فى سماع الاذان
قال أبو حامد: اذا سمعت نداء المؤذن فاحضر في قلبك هول النداء يوم القيامة، و تشمر بظاهرك و باطنك للاجابة و المسارعة، فان المسارعين إلى هذا النداء هم الذين ينادون باللطف يوم العرض الأكبر، فأعرض قلبك على هذا
الأخلاق ص : 31
النداء، فان وجدته مملوءا بالفرح و الاستبشار مشحونا بالرغبة إلى الابتدار فاعلم انه يأتيك النداء بالبشرى و الفوز يوم القضاء، و لذلكقال (ص):«أرحنا يا بلال»
أي ارحنا بها و بالنداء إليها إذ كانت قرة عينه فيها - انتهى.
و قال الشهيد الثاني (ره): و اعتبر بفصول الأذان و كلماته كيف افتتحت باللّه و اختتمت باللّه، و اعتبر بذلك، ان اللّه جل جلاله هو الأول و الآخر و الظاهر و الباطن، و وطن قلبك بتعظيمه و تكبيره عند سماع التكبير، و استحقر الدنيا و ما فيها لئلا تكون كاذبا في تكبيرك، و انف عن خاطرك كل معبود سواء بسماع التهليل، و أحضر النبي (ص) و تأدب بين يديه، و أشهد له بالرسالة مخلصا، و صل عليه و آله، و حرك نفسك واسع بقلبك و قالبك عند الدعاء إلى الصلاة، و ما يوجب الفلاح، و ما هو خير الأعمال و أفضلها، و جدد عهدك بعد ذلك بتكبير اللّه و تعظيمه، و اختمه بذكره كما افتتحت به، و اجعل مبدئك منه و عودك إليه و قوامك به، و اعتمادك على حوله و قوته، فإنه لا حول و لا قوة الا باللّه العلي العظيم.
الفصل العاشر فى الوقت
قال الشهيد الثاني: استحضر عند دخوله انه ميقات جعله اللّه لك، لتقوم فيه بخدمته، و تتأهل للسؤال في حضرته و الفوز بطاعته، و ليظهر على قلبك السرور و على وجهك البهجة عند دخوله، لكونه سببا لقربك و وسيلة الى فوزك، و استعد له بالطهارة و النظافة و لبس الثياب الصالحة للمناجاة، كما تتأهب عند القدوم على ملك من ملوك الدنيا، و تلقاه بالوقار و السكينة
الأخلاق ص : 32
و الخوف و الرجاء، و استحضر عظمة اللّه و جلاله، و نقصان قدرك و كماله.
و قد روي ان بعض أزواج النبي (ص) قالت:كان رسول اللّه (ص) يحدثنا و نحدثه فإذا حضرت الصلاة فكأنه لم يعرفنا و لم نعرفه شغلا باللّه عن كل شيء.
و كان علي (ع) اذا حضر وقت الصلاة يتململ و يتزلزل، فيقال له: مالك يا أمير المؤمنين؟ فيقول: جاء وقت أمانة عرضها اللّه على السموات و الأرض و الجبال فأبين أن يحملنها و أشفقن منها.
و كان علي بن الحسين عليه السلام إذا حضر الوضوء اصفر لونه.
source : دار العرفان