تعليم الشباب وتربيتهم
إنّ مسؤولية الآباء والأمّهات وغيرهم من المربّين كالمعلّمين والأساتذة وكل من يتعامل بشكل أو آخر مع شريحة الشباب والأحداث أشد وأصعب بكثير من المسؤولية المراحل السابقة بحيث اذا غفل هؤلاء المربون واجباتهم فسوف يتهدّم بنيان الشاب تحت عواصف الشهوة والفساد.
ومن أروع وأفضل الناس أسوة ومثلًا للمربّين في هذه المرحلة هو الامام أميرالمؤمنين علي عليه السلام فانه عرض أروع الصور التربوية وأصبح أساليب التعامل في رسالته إلى ولده الامام الحسن عليه السلام، فبدأ مشروعه التربوي بتأسيس العواطف والمشاعر الدينية عند ولده إذ قال:
«وأنْ أَبْتَدِئَكَ بِتَعلِيم كِتَابِ اللَّهِ عَزَّوَجَلَّ وَتَأوِيلِهِ وَشَرَايِعِ الإِسْلَامِ وَأَحْكَامِهِ وَحَلَالِهِ وَحَرَامِهِ» «1».
. فإذاً يبنغي للمربين أن يبدءوا بتعليم القرآن الكريم للشباب والاحداث، هذا الكتاب الذي حوى برنامجاً كاملًا للحياة وتضمّن في ثناياه أحسن القوانين ثم يهمّوا بتعليمهم أحكام الشريعة الغراء بحلالها وحرامها فهي الأحكام الالهية التي هي أنفع المعارف للانسان ولكن يجب أن لا يعتمد هذا المنهج التعليمي العنف
والتهديد والخشونة، وينبغي أن لا تكون حلقات التعليم طويلة ومملّة لأن هذا النوع من التعامل يضر بعواطف الشباب ومشاعرهم ولا سامح اللَّه يجعلهم يكرهون الدين والمتدينين فيلجؤوا إلى ذئاب يتظاهرون بالحب والصداقة والرأفة وبالتالي يخسر هذاالانسان انسانيته بفعل هؤلاء الذئاب بل وقد يتحول هو
نفسه إلى ذئب يصيد الآخرين بمظهره الخلاب.
إذاً عند ما يكون التعليم مستنداً إلى الخلق الحسن والوجه البشوش واللسان الطيب وجاذبية عاطفية عالية فسوف تختلط التعاليم بلحم الشاب ودمه وتجعل منه انساناً مؤدباً يتصف بالوقار والرزانة في شخصيته فيصبح نبعاً صافياً للكمال والقيم الانسانية.
قال الامام الصادق عليه السلام في هذا المجال:
«مَنْ قَرَأَ القُرآنَ وَهُوَ شَابٌّ مُؤمِنٌ اختَلَطَ القُرآنُ بِلَحْمِهِ وَدَمِهِ» «2».
__________________________________________________
(1)- نهج البلاغة: 394، نامه 31؛ بحار الأنوار: 74/ 203، باب 8، حديث 1.
(2)- الكافى: 2/ 603، باب فضل حامل القرآن، حديث 4؛ وسائل الشيعة: 6/ 177، باب 6، حديث 7670؛ بحار الأنوار: 89/ 187، باب 20، حديث 9.
وقال عليه السلام في رواية أخرى:
«... وَيَتَعَلَّمُ الكِتَابَ سَبْعَ سِنِيْنَ وَيَتَعَلَّمُ الْحَلَالَ وَالْحَرَامَ سَبْعَ سِنِيْنَ» «1».
فالامام الصادق عليه السلام يحذر من الضغط على الشباب في تعليم القرآن والحلال والحرام والاقتصار على فترة زمنية مكثّفة من أجل تعليمهم هذه المعارف.
نظام العشرة فى المنظور الاسلامى، للعلامة انصاریان ص: 281
source : دار العرفان