عربي
Monday 27th of May 2024
0
نفر 0

الدهریة

الدهریة
 

هی لیست فرقة بالمعنى المتعارف للفرق والطوائف بقدر ما هی أفکار شیطانیة یطلقها شیاطین البشر وجهلتهم فیتبعها من کان قلبه أعمى وأغلق علیه کلّ منافذ النور وانجرَّ وراء شهوته وهواه فتعلَّق بالمادة فأخذ یوجد لنفسه المبررات والعلل، وجرّته شهواته إلى أن ینکر الإله الخالق البارئ وینکر الحساب ویؤمن بأن أمّه هی الطبیعة وأنَّ هذا الکون هو ولید الصدفة وغیر ذلک من الأفکار الزائفة، فالحیاة فی نظرهم لیس وراءها محیی ومبدی بل هی تسیر وفقًا لنظام أرحام تدفع وأرض تبلع وما یهلک إلا الدهر.
(وَقَالُوا مَا هِیَ إِلَّا حَیَاتُنَا الدُّنْیَا نَمُوتُ وَنَحْیَا وَمَا یُهْلِکُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُم بِذَٰلِکَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا یَظُنُّونَ)(1)
(وَقَالُواْ إِنْ هِیَ إِلاَّ حَیَاتُنَا الدُّنْیَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِینَ)(2)
ولهذا، فالدهریة تمثل أصل المذاهب الإلحادیة فی التاریخ البشری، فکلُّ من اعتقد بأنَّ الزمان قدیم أو المادة والکون، وأنکر الألوهیة والخالقیة والبعث والحساب واللطف والعنایة لإلهیة فهو ملحد ودهری.
وقد تتفرق الأطروحات والعبارات والصیاغات عند هؤلاء ولکنَّها تجتمع على حقیقة واحدة وهی الإنکار للخالق المبدئ المعید وإنکار البعث والحساب، فتجد منهم من یقول بالتناسخ وحلول الأرواح فی أبدان أخرى بحسب حالها من سعادة أو شقاء...، ومنهم من یقول بتدبیر الکواکب والأیام... لشؤون الکون والکائنات، ومقولات أخرى کلّها تلتقی فی النتیجة وإن تغایرت المسمیات.
وعلى هذا التقدیر یمکن أن تلحق بها أفکار الفلسفة الوضعیة والمارکسیة باعتبارها الصورة الحدیثة للدهریة، فهی تصبّ کلّ طاقاتها على المادة وإنکار عالم الغیب والخالقیة...
وکذلک یمکن أن تلحق بها تیارات العلمانیة، فهی فی الواقع ترفع شعارات تتستر وراءها تجنبًا لإثارة الحساسیة الدینیة التی قد تثار ضد هذه الأفکار فی المجتمع الإسلامی الذی یمثِّل الهدف الأصیل لهجمة الفکر الإلحادی، ولذلک تجدهم یرفعون شعارات من قبیل (الدیمقراطیة العقلانیة) و (العلمانیة) و (العقلانیة) و (الحداثة)... الخ من الأفکار المنتهیة إلى التشکیک ورفض المطلق.
فالعقلانیة التی یطرحونها لیست من قبیل إعمال الفکر فی إطار المنهج الإلهی بل هی الخروج على هذا المنهج وإیجاد منهجًا خاصًا مقابلاً یقوم على أساس المعطیات المادیة المحیطة وإنکار عالم الغیب أو عدم الأخذ به -فی الوقت الذی امتدح فیه الله تعالى المؤمنین بقوله: (الم * ذَلِکَ الْکِتَابُ لاَ رَیْبَ فِیهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِینَ * الَّذِینَ یُؤْمِنُونَ بِالْغَیْبِ وَیُقِیمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ یُنفِقُونَ)(3)، فماذا بعد الحقِّ إلا الضلال- وباتخاذها أسالیب إثارة الشبهات وإطلاق الشعارات الخدَّاعة تتمکن من التأثیر على إیمان البسطاء والسذّج من الناس متخفیة وراء المصطلحات وترویج الأضالیل وإنفاذها إلى عقولهم وأذهانهم، کطرح الدیمقراطیة والحریَّة کأسالیب إداریة سیاسیة فی مقابل الدین وتصویره بأنَّه عقبة وقید أمام الانطلاق والتحرّر والتقدّم، وتقدیم العلمانیة على أساس أنَّها منظومة فکریة وممارسات علمیة عقلانیة تساهم فی منع الصراعات الاجتماعیة والقضاء على الطبقیة والطائفیة السیاسیة والاجتماعیة وإخراج المجتمع من دائرة التخلّف وفصل الدین على السیاسة وعن سلطة التشریع، وبذلک تکون تحررًا من المطلق والغیب، وبها تعود إلى حقیقتها الإلحادیة الدهریة، فلا وجود للدینی فیها ولا للعنایة الخالقیة. وهؤلاء بالرغم من استخدامهم للغة حدیثة وکم هائل من المصطلحات إلا أنَّ جلَّ نشاطهم هو إعادة الحیاة لأفکار الملاحدة القدماء ولکن بلغة وأسلوب عصری یحاکی تطور الحیاة، ولکن أین الدلیل المنطقی على صدق المدعى، فقد أجاب القرآن بأنَّهم لا یملکون إلا الظنّ والتخمین والتخرصات، فقال تعالى: ( وَمَا لَهُم بِذَلِکَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا یَظُنُّونَ)(4)، وقوله تعالى: (وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن یَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا یُغْنِی مِنَ الْحَقِّ شَیْئًا)(5).
 
المصادر :
1- الجاثیة/24
2- الأنعام/29
3- البقرة/1 - 3
4- الجاثیة/24
5- النجم/28

source : راسخون
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

ذكرى استشهاد السيدة أم البنين (عليها السلام)
من حديث النبي (ص ) يكون لهذه الامة اثنا عشر اماما
اللعن في القرآن الكريم
ديمومة وبقاء عاشوراء
أولاد السيدة زينب (ع)
من معاجز أمير المؤمنين عليه السّلام
النبي صلی الله عليه وسلم وابو ذر
ذكرى استشهاد الامام محمد الجواد عليه السلام
السيد علي بن الامام الباقر عليه السلام
حلية الصالحين

 
user comment