الانحرافات الفكرية

الانحرافات الفكرية

إنّ أسوأ الانحرافات هي الانحرافات الفكرية التي تجعل الانسان لا يفرّق بين المعروف والمنكر بشكل صائب، بل أكثر من ذلك فانه بأول أمره الى أن يرى الباطل حقاً والحق باطلًا.
الرواية التالية تشير إلى الانحرافات الفكرية وعدم القدرة على‌ تمييز الحقائق:
 «كَيْفَ بِكُمْ إذَا فَسَدَتْ نِسَاؤُكُمْ، وَفَسَقَ شَبَابُكُمْ وَلَمْ تَأمُرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَلَمْ تَنْهَوا عَنِ المُنْكَرِ؟ فَقِيلَ لَهُ: وَيَكُونُ ذَلِكَ يَا رَسُول اللَّهِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ وَشَرٌّ مِن ذَلِكَ، كَيْفَ بِكُم إذَا أمَرْتُمْ بِالمُنْكَرِ وَنَهَيْتُمْ عَنِ المَعرُوفِ؟ فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسولَ اللَّهِ وَيَكُونُ ذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ وَشَرٌّ مِنْ ذَلِكَ، كَيْفَ بِكُمْ إذَا رَأيْتُمُ المَعْرُوفَ مُنكَراً وَالمُنْكَرَ مَعْرُوفاً؟!» «1».
إن الفقرة الأخيرة في الرواية تومؤ إلى‌ هذه الحقيقة بأنه سيأتي على الناس يوم تتحول فيه قوة التمييز عندهم فلا يميزوا آنذاك بين المعروف والمنكر وذلك لكثرة الذنوب وانتشار السيئات وتلوث الناس بها وبالرذائل الأخلاقية فتحتلّ موقع الفضائل الاخلاقية في سلوكياتهم.
للأسف، في كثير من العوائل تتوافر أجواء تحثّ على الانحراف والانحطاط فهي عديمة الرقابة والترشيد الصيحيح.
فما يتلقاه الأولاد ولاسيّما الأحداث منهم عن طريق المشاهدة
__________________________________________________
 (1)- الكافى: 5/ 59، باب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، حديث 14؛ وسائل الشيعة: 16/ 122؛ بحار الأنوار: 97/ 91، باب 1، حديث 82.

والاستماع، ينعكس يقيناً على‌ سلوكهم فكثيراً ما تعتمد سيناريوهات الأفلام وبرامج الفضائيات على الحب والمغازلة أو المطاردات فتكوّن خلفية للانحراف عند الشباب فتياناً وفتيات فتؤدي الى انهيار شخصيتهم وتُذهب عنهم العقل والفكر وتذهلهم فيضلوا الطريق.
واذا أردنا أن نعرف مدى تأثير هذه امكانيات والأجهزة على‌ فكر الانسان وشخصيته يكفي بنا أن نتابع سلوك الأطفال الذين يشاهدون لمرات أفلاماً يسودها العنف والصدام فسنجد أنهم يقلدون في الغالب- وعند أوقات الفراغ- حركات وأفعال أبطال تلك الأفلام ومن هنا يسمّون أنفسهم بأسماء اولئك الأبطال فتراهم في الشارع والبيت والمدرسة يتضاربون باليد والرجل ويلكم بعضهم البعض على‌ رأسه ووجهه بل وفي بعض الأحيان يشتدّ الأمر فينتهي بهم إلى‌ نتائج لا تحمد عقباها.

نظام العشرة فی المنظور الاسلامی للعلامة انصاریان ص277