ وإيمان , ونعمةٍ وإحسان , وسلامةٍ وإسلام .
اللهمَّ صلِّ على محمّد وآل محمّد , واجعلنا من أرضى مَن طلع عليه ، وأزكى مَن نظر إليه ، وأسعد من تعبّد لك فيه ، ووفّقنا فيه للطاعة والتوبة ، واعصمنا فيه من الآثام والحوبة , وأوزعنا فيه شكر النعمة ، وألبسنا فيه جنن العافية ، وأتمم علينا باستكمال طاعتك فيه المنّة ، إنك أنت المنّان الحميد ، وصلّى الله على محمّد وآله الطيبين .
واجعل لنا فيه عوناً منك على ما ندبتنا إليه من مفترض طاعتك ، وتقبّلها إنّك الأكرم من كلِّ كريم ، والأرحم من كلِّ رحيم ، آمين آمين رب العالمين ))(4) .
وروي عن أبي عبد الله الصادق (عليه السّلام) أنّه قال : (( إذا رأيت الهلال فقل : اللهمَّ قد حضر شهر رمضان ، وقد افترضت علينا صيامه , وأنزلت فيه القرآن هدى للناس وبيّنات من الهدى والفرقان . اللهمَّ أعنّا على صيامه , وتقبله منّا ، وسلّمنا فيه , وسلّمنا منه , وسلّمه لنا(5) في يسر وعافية ، إنّك على كلِّ شيء قدير ، يا رحمن يا رحيم ))(6) .
وروي أيضاً عن أبي عبد الله الصادق (عليه السّلام) أنّه قال : (( كان علي (عليه السّلام) إذا كان بالكوفة يخرج والناس معه يتراءى هلال شهر رمضان ، فإذا رآه قال : اللهمَّ أهله علينا بالأمن والإيمان ، والسلامة والإسلام ، وصحة من السقم ، وفراغ لطاعتك من الشغل ، واكفنا بالقليل من النوم ))(7) .
وروي عن أبي الحسن الأوّل (عليه السّلام) أنّه قال : (( إذا رأيت الهلال فقل : اللهمَّ قد حضر شهر رمضان ، وقد افترضت علينا صيامه وقيامه ، فأعنّا على صيامه وقيامه ، وتقبله منّا ، وسلّمنا فيه , وسلّمه لنا في يسر منك وعافية ، إنّك على كلِّ شيء قدير ، يا أرحم الراحمين ))(8) .
وروي عن أمير المؤمنين (عليه السّلام) أنّه قال : (( إذا رأيت الهلال فلا تبرح , وقل : اللهمَّ إني أسألك خير هذا الشهر وفتحه ، ونوره ونصره ، وبركته وطهوره ورزقه . اللهمَّ إني أسألك خير ما فيه وخير ما بعده ، وأعوذ بك من شرِّ ما فيه وشرِّ ما بعده . اللهمَّ أدخله علينا بالأمن والإيمان ، والسلامة والإسلام ، والبركة والتقوى ، والتوفيق لما تحب وترضى ))(9) .
وروي عن أبي عبد الله الصادق (عليه السّلام) أنّه قال : (( إذا رأيت هلال شهر رمضان فلا تشر إليه ، ولكن استقبل القبلة وارفع يديك إلى الله (عزّ وجل) , وخاطب الهلال تقول : ربي وربك الله ربّ العالمين . اللهمَّ أهله علينا بالأمن والإيمان ، والسلامة والإسلام ، والمسارعة إلى ما تحب وترضى . اللهمَّ بارك لنا في شهرنا هذا , وارزقنا خيره وعونه ، واصرف عنّا ضرّه وشرّه , وبلاءه وفتنته ))(10) .
ـــــــــــــــ
(*) تجدر الإشارة إلى أنّ هذا المقال مقتبس من كتاب إقبال الأعمال ـ للسيد ابن طاووس , مع مراجعة وضبط النص (موقع معهد الإمامين الحسنين) .
1 ـ سحاب مجلل : أي يجلل الأرض بالمطر , أي يعم . ويمكن أن يكون على صيغة المفعول , يعني العافية التي جلّلت علينا ، وجُلعت كالمجل شاملة للناس .
2 ـ في الأصل : دفاع ، وما أثبتناه من الفقيه والكافي .
3 ـ المستدرك 7 / 440 ، رواه مع اختلاف في الكافي 4 / 70 ، الفقيه 2 / 100 ، التهذيب 4 / 196 ، أمالي الصدوق / 48 ، ثواب الأعمال / 88 ، عنهم الوسائل 10 / 321 ، البحار 96 / 360 .
4 ـ رواه الشيخ في مصباحه / 541 ، الأمالي 2 / 109 ، عنه البحار 95 / 344 و 96 / 379 ، أخرجه الكفعمي في بلد الأمين / 478 ، وفي مصباحه / 561 ، والأربلي في كشف الغمة 2 / 93 ، وفي الصحيفة السجادية الجامعة ، الدعاء 43 ، ورواه عن المصادر البحار 58 / 178 ، المستدرك 7 / 441 .
5 ـ سلّمه لنا : هي أن لا يغم الهلال في أوّله أو آخره فيلتبس علينا الصوم والفطر .
6 ـ عنه المستدرك 7 / 440 ، ورواه الكليني في الكافي 4 / 74 ، وأورده العياشي في تفسيره 1 / 80 مع اختلاف ،
وعنه البحار 96 / 383 .
7 ـ عن المستدرك 7 / 442 ، ورواه مع اختلاف في الكافي 4 / 74 .
8 ـ عنه المستدرك 7 / 442 .
9 ـ الفقيه 2 / 100 ، التهذيب 4 / 197 ، الكافي 4 / 76 ، مصباح المتهجّد / 541 ، مصباح الكفعمي / 561 ، وأخرجه عن بعض المصادر الوسائل 10 / 323 .
10 ـ الفقيه 2 / 100 , وعنه البحار 96 / 383
source : alhassanain