عربي
Thursday 16th of May 2024
0
نفر 0

نظرة علی علامات الظهور

نظرة علی علامات الظهور


يتردد القارى‌ء أو الباحث في علامات ظهور المهدي عليه السلام طويلا بين الرغبة و التلهف الذي يلح عليه و على المسلمين،و بين منهج التثبت الذي تمليه عليه التقوى و أمانة البحث ..ففي هذا الحشد المتنوع من الروايات يلمس حينا نور الوحي و صدقه فيخشع لله تعالى الذي أطلع رسوله(صلی الله علیه وآله وسلم )على شي‌ء من غيبه فوصل إلينا..و يلمس حينا التناقض و الوضع و السجع المفتعل ...و حينا آخر يحس بشي‌ء من نور و أثارة من علم،و عليه أن يجد طريقه إليها بين طبقات الأصداف و ظلمات التحريف و التخليط من بعض الرواة.
فمن الرواة من وعى و حفظ الأمانة و أداها.و منهم من وسوس له الشيطان أن يحرف الحديث أو يختلقه فكذبوا على النبي(صلی الله علیه وآله وسلم )و الأئمة عليهم السلام فأهلكوا أنفسهم و أتعبوا من بعدهم أعاذ الله المسلمين من شرهم.و جاء المؤلفون في هذا الموضوع فقام بعضهم بإجلاء بعض الجوانب و إلقاء عدد من الأضواء جزاهم الله عن الإسلام و أهله خيرا.و جاء بعضهم كحاطب ليل،كأنما أشرب حب التخليط،يقبل كل ما روي،و يعمل لاقناعك به،و يتعسف الجمع بين متضاده و متناقضه و هيهات..أو يطبق العلامات على أحداث عصره بتفسيرات لا سند لها إلا الإحتمال،المطلق،و كأن العلامات كلها تخص عصره و ما بعده بسنوات و ليس منها علامة تحققت في الماضي الطويل أو تجي‌ء في المستقبل البعيد.و قد أصبح من المتعارف في الكتب المتأخرة عد الصفات العامة لعصر ما بعد النبوة في علامات الظهور،و عد علامات الساعة و القيامة في علامات الظهور،حتى أن بعضها ينص على أنه من علامات الساعة و يعده بعضهم في علامات الظهور و يفسر الساعة بساعة الظهور!مع أن مصطلح«الساعة»في نصوص الإسلام يعني القيامة بداهة.
من أجل ذلك فإن الدراسة الكاملة لعلامات الظهور تحتاج الى مزيد من التتبع و الدقة و المقارنة.
و في هذا البحث الأولي عن المهدي عليه السلام أقدم فهرسا أوليا لأهم العلامات مع بعض الملاحظات حولها.

شخصيات ذكرت في علامات الظهور
1- نزول عيسى بن مريم عليه السلام،و أحاديثه كثيرة صريحة متواترة في مصادر الشيعة و السنة،و أصل نزوله عليه السلام موضع إجماع المسلمين.و يذكر المفسرون هذه الأحاديث عادة في تفسير قوله تعالى:«و إن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ثم يوم القيامة يكون عليهم شهيدا»(1) .و في أحاديث الفتن و أشراط الساعة. و تجمع الأحاديث على أن وقت نزوله يكون بعد ظهور المهدي عليهما السلام و أنه يصلي خلف المهدي،و عليه فعد نزوله من علامات الظهور مبني على التسامح و شمول العلامات لما كان من آيات و دلالات ربانية قبل الظهور و أثناءه و بعده.
2- النفس الزكية و أبنا عمه،و الأحاديث فيهم من مصادر الشيعة كثيرة تبلغ حد التواتر،و تعد هذه العلامة من المحتومات الخمس.و أحاديثها من مصادر السنة أقل مما في مصادر الشيعة و لكنها عديدة،و قد ورد في بعض هذه الأحاديث أنه حسني و في أكثرها أنه حسيني و أن اسمه محمدا بن الحسن و أن ابني عمه أخ و أخت إسمهما محمد و فاطمة،يفرون من جيش السفياني من العراق و يدخلون المدينة،فيقبض الظالمون على ابن عمه و أخته و يقتلونهما و يصلبونهما في المدينة المنورة و يفر هو الى مكة فيقتلونه ظلما و عدوانا بغير ذنب في الخامس و العشرين من ذي الحجة الحرام في المسجد الحرام بين الركن و المقام،و ليس بين قتله و ظهور المهدي عليه السلام إلا خمس عشرة ليلة.
3- ستة أشخاص،ورد ذكرهم في أحاديث رايات المشرق و خراسان،هم:رجل يخرج من قم.و الخراساني الحسيني و يعبر عنه في مصادر السنة بالهاشمي.و السيد الأكبر.و شعيب بن صالح قائد قوات الخراسانيين،و قائد قوات المهدي عليه السلام.و السيد الجيلاني الذي يعاون شعيبا بن صالح .و الهاشمي الذي يقصد بيت المقدس فلا يبلغه. و الأحاديث في الخراساني و شعيب كثيرة متواترة من مصادر السنةو الشيعة،كما ورد ذكر السيد الأكبر عند الطرفين أيضا.أما الثائر من قم و أصحابه و المتحرك من جيلان(گيلان)فقد ورد ذكرهما في مصادر الشيعة خاصة .
4- اليماني،أحاديثه من مصادر الشيعة متواترة و قد عدته من المحتومات الخمس و أنه يظهر في اليمن قبل السفياني،أو مقارنا له،و أنه يدعو الى الحق و تجب اجابة دعوته،و أنه يتوجه الى العراق و سوريا و يشارك مع الخراساني في قتال السفياني،و أنه من ولد زيد بن علي بن الحسين عليه السلام. و ربما كانت رواية«يخرج من اليمن من قرية يقال لها كرعة»(2).واردة فيه ثم نسبت اشتباها الى المهدي عليه السلام،كما قد يكون هذا اليماني هو المقصود بحديث يخرج ملك بصنعاء إسمه حسن أو حسين .و وردت فيه في مصادر السنة أحاديث قليلة.و مما يساعد على القول بصحة هذه العلامة حتى لو لم تكن أحاديثها متواترة عدم وجود قرائن منافية أو ظروف سياسية توجب الشك في صحتها .و تفسيرها بمن ظهر من الزيديين في اليمن لا يتفق مع نصوص أحاديثها الصريحة في اتصال حركته بظهور المهدي عليه السلام.
5- السفياني،و أحاديثه كثيرة متواترة من مصادر الشيعة و السنة،و قد تضمن الكثير منها تفاصيل خروجه في دمشق و حركته في سوريا و العراق و أطراف ايران و الحجاز و القول بأن أحاديثه من وضع الأمويين لكي يقابلوا بها أحاديث المهدي الصحيحة..جنوح في الإحتمال‌و إغماض عن مئات الأحاديث الشريفة عند المسلمين.نعم نجد الاتجاه الأموي وراء وضع أحاديث مدح السفياني و أنه يسلم الأمر للمهدي!
6- تسعة أشخاص ورد ذكر أربعة منهم في تحرك السفياني،و هم،الأصهب أي الأحمر شعر الرأس،و الأبقع أي الأبرص،و الربيعي و الجرهمي،يعارضون السفياني فيقتلهم جميعا.و ورد وصف الأصهب بالعلج و هي صفة للكفار من غير العرب.و الخمسة الآخرون هم:الهجري،و العطرفي،و الرقطي،و المرواني،و الشيصباني،ورد ذكرهم في روايات متفرقة أنهم يخرجون قبل ظهور المهدي عليه السلام،و أن الشيصباني يخرج في العراق. و قد ورد ذكر الأبقع و الأصهب في أحاديث السفياني في مصادر السنة،و ورد ذكر الباقين في مصادر الشيعة خاصةـفي حدود اطلاعيـ.
7- عبد الله آخر من يحكم الحجاز،وردت أحاديث عديدة في مصادر السنة و الشيعة تكاد تكون متواترة بأن ظهور المهدي عليه السلام يكون على أثر موت حاكم أو ملك أو خليفة و اختلاف على من يكون بعده و حصول أحداث داخلية و فراغ سياسي في الحجاز..و قد تفردت مصادر الشيعة بحديثين في حدود اطلاعي فيهما تفصيل عن هذا الحاكم:أحدهما عن الامام الصادق عليه السلام قال«من يضمن لي موت عبد الله أضمن له القائم،أما إنه إذا مات عبد الله لم يجتمع الناس بعده على أحد،و لم يتناه هذا الأمر دون صاحبكم إن شاء الله و يذهب ملك السنين و يصير ملك الشهور و الأيام.قال أبو بصير فقلت:يطول ذلك؟قال:لا» (3) .و الحديث الآخر عن الإمام الباقر عليه السلام«يموت سفيه من آل(العباس)يكون سبب موته أنه ينكح خصيا فيقوم فيذبحه و يكتم موته أربعين يوما.فإذا سارت الركبان في طلب الخصي لم يرجع أول من يخرج(إلى آخر من يخرج)حتى يذهب ملكهم» (4)
أما الحديث الأول فواضح الصلة بظهور المهدي عليه السلام،و أما الثاني فالظاهر أن المقصود بالسفيه هو عبد الله المذكور و لعل أصل الحديث«يموت سفيه من آل(فلان)»و ليس من آل العباس و لكن الراوي سمى آل العباس لأنه تصور أن الإمام عليه السلام استعمل الكناية عنهم..و توجد قرائن أخرى في الأحاديث عن الحجاز تصلح للربط بين الحديثين.
8- الدجال الأعور،و أحاديثه في مصادر السنة كثيرة جدا،و في مصادر الشيعة قليلة،و تتفق تقريبا على أنه من علامات الساعة،و أنه مولود و موجود منذ عهد رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم )و أنه يستعمل عجائب السحر فيغرى أتباعه،و يضلهم و يدعي الربوبية،و أن المهدي و المسيح عليهما السلام يقاتلانه.و تتضمن أحاديثه غرائب غير مألوفة تحيط بشخصيته و حركته و أفعاله.
و أقوى الاحتمالات في أمره أن يكون شخصا حقيقيا يستغل التطور الذي تصل اليه العلوم الطبيعية في ظل الدولة الاسلامية بقيادة المهدي عليه السلام في أساليب من السحر،كما يستغل ردة الفعل السلبية للرفاهية العامة التي يعيشها الناس فيغري أتباعه بالمحرمات و الإباحيةو يلبس عليهم بالسحر و الشعوذة.و على هذا فإن الطابع الأسطوري الذي تتصف به أحاديثه يكون له أساس من الصحة.و ان أضاف عليه بعض الرواة.
و يليه في القوة أن يكون الدجال هو الشيطان أبليس الذي طلب من الله تعالى أن ينظره الى يوم يبعثون فأجابه عز و جل«فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم»و قد ورد أن قتله في يوم الوقت المعلوم يكون على يد المهدي عليه السلام.
و يوجد احتمال آخر أن يكون الدجال نفس السفياني و قد وقع التضخيم في أوصافه و أحاديثه،و قد ذكرت بعض الروايات أن السفياني يبدو أعور و ليس بأعور..و لكن يبقى هذا الاحتمال ضعيفا لأن أكثر الصفات الواردة في الدجال لا تنطبق على السفياني،و منها ادعاء الربوبية و عجائب السحر.
و احتمال آخر:أن يكون الأعور الدجال أو الدجال تعبيرا مجازيا عن اغراء الحضارة المادية الكاذبة المزيفة،أو اغراء الدنيا و رفاهيتها الكاذبة..و هو أيضا ضعيف لصراحة الأحاديث بأنه شخص حقيقي من نوع خاص يقود حركة عسكرية و اضلالية في آخر الزمان.
و ينبغي التحرز في بحث أحاديث الدجال من أمرين أحدهما:أن غالبية أحاديثه تقريبا عن كعب الأخبار.و الثاني:أن من عقائد اليهود أن المسيح المنتظر عندهم يقتل الدجال.
و من طريف ما اطلعت عليه كتابان للدكتور مارسيل حداد أحد القساوسة اللبنانيين يحاول فيهما اثبات ان الأعور الدجال هو اسرائيل و يشرح في أحدهما سفر الرؤيا من التوراة،و يفسر في الثاني أحاديث‌النبي(صلی الله علیه وآله وسلم )في شأن الدجال بأنها تقصد اسرائيل.
9- ادعاء مئة شخص للنبوة و ادعاء عدة أشخاص للمهدية و خروج زنديق بقزوين،ورد فيها بعض أحاديث في مصادر الشيعة.و اذا صح أنها من علامات الظهور فيمكن أن تكون قد تحققت.فالذين ادعوا النبوة منذ مسيلمة الكذاب أو منذ صدر الاسلام الى الآن كثيرون قديزيدون على المئة،و قد يكون رقم المئة من باب التكثير.و الذين ادعوا المهدية منذ ادعاها المختار لمحمد بن الحنفية،الى موسى بن طلحة بن عبيد الله المعاصر للمختار،مرورا بالحسنيين،و العباسيين،و الفاطميين و الهنود،و السودانيين،و البهائيين..الى جهيمان و القحطاني...أكثر من خمسة عشر شخصا (5) .أما زنديق قزوين فقد ورد في بعض الأحاديث أنه من جملة مدعي النبوة.
و ينقل عن رضاخان بهلوي أنه عند ما أراد أن يطبق على ايران الخطة الكافرة التي طبقها أتاتورك في تركيا فأجبر المسلمات على السفور فقاومه العلماء أنه قال:أوليسوا يروون أنه يخرج زنديق من قزوين فيهتك ستورها،فأنا ذلك الزنديق!
10- المغربي و المصري،وردت فيهما أحاديث قليلة،فهم منها بعضهم أنهما صاحبا حركتين تكونان قبل السفياني،و عدهما في علامات الظهور،أما المصري ففيه حديث أو أكثر يقول:«يخرج قبل السفياني مصري و يماني» (6) .فأمره محتمل،و أما المغربي فسيتضح ضعف كونه من علامات‌الظهور في تحرك المغربيين و المصريين الآتي إن شاء الله تعالى.
11- عوف السلمي،ورد فيه حديثان أو أكثر أحدهما عن الامام زين العابدين علي بن الحسين عليهما السلام قال«يكون قبل خروجه«أي المهدي عليه السلام»خروج رجل يقال له عوف السلمي بأرض الجزيرة يكون ماؤاه تكريت(أو كريت أو كويت)و قتله بمسجد دمشق ثم يكون خروج شعيب بن صالح» (7) .و الأرجح أن المقصود بأرض الجزيرة المنطقة الواقعة عند ملتقى الحدود العراقية السورية التركية فهي التي تسمى بلاد الجزيرة أو الجزيرة مجردة،أما جزيرة العرب فلا تستعمل مجردة منذ صدر الاسلام إلا مع وجود قرينة تدل عليها.و على هذا تكون تكريت أقرب الى هذه المنطقة من كريت أو كويت،و لا يكون في النص ما يدل على علاقة عوف هذا بالبصرة أو بصاحب الزنج الذي ظهر في القرن الثالث.و في حدود استقصائي لم أجد ثائرا باسم عوف السلمي،فيكون احتمال صحة العلامة باقيا.أقوام ورد ذكرهم في علامات الظهور ورد في أحاديث الظهور ذكر تحركات عسكرية و سياسية مختلفة،لأقوام عديدين،و مناطق واسعة،تكاد تشمل كل العالم،و أهمها:
تحركات الترك‌
تحركات الروم‌
تحركات العرب‌
تحركات الإيرانيين
 تحركات أقوام شرق آسيويين‌
تحركات اليهود
 و بالنظرة السطحية الى هذه المجموعات من الأحاديث التي تشترك في روايتها بشكل عالم مصادر الشيعة و السنة و ان كانت عند الشيعة أكثر تداولا..قد يقبل القارى‌ء أو الكاتب هذه الأحاديث على أنها علامات سوف تأتي و يبحث لها عن تفاسير من الخريطة السياسية الحاضرة أو المستقبلة لهؤلاء الأقوام و هذه المناطق.
مثلا يفسر حديث«نفر أهل المغرب إلى مصر»بالمسيرة الشعبية الليبية التي توجهت الى مصر لفرض الوحدة بين البلدين..الخ.
و لكن ماذا يصنع اذا وجد أن هذه النصوص تصف تحركات قد حدثت من هؤلاء الأقوام و في نفس تلك المناطق،بل و بنفس التفاصيل في بعض الأحيان..مثلا يجد حركة الفاطميين من المغرب الى السودان الى مصر الى الشام..و تهديدهم للعراق..حرفيا في أحاديث علامات المهدي!و تحركات زحف المغول(الذين كان يسميهم العرب:الترك المغول أو الترك)أيضا في أحاديث علامات المهدي في مثل أحاديث«يخرج قوم من الشرق فيقتلون المسلمين.يتغلبون على خراسان.يستبيحون بعض مناطق العجم.يفتحون العراق.تكون بحلب موقعة رهيبة.يهاجمون دمشق»..الخ.إنها حركة الغزو المغولي حرفيا،فكيف نعدها من علامات الظهور و نفسرها بتحرك تركي سوف يكون في المنطقة؟ !
و كذلك تتضمن هذه الأحاديث خطوطا واضحة من تحركات الروم و المسلمين في حركة صراعهم الطويلة،و من تحركات الإيرانيين داخل‌ايران و خارجها،و تتضمن معالم الصراع السياسي و أحيانا العسكري داخل الدولة الاسلامية بين العرب و الموالي(حركة القومية و الشعوبية)
و بهذه الملاحظة قد يصل الباحث الى نتيجة بسيطة هي أن هذه الأحاديث إما أن تكون مكذوبة وضعت بعد وقوع الأحداث التي وصفتها،أو أنها صحيحة صادرة عن النبي(صلی الله علیه وآله وسلم )و الأئمة عليهم السلام لوصف هذه الأحداث فقط،و في أحسن الحالات تكون علامات بعيدة لظهور المهدي عليه السلام،و لكنها ليست بأي حال من علامات عصر الظهور لأنها تحققت منذ قرون طويلة.
و لكن هذا التبسيط لا يحل المشكلة أيضا،لأن عددا من أحاديث هذه التحركات تأبى التفسير بالماضي،مثلا أحاديث أن الروم أي النصاري سوف يتغلبون على الأرض،و أن المهدي عليه السلام سوف يقاتل بعضهم.و أحاديث قتال المسلمين لليهود بعد أن يكون لليهود وجود عسكري،و يكشفون جانبا من هيكل النبي سليمان عليه السلام،و أن المهدي عليه السلام يستخرج لهم التوراة من جبل بفلسطين و يحاجهم بها و يقاتلهم.و أحاديث رايات المشرق و خراسان الممهدة للمهدي التي لا تنطبق على تحركات الإيرانيين الماضية..و غير ذلك من الأحاديث التي تنص على أنها علامات لعصر الظهور و سنة الظهور و ليس فيها أثر من التحركات الماضية؟؟
 الذي أطمئن اليه في هذه الأحاديث أن قسما منها صحيح فعلا لروايته و تداوله بين المسلمين قبل حدوث
 التحركات التي وصفتها،فتكون من دلائل صدق نبوة رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم )و لكن لا علاقة لها من قريب و لا بعيد بعلامات عصر الظهور و إنما حشرها المؤلفون حشرا في‌الموضوع من دون قرينة على صلتها به،أو أن الوضاع أضافوا لها ربطا بالظهور افتراء على النبي(صلی الله علیه وآله وسلم )و الأئمة عليهم السلام.و القسم الأقل منها هو من حديث علامات عصر الظهور،و يصح أن يبحث تحت هذا العنوان،و هو بنظري:أحاديث حركة المسلمين و اليهود،و قسم من أحاديث حركة الروم،و قسم من أحاديث حركة العرب،و قسم من أحاديث حركة العجم،و قليل من أحاديث الترك.و أما أحاديث المغربيين فينبغي الأخذ بعين الإعتبار عند بحثها أن حركة الفاطميين الاسماعيليين كانت في أواخر القرن الثالث الهجري أكبر خطر داخلي هدد الخلافة العباسية،و قد ترك هذا الانقسام و الصراع بين شطري الدولة الاسلامية الشرقي و الغربي آثارا كبيرة على المسلمين من أبسط مظاهرها أنه كان يعبر أول الأمر عن الفاطميين بالعلويين أو الفاطميين،و لكن العباسيين تبنوا الطعن في نسبهم و أشهدوا على ذلك قضاة و فقهاء فلم يعد أحد في مشرق الدولة الاسلامية يجرؤ أن يسمي الخليفة الفاطمي بالعلوي أو الفاطمي بل انتشرت تسمية (المغربي)أي الخارج عن الخلافة العباسية في المغرب أو حاكم المغرب الإسلامي..و هذه هي كل قصة المغربي الذي تحول الى شخصية من علامات ظهور المهدي عليه السلام.إن قراءة مجملة لحركة الفاطميين و لأحاديث«ظهور المغربي»تكفي للإطمئنان بعدم علاقتها بعصر الظهور،و ان كان الكثير منها كما أشرنا من معجزات النبي(صلی الله علیه وآله وسلم )،و ما أخبر به من الملاحم و الأحداث الآتية لأنه كان مرويا و مدونا قبل حركة الفاطميين المغربيين بقرن أو أكثر.
و يمتد التأثير السلبي لأحاديث المغربيين في علامات الظهور الى‌الأحاديث التي يرد فيها ذكر المغرب و المشرق أو المغرب و الشرق،فهي تحتاج الى تحقيق المقصود منها هل هو شرق الأرض و غربها أو شرق الدولة الاسلامية و غربها،و كذلك تعبير الشرقيين و الغربيين و أهل الشرق و أهل الغرب.
من أجل ذلك وجب أن نأخذ بعين الإعتبار هذا الواقع التاريخي في أحاديث المغربي و كذلك واقع غزو التتار في الأحاديث المتعلقة بالأتراك أو الترك.و بهذا المقياس لا يبقي لدينا منها إلا القليل.

الآيات السماوية
1- النداء من السماء،و يسمى في الأحاديث الشريفة أيضا:الصوت،و الصيحة. و أحاديث هذه العلامة في مصادر الشيعة كثيرة متواترة و تعده أحد المحتومات الخمس(اليماني،و السفياني،و النداء،و قتل النفس الزكية،و خسف البيداء) (8) و أنه يكون في ليلة الجمعة الثالث و العشرين من شهر رمضان في سنة ظهور المهدي عليه السلام على أثر خوف عام يشمل الناس بسبب الحرب،يسمعه أهل الأرض كل قوم بلغتهم فيذهلون له،يبشرهم بظهور المهدي،يسميه باسمه و اسم أبيه و يدعوهم الى بيعته،و أن قضية المهدي بعد النداء تصبح الشغل الشاغل للناس.و في مصادر السنة ورد في هذه العلامة عدة أحاديث أيضا،قسم منها يوافق ما ورد في مصادر الشيعة،و أكثرها يذكر أن النداء يكون من ملك يسير في غمامة مع المهدي يقول«هذا المهدي فاتبعوه»أو«هذا المهدي خليفةالله فاتبعوه».
من أحاديث النداء:
عن عبد الله بن سنان قال«كنت عند أبي عبد الله الصادق عليه السلام فسمعت رجلا من همدان يقول له:إن هؤلاء العامة يعيروننا و يقولون لنا:إنكم تزعمون أن مناديا ينادي من السماء بإسم صاحب هذا الأمر!و كان متكئا فغضب و جلس ثم قال:لا تروه عني و اروه عن أبي و لا حرج عليكم في ذلك أشهد أني سمعت أبي عليه السلام يقول:و الله إن ذلك في كتاب الله عز و جل بين حيث يقول إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين» (9)
و عن سيف بن عميرة قال:كنت عند أبي جعفر المنصور فقال إبتداء:يا سيف بن عميرة لا بد من مناد ينادي من السماء باسم رجل من ولد أبي طالب.فقلت:جعلت فداك يا أمير المؤمنين تروي هذا!قال:إي و الذي نفسي بيده لسماع أذني له،فقلت له:يا أمير المؤمنين إن هذا الحديث ما سمعته قبل وقتي هذا.قال:يا سيف،إنه لحق،فإذا كان ذلك فنحن أول من يجيب،أما إنه نداء إلى رجل من بني عمنا.
فقلت:رجل من ولد فاطمة عليها السلام؟قال:نعم يا سيف،لو لا أنني سمعته من أبي جعفر محمد بن علي يحدثني به و لو يحدثني أهل الأرض كلهم ما قبلته منهم،و لكنه محمد بن علي» (10)
و عن النبي(صلی الله علیه وآله وسلم )«إذا نادى مناد من السماء أن الحق في آل محمد فعند ذلك يظهر المهدي على أفواه الناس،يشربون ذكره فلا يكون لهم ذكر غيره» (11) .ـطلوع الشمس من مغربها،وردت هذه العلامة في عدة أحاديث في مصادر الشيعة و السنة.و لكن أكثر الأحاديث التي في مصادر السنة و قسما منها في مصادر الشيعة تذكر أن طلوع الشمس من مغربها من علامات الساعة أي القيامة،و هو المرجح عندي.
أما الرواية التي تقول عن المهدي عليه السلام«و هو الشمس الطالعة من مغربها» (12) فلا تصلح أن تكون قرينة على أن المقصود بطلوع الشمس من مغربها في هذه الأحاديث المعنى المجازي أي طلوع شمس الاسلام بعد غيابها أو طلوع المهدي عليه السلام بعد غياب..فان صراحة أحاديث طلوع الشمس من مغربها تدل على أن المقصود هو المعنى الحقيقي للشمس و للطلوع.
2- الكسوف و الخسوف في غير وقتهما،وردت فيه بضعة أحاديث في مصادر الشيعة و بعض أحاديث في مصادر السنة،و تتفق على أنهما يكونان في شهر رمضان بعد الصيحة،و أن ذلك لم يكن منذ هبط آدم و منذ خلق الله السموات و الأرض..و تختلف هذه الأحاديث في تحديد يوم حدوث هاتين الآيتين.
3- علامات أخرى في الشمس،وردت في روايات متفرقة في مصادر الشيعة و روايات قليلة في مصادر السنة،مثل:ذهاب نور الشمس من طلوعها الى ثلثي النهار،و توقفها من الزوال الى الغروب،و ظهور وجه انسان و صدره في الشمس،و قد فسره بعضهم بالمسيح(علیه السلام)و ظهور كف أو يد في الشمس أو في السماء تشير:هذا...هذا.و في روايةنعيم بن حماد عن أسماء«إن امارة ذلك اليوم أن كفا من السماء مدلاة ينظر إليها من الناس» (13)
 4- ظهور حمرة تجلل آفاق السماء،و تبقى ثلاثة أيام.وردت فيها بعض أحاديث في مصادر الشيعة و السنة و فيها إجمال،و يبدو أن وقتها قبل ظهور المهدي عليه السلام بمدة لردع الناس عن معاصيهم كما ورد في أكثر من حديث.
5- الكوكب المذنب،ورد أنه نجم يطلع في المشرق يضي‌ء كما يضي‌ء القمر،ثم ينعطف حتى يكاد يلتقي طرفاه،و في بعضها أن ذنبه يضي‌ء فقط،و أنه يفزع العرب.و لا يفهم من رواياته المتفرقة التي وردت في مصادر الشيعة و السنة تحديد وقته،و يظهر أن هذا المذنب ليس كبقية المذنبات التي هي من آيات الله الكونية المتعارفة،بل له مواصفات خاصة فهمها المسلمون في صدر الاسلام فقد روى نعيم بن حماد في الفتن عن الوليد قال«رأينا رجفة أصابت أهل دمشق في أيام مضين من رمضان فهلك ناس كثير في شهر رمضان سنة سبع و ثلاثين و مائة،و لم نر ما ذكر من الواهية و هي الخسف الذي يذكر في قرية يقال لها حرستا،و رأيت نجما له ذنب طلع في المحرم سنة خمس و أربعين و مائة مع الفجر من المشرق فكنا نراه بين يدي الفجر بقية المحرم،ثم خفي،ثم رأيناه بعد مغيب الشمس في الشفق و بعده فيما بين الجوف لشهرين أو ثلاثة،ثم خفي سنتين أو ثلاثا.ثم رأينا نجما خفيا له شعلة قدر الذراع رأي العين قريبا من الجدي يستدير حوله بدوران الفلك في جمادين و أياما من رجب ثم خفي.ثم رأينا نجما ليس بالأزهر طلع عن يمين قبلة الشام مادا شعلته‌من القبلة إلى الجوف إلى أرمينية،فذكرت ذلك لشيخ قديم عندنا من السكاسك فقال:ليس هذا بالنجم المنتظر.قال الوليد:و رأيت نجما في سنيات بقين من سني أبي جعفر(المنصور)ثم انعقد حتى التقى طرفاه فصار لطوق ساعة من الليل،قال الوليد:و قال كعب هو نجم يطلع من المشرق و يضي‌ء لأهل الأرض كإضاءة القمر ليلة البدر قال الوليد:و الحمرة و النجوم التي رأيناها ليست بالآيات،إنما نجم الآيات نجم يتقلب في الآفاق في صفر و في ربيعين أو في رجب،و عند ذلك يسير خاقان بالأتراك تتبعه روم الظواهر بالرايات و الصلب،قال الوليد قال:بلغني عن كعب أنه قال:يطلع نجم من المشرق قبل خروج المهدي له ذناب» (14)
 6- كثرة الأمطار،ورد فيها عدة أحاديث في مصادر الشيعة و أن سنة ظهوره عليه السلام تكون سنة غيداقة كثيرة الأمطار،و أن العلامات تختم بأربع و عشرين مطرة يرى أثرها و بركتها و يحيي بها الله الأرض فتخرج خيراتها.
و أحاديث هذه العلامة تحتاج مضافا الى التحقيق العادي فيها الى ملاحظة اشكالين:
الأول:معارضتها بالأحاديث التي تذكر أن من علامات الظهور الجدب و قلة الأمطار.
الثاني:أن الأحاديث التي تحدد الأربعين يوما التي يتصل مطرها بأنها تكون في جمادي و العشر الاول من رجب،تتعارض مع علامة النداء و الكسوف و الخسوف في رمضان،لأنها لا تكون حينئذ خاتمة العلامات،و حملها على رجب من السنة الثانية ضعيف لأن ظهوره عليه‌السلام في محرم فيكون مطر الأربعين يوما بعد الظهور و ليس ختام العلامات،و لا يبعد أن يكون هذا المطر المتواصل في جمادي و رجب بعد ظهوره عليه السلام و أن عده من علامات الظهور من باب التوسع في التسمية كما في نزول عيسى عليه السلام.

الآيات الأرضية
7- نار الحجاز،و في هذه العلامة أحاديث متعددة في مصادر الشيعة و السنة،و أكثرها يحدد مكانها في الحجاز بجبل الوراق أو بحبس سيل أو في وادي حسيل و هو كما يبدو من تصحيف النساخ عن حبس سيل.و قد ذكر الحموي في معجم البلدان أن حبس سيل إحدى حرني بن سليم.و الحرة منطقة صحراوية داكنة،و حرة بني سليم قرب المدينة المنورة.(15)
و بعضها تحدد مكانها في واد بقعر عدن من حضرموت،أو تذكر أنها بالمشرق دون تحديد.و أكثر أحاديث هذه العلامة الواردة في مصادر السنة تنص على أنها من علامات الساعة،و بعضها تؤكد وقوعها قبل الساعة بشكل مطلق دون تحديد،كما في صحيح مسلم «لا تقوم الساعة حتى تخرج نار بالحجاز تضي‌ء لها أعناق الإبل ببصرى»(16)أي يصل نورها الى مدينة بصرى قرب الشام،و يوافق هذه الأحاديث بعض ما في مصادر الشيعة من أن نار عدن تسوق الناس الى المحشر،أو تسوق الناس من المشرق الى المغرب.و الأحاديث الباقية تذكر أنها علامة لظهور المهدي عليه السلام و أنها قدام قيامه بقليل،أو قبل غرق البصرة و الفتن المتلاحقة.و لا يبعد أن تكونا نارين إحداهما علامة لظهور المهدي عليه السلام و الأخرى من علامات الساعة.
8- الزلازل و الخسف،و الثابت المتواتر من هذه العلامة أحاديث الزلزلة و خسف البيداء بجيش السفياني الذي يتوجه الى مكة المكرمة لقتال المهدي عليه السلام،و كذلك الزلازل و الخسف في دمشق،قبل خروج السفياني،و أحاديث هذه العلامة كثيرة في مصادر الشيعة و السنة،و سيأتي ذكرها في أحداث الظهور ان شاء الله تعالى.
اما الأحاديث المتفرقة الباقية فيذكر بعضها خسفا بالمشرق،و خسفا بالمغرب،و خسفا في بغداد و خسفا في البصرة،و يذكر بعضها كثرة الزلازل في الأرض.
المصادر :
1- النساءـ159
 2- كما في البحار ج 52ـص 380
 3- بحار الأنوار ج 52ـص .210
 4- كمال الدين للصدوق ص .655
 5- أحصى أحد الفضلاء تسعة اشخاص ادعيت لهم المهدية أو ادعوها منذ القرن الاول الى المهدي العباسي.
6- بحار الانوار ج 52ـ .210
 7- بحار الانوار ج 52ـص .213
 8- كما وردت بذلك الاحاديث و كما عدها النعماني في كتاب الغيبة ص .51
 9- بحار الانوار ج 52ـص .292
 10- الارشاد المفيد ص .404
 11- كتاب الفتن لنعيم بن حماد ص 92(مخطوطة)و رواه في بشارة الاسلام عن الملاحم للمناوى
12- الزام الناصب ج 2ـ 134
 13- الفتن لابن حماد ص 93
 14- الفتن لابن حماد ص 60
 15- مستدرک الحاکم ج4ص442
 16- صحيح مسلم ج 8ـص 180


source : راسخون
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

الايه التي ذكرت فيها مصيبة الحسين عليه السلام
إمامة أمير المؤمنين عليه السلام في القرآن الكريم
حتمية الکون والتاريخ
قضية.. نعم الإسلام هو الحل.. ولكن كيف ؟
عمر بن سعد
الفائدة الأولى: الفرق بين الحق و الحكم
ذكرى ميلاد الإمام الرضا عليه السلام
الرياضة في الإسلام
تاريخ وفاة السيدة زينب عليها السلام
خصائص زيارة السيدة فاطمة المعصومة (ع) ومميزاتها

 
user comment