11- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَا قَسَمَ اللَّهُ لِلْعِبَادِ شَيْئاً أَفْضَلَ مِنَ الْعَقْلِ فَنَوْمُ الْعَاقِلِ
الكافي ج : 1 ص : 13
أَفْضَلُ مِنْ سَهَرِ الْجَاهِلِ وَ إِقَامَةُ الْعَاقِلِ أَفْضَلُ مِنْ شُخُوصِ الْجَاهِلِ وَ لَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيّاً وَ لَا رَسُولًا حَتَّى يَسْتَكْمِلَ الْعَقْلَ وَ يَكُونَ عَقْلُهُ أَفْضَلَ مِنْ جَمِيعِ عُقُولِ أُمَّتِهِ وَ مَا يُضْمِرُ النَّبِيُّ ص فِي نَفْسِهِ أَفْضَلُ مِنِ اجْتِهَادِ الْمُجْتَهِدِينَ وَ مَا أَدَّى الْعَبْدُ فَرَائِضَ اللَّهِ حَتَّى عَقَلَ عَنْهُ وَ لَا بَلَغَ جَمِيعُ الْعَابِدِينَ فِي فَضْلِ عِبَادَتِهِمْ مَا بَلَغَ الْعَاقِلُ وَ الْعُقَلَاءُ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَ مَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ
12- أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا رَفَعَهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ قَالَ لِي أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع يَا هِشَامُ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى بَشَّرَ أَهْلَ الْعَقْلِ وَ الْفَهْمِ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللَّهُ وَ أُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ يَا هِشَامُ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَكْمَلَ لِلنَّاسِ الْحُجَجَ بِالْعُقُولِ وَ نَصَرَ النَّبِيِّينَ بِالْبَيَانِ وَ دَلَّهُمْ عَلَى رُبُوبِيَّتِهِ بِالْأَدِلَّةِ فَقَالَ وَ إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ. إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَ النَّهارِ وَ الْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ وَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَ بَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَ تَصْرِيفِ الرِّياحِ وَ السَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ يَا هِشَامُ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى مَعْرِفَتِهِ بِأَنَّ لَهُمْ مُدَبِّراً فَقَالَ وَ سَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ وَ النُّجُومُ مُسَخَّراتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ وَ قَالَ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً وَ مِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَ لِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى وَ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وَ قَالَ إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَ النَّهَارِ وَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَ تَصْرِيفِ الرِّيَاحِ
الكافي ج : 1 ص : 14
وَ السَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ لآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ وَ قَالَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وَ قَالَ وَ جَنَّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ وَ زَرْعٌ وَ نَخِيلٌ صِنْوانٌ وَ غَيْرُ صِنْوانٍ يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ وَ نُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ وَ قَالَ وَ مِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَ طَمَعاً وَ يُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ وَ قَالَ قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَ لا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَ إِيَّاهُمْ وَ لا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَ ما بَطَنَ وَ لا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وَ قَالَ هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ تَخافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ يَا هِشَامُ ثُمَّ وَعَظَ أَهْلَ الْعَقْلِ وَ رَغَّبَهُمْ فِي الْآخِرَةِ فَقَالَ وَ مَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَعِبٌ وَ لَهْوٌ وَ لَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَ فَلا تَعْقِلُونَ يَا هِشَامُ ثُمَّ خَوَّفَ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ عِقَابَهُ فَقَالَ تَعَالَى ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ. وَ إِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ. وَ بِاللَّيْلِ أَ فَلا تَعْقِلُونَ. وَ قَالَ إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلى أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ وَ لَقَدْ تَرَكْنا مِنْها آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ يَا هِشَامُ إِنَّ الْعَقْلَ مَعَ الْعِلْمِ فَقَالَ وَ تِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وَ ما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ يَا هِشَامُ ثُمَّ ذَمَّ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ فَقَالَ وَ إِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَ وَ لَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَ لا يَهْتَدُونَ وَ قَالَ وَ مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعاءً وَ نِداءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ
الكافي ج : 1 ص : 15
وَ قَالَ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ أَ فَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَ لَوْ كانُوا لا يَعْقِلُونَ وَ قَالَ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا وَ قَالَ لا يُقاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلَّا فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَراءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَ قُلُوبُهُمْ شَتَّى ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ وَ قَالَ وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَ أَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أَ فَلا تَعْقِلُونَ يَا هِشَامُ ثُمَّ ذَمَّ اللَّهُ الْكَثْرَةَ فَقَالَ وَ إِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَ قَالَ وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ وَ قَالَ وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِها لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ يَا هِشَامُ ثُمَّ مَدَحَ الْقِلَّةَ فَقَالَ وَ قَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ وَ قَالَ وَ قَلِيلٌ ما هُمْ وَ قَالَ وَ قالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ أَ تَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَ قَالَ وَ مَنْ آمَنَ وَ ما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ وَ قَالَ وَ لكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ وَ قَالَ وَ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ وَ قَالَ وَ أَكْثَرُهُمْ لَا يَشْعُرُونَ يَا هِشَامُ ثُمَّ ذَكَرَ أُولِي الْأَلْبَابِ بِأَحْسَنِ الذِّكْرِ وَ حَلَّاهُمْ بِأَحْسَنِ الْحِلْيَةِ فَقَالَ يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَ مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَ ما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ وَ قَالَ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَ ما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ وَ قَالَ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ
الكافي ج : 1 ص : 16
وَ اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَ النَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ وَ قَالَ أَ فَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ وَ قَالَ أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَ قائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَ يَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ وَ قَالَ كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَ لِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ وَ قَالَ وَ لَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْهُدى وَ أَوْرَثْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ هُدىً وَ ذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ وَ قَالَ وَ ذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ يَا هِشَامُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ يَعْنِي عَقْلٌ وَ قَالَ وَ لَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ قَالَ الْفَهْمَ وَ الْعَقْلَ يَا هِشَامُ إِنَّ لُقْمَانَ قَالَ لِابْنِهِ تَوَاضَعْ لِلْحَقِّ تَكُنْ أَعْقَلَ النَّاسِ وَ إِنَّ الْكَيِّسَ لَدَى الْحَقِّ يَسِيرٌ يَا بُنَيَّ إِنَّ الدُّنْيَا بَحْرٌ عَمِيقٌ قَدْ غَرِقَ فِيهَا عَالَمٌ كَثِيرٌ فَلْتَكُنْ سَفِينَتُكَ فِيهَا تَقْوَى اللَّهِ وَ حَشْوُهَا الْإِيمَانَ وَ شِرَاعُهَا التَّوَكُّلَ وَ قَيِّمُهَا الْعَقْلَ وَ دَلِيلُهَا الْعِلْمَ وَ سُكَّانُهَا الصَّبْرَ يَا هِشَامُ إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ دَلِيلًا وَ دَلِيلُ الْعَقْلِ التَّفَكُّرُ وَ دَلِيلُ التَّفَكُّرِ الصَّمْتُ وَ لِكُلِّ شَيْءٍ مَطِيَّةً وَ مَطِيَّةُ الْعَقْلِ التَّوَاضُعُ وَ كَفَى بِكَ جَهْلًا أَنْ تَرْكَبَ مَا نُهِيْتَ عَنْهُ يَا هِشَامُ مَا بَعَثَ اللَّهُ أَنْبِيَاءَهُ وَ رُسُلَهُ إِلَى عِبَادِهِ إِلَّا لِيَعْقِلُوا عَنِ اللَّهِ فَأَحْسَنُهُمُ اسْتِجَابَةً أَحْسَنُهُمْ مَعْرِفَةً وَ أَعْلَمُهُمْ بِأَمْرِ اللَّهِ أَحْسَنُهُمْ عَقْلًا وَ أَكْمَلُهُمْ عَقْلًا أَرْفَعُهُمْ دَرَجَةً فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ يَا هِشَامُ إِنَّ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حُجَّتَيْنِ حُجَّةً ظَاهِرَةً وَ حُجَّةً بَاطِنَةً فَأَمَّا الظَّاهِرَةُ فَالرُّسُلُ وَ الْأَنْبِيَاءُ وَ الْأَئِمَّةُ ع وَ أَمَّا الْبَاطِنَةُ فَالْعُقُولُ يَا هِشَامُ إِنَّ الْعَاقِلَ الَّذِي لَا يَشْغَلُ الْحَلَالُ شُكْرَهُ وَ لَا يَغْلِبُ الْحَرَامُ صَبْرَهُ
11- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَا قَسَمَ اللَّهُ لِلْعِبَادِ شَيْئاً أَفْضَلَ مِنَ الْعَقْلِ فَنَوْمُ الْعَاقِلِ
الكافي ج : 1 ص : 13
أَفْضَلُ مِنْ سَهَرِ الْجَاهِلِ وَ إِقَامَةُ الْعَاقِلِ أَفْضَلُ مِنْ شُخُوصِ الْجَاهِلِ وَ لَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيّاً وَ لَا رَسُولًا حَتَّى يَسْتَكْمِلَ الْعَقْلَ وَ يَكُونَ عَقْلُهُ أَفْضَلَ مِنْ جَمِيعِ عُقُولِ أُمَّتِهِ وَ مَا يُضْمِرُ النَّبِيُّ ص فِي نَفْسِهِ أَفْضَلُ مِنِ اجْتِهَادِ الْمُجْتَهِدِينَ وَ مَا أَدَّى الْعَبْدُ فَرَائِضَ اللَّهِ حَتَّى عَقَلَ عَنْهُ وَ لَا بَلَغَ جَمِيعُ الْعَابِدِينَ فِي فَضْلِ عِبَادَتِهِمْ مَا بَلَغَ الْعَاقِلُ وَ الْعُقَلَاءُ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَ مَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ
12- أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا رَفَعَهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ قَالَ لِي أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع يَا هِشَامُ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى بَشَّرَ أَهْلَ الْعَقْلِ وَ الْفَهْمِ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللَّهُ وَ أُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ يَا هِشَامُ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَكْمَلَ لِلنَّاسِ الْحُجَجَ بِالْعُقُولِ وَ نَصَرَ النَّبِيِّينَ بِالْبَيَانِ وَ دَلَّهُمْ عَلَى رُبُوبِيَّتِهِ بِالْأَدِلَّةِ فَقَالَ وَ إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ. إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَ النَّهارِ وَ الْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ وَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَ بَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَ تَصْرِيفِ الرِّياحِ وَ السَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ يَا هِشَامُ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى مَعْرِفَتِهِ بِأَنَّ لَهُمْ مُدَبِّراً فَقَالَ وَ سَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ وَ النُّجُومُ مُسَخَّراتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ وَ قَالَ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً وَ مِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَ لِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى وَ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وَ قَالَ إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَ النَّهَارِ وَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَ تَصْرِيفِ الرِّيَاحِ
الكافي ج : 1 ص : 14
وَ السَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ لآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ وَ قَالَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وَ قَالَ وَ جَنَّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ وَ زَرْعٌ وَ نَخِيلٌ صِنْوانٌ وَ غَيْرُ صِنْوانٍ يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ وَ نُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ وَ قَالَ وَ مِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَ طَمَعاً وَ يُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ وَ قَالَ قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَ لا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَ إِيَّاهُمْ وَ لا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَ ما بَطَنَ وَ لا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وَ قَالَ هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ تَخافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ يَا هِشَامُ ثُمَّ وَعَظَ أَهْلَ الْعَقْلِ وَ رَغَّبَهُمْ فِي الْآخِرَةِ فَقَالَ وَ مَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَعِبٌ وَ لَهْوٌ وَ لَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَ فَلا تَعْقِلُونَ يَا هِشَامُ ثُمَّ خَوَّفَ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ عِقَابَهُ فَقَالَ تَعَالَى ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ. وَ إِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ. وَ بِاللَّيْلِ أَ فَلا تَعْقِلُونَ. وَ قَالَ إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلى أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ وَ لَقَدْ تَرَكْنا مِنْها آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ يَا هِشَامُ إِنَّ الْعَقْلَ مَعَ الْعِلْمِ فَقَالَ وَ تِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وَ ما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ يَا هِشَامُ ثُمَّ ذَمَّ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ فَقَالَ وَ إِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَ وَ لَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَ لا يَهْتَدُونَ وَ قَالَ وَ مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعاءً وَ نِداءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ
الكافي ج : 1 ص : 15
وَ قَالَ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ أَ فَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَ لَوْ كانُوا لا يَعْقِلُونَ وَ قَالَ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا وَ قَالَ لا يُقاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلَّا فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَراءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَ قُلُوبُهُمْ شَتَّى ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ وَ قَالَ وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَ أَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أَ فَلا تَعْقِلُونَ يَا هِشَامُ ثُمَّ ذَمَّ اللَّهُ الْكَثْرَةَ فَقَالَ وَ إِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَ قَالَ وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ وَ قَالَ وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِها لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ يَا هِشَامُ ثُمَّ مَدَحَ الْقِلَّةَ فَقَالَ وَ قَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ وَ قَالَ وَ قَلِيلٌ ما هُمْ وَ قَالَ وَ قالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ أَ تَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَ قَالَ وَ مَنْ آمَنَ وَ ما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ وَ قَالَ وَ لكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ وَ قَالَ وَ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ وَ قَالَ وَ أَكْثَرُهُمْ لَا يَشْعُرُونَ يَا هِشَامُ ثُمَّ ذَكَرَ أُولِي الْأَلْبَابِ بِأَحْسَنِ الذِّكْرِ وَ حَلَّاهُمْ بِأَحْسَنِ الْحِلْيَةِ فَقَالَ يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَ مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَ ما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ وَ قَالَ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَ ما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ وَ قَالَ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ
الكافي ج : 1 ص : 16
وَ اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَ النَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ وَ قَالَ أَ فَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ وَ قَالَ أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَ قائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَ يَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ وَ قَالَ كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَ لِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ وَ قَالَ وَ لَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْهُدى وَ أَوْرَثْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ هُدىً وَ ذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ وَ قَالَ وَ ذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ يَا هِشَامُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ يَعْنِي عَقْلٌ وَ قَالَ وَ لَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ قَالَ الْفَهْمَ وَ الْعَقْلَ يَا هِشَامُ إِنَّ لُقْمَانَ قَالَ لِابْنِهِ تَوَاضَعْ لِلْحَقِّ تَكُنْ أَعْقَلَ النَّاسِ وَ إِنَّ الْكَيِّسَ لَدَى الْحَقِّ يَسِيرٌ يَا بُنَيَّ إِنَّ الدُّنْيَا بَحْرٌ عَمِيقٌ قَدْ غَرِقَ فِيهَا عَالَمٌ كَثِيرٌ فَلْتَكُنْ سَفِينَتُكَ فِيهَا تَقْوَى اللَّهِ وَ حَشْوُهَا الْإِيمَانَ وَ شِرَاعُهَا التَّوَكُّلَ وَ قَيِّمُهَا الْعَقْلَ وَ دَلِيلُهَا الْعِلْمَ وَ سُكَّانُهَا الصَّبْرَ يَا هِشَامُ إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ دَلِيلًا وَ دَلِيلُ الْعَقْلِ التَّفَكُّرُ وَ دَلِيلُ التَّفَكُّرِ الصَّمْتُ وَ لِكُلِّ شَيْءٍ مَطِيَّةً وَ مَطِيَّةُ الْعَقْلِ التَّوَاضُعُ وَ كَفَى بِكَ جَهْلًا أَنْ تَرْكَبَ مَا نُهِيْتَ عَنْهُ يَا هِشَامُ مَا بَعَثَ اللَّهُ أَنْبِيَاءَهُ وَ رُسُلَهُ إِلَى عِبَادِهِ إِلَّا لِيَعْقِلُوا عَنِ اللَّهِ فَأَحْسَنُهُمُ اسْتِجَابَةً أَحْسَنُهُمْ مَعْرِفَةً وَ أَعْلَمُهُمْ بِأَمْرِ اللَّهِ أَحْسَنُهُمْ عَقْلًا وَ أَكْمَلُهُمْ عَقْلًا أَرْفَعُهُمْ دَرَجَةً فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ يَا هِشَامُ إِنَّ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حُجَّتَيْنِ حُجَّةً ظَاهِرَةً وَ حُجَّةً بَاطِنَةً فَأَمَّا الظَّاهِرَةُ فَالرُّسُلُ وَ الْأَنْبِيَاءُ وَ الْأَئِمَّةُ ع وَ أَمَّا الْبَاطِنَةُ فَالْعُقُولُ يَا هِشَامُ إِنَّ الْعَاقِلَ الَّذِي لَا يَشْغَلُ الْحَلَالُ شُكْرَهُ وَ لَا يَغْلِبُ الْحَرَامُ صَبْرَهُ
الكافي ج : 1 ص : 17
يَا هِشَامُ مَنْ سَلَّطَ ثَلَاثاً عَلَى ثَلَاثٍ فَكَأَنَّمَا أَعَانَ عَلَى هَدْمِ عَقْلِهِ مَنْ أَظْلَمَ نُورُ تَفَكُّرِهِ بِطُولِ أَمَلِهِ وَ مَحَا طَرَائِفَ حِكْمَتِهِ بِفُضُولِ كَلَامِهِ وَ أَطْفَأَ نُورَ عِبْرَتِهِ بِشَهَوَاتِ نَفْسِهِ فَكَأَنَّمَا أَعَانَ هَوَاهُ عَلَى هَدْمِ عَقْلِهِ وَ مَنْ هَدَمَ عَقْلَهُ أَفْسَدَ عَلَيْهِ دِينَهُ وَ دُنْيَاهُ يَا هِشَامُ كَيْفَ يَزْكُو عِنْدَ اللَّهِ عَمَلُكَ وَ أَنْتَ قَدْ شَغَلْتَ قَلْبَكَ عَنْ أَمْرِ رَبِّكَ وَ أَطَعْتَ هَوَاكَ عَلَى غَلَبَةِ عَقْلِكَ يَا هِشَامُ الصَّبْرُ عَلَى الْوَحْدَةِ عَلَامَةُ قُوَّةِ الْعَقْلِ فَمَنْ عَقَلَ عَنِ اللَّهِ اعْتَزَلَ أَهْلَ الدُّنْيَا وَ الرَّاغِبِينَ فِيهَا وَ رَغِبَ فِيمَا عِنْدَ اللَّهِ وَ كَانَ اللَّهُ أُنْسَهُ فِي الْوَحْشَةِ وَ صَاحِبَهُ فِي الْوَحْدَةِ وَ غِنَاهُ فِي الْعَيْلَةِ وَ مُعِزَّهُ مِنْ غَيْرِ عَشِيرَةٍ يَا هِشَامُ نَصْبُ الْحَقِّ لِطَاعَةِ اللَّهِ وَ لَا نَجَاةَ إِلَّا بِالطَّاعَةِ وَ الطَّاعَةُ بِالْعِلْمِ وَ الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ وَ التَّعَلُّمُ بِالْعَقْلِ يُعْتَقَدُ وَ لَا عِلْمَ إِلَّا مِنْ عَالِمٍ رَبَّانِيٍّ وَ مَعْرِفَةُ الْعِلْمِ بِالْعَقْلِ يَا هِشَامُ قَلِيلُ الْعَمَلِ مِنَ الْعَالِمِ مَقْبُولٌ مُضَاعَفٌ وَ كَثِيرُ الْعَمَلِ مِنْ أَهْلِ الْهَوَى وَ الْجَهْلِ مَرْدُودٌ يَا هِشَامُ إِنَّ الْعَاقِلَ رَضِيَ بِالدُّونِ مِنَ الدُّنْيَا مَعَ الْحِكْمَةِ وَ لَمْ يَرْضَ بِالدُّونِ مِنَ الْحِكْمَةِ مَعَ الدُّنْيَا فَلِذَلِكَ رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ يَا هِشَامُ إِنَّ الْعُقَلَاءَ تَرَكُوا فُضُولَ الدُّنْيَا فَكَيْفَ الذُّنُوبَ وَ تَرْكُ الدُّنْيَا مِنَ
الكافي ج : 1 ص : 18
الْفَضْلِ وَ تَرْكُ الذُّنُوبِ مِنَ الْفَرْضِ يَا هِشَامُ إِنَّ الْعَاقِلَ نَظَرَ إِلَى الدُّنْيَا وَ إِلَى أَهْلِهَا فَعَلِمَ أَنَّهَا لَا تُنَالُ إِلَّا بِالْمَشَقَّةِ وَ نَظَرَ إِلَى الْآخِرَةِ فَعَلِمَ أَنَّهَا لَا تُنَالُ إِلَّا بِالْمَشَقَّةِ فَطَلَبَ بِالْمَشَقَّةِ أَبْقَاهُمَا يَا هِشَامُ إِنَّ الْعُقَلَاءَ زَهِدُوا فِي الدُّنْيَا وَ رَغِبُوا فِي الْآخِرَةِ لِأَنَّهُمْ عَلِمُوا أَنَّ الدُّنْيَا طَالِبَةٌ مَطْلُوبَةٌ وَ الْآخِرَةَ طَالِبَةٌ وَ مَطْلُوبَةٌ فَمَنْ طَلَبَ الْآخِرَةَ طَلَبَتْهُ الدُّنْيَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مِنْهَا رِزْقَهُ وَ مَنْ طَلَبَ الدُّنْيَا طَلَبَتْهُ الْآخِرَةُ فَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ فَيُفْسِدُ عَلَيْهِ دُنْيَاهُ وَ آخِرَتَهُ يَا هِشَامُ مَنْ أَرَادَ الْغِنَى بِلَا مَالٍ وَ رَاحَةَ الْقَلْبِ مِنَ الْحَسَدِ وَ السَّلَامَةَ فِي الدِّينِ فَلْيَتَضَرَّعْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي مَسْأَلَتِهِ بِأَنْ يُكَمِّلَ عَقْلَهُ فَمَنْ عَقَلَ قَنِعَ بِمَا يَكْفِيهِ وَ مَنْ قَنِعَ بِمَا يَكْفِيهِ اسْتَغْنَى وَ مَنْ لَمْ يَقْنَعْ بِمَا يَكْفِيهِ لَمْ يُدْرِكِ الْغِنَى أَبَداً يَا هِشَامُ إِنَّ اللَّهَ حَكَى عَنْ قَوْمٍ صَالِحِينَ أَنَّهُمْ قَالُوا رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَ هَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ حِينَ عَلِمُوا أَنَّ الْقُلُوبَ تَزِيغُ وَ تَعُودُ إِلَى عَمَاهَا وَ رَدَاهَا إِنَّهُ لَمْ يَخَفِ اللَّهَ مَنْ لَمْ يَعْقِلْ عَنِ اللَّهِ وَ مَنْ لَمْ يَعْقِلْ عَنِ اللَّهِ لَمْ يَعْقِدْ قَلْبَهُ عَلَى مَعْرِفَةٍ ثَابِتَةٍ يُبْصِرُهَا وَ يَجِدُ حَقِيقَتَهَا فِي قَلْبِهِ وَ لَا يَكُونُ أَحَدٌ كَذَلِكَ إِلَّا مَنْ كَانَ قَوْلُهُ لِفِعْلِهِ مُصَدِّقاً وَ سِرُّهُ لِعَلَانِيَتِهِ مُوَافِقاً لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ اسْمُهُ لَمْ يَدُلَّ عَلَى الْبَاطِنِ الْخَفِيِّ مِنَ الْعَقْلِ إِلَّا بِظَاهِرٍ مِنْهُ وَ نَاطِقٍ عَنْهُ يَا هِشَامُ كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع يَقُولُ مَا عُبِدَ اللَّهُ بِشَيْءٍ أَفْضَلَ مِنَ الْعَقْلِ وَ مَا تَمَّ عَقْلُ امْرِئٍ حَتَّى يَكُونَ فِيهِ خِصَالٌ شَتَّى الْكُفْرُ وَ الشَّرُّ مِنْهُ مَأْمُونَانِ وَ الرُّشْدُ وَ الْخَيْرُ
الكافي ج : 1 ص : 19
مِنْهُ مَأْمُولَانِ وَ فَضْلُ مَالِهِ مَبْذُولٌ وَ فَضْلُ قَوْلِهِ مَكْفُوفٌ وَ نَصِيبُهُ مِنَ الدُّنْيَا الْقُوتُ لَا يَشْبَعُ مِنَ الْعِلْمِ دَهْرَهُ الذُّلُّ أَحَبُّ إِلَيْهِ مَعَ اللَّهِ مِنَ الْعِزِّ مَعَ غَيْرِهِ وَ التَّوَاضُعُ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الشَّرَفِ يَسْتَكْثِرُ قَلِيلَ الْمَعْرُوفِ مِنْ غَيْرِهِ وَ يَسْتَقِلُّ كَثِيرَ الْمَعْرُوفِ مِنْ نَفْسِهِ وَ يَرَى النَّاسَ كُلَّهُمْ خَيْراً مِنْهُ وَ أَنَّهُ شَرُّهُمْ فِي نَفْسِهِ وَ هُوَ تَمَامُ الْأَمْرِ يَا هِشَامُ إِنَّ الْعَاقِلَ لَا يَكْذِبُ وَ إِنْ كَانَ فِيهِ هَوَاهُ يَا هِشَامُ لَا دِينَ لِمَنْ لَا مُرُوَّةَ لَهُ وَ لَا مُرُوَّةَ لِمَنْ لَا عَقْلَ لَهُ وَ إِنَّ أَعْظَمَ النَّاسِ قَدْراً الَّذِي لَا يَرَى الدُّنْيَا لِنَفْسِهِ خَطَراً أَمَا إِنَّ أَبْدَانَكُمْ لَيْسَ لَهَا ثَمَنٌ إِلَّا الْجَنَّةُ فَلَا تَبِيعُوهَا بِغَيْرِهَا يَا هِشَامُ إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع كَانَ يَقُولُ إِنَّ مِنْ عَلَامَةِ الْعَاقِلِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ ثَلَاثُ خِصَالٍ يُجِيبُ إِذَا سُئِلَ وَ يَنْطِقُ إِذَا عَجَزَ الْقَوْمُ عَنِ الْكَلَامِ وَ يُشِيرُ بِالرَّأْيِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ صَلَاحُ أَهْلِهِ فَمَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مِنْ هَذِهِ الْخِصَالِ الثَّلَاثِ شَيْءٌ فَهُوَ أَحْمَقُ إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع قَالَ لَا يَجْلِسُ فِي صَدْرِ الْمَجْلِسِ إِلَّا رَجُلٌ فِيهِ هَذِهِ الْخِصَالُ الثَّلَاثُ أَوْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ فَمَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْهُنَّ فَجَلَسَ فَهُوَ أَحْمَقُ وَ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ ع إِذَا طَلَبْتُمُ الْحَوَائِجَ فَاطْلُبُوهَا مِنْ أَهْلِهَا قِيلَ
الكافي ج : 1 ص : 20
يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ وَ مَنْ أَهْلُهَا قَالَ الَّذِينَ قَصَّ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ وَ ذَكَرَهُمْ فَقَالَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ قَالَ هُمْ أُولُو الْعُقُولِ وَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع مُجَالَسَةُ الصَّالِحِينَ دَاعِيَةٌ إِلَى الصَّلَاحِ وَ آدَابُ الْعُلَمَاءِ زِيَادَةٌ فِي الْعَقْلِ وَ طَاعَةُ وُلَاةِ الْعَدْلِ تَمَامُ الْعِزِّ وَ اسْتِثْمَارُ الْمَالِ تَمَامُ الْمُرُوءَةِ وَ إِرْشَادُ الْمُسْتَشِيرِ قَضَاءٌ لِحَقِّ النِّعْمَةِ وَ كَفُّ الْأَذَى مِنْ كَمَالِ الْعَقْلِ وَ فِيهِ رَاحَةُ الْبَدَنِ عَاجِلًا وَ آجِلًا يَا هِشَامُ إِنَّ الْعَاقِلَ لَا يُحَدِّثُ مَنْ يَخَافُ تَكْذِيبَهُ وَ لَا يَسْأَلُ مَنْ يَخَافُ مَنْعَهُ وَ لَا يَعِدُ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَ لَا يَرْجُو مَا يُعَنَّفُ بِرَجَائِهِ وَ لَا يُقْدِمُ عَلَى مَا يَخَافُ فَوْتَهُ بِالْعَجْزِ عَنْهُ
source : دار العرفان