فضيلة الدعاء من صريح القرآن
فمن ذلك قول الله جل جلالهقُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاما.
أقول فلم يجعل لهم لو لا الدعاء محلا و لا مقاما فقد صار مفهوم ذلك أن محل الإنسان و منزلته عند الله جل جلاله على قدر دعائه و قيمته بقدر اهتمامه بمناجاته و ندائه و عساك تجد من يقول لك إن المراد بالدعاء في هذه الآية العبادة و الحق ما رواه الثقات عن أهل الأمانة و السيادة من أن المراد بالدعاء في هذه الآية هو الدعاء المفهوم بعرف الشرع من غير زيادة.
و من الآيات قول الله جل جلالهفَلَوْ لا إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا تَضَرَّعُوا وَ لكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْفنبه الله جل جلاله على أنهم لو تضرعوا أزال بأسه و غضبه و عقابه عنهم و كشف كروبهم و ما قال و لو أنهم إذ جاءهم بأسنا صلوا أو صاموا أو حجوا أو قرءوا القرآن و في ذلك بيان لأهل الأفهام من الأعيان.
و من ذلك وعده المقدس بأن الدعاء مفتاح بلوغ الآمال و الأماني.
في قوله جل جلالهوَ إِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ.
و من ذلك قوله جل جلالهادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَفنبه جل جلاله
فلاحالسائل ص : 27
على أن ترك الدعاء استكبار عن عبادته و سبب لدخول النار و العذاب المهين.
و قد روى الحسين بن سعيد بإسناده عن الصادق ع أن المراد بالعبادة يستكبر الإنسان عنها في هذه الآية هو الدعاء و أن تاركه مع هذا الأمر به من المستكبرين.
و في بعض ذلك كفاية للعارفين و لو لم يكن في فضيلة الدعاء إلا قول الله جل جلاله لسيد الأنبياء صوَ اصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَ الْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَ لا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْو هذا عظيم لأنه صدر على مقتضى المدح لهم و كان دعاءهم بالغداة و العشي سبب أمر الله جل جلاله لرسوله ع بملازمتهم و ألا تعدو عيناه الشريفتان عن صحبتهم
source : دار العرفان/فلاح السائل