وردت روايات الرسول الأكرم و أهل البيت صلوات الله عليه وعليهم في أصنافٍ من الناس لا يحاسبون، فمنهم من يدخل الجنَّة بغير حساب، وبعض يدخل النَّار بدون حساب ولا ميزان، فأمَّا من يدخل النَّار بلا حساب، فهم أهل الشرك، فعن الإمام علي بن الحسين عليه السلام: "إنَّ أهل الشرك لا تنصب لهم الموازين، ونَشرُ الدواوين لأهل الإسلام"1.
وعن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم: "إنَّ اللّه عزَّ وجلَّ يحاسب كلَّ خلق إلاَّ من أشرك باللّه عزَّ وجلَّ، فإنَّه لا يحاسب ويؤمَر به إلى النَّار"2.
وعدَّت الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام ثلاثة أصناف ممن لا يحاسب ويدخل إلى النَّار. حيث رُوِيَ عنه عليه السلام: "وأمَّا الثلاثة الَّذين يدخلهم النَّار بغير حساب، فإمام جائر، وتاجر كذوب، وشيخ زان"3.
وعدَّت الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام ثلاثة أصناف ممن لا يحاسب ويدخل إلى النَّار. حيث رُوِيَ عنه عليه السلام: "وأمَّا الثلاثة الَّذين يدخلهم النَّار بغير حساب، فإمام جائر، وتاجر كذوب، وشيخ زان"3. وفي حديث آخر للرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم عدَّ فيه ستة ممن يدخلونها بغير حساب: "ستة يدخلون النَّار بغير حساب، الأمراء بالجور، والعرب بالعصبية، والدهَّاقين بالكبر، والتجَّار بالكذب، والعلماء بالحسد، والأغنياء بالبخل"4.
الحساب دقيق
نـسـتـفـيد من مجموع الروايات، وحتى الإشارات الواردة في بعض الآيات القرآنية، أنَّ حساب يوم القيامة حساب دقيق للغاية، وجاء في حديث عن الإمام الصادق عليه السلام أنَّه قال لرجل: "يا فلان مـالك ولأخيك ؟ قال: جعلت فداك كان لي عليه حقٌّ فاستقصيت منه حقي، قال أبو عبد اللّه عليه السلام: أخبرني عـن قول اللّه "وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ"(الرعد:21)، أتراهم خافوا أن يجور عليهم أو يظلمهم ؟ لا واللّه خافوا الاستقصاء والمداقَّة"5.
مما يطول الحساب؟
كلمَّا تخفف الإنسان من أمر الدنيا، كلمَّا قلَّ وقوفه للحساب، وكما قيل فاز المخفون، وكلمَّا ازداد منها كلمَّا طال وقوفه، وهذا ما ترشد إليه الرواية التالية: عن الإمام الصادق عليه السلام: "إذا كان يوم القيامة وقف عبدان مؤمنان للحساب، كلاهما من أهل الجنَّة: فقير في الدنيا، وغني في الدنيا، فيقول الفقير: يا ربّ على ما أوقف، فوعزَّتك إنَّك لتعلم أنَّك لم تولني ولاية فأعدل فيها أو أجور، ولم ترزقني مالاً فأؤدي منه حقاً أو أمنع، ولا كان رزقي يأتيني منها إلاّ كفافاً على ما علمت وقدَّرت لي.
فيقول الله جلّ جلاله: صدق عبدي خلوّا عنه يدخل الجنَّة.
ويبقى الآخر حتّى يسيل منه العرق ما لو شربه أربعون بعيراً لكفاها، لم يدخل الجنَّة.
فيقول له الفقير: ما حبسك؟
فيقول: طول الحساب. مازال الشيء يجيئني بعد الشيء يغفر لي، ثمَّ أسأل عن شيء آخر حتّى تغمدني الله عز َّوجلَّ برحمته، وألحقني بالتائبين.
فمن أنت؟
فيقول: أنا الفقير الذي كنت معك آنفاً"6.
كلمَّا تخفف الإنسان من أمر الدنيا، كلمَّا قلَّ وقوفه للحساب، وكما قيل فاز المخفون، وكلمَّا ازداد منها كلمَّا طال وقوفه،
المسائل التي يسأل عنها يوم القيامة
قال تعالى: "إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا"(النساء:86).
وعن أمير المؤمنين عليه السلام في خطبة أوائل خلافته: "إتقوا الله في عباده وبلاده فإنَّكم مسؤولون حتى عن البقاع والبهائم"7. ومما يسأل عنه الإنسان يوم القيامة: العمر والمال وحبّ أهل البيت عليهم السلام.
فقد رُوِيَ عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتّى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه. وشبابه فيما أبلاه. وعن ماله من أين كسبه، وفيما أنفقه. وعن حبِّنا أهل البيت"8.
الصلاة: فعن الإمام الباقر عليه السلام: "إنَّ أوّل ما يُحاسب به العبد الصلاة، فان قُبلِت قُبِل ما سواها"9.
الحواس واستعمالها: قال سبحانه وتعالى: "وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً"(الإسراء:36)، وقد مرَّ الكلام بأنَّها تشهد على صاحبها بما فعله بها، إن خيراً فخيراً وإن شراً فشراً.
الدَيْن: ففي الرواية عن أحد الصادقين عليهما السلام، قال: "يؤتى يوم القيامة بصاحب الدَّين يشكو الوحشة، فإن كانت له حسنات أخذَ منها لصاحب الدَّين... وإن لم تكن له حسنات أُلقي عليه من سيِّئات صاحب الدَّين"10.
الحقوق والمظالم: فعن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "أتدرون ما المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع عنده. فقال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: كلا المفلس من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا، فيعطي هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النَّار"11.
أشعار الحكمة
ولقد علمت بأنَّ قصريَ حفرةٌ
غبراء يحملني إليها شرجع12
فبكى بناتي شجوهن وزوجتي
والأقربون إليَّ ثم تصدَّعوا
وتركت في غبراء يكره وردها
سفي علي الريح حين أودع
حتى إذا وافى الحمام لوقته
ولكل جنبٍ لا محَالة مصرع
نبذوا إليه بالسلام فلم يجب
أحداً، وصمَّ عن الدعاء الأسمع
* رحلة الآخرة, جمعية المعارف الثقافية
--------------------------------------------------------------------------------
1- م. ن. ج7، ص250.
2- م. ن. ج7، ص111.
3- المجلسي محمد باقر بحار الأنوار مؤسسة الوفاء، الطبعة الثانية المصححة ج76، ص20.
4- الريشهري محمد ميزان الحكمة دار الحديث، الطبعة الأولى ج1، ص625.
5- الحر العاملي محمد بن الحسن وسائل الشيعة دار إحياء التراث بيروت ج18، ص349.
6- المجلسي محمد باقر بحار الأنوار مؤسسة الوفاء، الطبعة الثانية المصححة ج7، ص259.
7- نهج البلاغة، خطبة: 176.
8- المجلسي محمد باقر بحار الأنوار مؤسسة الوفاء، الطبعة الثانية المصححة ج7، ص258.
9- الكليني الكافي دار الكتب الإسلامية طهران الطبعة الخامسة ج3، ص268.
10- المجلسي محمد باقر بحار الأنوار مؤسسة الوفاء، الطبعة الثانية المصححة ج7، ص274.
11- الريشهري محمد ميزان الحكمة دار الحديث، الطبعة الأولى ج3، ص2444.
12- الشرجع:الجنازة.