عربي
Friday 1st of November 2024
0
نفر 0

الرياضة في الإسلام

كلنا يعرف ما للرياضة من فوائد صحية واجتماعية جمة ، والكثير منا يحبها ويهوى ممارستها ليلا و نهارا ؛ فهي تنشط الدم في العروق ، و تخلص الجسم من الفضلات التي تتراكم بالجلوس لساعات طويلة ، و تبعث على صفاء النفس ، و تشعر مزاولها بالحيوية والقوة .


و قد تطورت الرياضة كثيرا عبر قرون عديدة من الألعاب التقليدية : كالركض ، والمصارعة ، و غيرها ... إلى ألعاب منظمة ، تحكمها قوانين صارمة ، يترتب جزاء ما على مخالفتها مثل : كرة القدم ، و كرة السلة ، و كرة الطاولة ... الخ .
و نظرا لما للرياضة من فوائد و مزايا حسنة ، تنعكس على مزاولها ... لذا فإن الإسلام لم يغفل عن استعمالها ، و تسخيرها لنشر دين الله تعالى ... فلم يحرم الرياضة ، و إنما حرم الإسلام السلبيات الموجودة فيها ، و أول تلك السلبيات هي : قضاء أوقات طويلة في مزاولة الرياضة ، بما يؤثر على فعاليات الفرد الأخرى أثناء النهار .
إذ أن الإسلام يقسم وقت المؤمن إلى ساعات متعددة : بعضها للنوم ، و بعضها للعبادة ، و بعضها للعمل المنتج المثمر ، و بعضها لطلب العلم والثقافة ... و ما فضل عن هذه الساعات يكرس للرياضة و يعد كتسلية استنادا للأحاديث الآتية :
قال الرسول (صلى الله عليه و آله) :
(لكل عامل شرّة ، و لكل شرّة فترة ... فمن كانت فترته إلى سنتي فقد اهتدى) .
والشرّة : ساعة الجد والعمل ... أما الفترة : فهي الوقوف للاستراحة .
و قال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) :
(روحوا القلوب ، فإنها إذا أكرهت عميت) .
و قال أيضا (عليه السلام) :
(اجتهدوا في أن يكون زمانكم أربع ساعات : ساعة لمناجاة الله ، و ساعة لأمر المعاش ، و ساعة لمعاشرة الأخوان والثقاة الذين يعرفون عيوبكم و يخلصون لكم في الباطن ، و ساعة تخلون فيها للذاتكم في غير محرم ... و بهذه الساعة تقدرون على الثلاث الساعات) .
أي أن يمارس المرء هوايته بعد أن يكون قد أوفى بالتزاماته الأخرى تجاه الخالق أولا ، ثم المخلوقين ثانيا ... و في حال الرياضة أن يكون بعض الوقت للرياضة ، لا كل الوقت لها ... و إذا كان أغلب الوقت يصرف للرياضة ، عدت في هذه الحالة من أصناف اللهو ... واللهو محرم في الشريعة الإسلامية ؛ استنادا إلى الأحاديث الآتية :
قال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) : (شر ما ضيع فيه العمر ؛ اللعب) .
و قال أيضا (عليه السلام) : (أبعد الناس عن الصلاح ؛ المستهتر باللهو) .
و قال أيضا : (اللهو يسخط الرحمن ، و يرضي الشيطان ، و ينسي القران) .
والسلبية الثانية في الرياضة : هي الاستغراق في بعض الألعاب الرياضية ، التي لا تضيف جديدا للإنسان .
إن الرسول عندما شجع على ما نسميه اليوم بالرياضة ، فقد شجع على ممارسات تضيف للإنسان مهارات مطلوبة في ذلك العصر ، و مفيدة للجسد ، فقد قال (صلى الله عليه و آله) :
(خير لهو المؤمن السباحة ، و خير لهو المرأة المغزل) .
و قال أيضا (صلى الله عليه و آله) :
(كل لهو المؤمن باطل إلا في ثلاث : في تأديبه الفرس ، و رميه عن قوسه ، و ملاعبته امرأته ؛ فإنهن حق) .
و قال أيضا (صلى الله عليه و آله) : (علموا أولادكم الرماية والسباحة) .
والملاحظ لهذه الأحاديث ، أن الرسول يحث على اكتساب مهارات ، كانت مهمة في ذلك العصر ؛ أي أن الرياضة يجب أن تنتخب على أساس عقلائي ، و بمقدار ما تقدمه للبشرية من مهارات مفيدة ، لا لمجرد مضيعة الوقت والطاقة ... أما الرياضات العنيفة ... فالمفروض أن يبتعد عنها المؤمن ؛ لأنها تغرس روح العداء والغضب في نفس المتفرج واللاعب ، و إلا فأين التسلية عندما يكسر اللاعب فك لاعب آخر ، أو ظهره ؟ ... وأين القيمة المكتسبة ، عندما يغرس المصارع الرماح في جسد الثور المسكين ، و يقوم بتعذيبه ؟
والسلبية الثالثة في الرياضة : هي المشاحنات والخلافات بين الجمهور الرياضي ، إذ أن الهدف من الرياضة هي التسلية ، و إزالة الكدور عن النفس ... و لكننا نلاحظ أن الجمهور الرياضي يبدأ بمتابعة المباراة ، هادئا متعقلا ... و مع مرور الوقت تبدأ المشاحنات ، والبذاءآت ، و لغة المهاترة ... و قد لا تكون نتيجة المباراة مرضية عند الجمهور ، فتبدأ الحماقات واللكمات ، و تكسير الأيدي والأرجل ، و ربما النزول إلى أرض الملعب ، والاصطدام برجال الشرطة .
إننا في الوقت الذي نعيش فيه أسوا أيام الدهر ، إذ نكتوي بنارين و نحارب في جبهتين : حرب مع الاستكبار العالمي ، و حرب مع أعداء الدين في الداخل ؛ فيكون القابض منا على دينه كالقابض على جمرة ، و نبذل أقصى طاقة لأجل توحيد الصفوف في حربنا العادلة ، لمن السخف والحماقة أن تؤدي مزاولة الرياضة إلى المشاحنة والبغضاء والعصبية ، و شد الأعصاب والحماسة لفوز أحد الفريقين ، أكثر من الحماسة لانتصار الإسلام في هذه الحرب غير المتكافئة في العدد والعدة ... و إذا دل هذا الأمر لدى الجمهور على شيء ، فهو يدل على مدى المستوى الإيماني الذي وصل إليه ، و مقدار استعداده للذود عن حياض الإسلام ، و نصرة الإمام المهدي (عجل الله فرجه) ... في حين يمكن تخليص الرياضة من كل هذه السلبيات ، لو طبق الرياضي فقه الرياضة ، واهتم بالسلبيات الموجودة ، و طريقة علاجها كما يهتم بتطوير مستوى أدائه .
واسوا شيء في الرياضة : أنها غالبا ما تمارس لصرف الوقت كيفما اتفق ، في حين أن الإسلام يطمح إلى توظيف الرياضة في العديد من الجوانب المهمة في نصرة الإسلام ، و منها :
1 ـ بناء جيل شبابي قوي ، فتي ، معافى و سليم ، قادر على أداء مسؤولياته ، التي تتطلب جهدا و مؤهلا للعمل والعطاء والبذل .
2 ـ إعداد شريحة شجاعة ، جريئة و صابرة ، ولديها القدرة على تحمل المشاق والصعوبات ، و مواجهة التحديات ... وبالطبع فإن اللياقة البدنية شرط واحد من عدة شروط مطلوبة .
3 ـ تحقيق العدالة الاجتماعية ، من خلال رجال أشداء و نساء ، ينعمن بالصحة البدنية والعقلية والروحية والثقافية .
4 ـ محاربة و مكافحة المنكرات والموبقات ، والدفاع عن النفس ، و ضد الأعداء في ساحات الجهاد والمقاومة ، و نصرة الدين .
5 ـ حفظ الحدود الشرعية ، والقوانين الإلهية من خلال ما يتطلبه ذلك من قوى بشرية قوية في لسانها و يدها و قلبها .
6 ـ الاعتماد على السواعد المفتولة ، في استخراج كنوز الأرض و ذهبها الأبيض (القطن) والأسود (النفط) والأخضر (الزراعة) والأصفر(الذهب).
و على هذا ، فالإسلام ينظر إلى الرياضة نظرة بعيدة المدى ، و متى ما حاول الرياضيون تحقيق أهداف الإسلام كاملة من وراء الرياضة ، فضلا عن ضبطها وفق قواعد و قوانين الإسلام ؛ حينها فقط ليطمعوا بتأييد الإسلام ... و لكن قبل ذلك ينتظرهم الكثير من العمل ، لتغيير واقع الرياضة من إسفين يدق لتجزئة و إماتة روحه إلى مطرقة قوية من مطارقه ، تهوي على رؤوس الباطل والضلالة .

 


source : www.alimamali.com
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

لا تنفصلوا عن أهل البيت (ع)
إرهاب ورعب لا مثيل لهما في التاريخ!!
هل المهديّ المنتظر هو المسيح عليهما السلام
الإستراتيجية العسكرية في معارك الإمام علي (عليه ...
سلوك الرمز الديني
حب الله
أسباب التهرب من الضريبة من وجهة نظر إسلامية
بين الزهراء ومريم عليهما السلام
تشبيه لطيف من صديق حقيقي‏
مرقد السیده فاطمه المعصومه سلام الله علیها

 
user comment